[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]






تركت الموتى يدفنون موتاهم ..
لا... لا تذهب بفكرك الى البعيد أيها القارئ
إنما هنا معنى آخر لا تدركه بالحواس الخمس التي متعك الله بها
ولم تستعملها في طاعة الإله..

فإنني فعلاً تركت الموتى يدفنون موتاهم ولا أعني هنا شهداء غزة من الأطفال
و النساء و الشيوخ ولا أعني بالدفن حطام المساجد فوق رؤوس المصلين ..
ولا أعني الدور السكنية التي تعاني الحصار منذ شهور وهي خاوية من المؤنة
و الكهرباء و الماء و المازوت ..

بل تركت الموتى يدفنون موتاهم ..
فمن عابر إلى مقيم ومن ثائر الى خانع ومن متطبع إلى حميّ و من جماعة الرثاء
الى جماعة اللطم و اللكم والكلم ..
تركت الموتى يدفنون موتاهم ...
حينما وجدت كلٌ يغني على ليلاه .. فبين الباحثين على الفضيلة و بين الباحثين عن
الرذيلة هناك متسع من الوقت للفرار ..
تركت الموتى يدفنون موتاهم ...
من فاغر الفاه ومن فارغ العقل ومن فارغ القلم وفارغ الفكر وفارغ المحتوى
ومن تاجر بالجرح لـ مستثمر للنبض ومن أسهر الليل يشدو بالقصيد والنثر
تركت الموتى يدفنون موتاهم ..
حينما راعني فكر اليوم و تأبط الاستسلام للقيم اليوم ومن خطيئة اللسان
ومن زنى القلب ومن عثرات المروءة التي أُجهضت في الرؤوس ..
وحينما رأيت صورنا معتقلين بقيود من حديد ، ومن مكممين بالقطران
حينما تربع الخائن على عروش كان يقطنها الوفاء وحينما أصبح للأقزام
نداء و حينما تغيرت المعتقدات ..
تركت الموتى يدفنون موتاهم ...
حينما سارعت الخطى و التجأت الى ربي في سحري و قيامي راجية إياه أن يعفو
عني وعن من كان مثلي وعن المضطهدين مثلي وعن الضعفاء مثلي وعن المكلومين
مثلي .. و عن من تم مصادرة رأيه مثلي وعن من أنهكت حروفة مثلي وعن من يُرمى
بحجارة سجيل مثلي .. لأني لم أمت بعد ولم أدفن موتاي بعد ..
نبضي .. لا يزال يحيا في وريدي و نخوتي تساوي ألف ألف عربي أما إحساسي
يتسع للملايين من مثلي ..
أنا لم أمت بعد .. فأنا العروبة .. التي تحيا في قلوب الشرفاء و الوطنيين و الأحرار
أنا لم أدفن موتاي بعد .. لأن من حولي قلة مثلي و لا يزال أولئك على قيد الحياة
أنا العروبة يا أنتم .. وأنا صهيل كل عربي أبيّ ..
أنا العروبة يا من تشرذمتم .. و تقنعتم و صرتم دمى متحركة ..
أنا العروبة يا أنتم ..
وفجأة يطرق باب سمعي فارس كل وقت و آوان .. قائلاً لي أنا الإسلام
فلا تحزني أيتها العروبة .. فمن نصر الإسلام في عهد الضعفاء و المخذولين
سأنصره يوم الدين .. وسأحشرك مع عمر بن الخطاب وابن الوليد ..
كفاني هذا عن صمتكم ومواتكم أيها الموتى ..فاذهبوا وتابعوا دفن موتاكم
فلن تؤجروا وربي لجحيم سوف تصطلوا ..اذهبواااا إلى التطبيع ..
شام


[/align][/cell][/table1][/align]