كأن الشيخ يحتج على من يقول : أنبقية العلوم ضروريةنقول : نعم ضرورية ، ولكنها لا تقدم على العلوم النافعة .
لماذا لا نشعر بذلك ، لماذا لا نشعر بضرورة تعلم سنة النبيصلى الله عليه وسلم ؟
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : "
وما ظنك بمن إن غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عينفسد قلبك ، ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي ( وما لجرح ميت إيلام ) ، وإذا كانتالسعادة معلقة بهديه صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من أحب نجاة نفسه أن يعرف هديهوسيرته وشأنه مايخرج به من خطة الجاهلين ( أي : طريقتهم ) والناس في هذا بين مستقلومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " .
هذايطابق لتقسيم الناس سورة فاطر : [ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَاصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌوَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ] {فاطر:32}
الناس في معرفتهم هديه صلى الله عليه وسلم1- مستقل: مقتصد
2- مستكثر: السابق بالخيرات
3- محروم: الظالم لنفسه
مما يجب بقاؤه في أذهاننا ماوصفالله به رسوله
قال تعالى : [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّاأَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45) وَدَاعِيًا إِلَى اللهِبِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا(46) ]. {الأحزاب}.
قالالشيخ السعدي - رحمه الله تعالى- في قوله تعالى " وسراجاً منيراً" : "
وذلك يقتضي أن الخلقَ في ظلمةٍ عظيمةٍ ، لا نورٌ يُهتدى به في ظلماتها ، ولاعلمٌ يُستدل به في جهاتها . حتى جاء اللهُ بهذا النبي الكريم فأضاءَ الله ُله تلكَالظلماتِ ، وعلّم به من الجهالات ، وهدى به ضلّالاً إلى الصراط المستقيم ، فأصبحأهلُ الاستقامةِ قد وضحَ لهم الطريقُ فمشوا خلف هذا الإمام وعرفوا به الخيرَوالشرَّ ، وأهلَ السعادةِ من أهلِ الشقاوة واستناروا به لمعرفة معبودهم ، وعرفوهبأوصافه الحميدة . وأفعاله السديدة ، وأحكامه الرشيدة ".
وهذا يطابق قوله :[أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِفِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَزُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {الأنعام:122}
ويمكن أن يصل حاله ( المفرِّط ) إلى ما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم
قال عليه الصلاة والسلم : (( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئعلى أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه ، وماوجدنا فيه حراماً حرمناه ، وإن ماحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه
وهذا قد ظهر في زماننا .. ظهرتطائفة تسمى بالقرأنيين : رافضين للسنة ، كارهين لها ، باغضين لها ، متهمين السنةبالبطلان
لا بد من اعتقاد أن السنة من الذكر الذي حفظ
فالمطلوب من الذي لديه مال أن يطبع الكتب الستة وينشرها
قال سهل بن عبد الله: "
عليك بالأثر والسنة فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكرإنسان النبي صلى الله عليه وسلم والإقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنهوتبرؤا منه وأذلوه وأهانوه " .
المفرِّط: اتبع هواه .. امتثل أمر عقله .. وردّ الشريعة
ليس ثمة إلا طريقان : 1- إما طريق الشرع
2- وإما طريق الهوى
قال تعالى: [فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوالَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَاتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَالظَّالِمِينَ] {القصص:50}
لقد حصرت الأية الحكم في أمرين لا ثالث لهما : إماالاستجابة للمصطفى صلى الله عليه وسلم ، وإما اتباع الهوى
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبهاهدى ، ولافي هدى تركه حسبه ضلالة فقد بُيّنت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر .قال
البربهاري رحمه الله: فانظر رحمك اللهكل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلاتعجلن ولا تدخلن في شئ منه حتى تسأل وتنظر : هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؟ فإن أصبتفيه أثراً عنهم ، فتمسك به ولا تجاوزه بشئ ولا تختر عليه شيئاً فتسقط في النار.
ومن الناس يحتج ويقول الدين يسر فماذا نقول ؟
نقول أن نفس الأعمال المأمورين بها هي يسيرة ، اليسر إذا أردت معرفتهفاجمع جميع النصوص الواردة وانظر إليها تجدها يُسر .
• لذلك جاء في المناظرة بينعالم من علماء السنة –محمد بن عبد الرحمن الأدرمي- ورجل تكلم ببدعة ودعا الناسإليها.
• فقال له محمد : هل علمها رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي, أو لميعلموها ؟ قال: لم يعلموها . قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت ؟!! قال الرجل : فإني أقول: قد علموها. قال: أفوسعهم أن لا يتكلموا به, ولا يدعوا الناس إليه أم لميسعهم ؟
• قال: بلى وسعهم .قال: فشيء وسع رسول الله وخلفائه، لا يسعك أنت ؟!! فانقطع الرجل . فقال الخليفة – وكان حاضرا - : لا وسع الله على من لم يسعه ماوسعهم.
قال أبو العالية:
“ تعلموا الإسلام فلاترغبوا عنه يميناً وشمالاً وعليكم بالصراط المستقيم وعليكم بسنة نبيكم والذي عليهأصحابه وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء ”
لابد منتعظيم البدعة كون وقوعها في العبادات .. نعظم الخوف من الوقوع فيها ونذكر قول رسولالله : ( من أحدث قي أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) وقوله : ( كل محدثة بدعة وكلبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
لا بد من التعبد لله بالوقوف على السنة ،ونعبد الله بإرادة إقامة السنة وكراهية البدع .
وقد اجتمع أهل التفريط مع أهل الإفراط في : 1- الوقوعفي ما يناقض مقتضى الإيمان نبوة محمد وهو التسليم المطلق والتام لما جاء به أوأُخبر عنه ، وتصديقه وطاعته فيما أمر به أو نهى عنه دون حرج أو ضيق أو مناقشة أوجدال أو تعقيب أو أخذ البعض وترك البعض الأخر أو الزيادة في دينه دون نقصان.. ( النقصان : من المعاصي )
2- التقدم بين يدي الله ورسوله .. [يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوااللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] {الحجرات:1}
التقدم بين الرسول صلى اللهعليه وسلم يناقض الإيمان ويناقض أن محمداً رسول الله .
يقول ابن القيم رحمه الله عن هذه الآية في إعلام الموقعين : أي لاتقولواحتى يقول وتأمروا حتى يأمر ولاتفتوا حتى يفتي ولا تقطعوا أمراً حنى يكون هو الذييحكم فيه ويمضي .
بمثل ما نخشى من المعاصي والتقصير بمثل مانخشى منالبدعة والزيادة، واعلم أن البدعة أحب للشيطان من المعصية ، لأن صاحب البدعة لايعودإلا من رحم الله وصاحب المعصية يعود إذا علم بمعصيته
لكن أهل البدع يقولون: نحن نفعل الخير ونتعبد إلى الله
نقول : الخير ورد فعله ووردت قيود تحدد فعله .
وعلى ذلك فالناصح مؤتمن .. إرادتنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أننرضي الله عزوجل .. ونجمع القلب على إرادة النصح وتلطف بإرادة وجه الله ليهتدوا
من كان مخلصاً في النصيحة نفعت ولو بعد حين ...
أسأل الله أنينفع بما سبق .. وليبلغ الشاهد الغائب .. لا تحصروا العلم ...
المفضلات