[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]









ياللغربة التي تسكن فينا و تسهر مآقينا و كأننا فعلاً ارتحلنا عن الوطن
لم يعد لنا في أوطاننا شبر نسكنه و لم يعد فيه فسحة نتنزه فيها
فكل أرجاءه مستعمرة و كل أرضه مغتصبة و ذرات ترابه محتلة
هواءه و ماءه و مساحاته المترامية على الجهات الأربع كلها أضحت عنا بعيدة
فأصبحنا غرباء بلا وطن ..

نشكو الغربة و نعلل النفس بالوصال و نتجاوز كل حدود الصعاب على أمل
أننا سنسكن يوماً في هذا الوطن ..
نلملم الأحزان نضمد الجراح و نقول عسى غداً افضل
نرمي بالحماقة في سلة من نسيان و نرتقب بعيون مرتعشة الفجر البعيد
و نحيا على أمل أن نعود يوماً لذاك الوطن

قد يتخيل للبعض أن الوطن هو تلك المساحة الجغرافية التي تضم بيوتنا
وقد يظن البعض أن الوطن تلك السجلات التي تمنحنا الحنسية
و قد يرى البعض بأن الوطن اقليم و قبيلة ..
ويرى البعض أن الوطن تلك الروح الوطنية المسكونة في دفاترنا و قيودنا

أما وطني الذي ابحث عنه ليس ذلك المحدد بغابة و بحر و مدن مسكونة
بالأشباح .. وطني الذي ابحث عنه أكبر من مساحة و تعداد لسكان
وطني الذي أبحث عنه ليس مدوناً في جواز السفر أو الهوية
وطني ليس ذاك الجبل و الغيوم الزرقاء و الاشجار العارية
وطني الحقيقي الذي أبحث عنه غير مرسوم على خارطة الكرة الأرضية
وطني الذي أحن اليه لا تراه العيون السوداء و لا الخضراء ولا العسلية
وطني الحقيقي لم تحتله بعد القوات المحتلة و الغازية
لأنه بعيد كل البعد عن المطامع البشرية و آلات القتل الحربية
وطني الحقيقي هو جنات عرضها السموات و الأرض أعدت
لمن اتقى و لمن احتسب و لمن صبر و لمن آمن و عمل صالحاً
و لمن رضي عما قدره الخالق له .. و إني بما كتب لي ربي راضية
فـ إلى متى سأحيا بلا وطن ..


[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]