[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]



من منا لم يسمع أو يقرأ كلمات مونولوج ليلة الوداع الذي غناه أكثر من مطرب
وكتب كلماته الكاتب أمين عزت فخلد عبر الأزمنة في العقول و الأفئدة ..
ليس لحسن الأداء بل لدقة الكلمة و لتناغم الحروف و رسمها صورة بيانية كأنها
مرتسمة بريشة فنان موهوب ..
ليلة الوداع .. مونولوج باللهجة المصرية و يعد من افخر و أجمل مونولوجات القرن
المنصرم لمافيه من احاسيس عميقة و شغف نبيل و وجد متبتل ..

فـ غالبية الكتاب في منتصف القرن الماضي كانوا يحترمون الذائقة العامة فلم يكتبوا
للجمهور كلاماً مبتذلاً ولا هوىًَ فاضحاً ولا مفردات تخدش الحياء أو مستهلكة .
ودائماً في البيوت الدمشقية العريقة تحافظ على عدم ادخال اي ثقافة فنية عصرية
لأنها تعتبر ثقافة انحلالية تدعو للمجون وإثارة الغرائز ..

لا أريد الاستفاضة .. في انطباعي حول (ليلة الوداع ) فهو كبير جداً.. ولكي يتأقلم
اسم القسم الجديد مع المحتوى قررت أن اجعل القلم هنا في حالة بوح وليس
مقالة كالمقالات المعتادة فجزى الله القائمين على هذا الصرح خير جزاء
فعلاً بوح القلم هو الاسم الانسب لما نكتب ..!!

يقول أمين عزت ..
ليلة الوداع طال السهر وقال لي قلبي إيه الخبر
قلتِ الحبايب هجروني

الوردة دي ريحتك فيها احفظها تذكار لهواكي
وبإيديكي كنتِ قطفتيها والورد يحلى في إيديكي
ساعة الوداع قدّمتيها بكيت وقالوا إيه الخبر
قلتِ الحبايب هجروني

وقفتِ سكاتة وحيرانة ووقفتِ حيران وباكي
وبالدموع يا ما بكينا والدمع دا لسان الشاكي
فرح عذابي وشقاكِ وقال لي قلبي إيه الخبر
قلتِ الحبايب هجروني

الطير راح أشرح له غرامي وقل له أبكي وواسيني
وحمّل النسمة سلامي وسمّع البدر أنيني
وحاسهر الليل وتنامي وقال لي قلبي إيه الخبر
قلت الحبايب هجروني..

ما أصعب الهجران وما أقسى أن يفارق المرء أمكنة ألفها وكلما همّ بالارتحال تتمسك
به جدرانها وزواياها و أقسامها وغرفها وعتباتها قائلة له لا ترتحل عنا ..
فيعود ليمارس انين الوجد و يحكي عنه للورد ومع ذلك تظهر الاشواك في قلب الأمكنة
لتطرد المرء من إلفةٍ وألاف .. فيستحيل التعايش مع الأشواك .. فـ يفكر من جديد بمعنى
الارتحال .. هكذا وضمن دوامة الوجد و الود تتذابل بتلات الورد لكي تعبر عن حزنها وأسفها
لما حدث لذاك الشاكي هواه فأمطر بدل الدمع سحباً من أشواق ..

لن يستطيع أحد على ظهر هذه الكائنة تقدير معنى الغصة و الألم إلا من تعايشها بالاحساس
و كبر معها بالافكار و نام واستيقظ على مدار الأيام و الفصول و السنون ..
كفى ..ايها القلم مالك قد استرسلت بلا مكابح هل فقدت الاتزان ..
لنعد أنا وأنت الى ليلة الوداع .. وطال السهر فيها إلى أن نادى المؤذن ان يا أرحم الراحمين
وسأل أمين عن الخبر قال له السهر بأن الاحبة قد هجروه .. يالها من صورة بيانية نفتقدها
في وقتنا الحاضر فكم شاعر قادر على رسم نفس الصورة ..!! لا أحد ..

أما الوفاء و التذكار فلقد اكتنز بتلات الوردة التي حملت رائحة الحبيبة وليس كل المحبين
سواء في هذا ..لكن يبقى الورد أسمى تعبير عن المشاعر الحقيقية وليست الزائفة.
أما مناجاة الدموع فتلك لعمري صورة لم ترد لا من قبل ولا من بعد في شعرنا الغنائي
منذ عقود .. لله درهم ابناء ذاك الجيل من اي قاموس اتوا بالابجدية فانسابت كأنها
جداول ماء وخرير سواقي ..

و كانت القفلة بـ الطير والنسيم فهما من سيحملان الاشواق للمحبوبة ..بكل صدق وأمانة
فلا هما بقادرين على التلاعب بالالفاظ ولا هما قادرين على التلاعب بالمحتوى ..
لقد اختار الكاتب مخلوقات مخلوقة من حرية وضوء نهار و أغصان الاشجار ..
مراسيل تختلف عن مراسيل اليوم التي اختزلها البريد الالكتروني فأصبحت مشاعرنا
تعتمد لغة HTML جافة فارغة المحتوى الانساني و المعنى الشعوري الذي يميز
الإنسان عن بقية المخلوقات ..
لنستمتع بقراءة ليلة الوداع لعلها حقيقة ليلة وداع ولا ندري ..

[/align][/cell][/table1][/align]