نجعة الشر
ما فت في عضدي ، وكدر خاطري ، وكسف بالي مثلما فعل هذا الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
(إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد. فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟
قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت.
ولكنك قاتلت لأن يقال جريء.
فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن.
فأتي به. فعرفه نعمه فعرفها.
قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن.
قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم.
وقرأت القرآن ليقال هو قارئ.
فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله. فأتى به فعرفه نعمه فعرفها.
قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك.
قال: كذبت. ولكنك فعلت ليقال هو جواد. فقد قيل.
ثم أمر به فسحب على وجهه. ثم ألقي في النار).
رواه مسلم .كتاب الإمارة .
إنهم قمم الناس وهماماتهم :
طالب علم وقرآن
مجاهد
ومتصدق
وهل تملح الدنيا وتحلو إلا بهؤلاء .؟!
أي خير أحلى وأمتع من أن يتصدق فلان ، فيسد الخلة ، ويعين على نوائب
الدهر ،
وأي عزة صدق ، ورفعة رأس من مجاهدة العدو ، وكبحه ، وإعلاء كلمة الله فوق الجميع .!؟
وأي بصيرة نور وهداية رشد نستشعرها ونحن نرى طالب العلم يحفظ
ويحرر ، يسأل ويدقق ..؟!
هذه القمم كيف تردت إلى الحضيض؟؟!
كيف انتقلت من الحبيب إلى البغيض ؟؟!
كيف هانوا وهم يطلبون الآخرة ؟!
كيف رخصوا وهم يبيعون بالثمين ؟!
كيف حرقوا وهم يطلبون البرد والسلام ؟!
إنها طوية خبث ونتن
هناك في الأعماق .
إنها خبيئة غدد ، ونبيثة فجور
هناك في الحنايا تطلب للبشر ومدحهم .
هناك عبودية رقيقة لا تكاد تحس ، للعباد وليس لرب العباد !
تحسس وتلمس لمواطن المديح الكالح ، والثناء البارد ،
كبهيمة ترعى في بوار من الأرض والعشب الخضير ملء البصر!
إنها نجعة الشر
ذلكم هو الرياء !
دخيلة سوء
ودسيسة دغل وغش
توظيف عمل الآخرة في لعاعة من الدنيا ، لاتسمن ولا تغني من جوع
أإن قال فلان من الناس عنك:" مصلي وصائم وحاج وقائم
وطالب علم ، ومنفاق للمال في سبل الخير
أكان أشبعك أو أرواك ؟؟
إنها كليمات ، تذهب أدراج الرياح
فكيف يجعل المسلم همه فيها ؟؟؟؟؟
كيف يتغافل عمن استوى على العرش يحكم ويقضي
يعز ويذل ـ سبحانه ـ بيده كل شيء ؟!!!
فيجعل رضى البشر وردات الفعل عندهم هدفا صميما لا يحيد
عنه ولا يني ، حتى يصيبه ، بدليل قوله " فقد قيل "؟!
أي تفاهة في الهدف أن يطلب المسلم بعمل الآخرة مدح فلان وفلان!
أي سخافة في التفكير أن يطلب المسلم بعمل الآخرة سمع فلان وفلان !
أي حقارة في الحياة أن يطلب المسلم بعمل الآخرة رؤية فلان وفلان !
أي نجعة نحس هذه !
الرياء غلالة خشنة من نفاق ،
والرياء استحضار للبشر في الذهن حال العمل الصالح ,
الرياء نبتة سوء في أعماق النفس يعلمها الله ، وهو المنجي منها
يغذي هذه النبتة الإهمال للقلب ، والغفلة عن الصيانة ،
ويغذيها رؤية العمل الصالح والعجب به ، ونسيان منة الرب في
التوفيق والهداية ،
أما استئصال هذه النبتة فهو واجب على الفور، لايحل فيه التراخي ,
إبعاد هذه الخيالات المريضة ، والوساوس المهيضة ،
استحضار من بيده الجنة والنار فهو ـ وحده النافع الضار ،
سبحانه .
ترقيق القلب بالانكسار بين يدي الجبار ،
وتعويد النفس على النظافة في الأفكار ،
ونسأله سبحانه الخلاص من نجعة الأشرار،
ونسأل الله الإخلاص والقبول وأن يجعل بواطننا خيرٌ من ظوهرنا
ويرزقنا جميعاً حسن الخاتمة
المفضلات