صفحة 14 من 15 الأولىالأولى ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 الأخيرةالأخيرة
النتائج 131 إلى 140 من 147

الموضوع: نور على نور ,,,

  1. #131
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




    العقرب.. يتحمل الصوم ثلاث سنوات متصلة!

    ينتمي العقرب الى شعبة المفصليات وطائفة العنكبيات التي تشمل العقارب والعناكب والقُراد والحُلم، وهو من آكلات اللحوم يكثر في المناطق الحارة، وخاصة الاستوائية منها وهو انواع كثيرة تبلغ ثمانمائة نوع. ولا يصنف العلماء العقرب من بين الحشرات نظرا للتقسيم السابق الذي يجعله من الحيوانات.
    يشبه العقرب القريدس (الجمبري) او الكركند او سرطان البحر بكلابيه الضخمين اللذين يستخدمهما في الدفاع عن نفسه ولالتقاط الطعام في الوقت نفسه. وينقسم جسم العقرب الى جزأين، الجزء الامامي القصير والسميك الذي يسمى الصدر الرأسي، ويتكون من الرأس والصدر وهما متصلان، والجزء الثاني الخلفي وهو البطن الطويل. وتشكل آخر ستة فصوص في معظم العقارب ذيلاً رفيعاً لونه اسود أو اصفر ويتراوح طوله بين 1 سم الى 20 سم، وللعقرب ستة ازواج من الاطراف ذات المفاصل ويتكون اول زوج من كماشات صغيرة جداً، والجزء الثاني من مخالب كبيرة يستخدمها في الامساك بالفريسة وسحقها وآخر اربعة ازواج تقوم مقام الأرجل.
    والعقرب حيوان ليلي يصطاد العناكب والحشرات ونحوها وينتهي جسمه بإبرة لاسعة تتصل بغدة تفرز سماً ناقعاً وهو لا يستخدم سمه إلا اذا ابدت الفريسة مقاومة عنيفة، او اذا كانت كبيرة الحجم، وذلك بهدف شل حركتها والتقاطها بواسطة كلابيه.
    ويتراوح عدد عيون العقرب بين 6 و12 عيناً وهناك انواع مختلفة من العقارب يختلف عدد عيونها عن ذلك.
    وتكون العقارب مشعة إذا ما تعرضت لضوء فوق بنفسجي ويسهل تحديد موقعها في الليل عن طريق استخدام ضوء اسود. والمعروف عن لسعة العقرب انها مؤلمة ولكن نادرا ما يفضي سمها الى موت الانسان، ويجب الحذر من العقرب حذراً شديداً فهو يسكن تحت الاحجار والاخشاب حتى اذا هبط الليل خرج يسعى في الارض. والمعروف عن العقارب انها تلدغ نفسها إن حوصرت بالنيران كما انها قادرة على تحمل الصيام لمدة 3 سنوات متواصلة.
    وللعقارب اعداء عديدون ففي ادغال افريقيا وأمريكا تشكل العقارب احد انواع الحيوانات الكثيرة التي تجتاحها اسراب النمل المفترس، ومن الحيوانات التي تفترس العقارب ايضا أم اربع وأربعين وبعض العناكب والافاعي والطيور، وشوهدت انواع من القرود الكبيرة تمسك بالعقرب وتلتهمه بعد نزع ذيله السام.

    أنواع العقارب

    تعتبر ال****ة (العقرب الصفراء) من اكثر فصائل العقارب سمية ويمكن لهذه السمية قتل الاطفال وكبار السن مباشرة نظرا لضعف مناعة اجسامهم، وتتميز العقرب الصفراء بمقارض طويلة نسبياً ورفيعة مقارنة مع العقرب السوداء. وسميت هذه العقربة بال****ة لجرها ذنبها، والمعروف عن العقرب الصفراء انها قد تحفر لها جحراً، أو تستخدم جحر غيرها كجحور اليرابيع، ويميل لونها الى الاصفر الفاتح الشفاف ولاحظ العلماء في الآونة الاخيرة، ان هذا النوع من العقارب يشع لوناً اصفر بعد تسليط الاشعة فوق البنفسجية عليه. ويشبه اشعاعه لون علامات المرور ليلاً. ويستخدم العلماء عادة الاشعاع فوق البنفسجي الذي لا يرى بالعين لتتبع العقارب ودراستها خاصة اثناء الليل، ولاحظ بعض العلماء ان العقارب الصفراء يمكن رؤيتها على بعد 5 امتار بعد تسليط هذه الاشعة عليها في حين لا ترى العقارب السوداء التي تشع بلون اصفر مخضر داكن إلا من على بعد 3 امتار.
    ويعتقد العلماء ان من بين ال 1500 نوع من العقارب الموجودة، عبر العالم، يوجد 50 نوعا فقط مؤذياً للانسان، والعقارب بشكل عام ضعيفة الرؤية حتى انها تكاد لا ترى، كما انها لا تسمع ولا تشم، بل تعتمد على الذبذبات الصوتية والاهتزازات لمعرفة اتجاه فريستها حيث ان أرجلها الثمانية تحيط بها من جميع الجهات وبشكل دائري وتوجد عليها اشواك شعرية حسية تستقبل اهتزازات الهواء لتحديد اتجاه فريستها.
    وتعيش العقرب الصفراء منفردة ويتم الالتقاء للتزاوج فقط. ولا تلد العقرب اولادها دفعة واحدة، بل تخرج صغارها من بطنها واحدا تلو الآخر في فترة تمتد من سبعة الى 21 يوما، وتتراوح مدة الحمل من عدة اشهر الى السنة ونصف السنة. وتحمل العقرب صغارها حتى تصل الى سن البلوغ. والعقارب من ذوات الدم البارد أي ان حرارة أجسامها متغيرة، ففي الطقس البارد جداً تدخل في البيات الشتوي، وتضع الانثى ما بين 25 35 عقرباً مكتمل النمو وتساعدها الام بعد ذلك بوساطة ارجلها الثمانية على التسلق على ظهرها لمدة اسبوع او اسبوعين حيث تغذيها من فرائسها.
    ومن العقارب المعروفة كذلك العقرب السوداء ويتراوح لونها بين الاسود الى البني الزيتوني او البني الكاكاوي، وهناك ايضا العقرب المختلسة وهي عقرب صغيرة الحجم، ولكنها من اكثر العقارب سمية على وجه الارض، إذ تكفي لدغة صغيرة منها كي تحدث لدى المرء آلاما مبرحة او تقلصات او شللاً او الموت بسبب انهيار القلب او الجهاز التنفسي، وثمة نوع يسمى عقرب الكهف وهو يبدو خطيراً للوهلة الاولى لكنه في الواقع من العقارب غير الضارة.
    ويبدو ان الخالق قد منح العقرب كل الوسائل التي تضمن معيشته على وجه الارض فقبل 300 مليون سنة، كانت العقارب تمتلك الصفات والقدرات التي تمتلكها اليوم. ويقول العلماء ان العقارب هي دون شك من اقدم الفصائل في فصيلة العنكبيات، وكان العقرب الاولي يحيا حياة مائية على الاغلب، إذ تشير الدراسات والابحاث الاثرية الى ان اقدم الاحافير التي وجدت للعقارب تعود الى ما قبل 400 مليون سنة!
    ويعتقد العلماء ان هذه الحيوانات تحولت الى حيوانات برية مع بداية العصر الكربوني، حيث عاشت العقارب البحرية خلال الفترة الممتدة من العصر الاوردوفيسي الى العصر البرمي (العصر الجيولوجي الاخير من الدهر القديم). وكان هذا العقرب يمثل تهديدا كبيرا للحيوانات البحرية الصغيرة المدرعة فلقد كان يمتلك عيونا كبيرة وواسعة عكس ما هو عليه اليوم، ولذا يؤكد الباحثون ان العقارب البحرية كانت من الحيوانات القانصة كثيرة الانتشار في البحار الضحلة.

    رقصة الموت

    تمتلك العقارب قدرة كبيرة على العيش والتأقلم مع اشد الظروف قساوة، فهي قادرة على تحمل درجات حرارة تصل الى 50 درجة مئوية، ولا تحتاج الى كميات كبيرة من الاكسجين، كما انها قادرة على تحمل الاشعاعات اكثر من تحمل الانسان لها بحوالي 150 مرة، هذا علاوة على تحملها للجوع فترات طويلة للغاية.
    ومن عجائب ذكور العقارب انها ترقص لإناثها في موسم التكاثر والعقرب المتقن لفن الرقص هو الذي يحظى بتلقيح أنثاه. لكن يبدو ان هذه الرقصة او ما يمكن تسميته ب “رقصة الموت”، تكون بمثابة النهاية المأساوية لبعض ذكور العقارب، إذ لا يكاد الذكر يلقح أنثاه حتى يلقى حتفه حيث تقوم الانثى بالتهامه. والمعروف عن العقرب انه يخشى الشمس فعلى الرغم من انه قادر على تحمل الحرارة، إلا ان لكل شيء حدوداً، فأشعة الشمس القوية التي تزيد حرارتها في بعض المناطق على 65 درجة مئوية تؤدي الى احداث ثقوب في درعه الامر الذي يؤدي الى فقده مخزون المياه، ولذا لا يمكن للعقرب ان يتحمل شمس الصحراء اكثر من نصف ساعة.
    وعندما يخرج العقرب ليلاً، يستمر في السير لمسافة تصل الى الكيلومترين للبحث عن طعامه، أما مخزونه من السم فيحتاج الى فترة تمتد لأسبوعين كي يعوضه ولذا لا يستخدمه إلا في الحالات القصوى، ومن أشد المعارك قسوة تلك التي يقودها العقرب ضد افراد جنسه، فالعقارب لا تتحمل بينها الافراد المرضى او الضعاف، ولذا تفضل التهامها للمحافظة على التوازن العددي عندما يزداد عدد العقارب على الحاجة.
    والعقرب لا يهاجم الانسان في الاحوال العادية، لكنه لا يتورع عن ذلك عندما يحس بالخطر الداهم ولذا تسجل 5000 حالة وفاة سنويا في العالم بسبب لدغة العقرب منها 1000 في المكسيك و650 حالة في تونس. ويعتقد العلماء ان العناكب والنحل والعقارب هي من اكثر الحيوانات القاتلة والخطرة على الانسان على الارض.

    أسطورة الانتحار

    لدغة العقرب سامة وقاتلة إن لم تعالج على وجه السرعة، وفي السم مادة تسهل عملية الهضم عند العقرب وتتراوح كمية السم الذي تخزنه العقرب في أكياسها ما بين 0،5 مم الى 2 ملم، ولاحظ بعض العلماء ان سمية العقارب تضعف وتكون اقل فعالية بعد العيش في الاسر او عند تعرضها للأشعة القوية، كما لاحظوا ان العقارب التي تكون مقاومتها ضعيفة تكون سميتها اقوى والعجيب ان اغلب فرائس العقارب من اللافقاريات الصغيرة غير ان سمها اشد تأثيرا في الثدييات.
    ويتركب السم من انزيمات ومركبات تسبب آلاماً مبرحة للملسوع، وتبلغ الآلام والاضطرابات اشدها بعد ساعة تقريبا من اللدغة، وتختلف حساسية الناس لسم العقارب حسب العمر والوزن.
    أما عن انتحار العقرب عند تعرضه لمأزق ما كالنار مثلا فيبدو انها مجرد اسطورة قادمة من منطقة الشرق الاوسط. وتشير الابحاث العلمية التي تناولت العقرب بالدراسة المفصلة الى ان هذا الامر عار عن الصحة.
    وتقول الدراسات ان تعرض العقرب لحرارة عالية جدا يؤدي الى تهييج عضلاته مثله مثل أي كائن حيث يحاول الهرب للتخلص من هذه الحرارة، ويظهر ذلك من خلال حركة ذيله الذي لا يفتأ يتحرك يمنة ويسرة والى الاعلى والاسفل.
    وجراء ضعف التحكم بحركة الذيل يقوم العقرب بلدغ نفسه مصادفة او بالخطأ.



    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  2. #132
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


    “ القطبي ” يجري بسرعة 55 كيلومتراً في الساعة!

    الدب حيوان ضخم الجسم وقوي ومن الثدييات ويمتلك فرواً سميكاً وخشناً، وقوائمة صغيرة الحجم ويعتبر من آكلات اللحوم والنباتات معاً، وقادر على تسلق الاشجار والسباحة وتنتهي أقدامه بخمسة براثن ويترك آثاراً على الارض.

    والدببة انواع مختلفة منها الدب الرمادي والأسمر ودب التبت ودب ألاسكا والدب الامريكي ودب مالي والدب الأهدل والدب القطبي أو الابيض.

    وللدب عينان صغيرتان وهو ضعيف البصر وله أذنان صغيرتان مستديرتان ترتفعان الى اعلى كما ان سمعه محدود، ولكنه يتميز بحاسة الشم القوية. ويمتلك الدب مخالب قوية في أصابعه يستخدمها في الحفر لاستخراج جذور النباتات والنمل وغيرها من انواع الغذاء أو لتمزيق فريسته.

    وتختلف الدببة في مشيتها عن غيرها من الحيوانات الاخرى فمعظم الحيوانات تمشي وتجري على أطراف أقدامها في حين ان الدب يضع جماع باطن قدمه على الارض في كل خطوة يخطوها وضارباً الارض بعقب القدم أولا كما يفعل الانسان تماماً. وقد يبلغ طول القدمين الخلفيتين للدب الكبير نحو 30-40 سم، ومن ناحية اخرى، فإن الأقدام الكبيرة والأرجل القصيرة وكذلك وضع عقب القدم أولا عند المشي، يجعل الدب يبدو بطيئاً وغير رشيق، إلا أن الدببة رشيقة وبإمكانها التحرك بسرعة بشكل عام. وبإمكان الدب القطبي الجري بسرعة تصل الى 55 كم في الساعة.

    بيات شتوي

    تعيش الدببة عادة وحيدة، وقد يعيش الذكر والأنثى معاً الى ما يقرب من شهر خلال فترة التزاوج في فصل الصيف وبعد ذلك يتجول الذكر بعيداً وتقوم الانثى بإعداد المكان المناسب لولادة جرائها. وتقضي بعض الدببة أغلب فترة الشتاء في حالة شبيهة بالسبات، ويعتقد العلماء ان السبات عند الدب حالة نموذجية للبيات الشتوي، إلا ان العديد منهم لا يعدوّن الدب من الحيوانات التي تدخل في البيات الشتوي بصورة حقيقية لأن درجة حرارة جسمه لا تنخفض انخفاضاً كبيراً خلال فترة بياته الشتوي، ويقوم الدب بإعداد نفسه للسبات بتناول كمية كبيرة من الدهون. وعندما يشح الغذاء، يذهب الدب الى وكره الذي يكون إما كهفاً أو حفرة يقوم بحفرها تحت شجرة كبيرة. والجدير بالذكر ان الانواع المدارية من الدببة (مثل الدببة الشمسية والهندية الكسلى” لا تدخل في فترة بيات شتوي، بل تبقى في أوكارها لفترات قصيرة فقط خلال الشتاء.

    وتولد أغلب جراء الدب خلال فترة السبات الشتوي للأم وعادة ما تلد الانثى جروين في الولادة الواحدة ويتراوح عدد المواليد عادة بين مولود واحد وأربعة مواليد. وتولد الجراء صغيرة جداً حيث يزن الواحد منها بين ربع ونصف كيلوجرام فقط، كما تولد الجراء مغلقة العينين وبلا فراء ثم تفتحهما بعد شهرين الولادة وعندها يبدأ الفراء الكثيف والناعم يكسو جسم الصغير.

    وتبقى الصغار مع امها في عرينها وتخرج الصغار لمدة شهرين تقريباً في فصل الربيع، لتمرح وتلعب، وهي تنمو بسرعة اذ يصل وزنها الى نحو 18 كجم بحلول الخريف، وتبقى الجراء مع الام لمدة عام أو عامين وتعلمها الام سبل الصيد.

    ولأن الدببة من آكلات اللحوم، فإنها تصطاد الدواب الحية وبخاصة الحملان وصغار الخنازير، وقد يشمل غذاؤها جوزة البلوط والثمار اللبية والفواكه والجوز واوراق النباتات وجذورها. والدببة مغرمة بالعسل ولذا فإنها تمزق خلايا النحل المستأنس أو مكامن النحل البري للحصول عليه، وتشاهد الدببة في كثير من الاحيان طافية مع الجزر الثلجية الطافية حيث تنتقل الى اكثر من 300 كم بعيداً عن اليابسة بحثاً عن الطعام. والواقع ان الدببة حيوانات مسالمة في الغالب وهي لا تبدي خوفاً من الانسان بشكل عام، لكنها حادة المزاج وسريعة الغضب اذا ما أثيرت، والدببة مقاتلة شرسة وبإمكانها مهاجمة كل ما من شأنه تهديدها أو تهديد صغارها أو غذائها أو بيوتها.

    رياضة وحشية

    وتعيش الدببة بشكل عام نحو 15-30 عاماً، وفي الاسر يعيش الدب نحو سبعة وأربعين عاما. وتعتبر الدببة البنية الضخمة من أضخم انواع الدببة في العالم وهي تشمل الدببة البنية الاوروبية والآسيوية ودببة ألاسكا. وفي قديم الزمان كانت تمارس في مدينة لندن في انجلترا رياضة وحشية تسمى تعذيب الدببة حيث يُربط الدب الى عمود ومن ثم يتعين عليه ان يدافع عن نفسه ضد الكلاب الضارية. وقد أقام رعاة البقر قديما في ولاية كاليفورنيا بأمريكا مباريات مشابهة بين الدببة الرمادية والثيران.

    ويطلق على هذا النوع اسم الرمادي لوجود الشعر الابيض الذي ينمو على فرائها البني الامر الذي يجعلها تبدو ضاربة الى اللون الرمادي. ويكثر هذا النوع من الدببة في ألاسكا وغربي كندا ومونتاجا وواشنطن بالولايات المتحدة.

    أما الدببة الامريكية السوداء فهي من اكثر انواع الدببة شيوعاً ويبلغ طولها ما يقرب من 1،51م، ولذا تعد من أصغر الدببة في امريكا الشمالية حجماً. وليست هذه الدببة سوداء اللون تماما بل ان فراءها أسود وأنفها بني اللون وبها بقع بيضاء على الصدر.

    ومن الانواع المعروفة كذلك الدب الازرق أو الدب الثلجي، ولهذا الدب شعر رمادي مختلط بالأسود الامر الذي يمنحه لوناً مائلاً الى الزرقة وهو يعيش في سلسلة جبال سانت إلياس جنوب شرقي ألاسكا. وهناك ايضا دببة الهملايا أو الدببة الآسيوية السوداء. وهي اصغر حجماً من الدببة الامريكية السوداء. ويطلق عليها كذلك دببة القمر نظراً لوجود شعر ابيض على الذقن وعلامة كبيرة بيضاء على شكل الهلال على الصدر. وفي فصل الصيف تفترش هذه الدببة فروع الاشجار الصغيرة على هيئة عش لتنام عليها فوق الاشجار. وتعتبر الدببة الآسيوية من اكثر الانواع شراسة لأنها تقتل كثيراً من الابقار وصغار الخيول وقد تهاجم الانسان أحياناً وهي تعيش في الغابات والادغال على امتداد جنوبي آسيا وشرقيها. ويقوم الصينيون باصطيادها، حيث يعتقد الكثير منهم ان للحومها وعظامها قدرات خارقة على الشفاء من العديد من العلل.

    الدب القطبي

    ومن انواع الدببة كذلك، الدببة القطبية التي تعد من أمهر الدببة في مجال السباحة وهي أقل حجما من الدببة البنية الضخمة ولها رأس اصغر حجماً إلا ان عنقها أكثر طولاً وأقل سمكاً من معظم الانواع الاخرى. وللدب القطبي وسائد من الفراء في باطن قدمه، مما يساعد على تدفئة القدمين ويمكنه من المشي على الثلج. ويعد الدب القطبي صياداً ممتازاً، وعندما ينهكه الجوع الشديد في الشتاء، فإنه يهاجم الانسان- وتعيش الدببة القطبية في المناطق المتاخمة للمحيط القطبي الشمالي - ومدة حمل الأنثى تسعة أشهر وهي تضع من جرو واحد الى اربعة جراء. ويبلغ طول الجرو عند الولادة 30 سم ويبقى سنتين مع امه كما ويبلغ الابيض نضجه الجنسي بين السنة الثالثة والسنة الرابعة وهو يعمر 34 سنة تقريباً.

    ويكثر الدب الامريكي الاسود في المكسيك وولايتي فلوريدا وتكساس الامريكيتين، وهو يتسلق الاشجار بسهولة، ويمضي فصل الشتاء نائماً، ويأكل الاسماك والنباتات والحيوانات وهو قابل للترويض ويتراوح طوله ما بين 150 سم و180 سم بينما يتراوح وزنه بين 120 كلج و250 كلج أما الدب الاسمر فيعيش في الاجزاء الشمالية من أوراسيا والشمالية الغربية من امريكا الشمالية ويعمر هذا النوع من الدببة ما بين 30 سنة و35 سنة والمشهور انه انه محب للعسل.

    الباندا والخيزران

    ومن أسماء الدب: الفَلْحَس وأبو الجُلاح وأبو جهينة وأبو حُميد وأبو قتادة، والجمع دببة ودباب وأدباب. ويطلق على انثاه الجَهْبَر والجهيزة والدُبَّة والقارة، أما ولده فيسمى الجرو والديسم والهجرس والجيْس في حين يسمى صوته السّحيف والقِهقْاع. ويسمى بيت الدب الجُحْر. وفي الامثال العربية يضرب المثل في الدب في السِّمَن والفطنة ويقال أسمى من دَبُّ وأفطن من دُب.

    وأخيراً يعتبر البعض حيوان الباندا من الدببة ويعيش هذا الحيوان بين اشجار الخيزران في جبال غرب وجنوب غرب الصين ويكسو جسمه صوف ابيض كما يعيش بمفرده إلا في موسم التزاوج. ومن عجائب الباندا انه يقضي مدة تبلغ ما بين 10-12 ساعة في أكل جذوع الخيزران وبراعمه التي تمثل طعامه الرئيسي.

    ويقول خبراء البيئة انه من المحتمل ان ينقرض الدب القطبي في غضون 100 عام بسبب سخونة الارض خاصة وانه اصبح يعاني من تأثير التغيرات الجوية.

    ويعتقد هؤلاء ان جليد القطب الشمالي يذوب بمعدل 9 في المائة كل 10 سنوات ما يعني ان القطب الشمالي قد يكون خالياً من الجليد خلال فصل الصيف في منتصف القرن الحادي والعشرين الامر الذي سيهدد الدب القطبي بالانقراض لاعتماده الكبير على الجليد.




    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #133
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


    ذكرالله تعالى في القرآن الكـريـم 23 نوعا ً من المياه

    لكل منها طبيعتهاالخاصةوهي :
    1ــ الماء المغيض :
    وهو الذي نزل في الأرض وغاب فيها وغاض الماء : قل ونقص .
    قال تعالى : وغيض الماءوقضى الأمرهود 44 .
    2ــ الماء الصديد :
    وهو شراب أهل جهنم
    قال تعالى : من ورائه جهنم ويسقى من ماءٍ صديد .
    إبراهيم 16
    3ــ ماء المهل :
    القطران ومذاب من معادن أو زيت مغلي
    قال تعالى : وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه .
    الكهف 29


    4ــ ماء الأرض :
    الذي خلق مع خلق الأرض
    ويظل في دورة ثابتة حتى قيام الساعة
    قال تعالى : وأنزلنا من السماء ماءً بقدرٍ فأسكناه في الأرض .
    المؤمنون 18 .
    5ــ الماءالطهور :
    وهو العذب الطيب
    قال تعالى : وأنزلنا من السماء ماءً طهورا .
    الفرقان 48 .
    6 ــ ماءالشرب :
    قال تعالى : هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شراب .
    النحل 10
    7ــ الماء الأجاج :
    شديد الملوحة وهو غير مستساغ للشراب قال تعالى : هذا عذبٌ فراتٌ سائغ شرابه وهذا ملحٌ أجاج .
    الفرقان 53
    قال تعالى : ( هذا عذبٌ فراتٌ سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاج)
    فاطر 12
    قال تعالى : لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولاتشكرون .
    الواقعة 70
    8ــ الماء المهين :
    هو الضعيف والحقير ويقصد به منى الرجل لضعف تحمل مكوناته للعوامل الخارجية
    قال تعالى : ثم جعل نسله من سلالةٍ من ماءٍ مهين .
    السجدة 8
    قال تعالى : الم نخلقكم من ماءٍ مهين .
    المرسلات 20
    9ــ الماء غير الآسن :
    وهو الماء الجاري المتجدد الخالي من الملوثات
    قال تعالى واصفاً أنهار الجنة :
    فيها أنهارٌ من ماءٍغير آسن .
    محمد 15
    إضافة :
    معنى الآسن : غير متغير الرائحة ، والآسن من الماء مثل الآجن،
    وقد أسن الماءيأسن أسناً وأسوناً إذا تغيرت رائحته .
    10ــ الماءالحميم :
    حم الماء : أي سخن والماء الحميم : شديد السخونة والغليان .
    قال تعالى :
    وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم .
    محمد 15
    11ــ المـــــــــــــاء المبـارك :
    الذى يحى الأرض وينبت الزرع وينشـرالخيــر .
    قال تعالى : ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جناتٍ وحب الحصيد .
    ق ( 9 ) .
    12ــ المـــاء المنهـمر :
    المتدفق بغزارة ولفترات طويلة من السماءفيهلك الزرع والحرث .
    قال تعالى : ففتحنا أبواب السماءٍ بماءٍمنهمر .
    القمر 11
    13ــ الماء المسكوب :
    الملطف للأرض ويعطي الإحساس بالراحة للعين .
    قال تعالى : وظلٍ ممدود وماءٍ مسكوب .
    الواقعة 30 _ 31
    14ــ الماء الغور :
    الذي يذهب في الأرض ويغيب فيها فلا ينتفع منه .
    قال تعالى : قل أرأيتم أن أصبح ماؤها غورا فمن يأتيكم بماء معين .
    الكهف 41 .
    15ــ الماء المعين :
    الذي يسيل ويسهل الحصول عليه والانتفاع به .
    قال تعالى :فمن يأتيكم بماءٍ معين .
    الملك 30
    16ــ الماء الغدق :
    الماء الوفير
    قالت عالى : وألواستقاموا على الطريقة لأستقيناهم ماءًغدقاً .
    الجن 16
    17ــ الماء الفرات :
    الشديد العذوبة
    قال تعالى :وأسقيناكم ماءً فراتا .
    المرسلات 27
    18ــ الماءالثجاج :

    وهو السيل
    قال تعالى : وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجا .
    النبأ 14 .
    19ــ الماء الدافق :
    قال تعالى : خلق من ماءٍ دافق .
    الطارق 16
    20ــ ماء مــــدين :
    قال تعالى : ولما ورد ماء مدين .
    القصص 23
    21ــ الماء السراب :
    ما تراه العين نصف النهار كأنه ماء .
    قال تعالى : والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء .
    النور39
    22ــ والينابيع :
    الذي يسقط من السحاب فيجري
    في مسالك معروفة
    قال تعالى : ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض
    الزمر 21
    23ــ الماء السلسبيل :
    وهو ماء في غاية من السلاسة وسهولةالمرور
    في الحلق من شدة العذوبة وينبع في الجنة من عين تسمى سلسبيلا
    لأن ماءها على هذه الصفة
    قال تعالى : عيناً فيها تسمى سلسبيلا .
    الإنسان 18


    [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  4. #134
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الكعبه المشرفة حماية المركز، وتوليد محيط

    صورة رائعة لبيت الله الحرام


    نحن جميعا نولد ولدينا ستة اتجاهات اساسية: الأمامي والخلفي، يسار ويمين، فوق وتحت. ويوجد ايضا ثلاثة ازواج التي تشكل الابعاد الثلاثة التي نستطيع ان نقولها مع أعين مغلقة. هذا هو السبب الذي يجعل لدينا ثلاث قنوات شبه الدائريه في الاذن الداخلية، والتي تعتبر مسؤولة عن احساسنا بالتوازن
    و تعلمنا في المدرسة : انه لا يوجد سوى خمسة أجسام صلبه متناظره ممكنة في هذا الكون. الجسم الصلب المتماثل هو الذي يتشكل من الوجوه المتشابهه التي تجتمع بعضها البعض بنفس الزاويه : في الكون بأسره، هناك فقط خمس طرق للقيام بذلك! ناقش أفلاطون ذلك و سميت بالأجسام الأفلاطونية. اليونانيون سموها بحسب عدد الوجوه لديها.
    الاجسام الفلاطونية
    هي الاجسام الرباعية الاسطح، المكعب، المجسم الثماني، الاثناعشري الاسطح، والعشروني الاسطح. وهي اساس كل شيء في العالم المادي. العلماء حديثا يسخرون من هذه الفكره حتى 1980، عندما البروفيسور روبرت في جامعة شيكاغو اثبت ان الجدول الدورى للعناصر – يتكون حرفيا على نفس هذه الأشكال الخمسة! في الواقع، في جميع انحاء العلوم الحديثة للفيزياء والكيمياء، والبيولوجيا، والخلق .
    . يوجد ضمن هذه الاشكال ما يسميه اليونانيون هيكساهدرون (الجسم ذو الأوجه الستة)، وهو باللغه الانكليزيه نسميه كيوب، وباللغه العربية، مكعب او كعبة. من الأجسام الخمسة الافلاطونية الاساسية الصلبه، ليس سوى المكعب الذي له نفس ا لثلاثة ازواج من الاتجاهات التي لدينا : الأمامي والخلفي ؛ اليمين واليسار ؛ فوق وتحت. ومن ثم فمن بين الأجسام الصلبه الاساسية التي تشكل الكون، لدينا مجسم واحد يماثل الطبيعه. البشرية.
    صور لبعض الأجسام المنتناظرة
    لنقم الآن برحلة إلى مكة لإجراء تجربة فكرية : تخيل اننا معلقون في الفضاء في القمر الصناعي مباشرة فوق الكعبة في مكة. افترض أيضا أننا في ليلة وجميع الانوار في العالم مغلقة. الآن ننير الأضواء التي تلمع في باحة المسجد الكبير في مكة الذي تقع فيه الكعبة وأيضا ننير الأضواء من جميع مساجد العالم.
    وهذا ما سترونه : مباشرة أدناه، ستكون هناك نقطة سوداء مربعة من الكعبة المشرفة في مركز ضخم من دوائر بيضاء التي تنبع من المركز مثل موجات. فان الدوائر اللصيقة بالكعبة في حركة مستمرة من حولها، دوائر بيضاء في دوائر بيضاء متواصلة في حركتها. ثم تحيط بها دوائر بيضاء يوجد بينها مسافات بين بعضها البعض. هذه لا تتحرك في حول الكعبة لكنها تميل في اتجاهها وبعيدا عنها و في دوائر أبعد بيضاء توجد نقاط بيضاء غير متحركة التي تشكل دوائر أكبر وأكبر و اكبر من كل المسافات الأخرى.


    صورة لبيت الله الحرام
    ما هي هذه المجموعات الثلاث التي شاهدناها حين تعلقنا في الفضاء فوق الكعبه وما هي الموجات التي تصدر عن الكعبة؟
    المجموعة الأولى الأقرب للكعبة المشرفة هي مجموعة الحجاج الذين يرتدون الملابس البيضاء غيرالمخيطة والذين يطوفون سبع مرات حولها ملبين قائلين :لبيك اللهم لبيك انهم يشكلون المجموعة الاولى من الدوائر المتحركة.
    المجموعة التالية من الحجاج الذين يصطفون في صفوف مصلين، ركع وسجود الى الله في صفة الصلاة. إذا كانت المجموعة الأولى من الدوائر تتحرك على طول محيط ثم هذه الدائرة مجموعة من التحركات على طول نصف قطر، حيث كل عابد، في حركة دائمة من قيام، ثم ركوع ثم سجود، يتحرك نحو المركز ومن ثم يرجع.
    من وجهة النظر هذه في سماء الليل،فاننا سنرى هذه المجموعة الثانية كأنها دائرة بيضاء تنبض تنبسط وتنقبض.
    وأخيراً، لديك الدوائر البعيدة التي تتألف من النقاط البيضاء التي هي مساجد العالم : شرائح دوائر كبرى (هل تعرفون لو أضيئت جميع قبور المسلمين في العالم، وهي ايضا تتراص في موجات منبثقة عن الكعبه المشرفة).

    جميع المسلمين يتجهون في عبادتهم إلى الكعبة المشرفة
    وهكذا، فإن المسجد هو جزء من مركز الدائرة التي هي الكعبه المشرفة. على سبيل المثال مسجد في نيويورك سيكون جزءا من الدائرة التي يمر عبر كندا، ويمر من القطب الشمالي لروسيا، ومنغوليا، الصين، فيتنام، سنغافورة، ومن القارة الجنوبية، وبيرو، وكولومبيا، وكوبا، قبل ان ترجع إلى الولايات المتحدة. دائره تتشكل من خلال ربط المساجد، والنقط البيضاء التي ترى من الفضاء الخارجي مركزها الدائرة الذي هو الكعبة في مكة.
    هذا النظام العالمي الذي يتكون من جميع المساجد في العالم من التوجه الى مركز وحيد هو تناظري هندسي من التوحيد -- عقيده وحدانيه الله وحده. التوحيد هو أساس الإسلام.
    لأكثر من ألف عام إلى الآن، تم اعادة تعريف العالم تبعا لها. في كل مرة مجموعة من المسلمين يتجمعون في الصلاة او بناء مسجد، وفي كل مرة المسلمين يمارسون النوم على الجانب الايمن مع توجيه وجوههم صوب الكعبه المشرفة، في كل مرة المسلم يموت ويدفن دائما نحو الكعبه المشرفة، تتشكل الدوائر العالمية حول مركز مقدس، المؤمنون واجسادهم مع الطوب، تشكل بناء وتراكيب عالمية، هي الأضخم من كل الفنون.










  5. #135
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الأمطار الحامضية
    حسن يوسف شهاب الدين
    أستـاذ فيزيـــــاء

    قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ 68 أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُمِنَ الْمُزْنِ أَمْنَحْنُ الْمُنْزِلُونَ69 لَوْنَشَاءُ جَعَلْنَاهُأُجَاجًا فَلَوْلَاتَشْكُرُونَ 70) سورة الواقعة
    وعَنْ جَابِر عَنْ أَبِي جَعْفَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا شَرِبَ الْمَاء قَالَ " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْبًا فُرَاتًا بِرَحْمَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلهُ مِلْحًا أُجَاجًا بِذُنُوبِنَا" .
    رأيالمفسرين:
    اجمع المفسرون ومنهم(ابن كثير والقرطبي والطبري) في قوله تعالى (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُمِنَ الْمُزْنِ) أن الْمُزْن جمعمُزْنَة وتعني السَّحَاب , وَهَذَاقَوْل اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِدوَغَيْرهمَا . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا وَالثَّوْرِيّ : الْمُزْن( السَّمَاء وَالسَّحَاب) . وَفِي الصِّحَاح : أَبُو زَيْد : الْمُزْنَة السَّحَابَة الْبَيْضَاء وَالْجَمْع مُزْن , ومعنى َالْأُجَاجمِنْ الْمَاء : مَااِشْتَدَّتْ مُلُوحَته وأُجَاجًا في الآية (لَوْنَشَاءُ جَعَلْنَاهُأُجَاجًا فَلَوْلَاتَشْكُرُونَ)قَالَ اِبْن عَبَّاس . الْحَسَن : مُرًّا قُعَاعًا لَا تَنْتَفِعُونَبِهِ فِي شُرْب وَلَا زَرْع وَلَا غَيْرهمَا
    . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد بْن مُرَّة حَدَّثَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق عَنْ جَابِر عَنْ أَبِي جَعْفَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا شَرِبَ الْمَاء قَالَ " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْبًا فُرَاتًا بِرَحْمَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلهُ مِلْحًا أُجَاجًا بِذُنُوبِنَا" .
    من الناحية العلمية
    تعريف: المطر الحامضي
    المطر الحامضي هو المطر الذي يكتسب الصفة الحمضية والتي يمتلكها بسبب ذوبان الغازات الضارة بماء المطر, والمطر النقي بطبيعته حامضياً بنسبة ضئيلة بسبب ثاني أكسيد الكربون المنحل به,والمعامل الذي تقاس به درجة الحامضية للمطر هو)PHكلما كان رقم هذا المعامل أقل كلما كانت نسبة الحموضة في المطر أعلى).
    ويتراوح بصفة عامة في المطر النقي بين(5.5-6)وكل الأمطار التي تحتوي على درجة حموضة بنسبة 5 أو أقل من ذالك تسمى أمطار حامضية.والمصطلح الأكثر دقة هو الترسيب الحمضي والذي يتألف من جزائيين:

    ا-ترسيب حمضي رطب ( (WETويشير إلى المطر الحمضي والضباب والثلج
    2-ترسيب حمضي جاف(DRY) يشير إلى الغازات الحمضية والجسيمات....
    الشكل التالي يبين آلية تشكل الأمطار الحامضية
    - تؤدي الأمطار الحامضية إلى تلف الكثير من النباتات والأشجار ومياه البحيرات والأنهار وكذلك الأراضي وما تحتويه من خيرات، كما تسبب عمليات التآكل في المنشآت الحجرية والمعدنية. ولخطورة هذه المشكلة فقد قدرت خسائر ألمانيا الغربية- خلال عام واحد- حوالي 600 مليون دولار نتيجة إتلاف المحاصيل الزراعية، بسبب الأمطار الحمضية. وهناك دراسات أخرىكثيرة تبين الآثار السيئة للأمطار الحمضية.. التي نشرتها "جامي جيمس " في المجلة العلمية "ديسكفري" تحت عنوان "من الذي يستطيع منع المطر الحمضي؟!". وكتب الكيميائي البريطاني( روبرت سميث) تقريرا من 600 صفحة- ولأول مرة- عام 1872 أشار فيه إلى درجة حموضة الأمطار الحمضية التي هطلت في عام 1872 على مدينة مانشستر، وعزا السبب إلى الدخان المتصاعد من مداخن المصانع. وفي حين لاحظ العالم السويدي( سفانت اودين)في عام 1967 أن الأمطار الحمضية الهاطلة في السويد، كانت حموضتها تزداد بمرور الزمن، أطلق عليها تسمية "حرب الإنسان الكيميائية في الطبيعة"،
    كما وصلت درجة الحموضة في الأمطارالتي هطلت في ولاية لوس أنجلوس الأميركية إلى 3 عام 1980
    وفي بريطانيا إلى 4.5 في عام 1979,وفي كندا إلى 3.8 في عام 1979
    وفي فرجينيا إلى 1.5 عام 1979, وفي اسكتلندا إلى 2.7 في عام 1977
    - أسباب تشكل المطر الحامضي:
    - يتشكل هذا المطر كما ذكرنا من قبل بفعل الغازات التي تنحل في ماء المطر لتكون أنواعاً مختلفة من الأحماض، ومن أنواع هذه الغازات:
    1- غاز ثاني أكسيد الكبريت SO2 2- أكاسيد النيتروجين.NO NO2
    (هذان النوعان لهما الدور الأكبر في تكوين المطر الحمضي)
    3- ثاني أكسيد الكربون.CO2 4- الكلور.CL2
    - والتفاعلات الآتية توضح كيفية تكون هذه الأمطار:
    - يتفاعل ثاني أكسيد الكبريتيد مع الماء ليكون حمض الكبريتيك.
    - SO2+2H2O = H2SO4 +H2
    - تتفاعل أكسيد النيتروجين مع الماء لتكون حمض النتريك.
    - يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الماء ليكون الحمض الكربوني.
    - CO2+H2O = H2CO3
    - يتفاعل الكلور مع الماء ليكون حمض الهيدروكلوريك.
    كيف تتكون الأمطار الحامضية ؟
    تتكون هذه الأمطار من تفاعل الغازات المحتوية على الكبريت و أهمها ثاني أكسيد الكبريتSO2مع الأكسجينO2بوجود الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس وينتج ثالث أكسيد الكبريت SO3الذي يتحد بعد ذالك مع بخار الماء H2Oالموجود في الجو ليعطي حمض الكبريت H2SO4, ويمكن أن يتحد مع بعض الغازات في الهواء مثل النشادر وينتج مركب جديد هو كبريتات النشادر الذي يبقى معلقا في الهواء على شكل رذاذ دقيق تنقله الرياح من مكان إلى آخر وعندما تصبح الظروف ملائمة لسقوط الأمطار فان رذاذ الكبريت ودقائق كبريتات النشادر يذوبان(ينحلان)في ماء المطر ويسقطان على الأرض بهيئة المطر الحمضي وهو غير صالح للشرب والاستخدام البشري نتيجة لشدة مرارته وارتفاع نسبة ملوحته.
    وتشترك أيضا اكاسيد النتروجين NO,NO2مع اكاسيد الكبريت SO,SO2في تكوين هذه الأمطار,حيث تتحول اكاسيد النيتروجين بوجود الأكسجين و الأشعة فوق البنفسجية(كوسيط في المعادلات الكيميائية المعبرة عن التفاعل) إلى حمض النيتروجين .ويبقى مثل غيره معلقا في الهواء الساكن أو يسير مع تيارات الهواء إلى تصبح الظروف ملائمة لهطول المطر لتذوب فيه مكونة الأمطار الحامضية ذات الطعم اللاذع.
    الضباب الدخاني:
    وهو نوع من الضباب لونه غالبا بني ويحدث في المدن الكبرى المزدحمة بالسيارات أو المصانع حيث ينتج من تفاعل أكسيد النتروجين مع الهيدروكربونات بوجود ضوء الشمس تحت ظروف جوية خاصة في الصيف أو الشتاء مواد سامة مثل رباعي الاستيل بروكسين وغاز الأوزون وباتحاد هذه المواد تُكَوِنُ ما يعرف بالضباب الدخاني ,حيث ينحل بماء المطر عند هطوله ليشكل الأمطار الحامضية.
    أثره على الكائنات الحية عامة والإنسان خاصة:
    يتسبب المطر الحمضي والضباب الدخاني في احتقان الأغشية المخاطية وتهيجها والسعال وتلف الأنسجة عند الإنسان ,وتؤثر سلبا على النباتات ذات المحاصيل الموسمية فهي تجرد الأشجار من أوراقها وتحدث خللا في التوازن الشاردي للتربة وبالتالي يضطرب الامتصاص في الجذور والنتيجة حدوث خسارة في المحاصيل وموت الغابات ,وهذا بدوره يؤثر سلبا على الحيوانات العاشبة وبالتالي تتأثر الحيوانات اللاحمة ,وقد لوحظ موت القشريات والأسماك الصغيرة في البحيرات المتحمضة.
    ولابد من الإشارة أن النظام البيئي لا يستقيم إذا حدث خلل في عناصره المنتجة أو المستهلكة أو المفككة.
    كيف نعالج المشكلة؟
    1-تنقية الدخان الملوث قبل أن ينتشر في الغلاف الهوائي 2-وتوعية الإنسان
    3-وإيجاد نظام متطور للرقابة البيئية 4-البحث عن مصادر طاقة لا تترك آثار سلبية على البيئة.
    وجه الإعجاز :
    جاء في الآيات الكريمة وصف ماء المطر النقي بأنه صالح للشرب والزرع ,هذا في قوله عزّ من قائل (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ) وجاء السؤال : من أنزله من السماء عذبا فراتا سائغا شرابه أليس الله الذي خلق كل شيء ويأتي الجواب في الآية التالية بقوله سبحانه(أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ) لو نشأ جعلنا هذا الماء لاذع طعمه شديد الملوحة لا ينفع الأرض ولا من عليها, والإعجاز هنا أن الله قد شاء جعل مياه الأمطار بعد قرون وفي بعض المناطق غير صالحة للشرب ولا حتى للاستخدام كما أسلفت جزاء بما صنعت أيديهم وجحودهم بنعم الله الظاهرة والباطنة حيث قال تعالى(لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) وهذا ما جاء في حديث النبي المصطفى عليه صلوات الله وسلامه في قوله ( الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْبًا فُرَاتًا بِرَحْمَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلهُ مِلْحًا أُجَاجًا بِذُنُوبِنَا) والسؤال الذي يطرح نفسه ؟ من أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمطار الحامضية قبل 14قرنا وكيف علم أسباب تشكلها .










  6. #136
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    إعجاز الكتاب في وصف السحاب
    بقلم الأستاذ الدكتور كارم غنيم
    رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة
    يقول الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)[سورة النور: 34].
    ورد في (غريب القرآن ) أن قول الله تعالى يزجي سحاباً) يعني يسوقه بالرياح، (ثم يؤلفه بينه) : يعني يجمع قطع السحاب، فيجعلها سحاباً واحداً متراكماً ساداً للأفق .
    (الودق) يعني : المطر أو القطر، (يخرج من خلاله) يعني: من فتوقه (من جبال فيها من برد) يعني : كما أن الجبال جمع جبل، من جبال في السماء. وقال عامة المفسرين: إن في السماء جبالاً من برد خلقها الله فيها كما خلق في الأرض جبالاً من حجر.
    وقال أهل المعنى: السماء ههنا الغيم(السحاب) المرتفع فوق رؤوس الناس، والمراد بالجبال كثرتها.. وقبل أن ندخل في جولة بين التفاسير المشهورة، وهي عديدة، لنتعرف على السحاب، وكيف يتكون، وما أنواعه ..
    ومحاولات علماء الفيزياء و الأرصاد الجوية لاستزراع السحب.
    ما هو السحاب؟
    يعرف العلماء السحاب ( Cloud) بأنه بخار الماء متكاثف يتألف من جسيمات (Particales) متكون من قطيرات (Droplets) صغيرة الحجم من الماء السائل، أو بلورات ( Crystals) صغيرة من الثلج، قطر الواحد منها لا يتجاوز عشرة أجزاء من الألف من المليمتر، ولو صُف ألف جسيم منها لم يتعد طوله 1.5 سنتمتر. يقوم الهواء بحمل هذه الجسيمات الدقيقة، فتظل متعلقة في الجو، ويمدها غالباً بتيارات صاعدة(مندفعة في الأسفل إلى الأعلى ).

    ويحتوي الهواء مواد عديدة كالبكتيريا، وأملاح البحار، والأتربة والدخان، والهباب، والغبار، وحتى حبوب لقاح الأزهار، وهي ما يطلق عليها العلماء اسم [ نوى التكاثف Condensation nuclei] وهي مواد يتوفر وجودها في طبقات الجو السفلى، وتتكثف عليها قطرات الماء الصغيرة جداً في السحب، فتزداد أحجامها، ويتألف منها المطر بعد أن تصعد الرياح الحارة المشبعة ببخار الماء إلى طبقات الجو العليا وتتكون منها السحب.

    صورة توضح كيفية تكاثف قطرات الماء الصغيرة حول نوى التكاثف
    وأما المصدر الطبيعي للملح في الجو، فإن الرياح حيت تلطم سطح البحر صباح مساء تحمل رذاذه المحمل بجزيئات الملح إلى الجو، وترتفع في طبقاته، وتعمل كنوى تكاثف في السحب، إضافة إلى الشوائب الأخرى التي أشرنا إلى أهمها من قبل. ومما يذكر في هذا المقام أن جميع السحب التي تغطي سطح الأرض في وقت واحد، لا تحتوي سوى واحد بالألف من ماء الكرة الأرضية.. !!
    كيف يتكون السحاب .. وكيف يتساقط منه البريد ؟؟؟
    لقد أفاض القرآن العظيم في وصف العوامل والأسباب التي تتدخل في تكوين السحب، وهطول المطر، وذلك قبل أن يتوصل العلماء حالياً إلى معرفتها. وأوضح القرآن أن الرياح هي التي تثير السحب وتوزع حملها من الأمطار : (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ
    فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)[سورة الروم].
    كما فرق القرآن بين أنواع السحب، وأوضح كيف يخرج الودق [أي المطر ] من خلال هذا الركام (الذي يشبه الجبال)، وكيف ينهمر البرد من هذا الركام (الذي يشبه الجبال)، وكيف ينهمر البرد من هذا النوع فقط من السحب : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء)[سورة النور:43].
    وكيف يحدث البرق والرعد ؟ وكيف تقوم الرياح بتلقيح السحب؟ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ {22} )[سورة الحجر].
    وأصبح من المعلوم الآن أن السحب تتكون حينما يبرد الهواء، ويصل إلى نقطة الندى( Dew Point)، أو درجة التشبع (Saturation)، فتقل قدرته على حمل بخار الماء (water vapour) فيتحول إلى نقطة ماء، أو إلى بلورات ثلج، حسب درجة حرارة تلك المنطقة من الجو هذا وقد أشرنا إلى أن القطيرات المائية، التي تتصاعد محمولة على متن الريح الصاعدة، صغيرة جداً بحيث لا ترى إلا بالمجهر [ الميكروسكوب]، وخفيفة جداً لدرجة أنها تصعد مع أهدأ تيار هوائي.. وتزداد أحجام هذه القطيرات شيئاً فشيئاً ـ كما أوضحنا من قبل ـ فتكون السحابة في النهاية مشكلة من قطيرات ماء وهواء، ويمثل الهواء النقي أكثر من 99% من مكونات أية سحابة.
    وينزل الماء الطهور العذب بهطول السحابة وهو ما أشار إليه القرآن العظيم في قول الله تعالى وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا) [سورة الفرقان: 48].
    (
    وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا)[سورة المرسلات:27].

    نعم وذلك لأن أشعة الشمس بما فيها من أشعة فوق بنفسجية (Ultraviolet) وأشعة تحت حمراء ( infrared) وغاز الأوزون ( Ozon) ولأن البرق، ولأن المركبات الكيميائية المختلفة الموجودة في طبقات الجو العليا، تقوم هذه وتلك بقتل الميكروبات، وإعدام الأحياء الدقيقة الضارة التي تحملها الرياح عادة وتدخل بها في السحب، وبالتالي ينزل المطر بماء طاهر نظيف خال من الجراثيم والميكروبات، وهي الكائنات التي لم يعرفها الإنسان إلا بعد أن أكتشفها العالم الفرنسي " باستير" في القرن التاسع عشر الميلادي ( أي بعد نزول القرآن بنحو أثني عشر قرناً ميلادياً) .
    وماء المطر عذب " فرات"، فبالرغم من أن ما صعدت به الرياح وكونت به السحب، إنما هو ماء مالح من البحار والمحيطات ، فإن الله سبحانه هيأ الأسباب لإزالة ملوحته أثناء عملية البخر الطبيعي !!! أليس هذا إعجاز للكتاب في وصف السحاب ؟ ! بل إنه كذلك، وسوف نزيد ذوي الألباب من الكثير في هذا الباب .
    لدينا أربعة نصوص قرآنية تشرح ـ بالتفصيل ـ جوانب مهمة في السحب والمطر هي :
    (1)(لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)[سورة النور:43].
    (2)(اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)[سورة الروم].
    (3) ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ {68} أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ {69} لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ{70} أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ )[سورة الواقعة:68_70].
    (4)(إنَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِوالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ ِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَامن كل ِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[سورة البقرة:164].
    هذه نصوص قرآنية سنرجع إليها كثيراً، لذلك أثبتناها هنا، وفيما يلي نعرض ما نريد أن نوضح به جوانب فيها كل الناس (حتى القرن السابع عشر الميلادي) يعتقدون بأن السحب عبارة عن هواء بارد سميك، إلى أن ظهر " ديكارت" وقال بأن الهواء وبخار الماء شيئان مختلفان، ولكن القرآن العظيم حين نزل (في القرن السابع الميلادي) فرق بين الرياح والسحب، وبين الدور الذي تقوم به الرياح في تكوين السحب وإنزال المطر والبرد منها.
    وكلما اكتشف العلماء حقيقة علمية أو توصلوا إلى معرفة أسرار حدث كوني أو أمر طبيعي، ثم طالعنا آيات القرآن العظيم، وجدناها قد أشارت إليه، أو ذكرته، أو شرحته، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. وهكذا يظهر القرآن على غيره مما يحاول الحاقدون أن يتشبثوا به ... وهكذا يظل هذا الكتاب المجيد متجدداً ومستمر العطاء ودائم الإبهار لجميع الدراسين له..
    ومنذ مدة لا تزيد على 200سنة فقط، قام " لوك هوارد " بوضع تقسيم السحب، ولا يزال يعمل به المتخصصون إلى الآن، وذلك حسب الشكل والسمك والارتفاع، ويتضمن ثلاثة أنواع:

    [1] السحب العالية:يتراوح ارتفاعها بين 8 ـ 14 كيلومتر، حيث الجو شديد البرودة، ويسمى السحاب الموجود على هذه الارتفاعات (سمحاق) وتقابله اللفظة الأجنبية " سيرس Cirrus" أي : ريشية الشكل، كذيول الخيل.
    ويظهر السحاب في السماء كالشعر الأبيض في مساحات واسعة، ويظهر مع الشمس في شكل هالة، ويتألف من بلورات ثلج صغيرة منفصلة عن بعضها البعض، ولونه أبيض نهاراً وردي صباحاً وعند الغسق (Dusk)، ويعقبه حدوث تقلبات جوية وأعاصير، ومنه سمحاق طبقي، وسمحاق ركامي.
    [2] السحب المتوسطة :يترواح ارتفاعها بين 2_5 كيلومترات، وتسمى (السحب الركامية)، وهي تقابل اللفظة الأجنبية " كيوميولس Cumulus "ويبدأ تكون هذه السحب في فترة الضحى أو قبيل العصر، ويزداد نموها رأسياً مع اقتراب المساء، وترتفع حتى يصل سمكها إلى 5 كيلومترات .
    ويصحب هذه السحب حدوث عواصف واضطرابات جوية، كالرعد والبرق، وخصوصاً مع بداية هطول المطر منها، وقد يصحب هذا المطر سقوط (برد) ..
    تتنوع السحب الركامية إلى: سحب بيضاء وسحب ممطرة، وغيرها.
    ويتألف السحاب الركامي من ثلاث طبقات، بعضها فوق بعض هي :
    أ ـ منطقة عليا :وتحتوي بلورات ثلجية ناصعة البياض.
    ب ـ منطقة وسطى:وتحتوي خليطاً من نقطة الماء الزائدة البرودة (over cold)، وبلورات الثلج المتساقطة من أعلى (بفعل الجاذبية الأرضية (Gravity).
    ج ـ منطقة سفلى:وتحتوي على نقطاً من الماء أو بلورات من الثلج على أهبة الاستعداد للسقوط إلى الأرض، ولونها معتم غير منفذ للضوء .
    [3] السحب المنخفضة:لا يزيد ارتفاعها على 600متر فوق سطح الأرض، وتسمى (السحب الطبقية) أو (السحب البساطية )، وتقابل بالأجنبية (Stratiform Clouds)تتكون هذه السحب في الجو المستقرن ولا يصاحبها حدوث عواصف رعدية، أو سقوط برد، ولذلك يرحب بها الناس عادة.
    والسحب الممطرة (المزن) في جو الأرض قليلة إذا قوبلت بالسحب غير الممطرة، وهي كثيفة قاتمة، وليس لها شكل معين، وحوافها مهلهلة، وينهمر منها المطر أو الثلج بصفة مستمرة.
    والسحاب الثقال ذكره القرآن بقول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)[سورة الرعد:12].
    وبقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ لرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ لثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأعراف:75].
    وهذا السحاب الثقال نمط من السحب، يرتفع غلى 20 كيلومتراً عن سطح الأرض، ويصل قطره إلى 400كيلومتراً، وحمولته 500طن من الماء، ومحتواه الحراري يكفي لسد حاجيات دولة كبرى كالولايات المتحدة من الكهرباء، لثلث ساعة تقريباً .
    ويسقط المطر على سطح الأرض وسطح البحار والمحيطات، فيعيد ما سبق أن أخذته الرياح منها، من ماء وطاقة حرارية، ثم امتصاصها بالتبخير إلى طبقات الجو العليا، ثم يمتص الماء والطاقة الحرارية مرة أخرى، ثم يعيدها المطر مرة أخرى، وهكذا في دورة مستمرة، عبر عنها القرآن المجيد بقول الله تعالى : (والسماء ذات الرجع) .
    نعود إلى النصوص المذكورة صدر هذه المقالة، ففي النص القرآني الأول يوضح المولى جل جلاله أنه يزجي، أي :"يسوق" قطع السحاب برفق نحو بعضها البعض، ثم " يؤلف بينه" أي : يتم التجاذب فيما بينها نظراً لاختلاف شحناتها الكهربائية .
    وهكذا فإن الفعل : يؤلف يشير غلى التجاذب الكهربائي بين السحب الركامية. وأما كيف تتراكم الشحنات المتشابهة مع بعضها البعض في مكان واحد، فغير معلوم على وجه الدقة حتى الآن، فقد تكون السحابة الركامية مثلاً موجبة الشحنة عند القمة، ثم سالبة الشحنة في وسطها، ثم موجبة الشحنة عند قاعدتها، ثم تولد هذه الشحنة شحنة أخرى سالبة تحتها ... وبذلك فإن الفعل " يؤلف " المذكور في الآية يفيد التأليف بين السحاب ـ ضمن إفاداته الأخرى ـ من حيث الشحنات الكهربائية، أي : تجميع الشحنات المتشابهة والمختلفة داخل السحابة الركامية الواحدة والجملة القرآنية ( ثم يجعله ركاماً ) تعني أن الله يهيء الظروف لتراكم قطع السحب فوق بعضها البعض فتصبح " ركاماً " ويشبه الجبال، ولذلك جاء في نفس الآية القرآنية قول الله سبحانه : (وينزل من السماء من جبال فيها من برد )
    فالسحب الركامية ضخمة وعالية ومتراكبة، أي أنها متراكمة في أحجام الجبال، كما عبرت الآيات القرآنية المعجزة .
    نصل كلامنا بالفقرات السابقة، ونواصل تناول تعبيرات وجمل وكلمات الآيات الواردة في النصوص القرآنية التي صدرنا بها الحلقة المذكورة، لنرى قول الله تعالى: (فترى الودق يخرج من خلاله ) يعني المطر ذي القطرات الكبيرة تهبط من الفتوق التي تحدث بالتراكم من هذه الجبال، أي : الجبال السحبية. وأما " البرد " الذي جاء ذكره في قول الله تعالى : ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) فقد تكلمنا عن نشأته آنفاً، وعلينا الآن أن نعرف آثاره المدمرة، إذ يسقط في شكل حبيبات ثلجية كروية، تتكون من طبقات شفافة ومعتمة، تشبه البصلة، ويصل وزن الواحدة رطلاً وثلث الرطل.
    وقد حدث أن سقط البرد في نبراسكا في يوليو 1928م وسقط في كانساس في سبتمبر 1970م، وكانت حبات البرد حين تسقط تسبب خسائر اقتصادية خطيرة أحياناً، فلقد خسرت الولايات المتحدة في إحدى الفترات ما قيمته 300مليون دولار بسبب سقوط البرد على البلاد.
    وهكذا يتبين من هذه الجزئية : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءوَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)كيف أن القرآن العظيم سبق العلم الحديث بإشارته إلى أن السحاب الركامي هو النوع الوحيد من السحب الذي ينزل منه (البرد) .
    أما الجزئية التي أعقبت تلك الجزئية في نفس النص القرآني فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ) تفيد بأن الله يصيب بالبرد أناساً، ويقي آخرين منه، أي أن تأثيره محلياً وليس عالمياً، بل وقد يكون في البلد الواحد حقل يسقط عليه البرد وحقل آخر لا يسقط عليه. ومن نافلة القول إن التنبؤ بموعد سقوط البرد أمر غير متاح بدقة حتى الآن ...!!

    وأما الجزئية الأخيرة في هذا النص الكريم، فتتحدث عن " البرق " وهو حدث فيزيائي ينشأ كشرارة في الجو نتيجة مختلفتين، فإذا تم هذا التفريغ بين سحابة وبين جسم موجود على سطح الأرض (كجبل أو شجرة مثلا) سمى الناتج عن هذا التماس [صاعقة] .. وعند حدوث
    التفريغ الكهربائي يرتفع فوق الجهد لدرجة تجعل الهواء موصلاً للكهرباء لأن ذراته قد تأينت فتمر الشرارة ويحدث البرق في زمن قليل قد لا يتعدى جزء من الثانية ...
    والرعد يصاحب " البرق " وذلك لأن درجة حرارة شرارة البرق تصل إلى أكثر من 1000درجة مئوية، فيسخن الهواء ويتمدد وتحدث الفرقعة المدوية. وإذا نظر الإنسان في وجه البرق الشديد الضياء فإنه لا بد وأن يصاب بالعمى المؤقت، لذلك قال الله في نفس الآية القرآنية : (يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار)، ويشير النص القرآنية: (يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار)، ويشير النص القرآني الذي أثبتناه في الفقرة السابقة [الآية 48 من سورة الروم] إلى تكوين السحب البساطية، وكيف أنها تكون (كسفا) أي : طبقة رقيقة فوق طبقة رقيقة، أي كتلة أفقية تنمو دائماً أفقياً وليست رأسياً (كما هو الحال في السحب الركامية) .
    وأما النص الثالث[ الآيات 68ـ 70من سورة الواقعة ]، فيشير إلى السحب الممطرة باللفظ "المزن "، وكيف أن الله أنزل الماء الصالح للشرب للمخلوقات الحية من هذه السحب الممطرة، وأنه قادر على جعله ملحاً أجاجاً بدل أن يجعله عذاباً فراتاً .
    ونصل سريعاً إلى النص القرآني الأخير [ الآية 164من سورة البقرة]، وهي نص جامع شامل للعديد من الأمور الكونية والأحداث الطبيعية، ثم يختم المولى جل جلاله هذا النص بإظهار الحكمة من إيراده، وهي أن الله خلق وصنع وقدر وأحكم كل الظواهر والأشياء لكي يتفكر الإنسان فيها ويتدبر عظمة الخالق جل جلاله .. ونمر سريعاً مع هذا النص الكريم لنفهم بعضاً مما ورد فيه:
    [1] (إن في خلق السماوات والأرض]، أي في إبداعها وإبداع الدقة والإحكام فيهما، والسموات والأرض هما الكون كله ـ عموماً ـ بما فيه من أجرام فلكية، وليس المدلول اللفظي للكلمات فقط، وذكر هما يدل أيضاً على ما بينهما من مخلوقات.
    [2] (واختلاف الليل والنهار)أي : حدوثهما وتعاقبهما وعدم تساوي مدتيهما يومياً . ويدل هذا ضمناً على دوران الأرض حول محورها أمام الشمس . ولا شك أن طول كل منهما يختلف في المكان الواحد من فصل إلى آخر، كما يختلف طول كل منهما في الفصل الواحد حسب خط عرض المكان.
    [3] (والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس).
    وفي هذا إنعام من الله على الإنسان، أن خلق لخدمته ظاهرة الطفو على سطح الماء، ليركب الإنسان السفن، ويتنقل هنا وهناك ويدير حركة التجارة البحرية وغير ذلك من شئون الحياة.
    [4] (وما أنزل الله من السماء من ماء)،هو المطر، والمطر هو المصدر الأساسي لماء الأرض، وهو ـ في الأحوال الطبيعية العادية ـ عذب فرات صالح للشرب.
    إذاً (فأحيا به الأرض بعد موتها ) وإحياء التربة هو إنباتها للنبات، فيظهر لها رونق وجمال ونضرة، وتدب الحياة فيها وعليها.
    [6] (وبث فيها من كل دابة)،لفظة " بث " تعني فرق ونشر ووزع، والدابة هي كل ما يدب على الأرض وأغلب استعمالها في اللغة لحيوانات الركوب والأحمال.
    [7] (تصريف الرياح)يعني توجيهها وتيسيرها وتوزيعها بقدرة الله، وقد شرحنا هذا في حلقة سابقة.
    [8] (والسحاب المسخر بين السماء والأرض)أي : السحب التي تسير وفق إرادة الله فهي مسخرة في نشأتها وفي حركتها وفي وجهتها، تبعاً لإرادة الله، إذ لو بقي السحاب معلقاُ في الهواء لكثر وتعاظم وزادت أحجامه واتسعت مساحاته وحجب ضوء الشمس عن المخلوقات، وفي هذا ضرر شديد، وإذا تكاثر السحاب ودام لاستمر هطول الأمطار وغرقت الأرض، وفي هذا أيضاً ضرر شديد .
    لكن الله يسوق الرياح فتحرك السحاب وتقوده إلى حيث يشاء الله، وينزل منه المطر في الوقت والمكان اللذين تحددهما المشيئة الإلهية، التي شاءت أيضاً أن ينزل هذا القرآن هداية للناس ومنهاجاً لصلاح دنياهم وآخرتهم .










  7. #137
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الزمن بين العلم والقرآن


    د / منصور محمد حسب النبي رحمه الله

    أستاذ الفيزياء بكلية البنات جامعة عين شمس والرئيس
    الأسبق لمجلس إدارة جمعية الإعجاز العلمي في القاهرة
    الحياة محدودة بالأبعاد الثلاثة المعروفة (الطول والعرض والارتفاع)، ونحن دائماً نقيس الأمور بعقولنا وحواسنا التي نشأت منذ مولدنا في عالم تحدّه هذه الأبعاد الثلاثة، ولن نستطيع أن ندرك البعد (الرابع) الزمني إلا إذا انتقلنا إلى عالم آخر ذي أبعاد أكثر، وفي هذه الحالة ـ فقط ـ نستطيع أن نطلع على الماضي والحاضر والمستقبل.
    ولتوضيح ذلك، فإننا نتحرك أثناء النوم بعقولنا ومشاعرنا في أبعاد أخرى غير التي نعرفها في اليقظة، فمن الناس من يرى في نومه أحداثاً قد تتحقق بعد ساعات وأيام أو شهوراً ..
    فأين كنا أثناء النوم ؟
    وفي أي بعد كان عقلنا الباطن يتجول؟ .
    من المؤكد أننا لم نكن أثناء النوم موتى، ومع ذلك كنا غائبين بوعينا غير شاعرين بأجسامنا، وبذلك كنا ميتين بالنسبة لهذا العالم، ولكننا أحياء أثناء النوم لنتجول بأحلامنا في عالم غير محدد بالأبعاد الثلاثة، بل ربما كنا نمر بتجربة أبعاد أربعة، أو أكثر، فنرى بعض أحداث الماضي ماثلة أمامنا بالرغم من أنها قد أنقضت، أو قد نرى أحداثاً لم تحدث بعد وإذا بها تحدث في المستقبل، وكأنما مشاعرنا تنطلق بدون حدود أثناء النوم في الزمان والمكان دون أن ندري ...!!!
    وربما ينطلق هذا الشعور أثناء اليقظة، فيرى بعض الناس أحداثاً قبيل وقوعها، فهل معنى هذا أنهم يعيشون في بعد رابع للحظة من الزمن. وليس البعد الرابع الزمني نهاية مطاف الأبعاد.. بل هناك بعد خامس وبعد سادس وبعد سابع ... الخ ..
    وهذه الأبعاد الجديدة لا نستطيع أن نتخيلها إلا إذا فهمت نملة (مثلاً ) نظرية النسبية لأينشتين التي يستعصي فهمها على البشر أنفسهم ..!
    والموت هو الطريق الوحيد الذي سيحررنا من عالم الماديات (المحكوم بالأبعاد الثلاثة ) إلى عالم الروحانيات، حيث نستطيع أن نخلق في الكون، ونطلع على كل أبعاده، فنرى ما لا عين رأت، ونسمع ما لا أذن سمعت، ونشعر بما لا يخطر على قلب بشر، مصداقاً لقوله تعالى : (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) [سورة ق]..
    حقاً إن الروح قبس من نور الله لا تعترف بحواجز الزمان والمكان.
    ونحن في حياتنا في الدنيا نعتبر الكون المحسوس بداية الزمان. والآن نسأل : هل هناك زمان قبل هذا الزمان وهل هناك زمان بعده؟ يقول ابن رشد: إن ظواهر بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة تؤكد وجود زمان قبل خلق هذا الكون المحسوس، كما يدل عليه قول الله تعالى : (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء)[سورة هود :7].
    وظاهر الآية هنا يقتضي وجوداً ـ قبل هذا الوجود الفيزيائي، ويقتضي زماناً قبل هذا الزمان! وكذلك ما أخرجه البخاري في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض).
    وهناك آيات قرآنية أخرى ـ تكررت كثيراً ـ تتحدث عن هذا الزمن الغيبي الذي سبق خلق السماوات والأرض، كما في قول الله تعالى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ) [يونس: 3].
    وهذه الآية تفيد ضمناً أن خلق العرش متقدم على خلق السماوات والأرض في الزمن، كما يتضح أيضاً من الآية السابقة في سورة هود. وهناك إبهام في جميع الآيات بالنسبة لمدة زمن خلق العرش والماء !!
    وإذا استعرضنا آيات القرآن الكريم، فإننا سوف نستنتج أمثلة للزمن فيما يلي :
    أولاً : الزمن العرش :وهو الزمن الذي يواكب وجود العرش والماء.
    ثانياً : زمن خلق السماوات والأرض:وهو الزمن أو المدة التي واكبت خلق الكون المحسوس، والمعبر عنه في القرآن الكريم بستة أيام .
    ثالثاً : زمن العروج :وهو الزمن الدال على السرعة العظمى التي يعرج فيها الأمر إلى ا لله، أو تعرج الملائكة فيها إلى الله عز وجل، كما يتضح من الآيتين التاليتين : (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)[السجدة]، (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) [المعارج] .
    رابعاً : زمن الآخرة:
    وهو المدة التي تستغرقها مواقف الآخرة، مثل الحشر والميزان والمرور على الصراط والحساب.. وغير ذلك، أو المدة التي يقضيها الإنسان في الجنة أو النار، والتي نطلق عليها (مدة الخلود). وقد نسأل: ما هو مقدار زمن الخلود؟ هل هو زمن دائم لا ينقطع ؟ أم له مدة محددة من علم الله ؟ وهل إذا قلنا بأنه زمن دائم، فهل يكون حينئذ مشارك لله تعالى في أبديته؟
    يقول تعالى في آيات كثيرة من القرآن عن زمن الخلود .. خالدين فيها أبداً (22)) [التوبة]. (.. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) [هود].
    وقد يتعرض بعض الناس على الخلود مستدلين بقول الله تعالى : (كل شيء هالك إلا وجهه.. ) [القصص، وقوله : (وأحصى كل شيء عدداً) [الجن].
    وبرى بعض المفسرين أن خلود الجنة والنار خلود حادث بإيجاد الله له وأن مدته متجددة دوماً، ومحاطة بعلم الله عز وجل ومشروط بدوام السماوات والأرض وبإرادة الله عز وجل، ومعنى هذا أن خلود الآخرة غير مشارك الله تعالى في صفة قدمه وبقائه، والله أعلم .. وعموماً، فإن هذه الأزمنة الأربعة للعرش والكون والعروج والآخرة جميعاًَ مخلوقة لله عز وجل، وعلمها عنده سبحانه، وما نحن إلا مجتهدون من أجل الوصول للحقيقة.
    الزمن النفسي والزمن الافتراضي:
    أ‌)الزمن النفسي:
    يجمع الفلاسفة والشعراء على أن الزمن يمر سريعاً في أيام السعادة وبطيئاً في أيام الشقاء، ولقد مررنا جميعاً بهذا الشعور، وكأنما الزمن يسرع أو يكاد يتوقف، وكلما اقتربنا من شلالات الموت حيث تتساقط مياه نهر الحياة، فإننا نشعر بأن الزمن يمر سريعاً، وأن تياراته تجرفنا بعنف، وكأنما الزمن شيء مندفع يسري ولا يتوقف أبداً.
    والإحساس النفسي بالزمن يختلف عن الزمن الفيزيائي المرتبط بالمكان ويعتبر الفيلسوف (هنري برجسون) الزمن النفسي وكأنه الزمن الحقيقي والديمومة الواقعية، وهو الزمن الذي تستشعره النفس البشرية حينما تسبح بخيالها لتشاهد إحساساتها وذكرياتها ولذاتها وآلامها ورغباتها، وهو زمان تتجدد لحظاته مدى الحياة، ولا صلة له بالمكان، لأنه معبر عن الحياة الشعورية.
    ولقد بلغ (برجسون) في الاهتمام بالزمن الشعوري، أو الزمن السيكولوجي، وأهمل تماماً الزمن الواقعي الفيزيائي المرتبط بالمكان. ولكن (ألكسندر) يقرر أن المكان والزمان الشعوريين جزء من المكان والزمان الفيزيائيين، ويرى (ابن سينا) أن الزمان يتوقف على النفس! ورغم اختلاف وجهات النظر نستطيع أن نعرف الزمن النفسي بأنه (الزمن الذي يعاينه كل إنسان شعورياً، ويختلف تقديره من شخص إلى آخر، على حسب حالته النفسية) وهذا الزمن ليس معزولاً عن العلاقة الخارجية، وتعبير عن مدى استجابة الفرد لها وتأثره بها.
    ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الزمن النفسي ضمن إشارته إلى حالات نفسية وفردية أو جماعية من الفرح والسرور أو الهم والحزن، أو الخوف أو الفزع. وكلها حالات لا يقاس فيها الزمن العادي إذا أن الزمن الوجداني هذا قد يقصر ويتقلص حتى كأنه برهة’ كما في لحظات الأنس والسرور، وقد يطول حتى كأنه دهر، كما في لحظات الخوف والانتظار، ونجد إشارة إلى هذا في قول الله تعالى (تعبيراً عن السعادة بيوم فتح مكة ): (إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفوجاً * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً )[ القصص ].
    وقوله تعالى لوصف ساعات الهزيمة) .
    (.. وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.. )[ الأحزاب].
    حقاً إن لحظات الحزن تمر وكأنها دهر كامل، بعكس لحظات السعادة التي تمر كلمح بالبصر!!
    ب‌)الزمن الافتراضي:
    هو الزمن الذي يفترضه الذهن وليس له وجود خارجي أو واقع محسوس.
    ولقد أشار القرآن الكريم بإمكانية حدوث مثل هذا الزمن الافتراضي بقدرة الله المطلقة، إذ يقول سبحانه :(قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون * ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون )[القصص].
    تشير هذه الآيات إلى أن الله قادر على إيقاف دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس، وفي هذه الحالة سيعيش بعض الناس في نهار سرمدي، فينعدم الإحساس بمرور الزمن، لعدم تعاقب الليل والنهار في هذه الحالة، وبهذا فإن النهار السرمدي والليل السرمدي يمثلان زمناً افتراضياً قد يحدث بقدرة الله تعالى إذا توقفت الأرض عن الحركة. كما توضح هذه الآيات نعمة الله في حركة الكون وتعاقب الليل والنهار من جهة، كما أنها تبين طلاقة القدرة الإلهية من جهة أخرى، فهو سبحانه يستطيع أن يحول الحياة إلى ليل أو إلى نهار سرمدي بالأمر الإلهي (كن فيكون).
    الأمر الإلهي المشمول بالنفاذ الفوري:
    نعلم أن كلمة (الآن) في الزمن الفيزيائي ليست تعبيراً للحظة وهمية للفصل بين الماضي والمستقبل، وإنما هي لحظة لها وجود حقيقي ينسب إليها كل أعمالها الحاضرة في هذه الدنيا، أما كلمة (الآن) في الأمر الإلهي (أمر الكينونة) فقد جاءت آيات قرآنية عديدة تشير إليه، كما في قوله تعالى: ( بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون )[ البقرة]. (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) [مريم]. (والله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير) [ النحل].
    وبالنظر إلى هذه الآيات الأربع: نجد أن الثلاث الأولى منها تتحدث عن تلك اللحظة الزمنية التي يفترضها الذهن واقعة بين الأمر والكينونة، أما الآية الرابعة فإنها تتحدث عن لحظة النهاية الزمنية التي يأبى العقل إلا أن يفترض وجودها بين الأمر والفناء، ولقد اختلف العلماء حول المدة الزمنية المنحصرة بين الأمر والكينونة، أو بين الأمر والفناء، هل هي موجودة أم غير موجودة، وأعتقد أن الأمر الإلهي في الكينونة أو الفناء هي آن افتراضية لا وجود لها إلا في الذهن البشري، لأن الله تعالى لا يأمر شيئاً إلا وهو موجود، ولا يكون الشيء موجود إلا وهو مأمور بالوجود، وبهذا فإن قضاء الأمر الإلهي لا يقدر بزمن أي لا يوجد وقت بين الأمر والكينونة، أو بين الأمر والفناء.
    وقد أشارت آية النحل إلى هذا المعنى حينما ذكرت أن لحظة الآن التي هي بين الأمر والفناء تمتد بين أصغر جزء، المعبر عن بلمح البصر، وبين جزء أصغر منه لا يمكن قياسه فيزيائياً، إذ أنه مجرد افتراضه ذهني فقط ليس له حقيقة موضوعية، وهو المعبر عنه بقول الله سبحانه (أو هو أقرب).
    ولقد استعمل القرآن كلمة (الحين) كثيراً بدلاً من كلمة (الآن) ليدل على أصغر وحدة زمنية، ولننظر إلى قول الله تعالى إذا بلغت الروح الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون* ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )[الواقعة].
    والحديث هنا عن اللحظة الزمانية الحاسمة التي تبقى للروح إن نقطعها بعد أن وصلت إلى آخر الحافة بين العالم المحسوس (الحلقوم) وأول عتبة من عالم الغيب المكنون.
    وهذه هي بالضبط اللحظة التي لا أبعاد لها ولا يمكن أن يكون لها تقدير في معايير العالم المحسوس، وذلك لأن سرعة الروح غير معروفة، ولأن الحد الفاصل بين عالم الحس وعالم الغيب غير معروف. ولهذا صورت الآية حيرة الجالسين بجوار المحتضر وهم لا يدرون ماذا يفعلون، ولا يملكون من الأمر شيئاً.. وبهذا يكون (الحين) أو (الآن)، أي أمر الكينونة وأمر الفناء عند الله جزءاً زمنياً ليس له وجود في الزمن الفيزيائي، وإنما وجوده ذهني فقط وحقيقة علمه عند الله تعالى .
    الله محيط بالمكان والزمان
    عرفنا أن للكون بداية من عدم، ونهاية إلى عدم، وهذا في حد ذاته إثبات لوجود الله وقدراته اللانهائية.
    يقول أديموند ويتيكر: (ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض وجود مادة وطاقة قبل الانفجار العظيم)، وإلا فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها ؟ والأبسط أن نفترض الخلق من العدم بمعنى إبداع الإرادة الإلهية للخلق من العدم، علماً بأن هذه الصورة لا تكتمل إلا بوجود الإله ) .. لأن شيئاً ما لابد أن يكون موجوداً على الدوام؟ هذا الشيء غير مادي (لأن المادة لها بداية) .. ولابد للمادة أن تكون من خلق عقل أزلي الوجود.. هذا الكائن، وهذا العقل الأزلي، هو الله ...
    إن اكتشاف بداية الكون وتوقع نهاية له سوف يؤدي حتماً إلى الإيمان بوجود الله، والعلم اليقيني يؤكد وجود الله على هؤلاء الكفار الدهريين الذين اعتقدوا الكون مستقراً بلا بداية ولا نهاية، أي الكون المستقر الأزلي الدائم Steady state universe.
    نحن نعلم أنه لو كان الكون أزلياً ـ كما اعتقد البعض قديماً ـ لما بقيت في الكون حياة ولما بقي إشعاع ذري أو إشعاع خلفية الكونية، ولفقدت النجوم كل طاقتها، منذ زمن بعيد. ويرد القرآن على أمثال هؤلاء الملحدين الدهريين، أصحاب مذهب الكون الأزلي بقول الله تعالى : (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) [ الجاثية].
    وهناك فرضية أخرى طرحها بعض العلماء تجنباً لافتراض حتمية بداية الكون ونهايته ـ تدعى (نظرية الكون المتذبذب أزلياً )، أي : انفجار ـ تمدد ـ انكماش ـ انسحاق، ثم انفجار جديد لتتكرر الدورة ) فلا بداية ولا نهاية، بل دورات أزلية من التمدد والانكماش.
    وهذه النظرية عليها تحفظات كثيرة، كما يقول الفيزيائي بلودمان: إن عالمنا لا يمكن له أن يتكرر في المستقبل، ونحن ندرك الآن أن أي كون مغلق، كعالمنا، لا يمكن أن يمر إلا بدورة واحدة من دورات التمدد والانكماش وذلك بسبب ضخامة الأنتروبيا (القصور الحراري) المتولدة في كوننا، الذي هو أبعد ما يكون عن التذبذب.
    وسواء كان الكون مغلقاً أو مفتوحاً، مرتداً أم متمدداً على وتيرة واحدة، فإن التحولات غير المعكوسة في أطوار الكون تدل على أن لهذا الكون بداية ووسطاً ونهاية محددة. كذلك فإن نظرية (الكون المتذبذب) لا تنسجم مع (النسبة العامة )، ومن هنا يخلق (جون ويلر) إلى أن عملية انكماش كبيرة وهائلة وواحدة من شأنها أن تنهي الكون إلى الأبد بانهيار واحد!! وبذلك ندرك أنه عندما يحدث انهيار بالجاذبية في المستقبل فسنكون قد وصلنا إلى نهاية الزمن، وما من أحد قط استطاع أن يجد في معادلات النسبية العامة أدنى حجة تؤيد القول بعملية تمدد أخرى جديدة، أو بوجود كون متذبذب، أي دورات أزلية، أو شيء آخر سوى النهاية، ولا شيء غير النهاية .. وسبحان الله فالعلم الصحيح قبس من أنور القرآن.
    ويقول الله تعالى عن الانكماش الكوني المتوقع في المستقبل : (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) [الأنبياء].
    أي : انتظروا يوماً ينطوي فيه الكون بسماواته وأرضه تماماً كما يطوي الكاتب الصحف والكتب ليعود الكون بالانسحاق العظيم إلى حيث بدأ .. هذا الانسحاق واضح أيضاً في قول الله تعالىوحّملت الأرض والجبال فدكتا دكةّ واحدة )[ الحاقة].
    وقوله سبحانه وتعالى:(ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً )[ طه].
    ويكرر القرآن الكريم التأكيد على هول هذه اللحظة، التي يسميها العلماء " الانسحاق العظيم" (Big Crushويسميها الله : الساعة والحاقة والصاخة والطامة الكبرى والقارعة وكلما تقرع الأذن وتهز القلوب والوجدان من هول يوم يتبدل فيه الكون.. كما في قوله تعالى : (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار)[إبراهيم ].
    والله قادر على إعادة خلق الكون، كما قوله تعالى: (.. إنه يبدأ الخلق ثم يعيده .) [يونس].
    ويتساءل العلماء: هل سنلاحظ إزاحة زرقاء في طيف المجرات بمجرد بدء الانكماش في المستقبل ؟ .. والجواب : نعم. فهذه الإزاحة علامة فيزيائية من علامات القيامة. ويتساءلون أيضاً، هل تستحيل الحياة في طور الانكماش مستقبلاً لأن الظروف لن تكون ملائمة لوجود كائنات حية، حيث تكون كل النجوم ميتة وقد انتهى وقودها وتحولت إلى أجرام متكورة كالثقوب السوداء؟
    وهل (على سبيل الخيال العلمي ) سيموت الناس قبل أن يولدوا في زمن معكوس عند الانكماش؟ .
    وهل ستعود الكواكب المكسورة لتجمع نفسها المضاد، أي كلما ازداد الكون انكماشاً؟
    وغير ذلك من أسئلة مثيرة (1).
    والجواب المنطقي والعلمي، في رأي ـ أن هذا الانقلاب الزمني لن يحدث في طور الانكماش لأنه لا تماثل بينه وبين التمدد ، لأن طور الانكماش ستسيطر عليه الثقوب السوداء التي ستطحن وتسحق كل شيء سحقاً. وسوف تستحيل الحياة في هذا الطور، لأن الكون سيكون ـ كما يقول ستيفن هوكنج ـ في حالة اضطراب كامل.
    وأعتقد، بل وأؤكد، أنا شخصياً ـ كفيزيائي مسلم ـ أن طور الانكماش سيكون مصحوباً بأحداث كونية هائلة، كما ورد بالقرآن الكريم، كتكور الشمس وابتلاع كواكبها في باطنها، وبالتالي اختفاء الكواكب وانتثارها وتسجير البحار واشتعالها وزوال الجبال، كما في قول الله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {1} وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ {2} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ {3} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ {4} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ {5} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ {6} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ {7} وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ {8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ {9} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ{10} وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ {11}[سورة التكوير]. وقال الله تعالى:(إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ {1} وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ {2} وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ {3} [ الانفطار].وقال الله تعالى إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ {1} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ {2} وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ{3} وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ {4} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)[ الإنشقاق].
    وقال الله تعالى:(يوم يكون الناس كالفراش المبثوث* وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [القارعة ].
    حقاً إن مرحلة الانكماش قيامة صغرى قبل الانسحاق العظيم ، ولن تبقى حياة على وجه الأرض، بل سيقول الإنسان يومئذ أين المفر، كما ورد في قول الله تعالى : (فإذا بر البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر ) [ القيامة ].
    ولن يحدث استقرار للحياة في يوم تمور السماء فيه موراً، وترجف الأرض والجبال
    وتخرج الأرض كل الاثقال إخراجاً، في زلزال عملاق لا يمكن تصوره، كما أشار الله إلى هذا وذلك بقوله تعالى : (إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها ). (وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت ) [ الانشقاق].
    حقاً، إنها تغيرات كونية هائلة ستبرز عند انكماش الكون مؤدياً إلى نهاية الزمان والمكان، وينفرط بذلك العقد وينتشر الهول والفزع، وعلينا أن نؤمن بالآخرة لأنها ضرورة حتمية وفيزيائية لهذا الكون، بل وضرورة نفسية راسخة في الضمير البشري، طمعاً في الثواب والحياة الخالدة في العالم الآخر.
    وقد تسألني : لماذا الدنيا دار الفناء والآخرة دار خلود؟ وإليك الجواب: إن البداية والنهاية في الدنيا قائمة لأجل محدود مسمى عند الله، يعلمه سبحانه، والنهاية حتمية علمياً وقرآنياً، لأن هذا الوجود محدود بالمكان والزمان، ولقد علمنا كيف أن الانحلال الإشعاعي الذري والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، وغير ذلك من ظواهر، تؤكد كلها أن للكون نهاية.. أما وجود زمن آخر يسميه البعض( زمن العرش) قبل بدء " الانفجار العظيم" من جهة، وزمن آخر موصوف بالدوام في الآخرة من جهة ثانية، فهذا موضوع آخر، لأنهما زمانان خالدان لا تسري عليهما قوانين الفيزياء.. وليس أمامنا سوى القرآن الكريم نرجع إليه لبيان الغيب الزمني ... المعروف بالخلود، سواء قبل البداية أو بعد النهاية.
    يصف الله تعالى العرش بلا بداية ولا نهاية محيطاً بالمكان والزمان، بمثل قوله تعالى : (... وسع كرسيه السماوات والأرض .. ) [ البقرة].
    بل ويصف النبي صلى الله عليه وسلم كرسي العرش في الحديث الصحيح، مبيناً نسبة حجم الكون إلى حجم العرش كالصفر إلى (ما لا نهاية ) بقوله: (ما السماوات السبع وما فيهن، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن، في الكرسي، إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة).
    وقول الرسول الكريم عما قبل بداية الكون:( كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء)، وقول الله سبحانه وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء )[ هود] .
    فالآية والحديث هنا لا يعطيان زمناً لوجود العرش على الماء قبل خلق الكون، لأن الفعل (كان) هذا يأتي بمعنى الكينونة مؤكداً الأزلية والدوام، وليس معنى الفعل الماضي، بل كان ومازال وسيظل، أي وهو دائماً كذلك، كما في وصف الله تعالى الفعل لنفسه في قوله سبحانه: ( وكان الله بكل شيء محيطاً) (وكان الله بكل شيء عليماً) أي وهو عز وجل دائماً كذلك.. فإذا قال سبحانه (وكان عرشه على الماء) فإن العرش دائماً على الماء قبل وأثناء وبعد الكون، وهذا معناه والله أعلم ـ دوام السيطرة المطلقة على خلق الحياة من الماء. وقد يكون المقصود ـ والله أعلم ـ أن كثافة الكون وصلت إلى كثافة الماء في الدقائق الثلاث الأولى بأنوية مستقرة من الأيدروجين والهليوم بنسبة ظلت ثابتة!
    وعلى كل حال .. فالعرش ـ في رأيي ـ ليس الكون، وليس كرسياً مجسداً ـ كما يتخيل البعض ـ محدوداً بالمكان والزمان، بل مفهوم معنوي يمثل مطلق القدرة والسيطرة والتحكم الإلهي في مقدرات هذا الكون، كما في قوله تعالى : (ثم استوى على العرش)، (وسع كرسيه السماوات والأرض)، بل إن كل شيء يتم خلقه في الأرض بعد نهاية هذا الكون سوف يقع أيضاً في رحاب عرشه، كما في قوله تعالى في وصف يوم القيامة وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الزمر].فالعرش موجود قبل هذا الكون وبعده، ولا يصح إخضاع العرش لزمن معين، لأن الله محيط بالمكان والزمان.
    ولقد أخضع الله سبحانه وتعالى مخلوقاته للزمن، ولكنه سبحانه تنزه عن جريان الأزمنة عليه، فكل شيء بالنسبة لعلمه قد حدث، فهو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.. والدليل على ذلك أنه سبحانه يصف أحداث المستقبل (كيوم القيامة) بالفعل الماضي، لأنها جميعاً في علمه، كما في قوله سبحانه : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه )[ النحل]، أي لا تستعجل يا ابن آدم ما قد حدث في علم الله.
    فالأمر بالنسبة إلى الله معلوم ومحدد بمكان وزمان، أما بالنسبة لك فهو مجهول لأنه مستقبل.. بينما الله متعال فوق الزمان والمكان، ورغم هذا التعالي إلا أنه بلطفه وعنايته موجود دائماً مع المخلوقات جميعاً على اختلاف وتفاوت أنظمتهم الزمنية. والله أعلم بهم جميعاً، يستجيب لهم، ولا يشغله شأن عن شأنه، ولذلك يجيب سبحانه الكل في نفس الوقت، كما يظهر في قوله تعالى : ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) [ الرحمن].
    فسبحان من لا يشغله آن عن آن، ولا شأن عن شأن، وسبحانه القاهر على الزمن، فهو القابض للزمن بسلطان ولا يتقيد بنظام حركي أو مكاني، وهو المسيطر على المكان والزمان، وهو الحي القيوم: (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.)[سورة البقرة].
    حقاً إن الخالق يختلف في صفاته عن المخلوق، فالله عالم الغيب والشهادة، وهو سبحانه خالد سرمدي، ومحيط بالمكان والزمان، وهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية، والظاهر والباطن.. ولا يصح أبداً أن نخضعه وعرشه للمكان أو الزمان.
    إن الماضي والحاضر والمستقبل أزمنة تنشأ كحلقات متصلة لهذا الكون الذي نعيش فيه، أي أزمنة تنشأ في تصورنا مع الحركة والانتقال الذي يملأ حياتنا نحن أهل الفناء.. أي أزمنة تنشأ مع الجريان والسباحة في أفلاك هذا الكون.. ولا تجوز في حق الخالق حركة أو ميلاد أو وفاة، فهو سبحانه الحي القيوم مطلق الكمال لا تأخذه سنة ولا نوم، وكل شيء هالك إلا وجهه، وهو حي لا يموت، ولا بقاء على الدوام إلا لمن له الدوام، وطبقاً لهذا المفهوم الإسلامي، فلن يوجد أي شيء يشارك الله تعالى في أبديته.
    وقد يتساءل البعض :هل زمن الآخرة، الذي سيبدأ بحلول يوم القيامة، أبدي ودائم، وبهذا يشارك الناس ـ في الآخرة ـ الله في أبديته ؟ والجواب هو : إن زمن الآخرة غيبي لا نعرف مداه ولا وسيلة لقياسه بعد أن تبدلت الأرض والسماوات وأن خلود الجنة أو النار غير مشارك لله في أبديته، لأن خلود الآخرة مرهون بإدارة الله ومشيئته، وحادث بإحداث الله، وأن مدته متجددة ومحاطة بعلمه سبحانه، كما هو واضح في قوله تعالى : ( .. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) [ هود].
    فهل أعددت أخي الكريم نفسك لهذا الخلود المتجدد غير المنقطع في جنات الله ورضوانه؟.
    وفيما يلي أقدم هذه المفاهيم الإيمانية لحكمة الزمن وقيمته في الإسلام.
    يؤكد القرآن الكريم التسبيح والذكر واغتنام الزمن وعدم تضييع العمر والتحذير من الغفلة، لأن العمر برهة والموت يأتي فجأة، وهناك فرق كبير بين من يموت والقلوب عليه حزينة والأعين عليه باكية والألسنة معطرة عليه بالثناء الطيب، وبين من يموت ولا يحزن لفراقه قلب ولا يترحم عليه لسان ولا تبكي عليه عين.. ولقد جعل الله الليل والنهار يتعاقبان على حياة الناس لحكمة، كما في قوله تعالى: ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً ) [ الفرقان]، وقوله سبحانه : (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور ) [الملك ] .. هذه هي الحكمة من عمرنا لفترة زمنية محددة، ما مضي منها لا يعود ولا يعوض وهيهات هيهات فقد مضى العمر ولا رجعة فيه، كما يقول الحسن البصري، رحمه الله: ( ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى علك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة ) .
    ويحذر الله من عذاب الآخرة ويحببنا في نعيمها بهدف توجيهنا لاستثمار أعمارنا لما فيه خير الإنسان والبشرية.
    وللأسف فإن أكثر الناس عن هذا غافلون بينما يصف الله أهل التقوى : (آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ) [ الذاريات].
    ويقول الله سبحانه ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون) [ الروم].
    إن المسبحين والمستغفرين يستطيعون ـ إذا تطهرت نفوسهم ـ أن يرتفعوا إلى منزلة أعلى فيعيشون في تسرمد روحي مع الواحد القهار، وذلك بالخروج تماماً من هموم الدنيا ورغباتها وأبعادها وترك العالم الدنيوي المادي إلى عالم الروح لينعم المسبح والمستغفر برائحة الجنة رغم أنه مازال حياً على الأرض... وعلينا، أيضاً أن نفكر من الآن في حساب الآخرة.
    ولنتذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه عليه وسلم قبل أن نفاجأ بيوم تنتهي فيه المعذرة ولا تنفع فيه تذكرة : (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عمره فيم أفناه وشبابه فيم أبلاه، وماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعلمه ماذا عمل به) رواه الطبري عن معاذ بن جبل بإسناد صحيح.
    وقوله صلى الله عليه وسلم : (اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك).
    ولنتذكر قول الله تعالى في القَسم بالزمن (العصر): (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصلوا بالصبر) [سورة العصر]، فعلينا أن ندعوا كما دعا الخليفة أبو بكر رضي الله عنه : (اللهم لا تدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين). ولنتذكر أيضاً دعاء الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اللهم أرزقنا البركة في الأوقات وإصلاح الساعات).
    وعن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر).
    تطور الكون وعمره
    ترتيب خلق السماوات والأرض:
    يؤكد القرآن الكريم أن السماوات والأرض كانتا ملتحمتين في رتق واحد، وتم فصلهما في عملية فتق أو انفجار، ويتفق هذا مع حقيقة (الانفجار العظيم) التي أثبتها العلم كما ذكرنا سابقاً، مصداقاً لقوله تعالى أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) [ الأنبياء].
    ومن معطيات العلم الحديث أن الكون بدأ منذ حوالي (13) مليار سنة بانفجار عظيم (Big Bang)، وكان الكون كله متجانساً مكوناً من خليط ساخن من الجسيمات والجسيمات المضادة، كالإلكترونات والبوزيترونات حتى تكونت نوى الإيدروجين والهليوم بعد ثلاث دقائق من الانفجار الذي أدى إلى استمرار الاندفاع للمادة وتمدد الكون.
    وكان الظلام حالكاً وشاملاً في البداية، وكانت الفوتونات(جسيمات الضوء) تتصادم بشدة مع الجسيمات النووية لتصل إلى أتزان حراري في درجة حرارة تقدر ببلايين الدرجات، وإشعاع غير مرئي، حينما كانت الطاقة هي المكون الأعظم لفترة امتدت إلى عدة مئات من آلاف السنين، وكانت المادة خلال هذه الفترة لا تلعب دوراً هاماً لأنها كانت المكون وانلقب الوضع، وأصبحت المادة هي المكون الأعظم للكون، أي أصبحت السماء دخاناً متجانساً مستمراً في التمدد والبرودة حتى وصلت درجة الحرارة إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة من النويات والإلكترونات الحرة بعد حوالي (700) ألف سنة من بدء الانفجار العظيم، وأصبح الكون بذلك شفافاً للإشعاعات وليس معتماً، وظل هذا الدخان سائداً ومحتوياً على ذرات عناصر الأرض والسماء معاً دون تفرقة، أي رتقاً واحداً كطبخ كوني تم تحضير كل المواد الخام للكون فيه، وصدق الله العظيم بقوله سبحانه هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم) [ البقرة].
    ويقول المفسرون إن لفظ(خلق) في هذه الآية بمعنى (قدر)، وليس بمعنى (أوجد)، أي أن كوكب الأرض لم يكن قد تم تشكيله بعد، ولكن ذراته كانت جاهزة في الدخان الكوني الذي كان سائداً في هذه الفترة الأولى من الخلق بعد الانفجار العظيم، دون تميز بين السماوات والأرض لأنهما كانتا في رتق واحد وسماء واحدة تشمل الكون كله، كما ذكرنا في الوصف العلمي.
    وبعد تجهيز الذرات الخام لمواد السماوات والأرض معاً في الدخان الكوني المذكور استوى الله سبحانه إلى السماء الدخانية، أي قصد إليها دون غيرها لتسويتها لتصبح دون تفاوت أو فطور، تسوية غاية في التناسب والدقة والإحكام.
    والآية هنا لا تفيد ـ كما ذكرنا ـ خلق كوكب الأرض أولاً قبل السماء، لأن هذا النص القرآني يؤكد أن الله سبحانه وتعالى خلق للناس جميع ما في الأرض أولاً، ثم استوى إلى السماء وقد كانت عندئذ دخاناً محتوياً على ذرات الأرضين جميعاً، مع ملاحظة لفظ (جميعاً) في الآية السابقة ولفظ (الدخان) في الآية التالية.
    والأرض في الآية (11) من سورة فصلت معرفة ب (ال)، للعهد والجنس معاً، أي لأرضنا والأرضين الأخرى، أي قصد الله تعالى إلى السماء دون غيرها وهي في حالة دخانية وتعلقت إرادته تعالى تعلقاً فعلياً بإيجاد السماوات والأرض فلم يمتنعا عليه، وأوجدهما سبحانه كما أراد سبع سماوات (ومعهن سبع أرضين، طبقاً لسورة الطارق ـ الآية 12) في يومين تشكل خلالها من هذا الدخان النجوم والكواكب، بما فيها الأرضين والأقمار في هذه السماوات، كما في قوله تعالى مشيراً إلى تعدد الشموس والأقمار: ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً * وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً) [نوح].
    وبهذا نستنتج أنه في هذه المرحلة الدخانية قد تم تشكيل السماوات بجميع أجرامها ونيرانها من نجوم (شموس) وكواكب وأرضين وأقمار، على هيئة سدم، وبذلك فإن الأرض لم يتم تصلب قشرتها أو دحوها إلا بعد انتهاء هذه المرحلة، وبدء مرحلة جديدة وأخيرة تدعى (تدبير الأرض) أو كما أسميها (العمر الجيولوجي للأرض)، والتي يشير إليها القرآن الكريم في سورة النازعات بعد تمام خلق السماوات وأجرامها بقول الله تعالى أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها* رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم ) [ النازعات].
    وفي هذا النص يتضح لنا الترتيب الصحيح، أي أن السماء تم تشكيلها (أولاً) قبل التشكيل الجيولوجي لكوكب الأرض، كما يتضح من قوله تعالى: ( والأرض بعد ذلك دحاها).
    وفيما يلي التفسير العلمي والديني لهذه الآيات (النازعات /27ـ 33) على ضوء ما وصل إليه العلم نظرية الانفجار العظيم. يتجه المعنى العام لهذه الآيات بعتاب الكافرين منكري البعث بسؤال هام: هل أنتم يا كفار مكة أعظم خلقاً من السماء التي بناها الله؟ مبيناً بذلك أن خلق السماء أعظم، كما في قوله سبحانه : (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم )[سورة يس]، وقوله عز من قائل : (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون )[غافر].
    والمعنى ( في سورة النازعات: 27) : أخلقكم بعد الموت أشد أم خلق السماء ؟ ثم قوله تعالى أم السماء بناها) يحتوي على لفظ البناء الذي سبق شرحه علمياً بقوة الجذب العام، وأما قوله تعالى: (رفع سمكها) أي جعل قامتها عظيمة الارتفاع، فهذه إشارة إلى المسافات الفلكية للسماوات التي تقدر بالبلايين من السنين الضوئية نتيجة تمدد الكون بعد الانفجار العظيم، والدليل على ذلك رصد آثار الدخان الكوني( حديثاً بالقمر الصناعي كوب عام 1993) وذلك بالتصوير الإشعاعي لدخان يبعد عنا 10 بلايين سنة ضوئية

    صورة لآثار الدخان الكوني

    وغير ذلك من رصد بلايين السنين الضوئية، وتستطرد الآيات بقوله تعالى: ( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها)، أي جعلها حالكة السواد وأخرج ضيائها من وسط هذا الظلام الحالك، ولقد فات المفسرين مغزى الضمير في (ليلها)، الذي يعود على السماء، واعتبروه ليل الأرض، ولو التزموا النص ودلالته لاهتدوا إلى حقيقة علمية تدعى (ظلام الفضاء الكوني) التي لم يتحقق منها الإنسان إلا بعد صعوده في الفضاء واكتشافه حلكة سماء الفضاء رغم انبعاث الضوء من الشمس والنجوم، وإنما ذلك لانعدام الغلاف الجوي (الذي يقوم ببعثرة، أو تشتيت، الضوء، وإظهاره نوراً في المنطقة القريبة من سطح الأرض).
    كما أن الكون كله كان حالك السواد قبل ميلاد النجوم وسط دخان السماء، وهنا ندرك روعة وصف ظلام السماء باللفظ القرآني المعبر : (أغطش) .
    وبعد أن أتم الله بناء السماء رفع سمكها وأخرج ضحاها وسط الظلام الدامس، ثم أمر الله سبحانه بدحو الأرض، كما في التعبير القرآني: (والأرض بعد ذلك دحاها)، والدحو معناه قذف الشيء من مقره، بالإضافة إلى معاني لغوية أخرى منها: المد والبسط، بمعنى قذف الشيء من مقره وإعطائها شكل الدحية (البيضة ) بعد أن برد سطحها وتجمد، بما يفيد بداية التشكيل الجيولوجي للأرض.
    والجدير بالذكر أن قوله تعالى : ( والسماء وما بناها* والأرض وما طحاها) [ الشمس]، يعطي معنى الطحو، أي : القذف من المقر، أي : فصل الأرض عن السماء، في عملية فتق جديدة بعد الإنفجار العظيم، وبهذا، فإن الطحو هو أحد معاني الدحو.
    ونعود إلى سورة النازعات، حيث تستطرد الآيات في وصف تدبير الأرض بقوله تعالى : (أخرج منها ماءها)، وفي هذا إعجاز علمي لم يكتشف إلا حديثاً عندما تأكد العلماء من أن جميع ماء الأرض خرج من باطنها وليس من السماء (2)،وأما قول الله تعالى : (والجبال أرساها) فيفيد إرساء الجبال في ثورات جيولوجية متعاقبة كان آخرها إرساء جبال الألب والهيمالايا منذ 40 مليون سنة، وكل هذا يوفر متاعاً للإنسان وللأنعام المسخر له ..
    المهم هنا أن التشكيل الجيولوجي لكوكب الأرض حدث بعد تمام بناء السماء وأجرامها من مجرات ونجوم، وهذا يعطينا مفتاحاً لفهم تطور نشأة الكون وتفسير للأيام الستة للخلق وحساب عمر الكون، بعد أن أدركنا الترتيب الذي نورده الآن نم الإشارات القرآنية السابقة الذكر.

    أ‌)بدأ الكون بانفجار عظيم يدعى (بيج بنج ثم طبخ جميع الذرات بما فيها ذرات الأرضيين والسماوات كلها في الدخان الكوني الذي كان منتشراً لفترة طويلة مظلمة قبل بزوغ النجوم. وهذه هي مرحلة إعداد المواد الخام كمرحلة أولى.
    ب‌)بدأ تشكيل السموات والأرضين السبع كأجرام سماوية من الدخان والظلام الدامس على هيئة نجوم وكواكب وأقمار في مرحلة سديمية جديدة بدأ فيها توليد الطاقة في الأفران النووية للنجوم وخروج الضوء منها وسط ظلام الفضاء الكوني بحيث أصبحت هذه المصابيح زينة للسماء في هذه المرحلة الثانية.
    ت‌)بدأ تصلب (دحو) القشرة الأرضية بعد طحوها، أي بعد قذفها كسديم مستقل من مقرها الدخاني في السماء، كمرحلة ثالثة وأخيرة، بدت فيها الأرض في حالة منصهرة لينة كالعجين، ساعد على تشكيلها على هيئتها الكروية القريبة من شكل الدحية (البيضة)، وبمجرد بدء تجمد تجمد، أي تصلب قشرتها، بدأ بذلك العمر الجيولوجي لكوكب الأرض، كما نقيسه الآن بحوالي 45000 مليون سنة ( باستخدام ظاهرة الانحلال الإشعاعي لليورانيوم الموجود في صخور الأرض)، وهذا العمر الجيولوجي الذي يعبر عنه الله عز وجل دائماً بمد الأرض وإرساء الجبال في ثلاث ثورات جيولوجية متعاقبة بدأت بعد تمام بناء السماء وتزينها في وصف مرحلي واضح، على الترتيب، في قوله تعالى:
    (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ {16}وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ {17} إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ {18} وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ {19} وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ {20} وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ {21} وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ)[الحجر].
    1) وقوله سبحانه : (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَاوَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ {6} وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَوَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ {7} تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍمُّنِيبٍ )[سورة ق].
    2)وقوله عز وجل اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ {2} وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الرعد].
    المهم هنا أن التغيرات الجيولوجية، مثل مد الأرض وإلقاء الرواسي وإخراج الماء والمرعى، حدثت كلها بعد تمام بناء السماء وتسخير الشمس والقمر والنجوم، فإن كوكب الأرض تم مده، أي تشكيله، بعد تمام بناء السموات السبع، ورغم هذا التأكيد القرآني المتكرر لهذا الترتيب العلمي والمنطقي، فقد وردت الأرض أحياناً قبل السماء في آيات قرآنية قليلة، كما في قوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم أستوى إلى السماء فسواهن سع سماوات وهو بكل شيء عليم )[ البقرة].
    ولقد فسر الإمام الرازي (وغيره) لفظ (خلق) هنا بمعنى التقدير دون الإيجاد، وأنا من ناحيتي أقبل هذا الرأي، الذي يعني أن الله سبحانه وتعالى خلق أولاً جميع ما في الأرض من الذرات التي أراد تسخيرها للإنسان فيما بعد، وكانت هذه الذرات رتقاً واحداً مع ذرات السماء التي كانت دخاناً كونياً هائلاً في هذه المرحلة، ثم قصد الله سبحانه وتعالى إلى السماء دون غيرها، فسواها سبع سماوات وسبع أراضين، أي لكل سماء أرضها كما في سمائنا الدنيا وأرضها التي استخلفنا الله فيها، وهو سبحانه بكل شيء عليم، وكانت السماوات السبع بعضها فوق بعض (طباقاً) كما في آيات أخر، والمقصود بالتسوية تكوين السماوات تكويناً محكماً متناسباً دون تفاوت أو فطور، مع ملاحظة أن لفظ (ثم) هنا يفيد الترتيب بعد المرحلة الدخانية التي أحتوت جميع ذرات الأرض والسماء.
    وبهذا، فمن الواضح قرآنيا أن كوكب الأرض لم يتم تصلب قشرته بإيجاده على هيئته المستقلة إلا بعد أن تم بناء السماوات وتسويتها، وهذا أمر بالغ الأهمية علمياً لتفسير آيات أخر [مثل فصلت : 9ـ12] التي فصلت الأيام الستة للخلق بثلاث مراحل متساوية زمنية، استغرق كل منها يومين كاملين من أيام الخلق ليصبح المجموع ستة أيام.
    أيام الخلق الستة:
    يقول الله عز وجل الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) [السجدة]، وقوله عز وجل ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة ) [الأعراف].
    تنص هذه الآيات على أن الله أتم خلقه، أي أنهى تقدير وإيجاد هذا الكون (السماوات والأرض وما بينهما) في زمن قدره ستة أيام التي اتفق جمهور المفسرين على أنها ستة أزمنة متساوية لا يعلم حقيقة مقدارها إلا الله سبحانه وتعالى، وخاصة أن هذه الأيام لم توصف بقوله تعالى : ( مما تعدون) كما في آيات أخر، ولهذا اعتبرها أبو السعود ست نوبات، أي ست وقائع وحوادث كونية، في ستة أزمنة لا يعلمها سواه سبحانه.
    ولسوف أثبت ـ فيما يلي ـ صحة هذا الرأي علمياً وقرآنياً:
    أيام الخلق الستة ليست كأيام الأسبوع، كما تخيلها بعض المفسرين، من يوم السبت إلى الجمعة، وذلك بعد أن تسربت إليهم بعض الإسرائيليات التي جاء معظمها ـ للأسف ـ مسنداً ظلماً وافتراء إلى بعض الصحابة والتابعين، بل جاء بعضها مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الذي تعجبت أنا شخصياً عند سماعه، لأنه مشابه للرواية الكهنوتية لخلق الكون، بالرغم من أنه ورد في (رياض الصالحين)، ورواه مسلم عن أبي قال : (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبعث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل).
    وبالنظر إلى هذا الحديث يتضح وصف الأيام الستة بأيام الأسبوع، كما في العهدين (القديم والجديد)، بينما لم يذكر القرآن مطلقاً أن هذه الأيام مما نعد نحن البشر.
    أو أنها من أيام الأسبوع بمعنى اليوم على كوكب الأرض. هذا من جهة، كما أن الحديث النبوي هنا يقتصر على خلق الأرض دون ذكر السماوات من جهة أخرى، علاوة على وضوح خلق النور يوم الأربعاء إذ كيف ينمو النبات في غياب الضوء، بالإضافة إلى تخصيص يوم لخلق المكروه، حتى تصل أيام الخلق سبعة.
    وهذا الحديث يتعارض مع النص القرآني، فهل من المعقول أننا نأخذ بأقوال المفسرين المملوء بالإسرائيليات، علماً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينطق عن الهوى، فلا يجوز إذن أن ننسب إليه صلى الله عليه وسلم أية خرافة وردت بكتابات البشر في (الإنجيل والتوراة) بنفس الأسلوب. فلقد قام اليهود بوضع تصورهم لإظهار خلق الكون وتوزيعها على أيام الأسبوع قبل أن يكون لهذه الأيام وجود، وزعموا أيضاً أن الخالق سبحانه وتعالى استراح في اليوم السابع، كما يلي في الترتيب، طبقاً لروايات كتبهم (كما في العهدين القديم والحديث):
    الأحد : خلق الله النور والليل والنهار. الاثنين : خلق الله السماء والماء.
    الثلاثاء : خلق الله الأرض والنبات . الأربعاء: خلق الله الشمس والقمر والنجوم والكواكب. الخميس : خلق الله الأسماك وطيور البحر والطيور المجنحة. الجمعة : خلق الله الماشية والزواحف والوحوش، وأخيراً الإنسان .
    السبت أنهى الله عملية الخلق بالخلود إلى الراحة بعد التعب.
    ولقد رد الله عز وجل في القرآن الكريم على هذه الأكذوبة (التي تقول أن يوم السبت استراح فيه الله ) ليبين لأهل الكتاب أنه سبحانه مطلق الكمال لا تأخذ سنة ولا نوم ولا يمسه لغوب، أي تعب أو إجهاد، كما في قوله تعالى : ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) [ق].
    كما أن وصف خلق الكون بأيام الأسبوع هنا في رواية التوراة (مشابه للحديث المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ) ويحتوي أيضاً على أخطاء علمية لخصها الدكتور موريس بوكاي في كتابه المشهور ، كما يلي : أ ـ ظهور النور في اليوم الأول بينما لم تخلق الشمس إلا في اليوم الرابع.
    ب ـ ظهور النباتات في اليوم الثالث قبل خلق الشمس في اليوم الرابع.
    ج ـ خلق الشمس والقمر في اليوم الرابع بعد خلق الأرض في اليوم الثالث.
    د ـ ظهور الزواحف في اليوم السادس بعد ظهور الطيور في اليوم الخامس.
    والمهم هنا هو التأكيد على خطأ هذه الروايات التي تصف أيام الخلق الستة بنفس المفهوم الزمني لأيام الأرض، بإشراقتين متتاليتين، أو زمن دورة الأرض حول نفسها، مما يتعارض مع ما كشفه العلم الحديث عن عمر الكون ومراحله التي تقدر ببلايين السنين، كما سنعرف فيما بعد.
    وكلمة (اليوم) تأتي في القرآن الكريم بمعاني مختلفة ، كما يلي :
    أ ) يوم أرضي كأيام الأسبوع، أي مما نعد نحن البشر بزمن دورة الأرض حول نفسها (24ساعة)، وفي هذه الحالة يأتي اليوم موصوفاً بقوله تعالى : ( مما تعدون ) كما في آيتي السجدة (5) والحج (47) :
    (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)[ السجدة]، ( وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون )[ الحجر]. وهاتان الآيتان تشيران إلى سرعة الضوء.
    ب ) يوم أرضي إذا سمى بأحد أيام الأسبوع، كما في قوله تعالى : (... إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة .. ) [سورة الجمعة].
    ج) اليوم بمعنى النهار فقط، كما في قوله تعالى : ( سخرها عليهم سبع ليالي وثمانية أيام حسوماً فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) [ الحاقة].
    د) اليوم بمعنى طور أو مرحلة زمنية أو عصر من عصور الخلق، كما في أيام الخلق الستة في الآيات القرآنية التي ذكرناها، والتي هي موضوعنا الحالي .
    والآن وبعد أن كفر الغرب بدينه، نظراً لتعارضه مع العلم، وخاصة في وصف الأيام الستة للخلق لا يجوز أن ننسب إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم الحديث المذكور حول عملية الخلق في سبعة أيام من أيام الأسبوع بأسلوب غير علمي وغير منطقي، ويجب أن نعيد النظر في صحة هذا الحديث الذي رواه مسلم، أي نوليه عناية كبيرة من حيث دراسته رواية ودراية.. ولنحتكم إلى القرآن الكريم في بيان وتفصيل هذه الأيام الستة، كما وردت في سورة فصلت، وهذا التفصيل سوف يساعدنا في حساب عمر الكون، كما سنوضح فيما يلي.
    حساب عمر الكون قرآنياً
    يقول الله تعالى : ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِالْعَلِيمِ)[فصلت].

    تضع هذه الآيات تفصيلاً للأيام الستة للخق، وهو تفصيل يتيح لنا حساب عمر الكون، من لحظة بداية الانفجار العظيم حتى وصول الإنسان، كما سنوضح فيما بعد. ولقد قسمت الآيات في سورة فصلت (9ـ 12) مراحل خلق الكون إلى ثلاث مراحل، هي ـ على الترتيب ـ من سياق الآيات: يومان لخلق الأرض، وأربعة أيام لتدبيرها جيولوجياً، ويومان آخران لتسوية وقضاء السموات. فيصبح المجموع ثمانية أيام، ولكن هذا المجموع يتعارض مع ما نعلم من النصوص القرآنية الأخرى، التي تؤكد خلق الكون وتدبيره في ستة أيام فقط ؟ وهذا تعارض ظاهري وليس حقيقياً، ولقد أعتبره بعض المستشرقين خطأ ـ لا سمح الله ـ في القرآن.
    وللرد على هذا الافتراء، فإن الأيام الأربعة المذكورة (فصلت : 10) بعد يومي خلق الأرض (فصلت : 9) تشمل هذين اليومين المذكورين في البداية، لأن الحديث عن الأرض لم يتوقف في الآيتين .
    ولقد أجمع المفسرون على أن لفظ (خلق) في الآية الأولى : (فصلت : 9) بمعنى التقدير (دون الإيجاد) الذي استغرق يومين، بينما استغرق تشكيل الأرض جيولوجياً يومين آخرين، ليصبح مجموع خلق وتدبير كوكب الأرض أربعة أيام متساوية، كما في الآية الثانية (فصلت : 10).
    وبهذا يمكننا تفسير المراحل الثلاثة المتساوية الواردة في سورة فصلت، كما يلي (3):
    أ . يومان لخلق جميع عناصر الأرض في الدخان الكوني،كما في (فصلت: 9) وأيضاً بالمعنى الوارد في (البقرة : 29).
    ب . يومان لتسوية السماوات السبع وأجرامها(المجرات) من هذا الدخان كما في (فصلت : 11) والتي تبدأ بلفظ (ثم) الذي يفيد الترتيب بعد المرحلة السابقة.
    ج . يومان أخيران لتشكيل الأرض جيولوجياً ابتداء من تصلب قشرتها(بعد قذفها من مقرها في السماء) وإلقاء رواسيها من فوقها وإخراج الماء والمرعى، كأساس البركة فيها، وتقدير الأقوات للسائلين، وحتى وصول الإنسان كخليفة الله في الأرض. مع ملاحظة أن هذين اليومين الأخيرين مع اليومين الأولين يغطيان الأيام الأربعة المذكورة (فصلت :10) التي شملت طبخ الذرات في الدخان، ثم التشكيل الجيولوجي لكوكب الأرض ونشأة الحياة عليها حتى وصول الإنسان.
    وبذلك يصبح المجموع ستة أيام(للمراحل الثلاثة المتساوية)، وليس ثمانية أيام، كما يعتقد بعضا الذين لم يستوعبوا معنى هذه الآيات (فصلت: 9ـ 12).
    إذ لا تعارض في القرآن مطلقاً، ولكن القرآن يفسر بعضه بعضاً.
    كما أن هذا التقسيم سوف يتيح لنا حساب عمر الكون إذا ما عرفنا قيمة اليومين الممثلين للعمر الجيولوجي للأرض كما أعتقد، لأن هذا العمر الجيولوجي يمثل طبقاً للنص القرآني (والتقسيم السابق للمراحل الثلاث) ثلث عمر الكون، أي ثلث الستة أيام الرمزية لخلق السماوات والأرض في جميع الآيات القرآنية التي تعالج هذه القضية.
    ولقد اتفق المفسرون جميعاً على فهم قوله تعالى: ( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) [فصلت].
    يعني أربعة أيام شاملة ليومي الخلق (للسديم الدخاني الشامل لكل ذرات السماوات والأرض) ومتممة لهما، وبهذا يصبح التدبير الجيولوجي للأرض معادلاً ليومين فقط كان ترتيبهما بعد تمام بناء السماء كما ذكرنا في البند السابق.
    وبهذا فإن المرحلة الثالثة بدأت بتصلب قشرة الأرض، بدليل قوله تعالى: ( من فوقها) ـ كما أتصور ـ إشارة لبدء العمر الجيولوجي للأرض حتى وصول الإنسان، بدليل قوله تعالى " سواء للسائلين "، وهذه المرحلة تعادل يومين فقط من الأيام الستة المشار إليها قرآنياً كعمر الكون، أي تعادل ثلث عمر الكون.
    ومن وجهة نظري، فإنني أرى ـ والله أعلم بالحقيقة ـ أن العمر الجيولوجي للأرضن هو المقدر علمياً وعملياً بزمن مقداره 4500 مليون سنة، يعادل ثلث عمر الكون قرآنياً.
    وهكذا فإننا نستنتج من آيات سورة فصلت أن :

    عمر الكون = 4500× 3 = 13500 مليون سنة

    = 13.5 مليار سنة
    ويعد هذا تفسيراً علمياً جديداً للتفصيل الوارد في الآيات القرآنية (فصلت : 9_12) والتي تعطي بذلك عمراً للكون مقداره 13.5مليار سنة.
    وهذه القيمة يتردد ذكرها كثيراً في الأوساط العلمية، بدليل أن نموذج أينشتين ودي سيتر يعطي للكون عمراً قدره 13.3 مليار سنة، كما أن معظم الدلائل العلمية تشير الآن إلى أن عمر الكون يتراوح بين 12 إلى 15 مليار سنة، كأرقام معروفة الآن لدى علماء الفيزياء الكونية.
    كما أن سورة فصلت تؤكد لنا أن بناء السماء وتشكيلها بسبع سماوات (بما فيها من أجرام) وقع في الثلث الثاني من عمر الكون. وبهذا فإن عمر السماوات أقل من عمر الكون، وهذا ما تشير إليه التوقعات العلمية حالياً. ونحن في انتظار التقدير العلمي النهائي لعمر الكون وعمر المجرات (السماوات)، وصدق الحق تبارك وتعالى إذ يقول : (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون )[ الأنعام].
    وبالرجوع إلى آيات سورة فصلت (9_12) لتفسيرها، فإننا نلاحظ أنها بدأت بهمزة للاستفهام الإنكاري في : " أئنكم "، و (إن ) و(اللام) في " لتكفرون " للتوكيد في خطاب الموجه هنا، بصفة عامة للكفار في كل عصر.
    وأما لفظ (خلق) كما ذكرنا هنا ـ طبقاً لأقوال المفسرين ـ بمعنى التقدير دون إيجاد كوكب الأرض، واليوم هنا بمعنى مرحلة زمنية وليس يومنا العادي، بدليل عدم وصفه بالعبارة القرآنية(مما تعدون) الواردة في آيات أخرى.
    والمعنى أن الله عز وجل خلق مكونات الأرض في يومين (4).
    وقوله تعالى : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )، أي تعلقت إرادته تعالى تعلقاً فعلياً بخلق السماء وحدها، أي قصدها دون غيرها وهي في حالتنا الدخانية الأولى.
    وقوله تعالى : (فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرها قالتا أتينا طائعين)، المقصود به أنه سبحانه أراد تكوين السماوات والأرضين في هذه المرحلة فخضعت ذراتها وجسيماتها لهذه الإرادة الإلهية.
    وللطوع والكراهية هنا ـ كما أعتقد ـ معنى علمياً ودقيقاً لأن السماوات والأرضين في هذه المرحلة فخضعت ذراتها وجسيماتها لهذه الإرادة الإلهية وللطوع والكراهية هنا ـ كما أعتقد ـ معنى علمياً ودقيقاً لأن السماوات والأرضين قامت على طاعة خلق كل منها للآخر بالقوانين والنواميس الكونية التي وضعها الله في الأمر الإلهي الخاص بالجاذبية العامة التي أدت إلى ارتباط كل منها بالآخر والاستجابة المتبادلة والتوافق التام بينهما، كأعضاء الجسم الواحد، كما في قوله تعالى : ( قالتا أتينا طائعين).
    وأما (الكراهية) بين الأجرام السماوية فتعني علمياً عكس (الطاعة) في الخلق، أي لا تستجيب السماوات للأرض ويستقل كل منهما عن الآخر ولا يكون بينهما ملاءمة أو توافق، فتفسد الأمور الكونية، ويضطرب النظام السماوي وتصطدم الأجرام بعضها بالبعض بسبب عدم التنسيق بينها، وهذا لم يحدث طبعاً بدليل قوله تعالى في وصف السماوات والأرض: ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) [ الأنبياء].
    وهكذا، فإن مفهوم المطاوعة من وجهة نظري، وهو التناسق والانسجام والترابط والجاذبية التي تؤدي حالياً إلى دوران الصغير حول الكبير في طواف كوني هائل شامل، وجريان كل الأجرام في مسارات منحنية محددة (دون تصادم) تعبيراً عن السجود لله سبحانه، وتسخير من المولى عز وجل لهذه الأجرام لتتحقق بذلك مصالح الحياة للناس على الأرض. ويؤيد معنى المطاوعة هذا قوله تعالى : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض..) [السجدة]، وقوله : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً)[الطلاق].
    وهذا الآية تدل على أن الله خلق سبع أرضين بنفس عدد السموات، وبهذا فإن لكل أرض ماء تعلوها، وبينهما دائماً ملاءمة ومطاوعة وأمر كوني إلهي، ممثل في الجاذبية(الجاذبية العامة) التي تنشر أمواجها بسرعة الضوء ولا يعوقها عائق لتربط بين مكونات هذا الكون.
    والمهم هنا هو أن مرحلة بناء السماوات قد استغرقت يومين كاملين من الأيام الستة، كما في قول الله سبحانه: (فقضاهن سبع سماوات في يومين )، والرقم سبعة هنا يعني العدد المعروف لنا، وقد يأتي أيضاً بمعنى الكثرة دون تحديد، وقضاء الشيء هو إتمامه والفراغ منه، أي تمام بناء السموات وجميع الأجرام(مجرات ونجوم وكواكب وأرضين وأقمار).
    في يومين كاملين، أي في الثلث الثاني من عمر الكون ـ كما أوضحنا سابقاً.
    وقوله تعالى : (وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاًَ ذلك تقدير العزيز العليم)، بمعنى أنه أتم تشكيل السموات وأجرامها ودبر كل أمورها بما في ذلك تزيين السماء الدنيا بالمصابيح، أي العالم الذي نشاهده بالعين المجردة والقريب إلينا، فنراه مرصعاً بالنجوم(المصابيح) ومحفوظاً من أن يقع علينا أو يقع ما فيه علينا، كما يتضح في قوله تعالى : ( وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون )[ الأنبياء].
    وأما قوله تعالى : (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) فهو يبين أنه سبحانه بعد أن خلق المواد الخام للأرض في يومين، في المرحلة الأولى، في بداية الآيات (فصلت: 9) فإن تعالى خلق الكواكب والأرضين والأقمار والنجوم في يومين في المرحلة الثانية، ثم أتم التدبير الجيولوجي لكوكب الأرض في يومين آخرين في المرحلة الثالثة، ليصبح مجموع مرحلتي خلق الأرض وتدبيرها أربعة أيام ـ كما أوضحنا من قبل ـ عند اعتبار يومي التدبير ممثلين للعمر الجيولوجي للأرض الذي نقيسه علمياً بفترة زمنية قدرها 4500 مليون سنة والتي تعادل بدورها طبقاً لنص الآية ثلث عمر الكون كما ذكرنا من قبل. وفي بداية هذه المرحلة يقول الله تعالى : (جعل فيها رواسي من فوقها)، أي جعل من فوق الأرض، أي من سطحها العلوي، رواسي، أي أجساماً جامدة ثابتة فيها (كالجبال أو القشرة الأرضية الصلبة)، وبذلك جمد الله سطح الأرض العلوي بعد أن كانت في المرحلة الثانية كتلة من اللهب متقد بعد فتقها، أي انفصالها عن الشمس.
    وهذا الاستنباط التفسيري ضروري لقوله سبحانه (من فوقها )، وإلا لصارت عبارة (من فوقها ) لغواً ـ يتنزه كلام الله عنه .
    ويؤيد هذا التفسير قوله تعالى : (بارك فيها )، إذ لا بركة بلا ماء ولا أنهار، وهكذا يتضح لنا أنه ليس في القرآن لفظ إلا لمغزى، أو كما قال فخر الرازي: ما من حرف ولا حركة في القرآن إلا وفيه فائدة.
    وأرى أن تعبير (من فوقها) يدل على ما يلي :
    أ ) الأرض أصبحت صلبة في قشرتها لتتحمل وجود الرواسي فوقها.
    ت‌)الجبال الأولى سقطت على هيئة نيازك من السماء (من فوق الأرض) والتي نزل معها الحديد، كما في قوله سبحانه .. وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) [الحديد].
    ث‌)خلق الله النوع الناري من الجبال بانقباض القشرة في بداية التدبير الجيولوجي.
    ج‌)خلق الله النوع الثاني الرسوبي من الجبال على شواطئ البحار مما يتبع خلق الأنهار وإحداث التغيرات التي تمكنها من حمل ما ترسب على هذه الشواطئ البحرية، ولهذا أضاف الله عبارة (وبارك فيها) . وهذا في نظري يدل على أخراج الماء والمرعى من هذه الأرض المباركة. وأما قوله سبحانه ( وقدر فيها أقواتها) فإنه يشير إلى جعل مصادر الرزق متنوعة في سطح الأرض توزيعاً حكيماً عادلاً لتوفير الأقوات التي يحتاج إليها سكان هذه الأرض.
    ح‌)ولقد تم هذا التدبير الجيولوجي في زمن قدره (4500) مليون سنة، هي مدى عمر كوكب الأرض، وقبل هبوط الإنسان إلى الأرض وظهور ذرية آدم من السائلين عن عمر الأرض وبداية الخلق، والذين يأمرهم الله بالسير في الأرض للتعرف على إجابة هذا السؤال الضخم.










  8. #138
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    عندما يبكي النبات ويئن!!
    فالحقيقة العلمية تثبت أن النبات يدمع بظاهرة الادماع (Guttation) في عالم النبات الزهري وللدموع قنوات دمعية , وأجهزة خاصة بها تسمى بالأجهزة الدمعية (Hydathodes) تفتح إلى الخارج بالثغر المائي (Water stoma) وقد ثبت أن نبات القلقاس الهندي Colocacia nympaefoliaعريض الأوراق يدمع في الليلة مئة سنتمتر مكعب من الدموع المحملة بالأملاح والأحماض الأمينية وغيرها
    أما الجذع الذي بكى فتلك حقيقة علمية إسلامية(1)وليست قصة من قصص الخيال العلمي , فقد قال الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله : حدثنا ابراهيم بن محمد , قال : أخبرني عبد الله ابن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع نخلة إذ كان المسجد عريشا, وكان صلى الله علية وسلم يخطب إلى ذلك الجذع ( أي يقف عليه للخطبة).
    فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبراً تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك ؟!
    فقال (صلى الله عليه وسلم) : نعم, فصنع له ثلاث درجات هي اللآتي على المنبر . فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بدا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب عليه فمر إليه , فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار حتى تصدع وانشق , فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى المنبر.
    فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي ابن كعب رضي الله تعالى عنه , فكان عنده حتى بلى وأكلته الأرضة وعاد رفاتا(2).
    وفي رواية اخرى: أن رسول الله صلى الله علية وسلم كان يوم الجمعة يسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يخطب للناس. فجاءه رومي فقال : ألا أصنع لك شيئاً تقعد عليه كأنك قائم؟
    فصنع له منبرا, درجتان ويقعد على الثالثة, فلما قعد نبي الله على المنبر خار (أي الجذع) كخوار الثور- ارتج المسجد لخوره حزناً على رسول الله فنزل إليه رسول الله من المنبر فالتزمه وهو يخور, فلما التزمه سكت.
    ثم قال : (صلى الله عليه وسلم) : والذي نفس محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا حتى يوم القيامه حزنا على رسول الله (3).
    وكان الحسن رضي الله عنه إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال : ياعباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله شوقاً إليه لمكانه من الله, فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه وقيل أن جذع النخلة صاحت صياح الصبي, ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمه إليه يئن أنين الصبي, الذي يسكن : قال : كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها(4).
    وهذا الحديث الصحيحيثبت أن الجذع حزن وأن , وبكى , وكان يسمع الوعظ ويشعر بالنبي صلى الله عليه وسلم.
    ونحن نؤمن بالمعجزات التي أيد الله بها أنبياءه ورسله, فعصى سيدنا موسى انقلبت حية تسعى , وناقة صالح خرجت من الجبل, والخضر عليه السلام اتى بالمعجزات أمام سيدنا موسى كما جاء في سورة الكهف.
    ونحن لانستغرب ذلك فالحديد الآن يتكلم ويشعر في التلفاز وأجهزة الاستقبال.
    وكل الكائنات الحية مكونه من معادن الأرض , والهواء والماء, والعناصر والمخ مكون من خلايا بها نفس المواد , ولكن الله أحياها وهيأها للتفكير والتذكر وخزن المعلومات , وكلما تقدم العلم كلما قربت الصورة الغيبية للانسان.










  9. #139
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    تجمع المصادر الطبية الحديثة الآن على أن إجراء تمارين رياضية، كالمشي السريع، أو الجري، أو ركوب الدراجة، أو السباحة لمدة 20-30 دقيقة يومياً أو ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع على الأقل يفيد في الوقاية من الذبحة الصدرية وجلطة القلب.
    فقد نشرت المجلة الطبية البريطانية حديثاً مقالاً رئيساً ذكرت فيه كاتبة المقال أن ممارسة الرياضة البدنية تفيد القلب من خمسة وجوه.
    الأول : تخفض الكوليسترول الضار والمسؤول عن تصلب الشرايين وتضيقها، وترفع من مستوى الكوليسترول المفيد والذي يكنس ما ترسب في الشرايين من دهون.
    وتبين للباحثين أن أفضل دواء لرفع هذا النوع المفيد من الكوليسترول هو الرياضة البدنية، وكلما ارتفع مستواه في الدم قل احتمال الإصابة بتضيق الشرايين والذبحة الصدرية.
    الثاني : تنقص الوزن، وتحافظ على لياقة الجسم.
    الثالث : تساعد الرياضة البدنية في خفض ضغط الدم الشرياني عند المصابين بارتفاع الضغط. فممارسة الرياضة بانتظام تخفض ضغط الدم بضع مليمترات. فإذا ما تظافر إنقاص الوزن مع الرياضة البدنية المنتظمة، فقد يلغي ذلك حاجة المريض المصاب بارتفاع ضغط خفيف للدواء. ( ولكن ينبغي أن يتم ذلك تحت إشراف الطبيب )
    الرابع : الرياضة البدنية تساعد في الإقلاع عن التدخين.
    فهي تمد البدن بالقوة والنشاط، وتقلل من اعتياد الإنسان على التدخين.
    وحين تشتهي سيجارة، انطلق خارج البيت، وتنسم الهواء العليل ولو لدقائق معدودات.
    الخامس : تقلل من تخثر الدم ( تجلط الدم ) مما يقلل من احتمال حدوث جلطات في الشرايين.
    وقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على الرياضة البدنية، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسابق أصحابه، ويسابق عائشة – رضي الله عنها – وكان يعلم أصحابه الرماية، ويحثهم على ركوب الخيل.
    وقد ورد عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه :
    " علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ".
    وعن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
    " كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب، إلا أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة".
    ومن أنواع الرياضة قيام الليل، فهو عبادة لله ورياضة للجسد.
    فعن سلمان – رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين من قبلكم، وهو مطـردة للداء عن الجسد ).
    والرياضة أنواع مختلفة، وقد عرف فوائدها الأقدمون وحث عليها من كتب في الطب النبوي. يقول ابن القيم : " أما ركوب الخيل، ورمي النشاب، والصرع، والمسابقة على الأقدام فرياضة للبدن كله، وهي قالعة لأمراض مزمنة ".
    وليس من الضروري إجراء ذلك النشاط البدني يومياً. فقد وجد الباحثون أن ممارسة نوع من أنواع الرياضة كالمشي السريع أو الجري أو السباحة.. أو غيرها خمس مرات في الأسبوع تكفي لتحقيق الغرض المطلوب، شريطة الاستمرار في ذلك النشاط.
    وهناك قاعدة ذهبية، وهى: ألا يتجاوز الشخص أبداً قوة احتماله الطبيعية، بحيث تكون زيادة الجهد تدريجية وأكيدة في الوقت نفسه منعاً لحدوث أوجاع وآلام عضلية تفسد متعة الرياضة. والأمر الأسوأ هو أن الإفراط في التدريب والرياضة ضار بالصحة، شأنه شأن كل الأمور الأخرى.
    ولهذا فإن الاعتدال هو الضمان، وخاصة بالنسبة للذين تجاوزوا الأربعين، أو الذين ينقصهم الإعداد أو التدريب اللازم.
    وهذا لا يعني أن يمتنع الأشخاص الأكبرسناً عن النشاط البدني، بل العكس هو الصحيح. فهذا النشاط مفيد لكل الأعمار، بل ربما تزداد فائدته مع تقدم السن. فالمشي يؤخر فقدان العظام للمعادن، ويقلل من التعرض للكسور التي يكثر حدوثها عند المسنين










  10. #140
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    يقول الحق تبارك وتعالى في سورة النحل “والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً. وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون”(78) مبيناً لنا المحاور الأساسية للتعليم، ألا وهي الاحساس واستقبال الواقع عن طريق السمع والبصر سيدي الحواس، ثم نقل هذا الاحساس بالواقع إلى الفؤاد حتى تتم عملية التعلم وعقل الأمور؛ وهذه العملية العقلية هي من الصفات الأساسية التي اكتسبها الانسان وتميز بها بدءاً بآدم عليه السلام.

    وتتلخص العملية العقلية في وجود واقع محسوس أو ملموس تقوم الحواس بالاحساس به وذلك باستقبال ما ينبع منه من مؤثرات، ثم تقوم الحواس بنقل هذا الاحساس بالواقع إلى الدماغ الذي يقوم بربط ما يصله من مؤثرات بما لديه من معلومات سابقة مرتبطة بهذا الواقع، ويتم اختزان ما يستجد من معلومات كمخزون متزايد من المعارف يتم استدعاؤها عند الحاجة إليها، كما يتم نقلها إلى الآخرين أو ترجمتها إلى أعمال أو أقوال بأوامر من العقل إلى الدماغ الذي يرسل اشارات عبر الأعصاب إلى العضلات والأجهزة والجوارح لتعمل حسب ما يأتيها من أوامر أو نواه.

    وبذلك تتلخص العملية العقلية في وجود واقع وحواس ودماغ وعقل وأعصاب كلها تعمل في تناسق، وما الجسد والعضلات والأجهزة إلا آلات تتحرك وتعمل بناء على ما يأتيها من أوامر العقل.

    وتشكل المعلومات الأولى أو السابقة حجر الزاوية في العملية العقلية، وكانت أول معلومات تلقاها الانسان وبدء العملية العقلية لديه هي ما علمه الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام بعد أن نفخ فيه من روحه “وعلم آدم الأسماء كلها” (البقرة 31) واستقبل آدم تلك المعلومات واستقرت في دماغه وعقله لا تغيب وجاهزة للاستدعاء عند الحاجة إليها، ولذلك عندما جاء الأمر الإلهي “قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم” وصل الأمر للعقل فعقله وامتثل له واستدعى ما لديه من معلومات سابقة عن هذه الأسماء ثم أصدر الأمر إلى الدماغ فوصلت الاشارات إلى اللسان وعضلات الكلام فقال الأسماء للملائكة. وهكذا تمت العملية العقلية الأولى لدى الانسان، استقبال وتعلم ثم استجابة وتنفيذ للأمر بإرادة وحرية.

    وتوالت المعلومات الأولية لآدم عليه السلام، “فهذه الجنة سكن لك ولزوجك تأكلان منها حيث شئتما، “ان لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى” (طه 118 119) “ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” (البقرة) وحذار من الشيطان “إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى”117 (طه) أوامر ونواه منهج حياة من الخالق عز وجل. افعل ولا تفعل، وانت حر في أن تفعل أو لا تفعل، ولكن تذكر أن للعصيان عقاباً وللطاعة ثواباً.

    ولذلك حين وسوس الشيطان لآدم عليه السلام الأكل من الشجرة المحرمة تردد آدم ولم يستجب له وذلك باستدعاء ما لديه من معلومات سابقة من الله سبحانه وتعالى وظل الوسواس الخناس يوسوس لآدم ولزوجه ويزين لهما الأكل من الشجرة المحرمة ويغريهما بالملك والخلود، ثم أقسم لهما بأنه من الناصحين، فلم يتخيل آدم أن هناك من يقول غير الحقيقة وان هناك من يقسم كاذباً، فضعفت عزيمته وعزيمة زوجه وأكلا من الشجرة بكامل حريتهما واختيارهما.

    وجاءهما العقاب سريعاً فبدت لهما سوءاتهما، وعلما أن مصيرهما الخروج من الجنة ولم يجبرهما الشيطان على الفعل، ولم يكن له عليهما أي سلطان فاختارا بارادتهما، وهذا عين ما يفعله كل انسان حتى الآن وإلى أن تقوم الساعة بأمر الله.

    تأثيرات المجتمع

    ويتعرض الانسان منذ طفولته لتحديات كثيرة مستمرة، تبدأ بالوالدين اللذين “يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه” بما يقولانه له ويعلمانه اياه، فيتلقى ذلك وتستقر الأفكار والمعلومات بعقله طول حياته ويظل كثير منهم يتبع ما وجد عليه أبويه وأجداده، ويأتي بعد ذلك المجتمع وما فيه من أفكار وعادات وتقاليد “إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون”(23)(الزخرف). ثم يأتي الحاكم ومن حوله من ملأ يشيرون عليه ويزينون له ما يريدون “وأضل فرعون قومه وما هدى” “فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد”(97) “يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود”(98) هود “فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين(54) (الزخرف)، “وقال الملأ من قوم فرعون أنذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك”. ويتأثر الضعفاء بالذين استكبروا في كثير من الأحيان فيوردونهم موارد الهلاك في الجحيم “فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء”(21) (ابراهيم) “واذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار”(47). (غافر) وتنبهر الأمم بغيرها من الأمم القوية وتحاكيها في الضلال والفساد ظناً منها أن قوة تلك الأمة دليل على أنها على الحق أو الصواب فتلحق بها في النار يوم القيامة “.. كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا إداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذاباً ضعفاً من النار. قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون”(38) وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون”(39) (الأعراف) وتأتي بعد ذلك وسائل التعليم والاعلام والاعلان وما يستجد من بدع في مجتمعات الدول الحديثة ويقف على رأسهم يقودهم ويحركهم ويدعوهم إلى كل أشكال الضلال وصور الكفر والفسق والفساد الشيطان الرجيم بخيله ورجله حتى إذا انكشفت الحجب ونشرت الصحف يوم القيامة تنصل منهم على رؤوس الأشهاد “وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتهم لي. فلا تلوموني ولوموا أنفسكم. ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي. إني كفرت بما أشركتموني من قبل. إن الظالمين لهم عذاب أليم”(22) (ابراهيم). ولا تجدي صيحاتهم وصرخاتهم “ربنا أرنا الذين أضلانا عن الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين(29) (فصلت).

    الغرائز والحاجات العضوية

    ويبقى بعد ذلك ما لدى الانسان من غرائز وحاجات عضوية تدفعه نحو اشباعها بأي طريقة رغم عدم قدرتها على فعل أي شيء إلا بارادة الانسان. فالغرائز والحاجات العضوية فيها القابلية للخير وللشر. ولكن الذي يوجهها إلى أحد الطريقين هو العقل وما به من مفاهيم عن الخير والشر والثواب والعقاب وما لديه من ارادة حرة لا يقيدها شيء.
    فالعطش مثلاً ينبه الانسان إلى البحث عن الشرب. ولكنه لا يجبره على شرب الماء أو اللبن أو الخمر أو الامتناع والصوم، ولكن الذي يحدد ذلك ويحرك الجسد في أحد الاتجاهات هو العقل وحده فقط.
    والانسان لا يستطيع أن يلغي غرائزه وشهواته أو حاجاته العضوية فهي ضرورات بشرية في خلق الانسان وفطرته وسنة من سنن الخالق عز وجل في البشر وصفات أساسية في “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث. ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب.(14) (آل عمران) وعلى العقل أن يختار بكامل حريته وارادته بين متاع الحياة الدنيا وبين ما عند الله.

    وهكذا يعطل كثير من الناس عقولهم التي خلقها الله لهم والتي تميزوا بها عن البهائم والدواب والأنعام، فاكتفى بعضهم بتقليد آبائهم دون تفكير ولا تمحيص ولا تدرب، واتبع آخرون شهواتهم ناسين أو متناسين عمداً منهج الله الخالق عز وجل في التعامل مع تلك الشهوات ومال كثير منهم إلى الهوى وما يزينه لهم المفسدون في الأرض من شياطين الانس والجن. ومحاربة الأنبياء والرسل والدعاة إلى الله بكل الطرق من قول وتهديد واتهام بالسحر وبالجنون وقتل أنبياء الله في بعض الأحيان.
    لقد خلق الله الخلق لعبادته، وبين لهم المنهج الصحيح لذلك والصراط المستقيم للهدى والوصول إلى رضوانه فبعث لكل أمة رسولاً منها بذلك، وأمد الانسان بالعقل مميزاً له بذلك ورافعاً اياه على كثير من غيره، فكان العقل نعمة كبرى أضاعها من أضاعها واستعملها من استعملها للوصول إلى الصواب ففاز ونجا.

    حرية الاختيار

    إن العقل يختار بين المتناقضات، ويقرر حسب ما لديه من مخزون من المعلومات السابقة، والأعضاء آلات مسخرة تفعل الخير أو الشر حسب أوامر العقل، ولذلك فلا ذنب لها، وانما تقف جميعها يوم القيامة موقف (الشهود) “اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون (65)” (يس) “يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون(24) (النور) “حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20)”(فصلت). فهذه هي الأيدي والأرجل والألسنة والأسماع والأبصار شهود؛ فمن هو المتهم المحاكم المستحق للثواب أو للعقاب؟

    يخرج الإنسان من بطن أمه لا يعلم شيئاً، يتساوى في ذلك الناس جميعاً، وتبدأ وسائل الاحساس لديه في الاستقبال ويبدأ العقل في الترقي حتى يصل إلى درجة التكليف مكتسباً في تلك المراحل معلومات كافية لادراك الحق من الباطل والصحيح من الخطأ، ويصل الانسان إلى مرحلة التكليف بعد سنوات عدة. لذلك فلا تكليف على من لم يبلغ الحلم، ولا تكليف على من خلقه المولى عز وجل مجنوناً.

    والعقل الذي بلغ مرحلة التكليف يستطيع حسب ما لديه من معلومات سابقة تعلمها على مدى السنوات السابقة أن يميز بين الخطأ والصواب، وأن يدرك معنى الثواب والعقاب، وأن يعلم أن للخطأ توبة يقبلها الله ويمحو بها الخطيئة والخطأ كما حدث مع آدم عليه السلام عندما تاب الله “فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم(37)” (البقرة).

    أما من لم يتعلم ولم تصله الأوامر والنواهي مناط التكليف فليس عليه ثواب أو عقاب لقوله تعالى: “وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا” (الاسراء 15).



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

صفحة 14 من 15 الأولىالأولى ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 12 (0 من الأعضاء و 12 زائر)

     

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته