كيفيات الحج والعمرة:
وعندما تشرع في التوجه من المدينة (أو من غيرها) إلى (مكة) فإن عليك أن تحرم: بالعمرة فقط، أو بالحج فقط، أو بهما معًا، حسبما تريد من المدينة ذاتها، أو من ميقاتها
سنن الإِحرام وآدابه:
1 - النظافة:
ومنها تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإِبط وحلق العانة والوضوء أو الاغتسال، فهو من السنة حتى للنفساء والحائض، كما في حديث ابن عباس (رضي الله عنه).
2 - التطيب في البدن والثياب:ولو بقي أثر الطيب بعد الإِحرام، وذلك لحديث عائشة (رضي الله عنها) قالت: كأني أنظر إلى وميض الطيب في مفرق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو محرم. رواه الشيخان. الوميض. البريق.
3 - صلاة ركعتين: ينوي مهما سنّة الإِحرام، ويسن له أن يقرأ في الركعة الأولى سورة (الكافرون) وفي الثانية سورة (الإِخلاص). وقد صحَّ أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلّى ركعتين عند إحرامه في ذي الحُلَيفة، كما روى مسلم.
4 - التلبية: وهي سنّة عند الشافعي وأحمد، ويستحب أن تكون مع الإِحرام، وهي واجبة عند الأحناف والمالكية يلزم بتركها دم. ولفظها كما ورد في السنّة الصحيحة: "لبيكَ اللهمّ لبيك، لبيكَ لا شريك لكَ لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شَريك لك" رواه الخمسة.
ويجوز الزيادة عليه عند الجمهور، وكره ذلك مالك.
ويستحب الجهر بالتلبية للرّجال، أما المرأة فتُسمع نفسها، كما يستحب الإكثار من التلبية عند الركوب والنزول، وكلما علا إلى مكان مرتفع أو نزل منه أو لقي ركبًا، وبعد كل صلاة وذلك ابتداء من أول الإِحرام حتى رمي جمرة العقبة يوم النحر، فقد روى الجماعة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يزل يُلبي حتى بَلغ الجمرة.
مباحات الإِحرام:
ويباح للمحرم ما يلي:
1 -الاغتسال وتغيير الرِّداء والإِزار، ويجوز استعمال الصابون ولو كانت له رائحة عند الشافعية والحنابلة، كما يجوز نقض الشعر وتمشيطه، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعائشة:"انقضي رأسك وامتشطي" رواه مسلم.
2 - تغطية الوجه من الغبار، أو البرد، أما تغطية الرأس عمدًا فتجب فيها الفِدية.
3 - الحجامة وفقء الدُمَّل ونزع الضِّرس عند الحاجة، وقد ثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) احتجم وهو محرم بلحى الجبل في وسط رأسه. رواه الخمسة. ولحى الجبل هو موضع بين مكة والمدينة.
4 -حك الرأس والجسد عند الحاجة لحديث عائشة (رضي الله عنها) أنها سئلت عن المحرم يحك جسده؟ قالت: نعم، فليحككه وليشدد. رواه الشيخان.
5 - النظر في المرآة، وشم الريحان، والتداوي بغير طيب، والسِّواك (البخاري).
6 - شد الهميان في الوسط ليحفظ فيه النقود، ولبس الخاتم (ابن عباس) والتظلل بمظلة أو خيمة أو سقف (صحيح مسلم).
7 - قتل الفواسق الخمس، لحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "خمس من الدواب كلهنّ فاسق يقتلن في الحرم: الغُراب والحدأة والعقرب والفأرة وال*** العَقور" رواه الشيخان. ويقاس عليها كل ما يؤذي الإِنسان. (الحدأة هي: طائر معروف، وال*** العقور: الجارح)
محظورات الإِحرام:
1 - لبس المخيط لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يَلبس المحرمُ القميصَ ولا العمامة ولا البُرنس، ولا السَّراويل، ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفَّين إلّا ألّا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين » رواه الشيخان. البرنس: كل ثوب رأسه منه. الورس والزعفران: نبات طيّب الرائحة.
أما المرأة فلها أن تلبس جميع ذلك، ولا يحرم عليها إلّا الثوب الذي مسّه الطيب، والنقاب أي ما يستر الوجه، والقفازان أي الكفوف في الأيدي، وقد ثبت نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، فيما رواه أبو داود والبيهقي والحاكم.
ومن لم يجد الإِزار والرِّداء جاز له لبس السِّروال، ولا فدية عليه، ومن لم يجد النعلين جاز له أن يلبس الخُفَّ على أن يقطعه دون الكَعبين.
2 - عقد النكاح سواء لنفسه أو لغيره، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا يَنكح المحرم ولا يُنكِح ولا يخطب" رواه الخمسة إلّا البخاري، ويعتبر العقد باطلاً وهذا مذهب الجمهور.
3 - الجماع وما يدعو إليه كالتقبيل واللمس بشهوة، لقوله تعالى: {... فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج...} [البقرة: 197]. والرفَث هو الجماع، ويحظر على المحرم أيضًا فعل المعاصي بأنواعها، وهذا هو الفسوق، كما يحظر عليه الجدال مع الآخرين بالباطل.
4 - التطيب في الثوب أو البدن للرجال والنساء، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "... ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسَّه زعفران أو ورس..." رواه الخمسة.
وإذا مات المحرم لا يوضع الطيب في غسله ولا في كفنه، فقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، وقال: "اغسلوه بماءٍ وسِدرٍ وكَفِّنوه في ثوبيه، ولا تمسّوه بطيب ولا تخمِّروا رأسه، فإنه يُبعث يوم القيامة مُلبيًا" رواه الشيخان والترمذي. لا تخمروا رأسه: أي لا تغطوه، والخمار: غطاء الرأس. ولا فرق بين أن يوضع الطيب على الثوب أو يكون الثوبُ مصبوغًا بالطيب.
5 - التعرض لصيد البر والأكل منه إذا صيد من أجل المحرم أو بإشارته، أما إذا صاده غير محرم ثم أهداه أو باعه للمحرم جاز له أكله. أما صيد البحر وطعامه فهو جائز بلا حرج، لقوله تعالى: {أحلَّ لكم صَيدٍ البحر وطَعامه متاعًا لكم وللسيارة وحُرم عليكم صيدُ البر ما دمتم حُرمًا...} [المائدة: 96]، ولقوله (صلى الله عليه وسلم): "صيد البر لكم حلال وأنتم حرم، ما لم تصيدوه أو يُصد لكم" رواه أحمد والترمذي.
6 - تقليم الأظافر وإزالة الشعر بالحلق أو القَص، أو أي طريقة أخرى، لقوله تعالى: {ولا تَحلقوا رؤوسكم حتى يَبلغَ الهديُ مَحِلَّه} [البقرة: 196].
عقوبة ارتكاب المحظورات في الإِحرام:
1 - الجماع: إذا وقع الجماع قبل الوقوف بعرفة يفسد الحج إجماعًا، وعليه إتمام ما بقي من المناسك، وعليه أيضًا بَدَنة عند الجمهور، ثم القضاء، أي أن يعيد الحج في العام المقبل، وهذا القضاء واجب سواء كانت الحجة الفاسدة فرضًا أو تطوعًا. أما عند الأحناف فيجب عليه شاة ولا قضاء عليه، إلّا إذا كانت الحجة الفاسدة فرضًا.
وإذا وقع الجماع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، فالحكم نفسه عند الجمهور، أما عند الأحناف فلا يفسد حجه، وعليه بَدَنة.
أما إذا وقع الجماع بعد التحلل الأول فلا يفسد الحج، ولا قضاء عليه عند الجمهور، ويجب عليه الفدية بدنةً عند الشافعي وشاةً عند مالك.
2 - قتل الصيد: قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تَقتُلوا الصَّيد وأنتم حُرُم ومن قَتله منكم متعمِّداً فجزاءٌ مثلُ ما قتلَ من النَّعم يحكمُ به ذوا عدلٍ منكم هديًا بالغَ الكعبة أو كفارةٌ طعام مساكين أو عَدْلُ ذلك صيامًا ليذوق وبال أمره...} [المائدة: 95]. والمِثل يكون بالصورة والشَّكل عند الشافعي، وبالقيمة عند أبي حنيفة، وإذا لم يستطع تقديم المِثل، يقدر ثمنه، ويطعم به مساكين، فإن لم يستطع، يصوم بمقدار يوم عن كل مسكين.
والآية المذكورة نصت على هذا الحكم بالنسبة لمن قتل الصيد متعمدًا وهو محرم. ويثبت بالسنة الحكم نفسه على من قتل الصيد ناسيًا أو جاهلاً وهو محرم، إلّا أنه لا يأثم، وعلى هذا جمهور الفقهاء كما قال ابن كثير.
3 - سائر المحظورات: إن ارتكب المحرم أحد محظورات الإِحرام الأخرى كحلق الشعر أو لبس المَخيط، لزِمه ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين ثلاثة آصُعٍ من تمر، كما في حديث كعب بن عُجرة الذي رواه الشيخان. أما إذا فعل المحظورات ناسيًا أو جاهلاً، فلا شيء عليه كما روى البخاري.
المفضلات