كثيرا مانسمع من أشخاص تعرضوا لخوف أو رهبة شديدة قولهم.. "بغى يوقف قلبي من الخوف" !!
وأيضا نسمع من أولئك الأشخاص الذين تعرضوا لمواقف حياء محرجة أو خجل قولهم.. "تمنّيت لو الأرض انشقت وابلعتني ولا صرت بهالموقف" !!
وما هذه الجمل التي نسمعها بين حين وآخر .. سوى كناية عن شدة الموقف الذي تعرض له الشخص .
ولكن ماهي حقيقة تلك الشعور التي تنتابنا عند مواجهتنا لمثل هذه المواقف ؟ ولماذا نشعر بهذه الأنفعالات ؟
الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض الغدة النخامية [الموجودة في قاع الجمجمة] على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الأدرينالين Adrenaline والنور أدرينالين Noradrenaline من قبل الغدة الكظرية [الموجودة أعلى الكلية]، الذي يؤدي إفرازه في الدم إلى تغيرات فسيولوجية وكيميائية حيوية مذهلة، إنه يهيئ الجسم لقوى شيطانية رهيبة؛ وذلك استجابة لإشارة التهديد الصادرة من الغضب والغيظ والحقد، وتقوم أيضا غدة "الأدرينال" بإفراز هرمونات القشرة مثل هرمون "الكورتيزون"؛ لإعداد الجسم بيولوجيا للدفاع عن الإرهاق النفسي بأشكاله المختلفة.كما تقوم الأعصاب الودية على إفراز النور أدرينالين.
إن ارتفاع هرمون النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب، وهذا ما يشعر به الإنسان حين الانفعال، والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة. فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة، ويؤدي الى تدفق الدم وامتلاء هذه الأوعية الدموية [وهذا مايفسر احمرار الجسم عند هذه المواقف]، كما أن الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ، وقد يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجئ. وكلنا يسمع بتلك الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب.
هذا وإن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يحرر الجليكوجين من مخازنه في الكبد ويطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي، إذ من المعلوم أن معظم حوادث الداء السكري تبدأ بعد انفعال شديد لحزن أو غضب.
أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الإستقلاب الأساسي ويعمل على صرف كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلى شعور المنفعل أو الغَضِبْ بارتفاع حرارته وسخونة جلده . كما ترتفع شحوم الدم مما يؤهب لحدوث التصلب الشرياني ومن ثم إلى حدوث الجلطة القلبية أو الدماغية، كما يؤدي زيادة هذا الهرمون إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد. وهذا هو سبب إصابة ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.
ومن فوائد الأدرينالين هو مساعدتنا في مواجهة المواقف الصعبة و الخطرة والتي تتطلب منا ردة فعل سريعة .. مثل الفزع والهروب من حيوان مفترس ...
ويرى بعضهم أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد والذي يسبب فيضاً هرمونياً تؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي.
وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة وجود علاقات وثيقة بين الأنفعالات النفسية والأصابة بأمراض خطيرة ليس المجال هنا لذكر ذلك ، لأنه سيطول البحث.
ان هرمون الأدرينالين له رائحة قوية جدا لايشمها الأنسان ، ولكن تشمها الحيوانات المفترسة والجن _ وهم يحبون هذه الرائحة، ولذلك نسمع كثيرا عن تلبس الجان للأنسان عقب سقوطه على الأرض أو مواجهته للخوف ، وهذا بسبب افراز ذلك الهرمون الذي يحبه الجان ..!
أيضا نرى مهاجمة الكلاب [أعزكم الله] والحيوانات المفترسة للخائف ، بسبب شم تلك الرائحة المنبعثة من افراز الأدرينالين نتيجة الخوف منها ، ولا نراها تهاجم من لم يخف منها بسبب عدم تحفيز الغدة الكظرية لأفراز هذا الهرمون. وهانحن نرى هؤلاء المغامرون الذين يمسكون بالزواحف السامة كالثعابين و العقارب و يستمتعون بإمساكها رغم و جود السم فيها ولا يبالون من الخوف منها. ومثل ذلك نرى مروضي الحيوانات المفترسة .
شكرا لمتابعتكم ،، وشكرا لوقتكم الذي أمضيتموه في قراءة هذا النص الذي يطول فيه البحث لو أردنا تتبع خواص هذا الهرمون العجيب .. فسبحان الله الخالق المصوّر .
المفضلات