في محاضرة ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ، بالنادي الأدبي بجدة في لقاء مفتوح أواخر العام الماضي _ طرح سموه ماأسماه "ثقافة الأحباط"،، وكانت هناك دراسات وبحوث -
وبتذكري لتلك المحاضرة ،، ومدري ليش اليوم تذكرتها ،،
أود هنا أن أطرح مسببات الأحباط الجوهرية ، باعتبار ان الحلول تكون أنجح عندما نركز طاقاتنا على جذور المشكلة ونجابهها بشكل مباشر ،،
1_ يكمن السبب الأول في مايمكن تسميته [تقزم الفرد وتغول المؤسسات]. وهذه الظاهرة تطال جميع جميع المجتمعات، وليست على مجتمع معين.
اذ هي نتيجة حتمية لنمو المجتمعات وتعقد النظم فيها. فيجد الفرد نفسه صغيرا لايملك من القوة مايمكنه من الوقوف امام هذه المؤسسات، خاصة في ظل المركزية التي تحيط بها تلك المؤسسات نفسها.
ويكمن المنطلق الطبيعي للتقليل من آثارها في التحول التدريجي عن المركزية، والأنتقال الى التشاور وأخذ الرأي في صنع القرار، إذ كلما كان الفرد قريب من آلية صنع القرار أصبح أكثر احساسا بقدرته على التأثير فيها وابداء رأيه وايصال صوته الذي يعني بالتالي شعوره بالقوة والتمكين .
2_ اما السبب الثاني فهو ضعف احساس الفرد في الحقوق_بمعنى انه رغم وجود لوائح وانظمة عديدة تمنح الفرد الكثير من الحقوق .. الا ان ضعف احساس الفرد نفسه بهذه اللوائح وما تحتويه وما تعنيه .. يسهم في انعدام التطبيق الميداني وضعف الممارسة العملية لتلك الحقوق، مما يتولد عنه احساس مستمر بالأحباط.
ومن الواضح ان الفرد في رحلة بحثه عن حقوقه المهمشة أن يأخذ بزمام المبادرة في البحث والتنقيب والسؤال ليجد حقوقه ضمن هذه اللوائح، ومن ثم يعمل على المطالبة بها بشكل ايجابي.
3_ السبب الثالث هو الاحساس بالتوجس من الأختلاف والتعدد والخروج عن المألوف . حيث يصبح الأختلاف موضع شبهه وموضع اتهام. لذا ينأى الكثير بأنفسهم عن ان يبدوا حقيقة آرائهم ومواقفهم لئلا يوصفوا أو يوصموا بالأختلاف والشذوذ [والتغريد خارج السرب].
كلنا نذكر ان العظماء والمفكرين والقادة لم يبرزوا ببقائهم داخل السرب، أو بصمتهم وعدم ابداء آرائهم المخالفة ، بل لأنهم غردوا خارج السرب ، وكانت آراهم مخالفة لما اجمع عليه القوم.
علينا ان نعلم ان ابداء رأيك حتى لو كان مغايرا ليس سلبي ومذموم ، بل هو ايجابي ومحمود ،، فلم يكن كوبرنيكس مثلا _ عندما صدح بنظريته حول الكون يغرد داخل السرب !
هذه الأسباب الثلاثة مجتمعة أو منفردة تؤدي بالفرد الى الانكفاء على الذات مبتعدا عن المواجهة الايجابية البناءة. وفي هذا الانكفاء يتعزز شيئا فشيئا الشعور بالأحباط واليأس وانعدام الثقة في القدرة على التغيير.
وبالمقابل فإنه عندما يشعر المرء بقدرته على احداث التغيير الأيجابي في المحيط الذي يعيش فيه فإنه يشعر بالقوة والتحفيز الذي يغلق نوافذ الأحباط.
تمنياتي لكم بأن لاتكونوا سلبيين في آرائكم .
¥ هذا من الوجهة الأدبية _ أما من الوجهة الطبية فقد كتب موضوع عن الأحباط وكيفية التخلص منه في مضيف:
الطب والطب البديل .
المفضلات