يبدو أن بدر صفوق -أحد أعضاء لجنة التحكيم في شاعر المليون- قد نجح في استثارة القبيلة استثارة من وجهة نظري غير مبررة، وذلك للأسباب التالية:
1 - بدر صفوق غير مؤرخ وغير ملم بالتاريخ ويتضح ذلك من خلال طرحه.
2- بدر صفوق كان بقصد توجيه الاهانة للقبيلة وذلك لأنه ترك التعليق على نص القصيدة وعاد إلى مقدمة الشاعر عن الأمير عبيد الرشيد و علق عليها مما يدل على حاجة في نفس يعقوب.
3- محتمل أن بدر صفوق يقرأ تاريخ كتب المدارس الابتدائية التي أضيفت إليها بعض عبارات تشبه التي ذكرها بدر صفوق.
ولأني أحب شهادة الأعداء قبل الأصدقاء فقد استشهدت بأحد أكبر مؤرخي الدولة السعودية وقد ظللت المقطع المهم في المقالة وعليك أيها الباحث أن تعرف أنك ستخرج من المقالة بالنتائج التالية:
1- أن الأميرين عبدالله وعبيد أعادا فيصل بن تركي إلى الحكم.
2- فيصل بن تركي هو جد حكام الدولة السعودية الثالثة ولولا تدخل عبدالله وعبيد في إعادته لتم توارث الحكم في فرعي آل مشاري أو آل ثنيان من آل سعود.
3- يوجد خلط عند بعض الناس هل حائل قبل حكم آل رشيد تابعة للرياض؟
الجواب: الدولة السعودية الأولى قامت بضم كل الجزيرة العربية تحت لواءها لفترة بسيطة جدا وهذا مايفسر لنا الخلط الواضح بين الدولة السعودية الأولى والثانية. عندما سقطت الدولة السعودية الأولى وقامت الدولة السعودية الثانية لم يكن للأخيرة أي نفوذ على حائل ، بل أنها لم تستطع أن تتجاوز في حكمها المناطق القريبة من الدرعية لذلك يصر بعض المؤرخين عمدا أو سهوا أن الدولة السعودية الثانية شملت حائل وكانت وريثة للدولة السعودية الأولى.
4- يتناسى الكثيرين أن الإمام عبدالرحمن الفيصل و أخوه محمد الفيصل كانوا أمراء لبعض الأقاليم معينين من قبل أمير حائل وهذه الحقيقة لم تعد تذكر كثيرا هذه الأيام !!
[mark=#000000]
المقالةالمنشورة في جريدة الجزيرة :
رابط المقالة:
[/mark]
http://www.al-jazirah.com.sa/192124/fe5d.htm
"
خروج الإمام فيصل من معتقله بمصر عام 1259هـ تدبير ..أم مغامرة ..أم أثر لضغط؟
بقلم/ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد
على هامش ما تصدى لإيضاحه معالي أمين عام دارة الملك عبدالعزيز، الدكتور/ فهد بن عبدالله السماري، حول بعض الإشكالات التاريخية عن أسماء بعض مَنْ صحبوا الإمام فيصل بن تركي بعد خروجه من مصر للمرة الثانية، ورافقوه في طريقه إلى بلاده، وعدم ورود بعض ما في تلك الروايات من تفاصيل في المصادر المعتمدة، داعياً الدارسين والمهتمين إلى التثبت من إيراد النصوص والاستناد إلى المصادر الموثقة حتى يسهموا في تأصيل تاريخنا المحلي والوطني.
على هامش ذلك، أود الإشارة إلى أن الاهتمام بتفاصيل قصة خروج الإمام فيصل بن تركي من معتقله بمصر عام 1259هـ (1843م) للمرة الثانية من أهم ما يعنيه التاريخ عموماً، غير أن الأكثر أهميةً منه هو دراسة الأجواء السياسية والاجتماعية التي كانت تحيط بذلك المفصل التاريخي.. حيث أشارت كل التقارير الغربية، خاصة تقارير السفارة البريطانية، إلى أن عباس باشا - حفيد محمد علي - لعب دوراً أساسياً في عملية تسهيل هروب الإمام فيصل للمرة الثانية من معتقله بمصر يومئذٍ، إلا أن الباحث الحصيف يتوقع نتيجة لهذا الحدث أن شيئاً ما قد صار فعلاً، أو أن أشياء كثيرة في طريقها للحدوث!!
وقد يساعد الباحث على هذا الاستنتاج أن سياسة محمد علي باشا في تلك الآونة قد تحولت إلى صدام وخلاف مع العثمانيين، كما تغير إدراكه من خلال ما يتلقاه من تقارير متعددة ومتنوعة عن الجزيرة العربية، ولا سيما ما تلقاه من ابنه (إبراهيم باشا) في تعامله مع حروب الجزيرة العرية وشعبها الذي فهم منه أن تصوره عن الدولة السعودية ومذاهبها وقادتها كان زيفاً واستجابةً للتحريفات ضدهم أعدائهم المحليين، وخصومهم الأقربين والأبعدين، وليس نقلاً للحقيقة كما هي على أرض الواقع.
كما اقتنع محد علي باشا بتمسك النجديين بعقيدتهم الإسلامية وبقيادتهم، ولا سيما البيت السعودي، خاصة أنه قرر نزع عباءة العثمانيين، وأصبح يتحين الفرصة للانقضاض على جنوب الجزيرة العربية والخليج، كما أصبح يشكل هاجساً للنفوذ البريطاني في عدن والبحرين والكويت.
وفي تلك الأثناء بدأت الاستخبارات الأوربية وخاصة البريطانية والفرنسية تتحدث عن أطماع والي مصر.
ولأن محمد علي باشا أراد انتهاج سياسة جديدة تمكنه - تبعاً لطموحاته - من إيجاد قوة محلية في وسط الجزيرة العربية يعتمد عليها ويستعين بها في تحقيق أهدافه، لجأ إلى البيت السعودي الذي ساهم في السابق في تدميره، لكنه اليوم سيكون أقل تشدداً معه، وسيعمل على مصالحته.
كما أدرك محمد علي باشا بدهائه السياسي أن تلك الجزيرة الوعرة المسالك لن تستجيب له إلا من خلال قيادة من أصلاب ذلك البيت، فاختار (خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود) المقيم في مصر لتلك المهمة، لكن خالداً على الرغم مما لديه من علم وفهم وثقافة جيدة، ساير محمد علي باشا فترة ثم أدرك أن الحكم قد خرج من يده، ولن يعود إليه أبداً، فغادر ورضي من الغنيمة بالإياب، وشاء الله له أن يموت في مكة المكرمة بعد أن يئس من الحكم ولم يظفر به!.
إن المدبر للهرب هذه المرة سيكون عباس بن طوسون حفيد محمد علي باشا، الذي كانت تربطه بالإمام فيصل صداقة، حيث ذاعت شهرة الأخير، وأصبح شخصية مرموقة يلتف حولها السعوديون في مصر إذ كان أكبر شخصية سياسية معتقله في القاهرة.
وكان محمد علي باشا يميل إلى حفيده وشاع وقتها أنه سيورثه العرش بعد أن تدهورت صحة ابنه إبراهيم. وكان لعباس اتجاهاً إسلامياً، فوجد في الإمام فيصل ما جذبه إليه، لذلك أشارت التقارير الصادرة آنذاك إلى أن عباس باشا لعب دوراً كبيراً في عملية تهريب الإمام فيصل بن تركي من معتقله في مصر.
وقد ذكر أحمد زيني دحلان في كتابه(1) رواية تشبه هذه الرواية إذ قال: إن الخديوي عباس هو الذي أخرج الأمير فيصل ومن معه، وإن عباس باشا كان كثير الاجتماع بالأمير فيصل ومن معه، وإن عباس باشا كان كثير الاجتماع بالأمير فيصل في سجنه، ودار بينهما حديث حول استيلاء عبدالله بن ثنيان على بلاد نجد، فاتصل عباس باشا بجده (محمد علي باشا) وسعى لإخراج فيصل بسرية تامة وعندما تمكن من تجهيز الخيل والمطايا التي تحمله ومن معه إلى نجد بتواطؤ من الحراس، وعلم بذلك (إبراهيم باشا) أرسل من يتعقبه لعلهم يدركونه، وكان عباس باشا مع المتعقبين)!
أما المؤرخ النجدي عثمان بن بشر فقد ذكر رواية تختلف عن هذه في خروج الإمام فيصل بن تركي وابنه عبدالله ومن معهما من أبناء عمومتهم... فذكر أنهم تمكنوا من الهرب سراً بمعجزة، دون أن يعلم بهم أحد على الرغم من تشديد الرقابة حول السجن، إذ نزلوا من القلعة بواسطة حبال متدلية من فرجة بسور السجن ارتفاعها عن الأرض يقارب السبعين ذراعاً، ثم ركبوا مطايا سبق وإعدادها وتجهيزها تحت السور، وخرجوا من الأراضي المصرية بإرادة الله وتدبيره. وساروا إلى جبل شمر(2).
ومع إيماننا بأن إرادة الله فوق كل شيء، وهو صاحب المشيئة المطلقة، وتصديقنا بوجود المعجزات إذا توفرت شروطها، غير أننا لسنا مع ابن بشر فيما ذهب إليه؛ لأن إمكانية هروب شخصية مثل الإمام فيصل بن تركي ومن معه أمر مستبعد، بل مستحيل في ظل الحراسة المشددة، دون أن يبصر بهم أحد من حراس السجن أو غيرهم، ثم إن من سجنهم هو محمد علي باشا، المعروف بشدته وبطشه، فلا يمكن للحراس والجنود أن يهملوا أمر ذلك السجن المنيع، ولا يمكن أن يغفلوا أمر سجين ليس كغيره من السجناء، لأنه ليس رجلاً عادياً، بل هو أمير سعودي جيء به من مكان بعيد، للمرة الثانية إلى ذلك السجن.
أما رواية حافظ وهبة في كتابه (3) فتقول: إن الخديوي عباس اندفع إلى إخراج الأمير فيصل ومن معه من سجنهم بسبب إعجابه به.
وعزا المؤرخ المعروف كيلي(4) أن خروج الأمير فيصل من سجنه إلى جهد المقيم البريطاني في الخليج العربي (هنل) الذي توسط لدى محمد علي باشا لإطلاق سراح الأمير فيصل.. ولعل هذه الرواية هي أبعد الروايات عن الصواب.
ومع أن كل تلك الروايات ممكنة الحدوث، وربما تقارب بعضها من الصواب إلى درجة الملامسة لإيماننا المطلق بقدرة الله تعالى وتدبيره، ثم لما للخديوي عباس، من مكانة عند جده محمد علي باشا، إلا أن تلك الروايات جميعها في نظري غير مقنعة إلى درجة كافية.
غير أن أمراً واحداً في غاية الأهمية ربما كان السبب الحقيقي في خروج الإمام فيصل بن تركي من معتقله من مصر على الرغم من إحجام المؤرخين عن ذكره، ذلك هو الضغط السياسي الذي توج بمؤتمر لندن عام 1256هـ (1840م)، الذي بدأت فكرته عندما أحس الغرب بتوسعات محمد علي باشا خارج مصر، مما أخاف بريطانيا على مصالحها في الهند ومناطق المرور إليها في الخليج العربي حيث بدأت بريطانيا تخوف فرنسا والسلطات العثمانية، فما كان من فرنسا إلا أن أقنعت السلطات العثمانية منذ عام 1247هـ (1823م) بضرورة تقليم أظافر محمد علي والحد من قوته وتوسعاته فآنئذ ضغطت بريطانيا وفرنسا بمساعدة بلدان أوربية أخرى فخافت حتى روسيا وبروسيا على مصالحهما مع الدولة العثمانية مما أفضى لاتفاقية لندن التي تضمنت تعهد الدولة العثمانية وبريطانيا وبقية الدول بتوحيد جهودهم لإلزام محمد علي باشا بشروط التسوية، وبملاحق أخرى تحدد ممالكه في مصر بحكم وراثي في أسرته شريطة بقاء مصر ولاية عثمانية.
وهذا هو ما فطن إليه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في حديث أدلى به إلى مجموعة من المهتمين بعلم التاريخ، إذ ذكر أنه قد تولدت لديه قناعة بعد استعراضه للكثير مما دون حول خروج الإمام فيصل بن تركي من معتقله بمصر، فهو يرى أن محمد علي باشا نفسه كان قد أعطى إذناً لحفيده عباس أثناء أجواء الشحن بينه وبين خصومه في الدولة العثمانية، وفي الغرب كي يمهد للإمام فيصل الفرار من مصر، وهذا في الظاهر لكنه خروج بموافقة عليا، وعلل سمو الأمير ذلك بأن مصر يومئذٍ ما تزال ولاية عثمانية، ولا يستطيع محمد علي باشا الجهر بمعاندة الباب العالي وإطلاق سراح الإمام فيصل بن تركي ليعود إلى بلاده جهاراً، فجعلها مسألة مدبرة سراً ليأمن اللوم أو الاتهام بالمؤامرة على الدولة.. يضاف إلى ذلك أن محمد علي باشا كلف بمعارك نجد من قبل السلطات العثمانية لمصلحة يراها هو فلما بدأ النزاع وتوقع أنه سيخسر وينكمش لم يعد يبالي بما ستواجهه الدولة العثمانية من متاعب في داخل الجزيرة العربية.
وتوقع محمد علي باشا أن تنغص عودة آل سعود لحكمهم على الدولة العثمانية وهو عين ما كان يتمناه لها لأن العثمانيين قد تنكروا له ولجهوده، إضافة إلى أن (إبراهيم باشا) كان في غاية الحنق على العثمانيين والأوروبيين بسبب ما كان يدبر في الخفاء ضده.. لذلك انصب همه وهم والده على تدبير المتاعب للعثمانيين في البلاد التي تنسحب منها جيوشه.. لذا تغاضى عما فعله ابن أخيه عباس باشا، وكان محمد علي حينها قد أوشك على التنازل عن الحكم لإبراهيم باشا.
وهذه الرؤية في نظري هي الأقرب من بين تلك الروايات إلى الصواب، لأنها تكاد تتفق مع رواية المؤرخ أمين الريحاني (5) الذي ذكر أن محمد علي باشا هو الذي أمر بإخراج الإمام فيصل وإعادته حاكماً لأرض نجد.
وعليه تكون رؤية سمو الأمير سلمان مع ما يؤيدها من رواية المؤرخ أمين الريحاني، هي أرجح الروايات وأقربها للحقيقة لأنها تنسب تدبير الهروب إلى الرجل الأول في الحكومة الذي بيده الحل والعقد من ناحية، ثم للتوافق الزمني بين خروج الإمام فيصل من المعتقل وبين أفول نجم حكم محمد علي باشا الذي استمر حتى عام 1264هـ (1847م) بسبب مرضه.
وكان محمد علي باشا يأمل من وراء كل ذلك أن يرتبط الإمام فيصل به، وأن تقوم علاقات طيبة بينهما.
[mark=#FFFF00][mark=#000000]وأياً كان الأمر، فإن جميع هذه الروايات، على اختلاف توجهاتها، تتفق في أن الإمام فيصل بن تركي عاد إلى إقليم نجد عن طريق جبل شمر، الذي اختاره دون غيره لأسباب كثيرة لعل من أهمها أن تلك المنطقة هي أقرب المناطق إلى مصرن وأن حاكمها آنذاك عبدالله بن علي بن رشيد، أمير ذو شخصية، وله قوة مرهوبة خاصة بعد انتصاره على من حوله في معركة بقعاء وأنه قد جمع بين محبة رعيته له وخوفها منه، كما كان الصديق الحميم القديم للإمام فيصل بن تركي، وهو يتمتع في بلده (جبل شمر) باستقلالية ولن يستطيع ابن ثنيان في الرياض الوصول إليه.. مما سهل مهمة الإمام فيصل بن تركي إلى وصوله لبلده ومملكته بعد أن استقبله صديقه عبدالله بن رشيد وتلقاه بالتكريم والإكرام، وعظمه غاية الإعظام، قائلاً له: (ابشر بالمال والرجال والسير معك وحط الرحال) فكان عند حسن ظن الأمير فيصل به وما كان يأمله فيه، كما قال ابن بشر في تاريخه.[/mark] [/mark][mark=#FFFF00]
[/mark]لكن لِمَ هذا الاهتمام بالخروج الثاني للإمام فيصل دون خروجه للمرة الأولى؟ وهو الحدث الأكبر من الأهمية في حياة الإمام تركي والد الإمام فيصل عام 1243هـ، حين عاد الأمير فيصل إلى الرياض بعد تمكنه من الهروب من مصر التي عاش فيها سنوات طويلة، عاد وقد كان والده في أشد الحاجة إليه فصار ركن والده الركين، وأصبح يعتمد عليه في كل شؤونه. وقد ساعده على ذلك ما يتمتع به من صفات قيادية وفطرية، فقد كان متدنياً، حافظاً لكتاب الله، قيادياً عسكرياً، صهرته الأحداث، وشارك في حرب الدرعية، ولما يبلغ الخامسة عشرة من عمره في عهد الإمام سعود الكبير وقاوم قوات محمد علي باشا حتى وقع أسيراً ونقل إلى مصر ليبقى فيها نحو عشر سنوات.
ثم أفلت من معتقله وعاد إلى عاصمة والده وكان مقدراً له أن يحكم فيما بعد مرتين وأن يكون من أعظم آل سعود، بل أعظمهم في الدولة السعودية الثانية، وقد تزامنت سنة قدومه من مصر مع تحول في حكم والده في سيطرته على أقاليم نجد.
صحيح.. لم يهتم المؤرخون بتتبع مجريات أحداث هروب الإمام فيصل من معتقله للمرة الثانية في مصر وتحليلها، ولم يهتموا بمغامرة خروجه الأول بعد سجنه الطويل في مصر، أو فرض الإقامة الجبرية عليه لأكثر من عشر سنوات.. حتى إن بعض المؤرخين المحليين مروا على الحدث مر الكرام؟!
والجواب أن الأمر واضح، فالحادثة الأولى كانت حمله إلى الأسر بعد هدم الدرعية مع مجموعة كبيرة من الأبطال، والعوائل من آل سعود، وآل الشيخ، ومن الملازمين لهم حتى قيل إن مجموعهم بلغ (400) فرد!!
وقد قيل حول ذلك الأسر: إن أهل مصر خرجوا كلهم لمشاهدة القافلة المهزومة، ومشاهدة الأمراء الأسرى يُزج بهم في السكن الذي خصص لهم للإقامة الجبرية في حي السيدة عائشة، قرب القلعة، وتناقل البعض ما يتحدث به بعضهم من صلاح أصحاب تلك القافلة فقد ذكر ابن بشر: بعد استسلام الإمام فيصل، وكان - إذ ذاك - شاباً مقاتلاً وصل إلى المدينة المنورة، ومنها إلى مصر حيث أنزل في بيت، وجعل عنده حراساً وكان يقضي وقته في العبادة، وكان كثير من أهل مصر يأتون إليه ليرقيهم الرقية الشرعية فكانوا يرون أثر الشفاء من تلك الرقية.
وقد شهد كثير من المؤرخين أنَّ مَنْ رحلوا إلى مصر من السعوديين عوملوا معاملةً حسنةً، حتى إن بعضهم أطلق سراحه ليتجول ويدرس. فكانوا يتنقلون بحرية ويجتمعون بمن شاءوا.. الأمر الذي سهَّل خروج الكثير منهم بعد أن بدأ محمد علي باشا يتحول في سياسته وينصرف عن الباب العالي، وكأنه اضطر أو أحس بضرورة المصالحة مع تلك الجماعة.
ومن هنا، كان الاهتمام بقضية هروب بعض أفراد الأسرة السعودية وبعض أفراد آل الشيخ وغيرهم من الأسرى في ذلك الوقت، أمراً غير لافت.. ويختلف هذا عن هروب الإمام فيصل من معتقله للمرة الثانية لما له من آثار هامة سبقت الإشارة إلى بعضها.
ولهذا يستغرب المستشرق المسلم عبدالله فيلبي عدم تقديم المؤرخين المعاصرين للإمام فيصل بن تركي تفاصيل أكثر عن مغامرة هروبه الثانية الخيالية، حيث لا تفاصيل ولا اهتمام من المعاصرين بتلك القضية المثيرة.
(1) (خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام) المطبعة الخيرية 1305هـ، ط3،ج2، ص312-313.
(2) عنوان المجد في تاريخ نجد، ط3، ج2، ص126، الرياض، وزارة المعارف، 1394هـ -1974م، حققه وعلق عليه عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ.
(3) جزيرة العرب في القرن العشرين، ص234. القاهرة- مطبوعات لجنة التأليف والترجمة والنشر 1387هـ-1967م.
(4) Kelly (Jone.B) Esatern Arabian Frontiers, London 1954
(5) تاريخ نجد الحديث وملحقاته ص95، ط2، بيروت 1374هـ- 1974م
"
انتهت المقالة
جريدة الجزيرة
المفضلات