أمواج البحر اللُّجي
يقول الحق عز وجل في كتابة الكريم " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (النور :40)
في هذه الآية الكريمة يصف الله البحر اللجي وصفاًدقيقا ينطبق تمام الانطباق مع الاكتشافات العلمية الحديثة التي ثبتت ونوقشت على جميع المستويات العلمية, فما هو البحر اللجي الذي تحدث عنه القران وكيف يتطابق وصفة مع أحدث الاكتشافات العلمية وذلك ليزداد المؤمنون إيمانا ويقيم الحجة على الكفار فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
الإعجاز العلمي في هذه الآية المباركة في إيجاز سريع
يشَّبه المولى عز وجل الحالة التي يعيشها الكافر بظلمات تملئ قلبه وشبه هذه الظلمات بظلمات البحر اللجي التي سيتبين لنا بعد قليلة كما هو غارق في الظلمات ويعلوه أمواج أعلى من الجبال واضطرابات بحرية شديدة يا لها من صورة قاتمة لقلب الكافر الذي ينغمس في في عالم الكفر وربما ينتهي به الحال إلى الانتحار وأي مصير ينتظره !!
عندما تمر أشعة الشمس بالسحاب فان السحاب يمتص جزء منها فيكون فوق البحار ظلام نسبى حيث تقل الكمية النافذة وما أن تصدم الأشعة بالأمواج السطحية البحرية ينعكس منها جزء وتمتص المياه الجزء المتبقي حتى يصل الجزء القليل إلى نوع من الأمواج تحت البحر العلوي يطلق علية العلماء الأمواج الداخلية فتقوم هذه الأمواج بامتصاص القدر اليسير المتبقي فتتحول المياه أسفل هذهالأمواج إلى حالة من الظلمة المخيفة وكما رأيت عزيزي القارئ فنحن عددنا ثلاث أنواع من الظلمات وهنا يكمن أيضا إعجاز آخر في استخدام كلمة ( ظلمات) في الآية في صيغة الجمع بدلا من المفرد وفى الآية.
والآن إلى التفاصيل
مقدمة تاريخية
كما هو معلوم كان العلم البشرى محدوداًقديماًوكانت تسيطر عليهالخرافات والحكايات الخيالية المرعبة خاصة فيما يتعلق بالبحار والمحيطات حيث كانت لا تتوفر معلومات عن البحار والمحيطات ومن هذه الخرافات ما كان ما يحيط بالمياه الراكدة التي لا تستطيع السفن عبورها حيث كان الرومان في ذلك الوقت يعتقدون بوجود أسماك مصاصة لها تأثيرات سحرية على إيقاف حركة السفن، ورغم أن القدماء كانوا على علم بأن الرياح تؤثر على الأمواج والتيارات السطحية إلا أنه كان من الصعوبة بمكان معرفة شيء عن الحركات الداخلية في البحار.
ويبين تاريخ العلوم أن الدراسات المتصلة بعلوم البحار وأعماقها لم تبدأ إلا في بداية القرن الثامن عشر عندما اخترعت الأجهزة المناسبة لمثل هذه الدراسات الدقيقة، ومن هذه الأجهزة التي استعملت لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو "قرص سيتشي" (The Secchi disk)وهو عبارة عن قرص أبيض يتم إنزاله في الماء ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية. ومع نهاية القرن التاسع عشر تم استخدام الوسائل التصويرية التي تم تطويرها خلال الثلاثينات من القرن العشرين، حيث استعملت الخلايا الكهروضوئية.
الإعجاز العلمي في هذه الآية
من الفيوضات العلمية في هذه الآية أن البحر اللجي يعلوه موج من فوقه موج أي هناك في ظاهر الآية القرآنية موجين يعلوا أحدهما الآخر.
كل البشرية كانت تعلم إلى وقت قريب أنهلا يوجد في البحار إلا موج واحد ففي هذه الآية الكريمة حقيقة علمية عالية في الدقة لم تكن تخطر ببال الأولين حيث لم يكن لديهم من المعارف والمعدات وآلات التصويرما يتيح لهم الوصول إليها, إن الله تعالى يصف بحرا لجياًعميقاًويقول إن هذا البحر اللجي يغشاه أييعلوه موج وهذا ما أثبته التقدم العلمي حديثاً, ولكن لماذا قال الله تعالى من فوقه موج اى من فوق الموج الأول موج ثاني (وظلمات)؟
علم البحار وتطابق حقائقه العلمية مع الآية
يقول العلماء بأنة يوجد في كل بحر مكاناًعميقاًولجياًأي مياهه تزيد في ارتفاعها عن القاع 1000م وقد تصل إلى 2000م وهذه المنطقة هي التي وصفها القرآن بهذه الآية وكل منطقة أخرى لا علاقة بينها وبين الآية.
كما يقول العلماء انه في هذا البحر العميق وعلى عمق 200م إلى خمسمائة متر يوجد موج داخلي وكأنك على سطح البحر تماماً, وهذا كان الاكتشاف الأول وقد وجد هذا الموج واكتشفه البحارة القدامى الاسكندينافيون وتتابعت الاكتشافات العلمية والدراسات البرية والبحرية والكونية وطبعاًكان من إحدى هذه الدارسات العلمية هي دراسة البحار على جميع المستويات. وإحدى هذه المستويات في الدراسة كانت دراسة تلك المنطقة البحرية العميقة التي وصفها القرآنبالبحر اللُّجي أي العميق.
في الحقيقة لم يكن بالإمكان الغوص إلى تلك المناطق حيث يصل الضغط في بعض الأماكن إلى 600كيلو جرام على السنتيمتر الواحد إلا باستخدام غواصات متقدمة ومتينة وعلى درجة عالية جدا من التكنولوجيا الراقية الحديثة ومزوده بكاميرات التصوير التلفزيونية علاوة على استخدام الروبوت أيضا في هذا المجال .
وبعد دراسة البحار وأعماقها دراسة مستفيضة, أتضح لهم أن البحر العميق والذي ذكره القرآنبلفظ " اللُّجي" ( أو كظلمات في بحرلجي) موجود في أسفل الموج الثاني (الذي سنتناوله بالتفصيل ) عن البحر الأول .
بمعنى أن البحر العميق قسم قسمين إلى سطحي وسفلى ويفصل البحر الأول السفلى عن البحر العلوي " السطحي " موج كمثل هذا الموج السطحي الذي نراه بأعيننا ووجدوا أن البحر اللجي العميق السفلى المفصول عن البحر السطحي بموج يختلف عن البحر السطحي أو العلوي في كل شيء في الحرارة وفى الكثافة وفى نسبة الأملاح وفى الحياة المائية
بحران منفصلان فما يعيش في البحر العلوي الذي له سطح نراه بأعيننا المجردة يختلف تماماًعما يعيش في البحر العميق اللجي, فحيوانات هذا غير حيوانات ذاك ومن فصائل مختلفة تماما عنها , فأي إنسان عاديأو حتى مجموعة من الناس لا يمكن أن يخطر ببالهم مجرد خاطر أن هناك بحران منفصلان في بحر واحد ولا يمكن أن نصدق أن هذا السطح من البحر الذي نراه تحته وعلى عمق (200:500) متر يوجد بحر ليس له علاقة ببحر السطح المرئي للعين.
كيف تحدث الظلمات في البحر اللجي؟
يجتاز ضوء الشمس ثلاثة موانع حتى ينعدم تماما في المنطقة التي تحت الموج اللجي وسوف نتناول كل مرحلة على حده:
الظلمة الأولى أو العائق الأول لضوء الشمس والتي يتسبب فيها (السحاب ):
إن الناظر للكرة الأرضية من طائرة تطير فوق السحاب سوف يرى أن السحاب سيغطى الكرة الأرضية سواء في الشتاء أو الصيف ولا توجد منطقة يمكن أن تنظر فيها إلى الكرة الأرضية.
ماذا يعنى هذا؟ يعنيذلك أنك لو كنت تطير فوق السحاب فسوف ترى شمساً ساطعة ونوراًواضحاًولنفرض أن هذه الطائرة أرادت الطيران من تحت السحاب بين السحاب وسطح البحر فماذا ترى؟ ترى نفسك فجأة وقد أصبحت في منطقة مظلمة ظلاماًخفيفاًوقد ضاع النور الذي كنت تراه وأنت تطير فوق السحاب . يعنى هذا أن للمنطقة التي تقع تحت السحاب والموج السطحي للبحر ظلمة قليلا لعدم استطاعة الشمس الدخول بحرية إلى هذه المنطقة لوجود السحاب الذي يعتبر حاجزا قوياًلدخول أشعة الشمس الكاملة
فكيف يكون السحاب السبب في الظلمة الأولى ؟
ترسل الشمس أشعتها المكونة من موجات كهرومغناطيسية وأشعة الراديو والأشعة السينية, إلا أن الغالب عليها هو الضوء المرئي وكل من الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية, بالإضافة إلى بعض الجسيمات الأولية المتسارعة مثل الإلكترونات, وأغلب الأشعة فوق البنفسجية يردها إلى الخارج نطاق الأوزون. وعند وصول بقية أشعة الشمس إلي الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض فإن السحب تعكس وتشتت نحو30 % منها. وتمتص السحب وما بها من بخار الماء وجزيئات الهواء وهباءات الغبار وغيرها من نوى التكثيف الأخرى حوالي19% من تلك الأشعة الشمسية المارة من خلالها, تحجب السحب بالانعكاس والتشتيت والامتصاص حوالي49 % من أشعة الشمس, فتحدث قدراً من الظلمة النسبية.
إذا نحن في طبقة الظلمات الأولى التي هي فوق الموج الثاني السطحي وأما ما تبقى من أشعة الشمس القليلة النافذة عبر السحاب فانه تحاول الدخول في البحر السطحي ولكنها تدخل بمستوى ضعيف يعكسها أيضا الموج المتحرك على سطح البحر.
ماذا يحدث للضوء عندما يقابل سطح البحر والأمواج السطحية؟
إن حوالي35 % من الأشعة تحت الحمراء تستهلك في تبخير الماء, وتكوين السحب, وفي عمليات التمثيل الضوئي. التي تقوم بها النباتات البحرية.أما ما يصل إلي سطح البحار والمحيطات مما تبقى من الأشعة المرئية( أو الضوء الأبيض). فان الأمواج السطحية للبحار تعكس 5 % أخرى منها –وهذا هو السبب في لمعة سطع البحر, فتحدث قدراً آخر من الظلمة النسبية في البحار والمحيطات.
الجزء المرئي من أشعة الشمس الذي ينفذ إلي كتل الماء في البحار والمحيطات يتعرض لعمليات كثيرة من الانكسار, والتحلل إلي الأطياف المختلفة والامتصاص بواسطة كل من جزيئات الماء, وجزيئات الأملاح المذابة فيه, وبواسطة المواد الصلبة العالقة به, وبما يحيا فيه من مختلف صور الأحياء, وبما تفرزه تلك الأحياء من مواد عضوية, ولذلك يضعف الضوء المار في الماء بالتدريج مع العمق.
ولكن كيف يحدث ذلك ( عملية امتصاص الضوء):
على عمق لا يكاد يتجاوز عشرة أمتاريكون الطيف الأحمر هو أول ما يمتص من أطياف الضوء الأبيض ويتم امتصاصه بالكامل ولذلك إذا جرحت يد إنسان على هذا العمق فأنة لا يرى الدم
ثم على عمق لا يتجاوز الخمسين مترا يمتص الطيف البرتقالي ثم الطيف الأصفر والذي يتم امتصاصه بالكامل
ثم على عمق مائة متر في المتوسط يمتص الطيف الأخضر والذي يتم امتصاصه بالكامل
ثم على عمق يزيد قليلا على (200) متر يمتص الطيف الأزرق, ولذلك يبدو ماء البحار والمحيطات باللون الأزرق لتشتت هذا الطيف من أطياف الضوء الأبيض في ألمائتي متر العليا من تلك الكتل المائية.
فلو انك أتيت بكوب من الماء وسلطت علية الأشعة فانك ترى قاع الكوب منير, فإذا قمت بتحريك الكوب حتى يصير موجا متحركاً فانك ترى إن قاع الكوب أصبح اقل إنارة عندما كان السطح ثابتا غير متحرك, ويفهم من هذا إن البحر السطحي أيضا عكست عنة أشعة الشمس المتبقية من أشعة الشمس النافذة من خلال السحب لوجود الموج فأصبح البحر السطحي العلوي مظلما على اثر انعكاس الأشعة ودخولها بكمية قليليةجدا .
وبذلك فإن معظم موجات الضوء المرئي تمتص على عمق مئة متر تقريباً من مستوى سطح الماء في البحار والمحيطات, ويستمر1% منها إلي عمق150 مترا, و0,01 % إلي عمق200 متر في الماء الصافي الخالي من العوالق.
وعلى الرغم من السرعة الفائقة للضوء( حوالي300,000 كيلومتر في الثانية في الفراغ, وحوالي225,000 كيلومتر في الثانية في الأوساط المائية), فإنه لا يستطيع أن يستمر في ماء البحار والمحيطات لعمق يزيد علي الألف متر, فبعد مائتي متر من أسطح تلك الأوساط المائية يبدأ الإظلام شبه الكامل حيث لا ينفذ بعد هذا العمق سوى أقل من0,01 % من ضوء الشمس, ويظل هذا القدر الضئيل من الضوء المرئي يتعرض للانكسار والتشتت والامتصاص حتى يتلاشي تماماً على عمق لا يكاد يصل إلي كيلومتر واحد تحت مستوى سطح البحر. حيث لا يبقى من أشعة الشمس الساقطة على ذلك السطح سوى واحد من عشرة تريليون جزء منها, ولما كان متوسط أعماق المحيطات يقدر بنحو3795 متراً, وأن أقصاها عمقاً يتجاوز الأحد عشر كيلومترا بقليل(11,034 متر) وبين هذين الحدين تتراوح أعماق البحار والمحيطات بين أربعة وخمسة كيلومترات في المتوسط, وبين ثمانية وعشرة كيلومترات في أكثرها عمقا. فإن معني ذلك أن أعماق تلك المحيطات تغرق في ظلام دامس.
إذا البحر السطحي الذي يعلوه الموج الذي هو على السطح ونراه بأعيننا والذي يصل عمقه من (200-500م) أصبح مظلما ولكن ليس بالظلام الحالك, وذلك لدخول بعض الأشعة النافذة من سطحه. وهذه الأشعة القليلة النافذة والموجودة في البحر السطحي لابد لها من الانتشار على قلتها فتعمل على الدخول عبر الموج الذي يعلو سطح البحر اللجي ولكنها تصدم بحاجزين يمنعاها من الدخول تماما.
الحاجز الثالث ( ألأمواج الداخلية ) حيث يمتص ما تبقى من القدر اليسير من الضوء
كيف تتكون الأمواج الداخلية
تلعب الكثافة دوراً هاماً في تكوين هذا النوع من الأمواج حيث تختلف كثافة الماء في البحار العميقة والمحيطات باختلاف كل من درجة حرارته, ونسبة الأملاح المذابة فيه, حيث تلعب درجة الحرارة وكمية الأملاح المذابة (معظمها كلوريد الصوديوم) دوراً هاماً في وجود هذهالأمواج الداخلية علاوة على تأثير قوى المد والجزر وفي تأثير الرياح و تقلباتالضغط ,ويلعب المناخ دوراًهاماً في تمييز هذه الأمواج أفقياً بينما تلعب الكثافة بتمييزها أفقيا فعندما تسافر الأمواج أو تتحرك في مساحات شاسعة بين خطوط عرض مختلفة فإنها تكتسب صفات طبيعية جديدة نظراً لتغير المناخ في تلك المساحة, فتكتسب درجات حرارة جديدة وملوحة نتيجة اختلاف معدلات ارتفاع درجات حرارتها أو انخفاضها ومعدلات البخر وكذلك معدلات سقوط الأمطار وهذا يؤدي بها إلى التحرك رأسيا وتمايز الماء في البحار العميقة والمحيطات إلى كتل سطحية, وكتل متوسطة, وكتل شبه قطبية, وكتل حول قطبية ولا يتمايز الماء إلى تلك الكتل إلا في البحار شديدة العمق, ومن هنا فإن الأمواج الداخلية لا تتكون إلا في مثل تلك البحار العميقة, ومن هنا أيضا كان التحديد القرآني بالوصف بحر لجي إعجازا غير مسبوق.وتتكون الأمواج الداخلية عند الحدود الفاصلة بين كل كتلتين مائيتين مختلفتين في الكثافة, وهي أمواج ذات أطوال وارتفاعات تفوق أطوال وارتفاعات الأمواج السطحية بمعدلات كبيرة, حيث تتراوح أطوالها بين عشرات ومئات الكيلومترات, وتصل سعتها( أي ارتفاع الموجة) إلي مائتي متر, وتتحرك بسرعات تتراوح بين 5 ـ 100 سنتيمتر في الثانية لمدد تتراوح بين أربع دقائق وخمس وعشرين ساعة كذلك يبدأ تكون الأمواج الداخلية علي عمق40 متراً تقريبا من مستوى سطح الماء في المحيطات حيث تبدأ صفات الماء فجأة في التغير من حيث كثافتها ودرجة حرارتها, وقد تتكرر علي أعماق أخري كلما تكرر التباين بين كتل الماء في الكثافة, وعجز الإنسان في زمن الوحي ولقرون متطاولة من بعده عن الغوص إلي هذا العمق الذي يحتاج إلي أجهزة مساعدة خاصة مما يقطع بإعجاز علمي في هذه الآية الكريمة بإشارتها إلي تلك الأمواج الداخلية, وهي أمواج لم يدركها الإنسان إلا في مطلع القرن العشرين( سنة1904 م).
كيف تعمل الأمواج الداخلية كحاجز أخير للضوء
نستنتج إن سطح الماء إن كان ثابتا غير متحرك فهو يساعد على نفاذ الضوء الأشعة, ولكن إن كان له حركة كحركة الأمواج فإنهيعوق الأشعة في الدخول والنفاذ ولا يدخلها منها إلا القليل كما حدث في البحر السطحي فإن الموجة تأثر كثيراً فما نفذ منها إلا القليل من أشعة الشمس وهذه الأشعة القليلة جدا النافذة عبر البحر السطحي ليس لها من القدرة في النفاذ والدخول للبحر اللجي السفلى بسبب الأمواج الداخلية التي تعلوا البحر الثاني المضطرب اضطرابا شديداًأضف إلى ذلك الكميات الهائلة من الأسماك التي تعلوا هذا الموج لمحاولة النفاذ إلى البحر اللجي وبذلك فإن البحر اللجي تنعدم فيه أي أشعة أو ضوء ولو بمقدار 1 % لوجود الحاجزين المانعين وبذلك فإنالبحر اللُّجي غارق في ظلام كامل كما بين الحق سبحانه وتعالى.
يقول الحق سبحانه وتعالى ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهذه الظلمات جمع وليس مثنى أو ظلمة واحدة :
1-ظلام البحر اللجي الكامل المطلق
2-ظلام البحر السطحي شبة الكامل
3-ظلام البحر الواقع بين السحاب وسطح البحر الثاني الذي هو على السطح
فأنت إذا أمام ثلاث ظلمات شديدة حالكة تختلف بالنسبة والدرجة ولكنها ثلاثة ظلمات بعضها فوق بعض , كما وصف القران الكريم لمنتهى الدقة وربك يخلق ما يشاء.
الحياة داخل البحار العميقة
في الواقع إن من تابع هذا المقال من البداية يجد نفسه وقد استحال علية التصديق بوجود أي نوع من الحياة في هذه الأعماق السحيقة ولكن الحقيقة غير ذلك فإذا كان البحر يموج بالأمواج فانه أيضا يموج أيضا بالحياة وعند التفكر في الآية مرة أخرى نجد أن هناك إعجازاً علمياً آخر غير الظلمات الثلاثة التي يسببها السحاب والموج السطحي والموج الداخلي والبحر اللجي فيا ترى ما هو الإعجاز الآخر ؟
إن تتمة هذه الآية الكريمة تقول " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " فما له من نور فإذا كانت الآية تتحدث عن ظلمات البحر وخصوصا ظلمات البحر اللجي فان ما سوف يفهمه الإنسان هو الظلام الدامس إلا أن هناك ربط بين الآية وهذا الشطر بالذات فطالما أن الآية تتحدث عن الظلمات فما العلاقة بين الظلمات ثم التحول إلى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. إن ما تعنيه الآية هو إشارة لطيفة إلى اسماك الأعماق السحيقة و حيث ينعدم ضوء الشمس حيث زود الله هذه المخلوقات بالنور فلكل جعل الله له شمسا خاصة به حيث كشف العلم أن البحار والمحيطات العميقة تعج بالكائنات المضيئة التي زودها الله بالنور وهذا إعجاز علمي آخر.
نعم, في هذا الخضم الهائل والخطورة المتناهية والاضطرابات الفائقة وانعدام الضوء الذي يعتبر أساس الحياة لا يمكن أن يتصور إنسان أن يكون هناك حياة بأي معنى ولكن قدرة الله وعظمة تدبيره تفوق الوصف فسبحانه لا تحده الكلمات ولا يصفه الواصفون ولا يعرفه العارفون خابت كل التصورات عن تحديد عظمتك بالكلمات.
كيف تولد الأسماك الضوء
الأسماك التي تعيش في الأعماق السحيقة من المحيطات المظلمة زودها الخالق عز وجل بمقدرتها على توليد الضوء البارد بطريقة لا يملك الإنسان إلا أن يسجد أمام عظمة خالقه، ويسمى هذا الضوء علميا بالضوء البارد أي الضوء الذي لا يصاحبه توليدأي حرارة، وذلك بواسطة أعضاء خاصة تدعى «حاملات الضوء»، وهذه الأعضاء عبارة عنمصابيح صغيرة بسيطة التركيب، لكنها على درجة عالية من الكفاءة، حيث تتركب من قرنيةشفافة تتلوها عدسة، ثم عاكس مقعر عبارة عن نسيج خاص يقابل شبكية العين هو المسئولعن توليد الضوء، كما تقوم القرنية والعدسة بتجميع هذا الضوء قبل أن ينبثق خارج جسمالسمكة.
وتختلف أعضاء الإضاءة في هذه الأسماك من حيث العدد والتوزيع والتعقيد. وغالبا ما توجد على جانبي الحيوان، أو على بطنه، أو رأسه، ونادراً على سطحه العلوي. وتعتبر قدرة هذه الأسماك على توليد الضوء إحدى عجائب خلق الله في الطبيعة. وقد يكونهذا الضوء باهتا يصدر بشكل متقطع من وقت لآخر، أو قد يكون مبهراً مستمراً. وتعيشهذه الأسماك على أعماق تتفاوت من 1000 إلى 4000 متر تحت سطح البحر، ولذلك يطلقعليها. أسماك الأعماق أو أسماك القاع.
مئات المعامل الكيمائية على جسم السمكة
ويطلق العلماء على ظاهرة الإضاءة التي تستخدمها الأسماك ظاهرة الإضاءة الحيوية(Bioluminescence) وهذه الظاهرة تحدث داخل أجسام بعض الكائنات الحية مثل الأسماكوالتي تعيش داخل المياه المالحة ولا تحدث في المياه العذبة ونادرة الحدوث على الأرضفهي تحدث فقط في نوع من الخنافس وبعض أنواع البكتيريا والفطريات.
كيف تحدثهذه الظاهرة ؟؟؟:-
تحدث هذه الظاهرة نتيجة بعض التفاعلات الكيمائية في جسم الكائن حيث تتحول الطاقة الناتجة من التفاعل إلى نور ولكي تتم هذه العملية فان الخالق عز وجل قد أنعم على هذه الكائنات ب:
1-نوع من الصبغيات يطلق علية علميا ( Luciferi
2- إنزيم يسمى إنزيم (Luciferase)والذي يعمل كمادة محفزة تساعد على إتمام التفاعلداخل أجسام الأسماك بالإضافة إلى وجود الأكسجين ومصدر للطاقة وهو مركب يسمى( ثالثفوسفات الادينوسين (ATB)مما يؤدى إلى إنتاج مادة تسمى (Oxyluciferenوينبعث الضوء عند حدوث هذه التفاعلات
حيثيمكن تمثيل هذا التفاعل بالمعادلة التالية :
[A] + [b] → [◊ عامل محفز ] → [Products] +light
وتتواجد هذه المواد الكيمائية بصورة دائما داخل تراكيب تسمى الحوامل الضوئية (photophores)وتتوزع هذه الحوامل في أماكن معينة حسب إرادة الخالق لكل نوع من هذه الأسماك حيث يحدث هذا النوع من التفاعل داخلها.
وما كان ربك نسياً
هناك أنواع أخرى من هذه الكائنات لا تملك هذه الحوامل فينعم الله عليها بان يجعل نوع من البكتريا المضيئة بذات الطريقة تتعايش معها على سطحها أو بين ثنايا الجلد فينبعث منها الضوء فترى السمكة نتيجة الضوء المنبعث من البكتريا والفطريات.
ما لون الضوء المنبعث من ظاهرة الإضاءة الحيوية التي تستخدمها هذه الكائنات ؟؟:-
إن اللون المنبعثيكون إما ازرق أو ازرق مخضر وذلك لسببين هما:-
ـ أن اللون الأزرق والأزرقالمخضر يسافر لمسافات طويلة داخل مياه البحار المالحة والمحيطات.
ـ أن الأسماكحساسة لهذه الألوان فتستطيع رؤيتها بسهولة في الماء.
ونجد في بعض أنواع السمكينبعث منها ضوء احمر طوله الموجي طويل جدا فلا تراه باقي الأسماك وبهذا فهي ترىالأسماك الأخرى وهم لا يستطيعون رؤيتها فتستخدم هذه الخاصية في افتراس غيرها منالأسماك أو تستخدمها كلغة إشارة بين بعضها البعض.
ولكن هل هناك وظائف أخرى لهذا الضوء
1- تستخدم بعض الأسماك هذا الضوء في جذب فرائسها ثم تقوم بإمساكها بفكها وتلتهمها
2-تستخدم الضوء كوسيلة تخويف وتشويش لباقي الأسماك التي تخاف من هذا الضوءالمتوهج وتبتعد عنها
3- تستخدم هذا الضوء ككشافات ترى بها الطحالب والكائناتالدقيقة والتي تتغذى عليها العديد من اسماك المحيطات الصغيرة.
4-تستخدم الضوءكلغة إشارة بين أفراد النوع الواحد فهم يستخدموا إشارات ضوئية فيما بينهم لايعرفها احد غيرهم
5-البعض الأخر يستخدم الضوء كشفرات بين الذكور والإناث أثناءموسم التزاوج
فنجد بعض أنواع إناث الأسماك ينبعث منها أضواء ملونة من أماكنمختلفة على أجسامها فتصبح مثل الطاووس في روعتها وجمالها فتجذب الذكور إليها أثناءموسم التزاوج والغريب أن هذه الأضواء المبهرة لا يراها إلا الذكور التابعة لنفس نوعالإناث أما أنواع الذكور الأخرى فلا تراها.
ومن أشهر أنواع هذه الأسماك :
1- سمكة المصباح: Lantern fish
تعيش في المحيطات على أعماق سحيقة (( 1200- 3000 قدم ولكنها تقترب من السطح أثناء الليل بحثا عن الغذاء وتحمل مجموعة منالحوامل الضوئية المركزة أسفل الرأس وعلى سطحها البطن والضوء المنبعث لونه ازرقمخضر وتستخدمه السمكة لجذب فرائسها من السمك.
2- سمكة الفأس: Hatchet fish
تعيش أيضا على أعماق كبيرة وتحمل الحوامل الضوئية على سطحها البطنيوينبعث منهاإضاءة شديدة تعمل ككشافات تشوش باقي الأسماك فتبتعد عنها ولا تفترسها فهذا الضوء هووسيلة الدفاع الوحيدة للسمكة.
3- سمكة الثعبان: Viper fish
توجد على أعماقمن 80-1600 م تحت سطح الماء ويوجد على زعنفتها الظهرية حوامل ضوئية تنتج ضوء مبهريعمل على جذب الأسماك الأخرى ثم تقوم بالهجوم والتغذية عليها.
4- سمكة التنين:Dragon fish
وهذه السمكة لا يوجد بها حوامل ضوئية ولكن أجسامها تحمل مجموعة منالبكتيريا في منطقتين على جسمها:
المنطقة الأولى: بجانب العين وتعطى الضوءالعادي الأزرق المخضر والذي تستخدمه في جذب فرائسها
المنطقة الثانية: أسفلالرأس وينبعث منها ضوء لونه احمر لا يراه أحدا من الأنواع الأخرى من الأسماك كما أنالعين البشرية لا تستطيع رؤيته لأنه ذو طول موجي طويل يصل إلى 700 نانوميتر وتستخدمهذا الضوء الأحمر كلغة إشارة بين بعضها البعض دون أن يلاحظها احد من الأسماكالأخرى.
قال تعالى: (هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بلالظالمون في ضلال مبين)لقمان:11
سبحان الله الذي أتقن كل شيء خلقه قال تعالى: ( صنع الله الذي أتقن كل شيء) ( النحل:88)
رحلة في البحار العميقة لمعرفة قدرة الخالق عز وجل:
وصدق الله العظيم إذ يقول:
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام : 101]
عودة إلى الآية
يلفت المولى عز وجل أنظارنا إلى الحالة التي يعيشها الكافر ويشبهها بالبحر اللُّجى الغارق في الظلام وهى صورة قاتمة تجعلنا نستعيذ بالله من الكفر ونسأله أن يثبتنا على الإيمان ولا شك أن الكفر في أيامنا هذه تقف من ورائه مدلولات نظرية التطور التي ثبت خيبنها وتم تفنيد معظم بنودها علميا علاوة على المذاهب والايدولوجيات التي اتخذت من هذه النظرية أساسا تبنى علية اتجاهاتها فمان كان إلا التخبط والحيرة والشك وانعدام الوزن ونشؤ مجموعة من الفلسفات لكي تحل محل الدين ولكن هيهيات هيهيات مزيد من الضياع والحيرة والتخبط وذلك إن كل هذه الفلسفات هي في مجملها ضد الدين الذي فطر الله علية الإنسان .
أن القران الكريم وهذا الدين العظيم الذي تفضل الله بة على البشرية يحمل بين طياته أقوى الأدلة على إلوهية مصدره ولا أكون مبالغا إذا قلت أن كل الأديان السابقة على الرغم ما بها من تحريف تدين إلى هذا الدين العظيم بالفضل الكبير فلولا اعتراف الدين الاسلامى بها بل جعل هذه الحقيقة من أهم مبادئ الإيمان لسار الشك في إلوهية مصادر هذه الأديان كالنار في الهشيم . أن مراجعة بسيطة لظنون العلماء الذين كانت نشأتهم في وسط مسيحي سيبين لنا أسباب موجات الكفر في هذه المجتمعات فيقول فريدرك نيتشة(Friedrich Nietzche ) "إن الإيمان المسيحي معناه الانتحار المتواصل للعقل البشرى " وعلى الرغم من أنه قد نشأ في أسرة أكليركية إلا إننا نجدة يقول " إن الآله قد مات وسيظل ميتا ونحن الذين قتلناه " - تعالى الله علوا كبيرا – وبطبيعة الحال أدى هذا الفكر إلى عصر العدمية ( Nihilism ) وبذلك لم يعد لهذا الإنسان إلا ذاته وأننا نعيش في عالم عبثي لا معقول ليس فيه اله وبطبيعة الحال العبثية ليس لها مكان في حياة المؤمن حيث يقول الحق سبحانه وتعالى ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وانك إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا اله إلا هو رب العرش الكريم * يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ".
في الواقع إذا ناقشنا مسألة الدين والعلم نجد تطابقا رائعا بين العلم ومسلمات القران فلا وجود لتناقض بين العلم والدين الاسلامى فالعلم يشهد للدين ولذلك لم نجد في ديانة أخرى مثل ما في الإسلام من حض وتشجيع للعلم فكانت أول آية أنزلت تبدأ (أقرأ) ويقول الرسول محمد (طلب العلم فريضة على كل مسلم ) وهناك آيات وأحاديث كثيرة تحض على العلم وطلبة فالدين الاسلامى في هذا الِشأن هو دين العلم وإذا كان الإعجاز القرآني متجدد فيمكننا أن نقول أن محمد أيد بالعلم فمعجزته هي العلم وعلى النقيض من هذا نجدا تخوفا كبيرا بين علماء المسيحية واليهودية من إقران العلم بالدين فيقول فرنسيس بيكون في التقرير الذي رفعة إلى الملك جيمس عن كيفية إصلاح التعليم العامة " يجب الحفاظ على هوة عميقة بين العلوم الطبيعية من جهة وبين الدين واللاهوت من جهة أخرى " ويقول آخر " كلنا تقدم العلم تأخر العلم إلى الوراء أما الفيلسوف الانجليزي المادي توماس هوبز (Hoppes)كان يرى أن الدين ليس من أمور الفكر وإنما هو أمر من أمور الاعتقاد .....ولا يجوز الخلط بين العقيدة والعقل فحيث ينتهي العقل تنتهي العقيدة وحيث ينتهي العلم يبدأ الإيمان وهكذا كان يرى هوبز أن الدين والعقل لا يجتمعان ويأتي الفيلسوف الألماني فيرباخ : Feuerebach في هجومه على المسيحية فيذهب إلى أن الشيء الحقيقي ليس الله , ولا الوجود وإنما هي المعطيات الحسية فقط . ويضع فرباخ ما يسمى بدين إنسان مكان الدين المسيحي ويقول أن الشيء الإنساني هو الشيء الالهى وهو بذلك يتبنى نزعة الحادية بحتة وذلك ناتج عن التناقض الفكري والعلمي الذي تمتلئ بة الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية.
ومازلنا في رحلتنا في –أعاذنا الله منة - ظلمات الكفر نستوضح أسباب الكفر الذي أصاب البشرية في العهود السابقة واللاحقة فها هي فلسفة سارتر ....بعبثيتها ولليس للموت في ذاته عند سارتر أهمية خاصة ....فقط أنة العبث الأخير, وهو لا يقل عيثا عن الحياة بذاتها فالموت يظهر عند سارتر في الفلسفة الوجودية :" جزء من الصفقة" الحياة والموت على حد تعبيره ولكن ماذا يحدث عندما تحين ساعة رحيل المرء الكافر من هذه الحياة ؟ أو ماذا يحدث عندما يواجه الإنسان الملحد الموت فعلا ويصبح في لحظاته الأخيرة ؟ إننا لا نرى إلا الفزع يغلفه ويحيط به من كل جانب .....!!! انه يدرك في تلك اللحظة الأخيرة _بشعور فطرى _ بأنة لم يحقق الغايات من خلقة وها قد دنت اللحظة الأخيرة لمواجهة الحقيقة الكاملة وجها لوجه ...ويحاول ذلك الإنسان النجاة ....النجاة بأي شكل من الأشكال وبأي ثمن ....ولكن إلى أين يذهب ؟...........حيث يقول المولى له ومن هم على شاكلته
"فأين تذهبون (26) إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم أن يستقيم "
وتتلاشى الفلسفات وتاريخ العظمة والكبرياء, وتمر أحداث قصة حياة الإنسان في لحظات أمام عينة ليدرك أنة قد أمضى حياته في سفسطة كلامية وتعالى على الحقيقة بدلا من إخلاص النية لله .
وتأتى لحظة الموت لسارتر الذي ضل وأضل بفكرة الملايين فيفزع فزعا شديدا فيطلب من رفيقة حياته في ألم أن تحضر له قس .....( لعلة يجد فيه راحة وقد بدت له ملائكة الموت ) فتستغرب زوجته من هذا الشيء الذي ظل يناهضه طوال الحياة فتقول له ( سات هل لك في كاردينالا حيث لازال جنون الكبرياء يسيطر عليها ) ولكنة يرى ضلال المسيحية في هؤلاء فيقول لها إن الكاردينال غشاش لله ويطلب قس مسكينا مغمورا في قرية مغمورة متناسيا أن لا فرق بين الاثنين فمعتقداتهم واحدة ويأتي القس فيعترف له بهزيمته أمام الموت ولعلها إرادة الله التي احدث هذا الموقف حتى يفضح هؤلاء وزيف معتقداتهم ولكن بعد فوات الأوان
ويسجل المولى عز وجل اللحظة التي يعاين فيها الكافر الموت وسكراته في الآية الكريمة التالية:
( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)( الأنعام :93).
لقد تمكن الشيطان من إسقاط الإنسان في غياهب الظلام ,يساعده في ذلك شياطين الإنس فرحل الدين فالدين والكفر كالنور والظلام ضدان لا يجتمعان في مكان واحد وأصبح المكان فارغا وبحثا عن بديل يسد الفراغ قام علماء الكلمة بإنشاء فلسفات ظاهرها منمق ولكن جوهرها الظلام فمعظمها تنصب على الجانب المادي والمنفى بل ووجدت من يدافع عنها ويحارب من أجلها ويهدم المساجد قبل الدين فذهبت أرواح وأما التي بقيت فأرغمت على اعتناق هذه الفلسفات وسيظل السؤال الحائر من المسؤول عن هزيمة الدين في مواجهة العلم والحق يقال أن الدين ما هزم أبداً ولكن الذين هزموه هم من كانوا يقومون على رعايته فأدخلوا ما لم ينزل الله به من سلطان في هذه الأديان بل وذهب بهم الجهل إلى إدخال الخرافات بين نصوص الدين وغيروا من صفات الله فهو في كتبهم عاجز أحيانا وينسى أحيان ويندم أحيانا بل ويجلس إلى الأحبار كي يتعلم منهم ثم جعلوه ضعيفا لا يقوى على أن يدافع عن نفسه فيصلب ويقتل بل وأصبحت القدرات البشرية (الأنبياء) شخصيات ناقصة فهي تخون وتزني (حتى زنا المحارم) هذه هي صورة الدين المسيحي واليهودي لا يمتلك الآليات التي يمكن بها أن يدافع عن نفسه ضد موجات إنكار الله ولذلك نقول لم يعد على الساحة الآن سوى الإسلام يمتلك من آليات الدفاع ضد موجات الإلحاد ما يقتلها في مهدها وصدق رسول الله بقولة" إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه " ويمتلك من النصوص التي تصور الله وتقرب صورة عظمته إلى العقول ويمكن أن تدرك جزء من هذا العظمة بقراءة أسماء الله الحسنى وتدبر القران وما عليك أن تؤمن ثم تسجد لله ( فأسجد وأقترب ) كما أنة يعطى صورة صادقة عن أنبياء الله فيجد الإنسان القدوة التي يمكن أن يقتدي بها وفى رسول الإسلام الأسوة الحسنة في كل شيء وذات مرة تسأل السيدة عائشة عن خُلق النبي فتقول في عبارة موجزة ( كان خُلقه القرآن ) ويا لها من عبارة صادقة فكانت حياته تفسير عملي للقران .
إلى كل من ينكر وجود الله والى كل من ينكر معجزة القران :
يا أيها ألإنسان ما قدر مكسبك إن كسبت الدنيا وخسرت الله ؟
وما قدر مكسبك إن خسرت الدنيا وكسبت الله ؟
لسوف يقضى على هذه الحضارة بدون الإيمان بالله
ولسوف تنتهي قصة حياة الإنسان نهاية مظلمة إن لم يؤمن بالله
ولسوف يتهدم الكيان البشرى دون الأيمان بالله
سوف تعم الفوضى في كل مكان دون الإيمان بالله
ولسوف ينحط الإنسان إلى درجة من الحيوانية بدون الإيمان بالله
وأي عبثية تلك التي تنتظر الإنسان إن لم يؤمن بالله
كم من نفس هلكت دون أن ترى النور
فأي مصير ينتظرك يا من ترفض نداء الفطرة بداخلك
المفضلات