كنت أتابع المؤتمر الصحفي وفي لحظة شاهدت أحد الصحفيين يقذف نعاله " قندرته بالعراقي " على وجه الرئيس الامريكي والحقها بالثانية .
شعرت بالسعادة في بداية الامر ، وأعتبرت أن ما قام به هذا الرجل عملٌ جلل وشجاع ، وبدأت ابحث في كل المحطات الاخبارية لمشاهدة المنظر مرة وأخرى مسروراً لكي افش خلقي كما يقول الاخوة اللبنانيين .
الا أنني وبعد فترة انتابني الحزن بعد ذهبت السكره واتت الفكره ، حيث كنت اتعامل مع الحدث بعاطفتي دون ان يؤثر عليها عقلي قد انمله الامر الذي جعلني بعد التدخل المفاجيء للعقل بان ما حصل لا يعدوا سوى ثقافة اعتدنا عليها نحن العرب .
تذكرت ذلك الرجل العراقي الطاعن في السن عندما أمسك صورة الرئيس العراقي صدام حسين وأخذ يضربها بنعاله وهو يصرخ وكأنه بحالة هستيرية ، كما تذكرت صورة بوش الاب عندما وضعت بعهد الحكم الصدامي على مدخل فندق فلسطين ببغداد لكي تداس من قبل قنادر من يدخل بوابة الفندق ، كما تذكرت صور الرؤساء الصهاينه والامريكان والبريطانيين في اي مظاهرة يخرج بها العرب فتوطء قنادرهم تلك الصور ، فتيقنت أنها ثقافة عربية تنم عن الضعف والوهن الذي يعيشه هذا الشعب حيث لا يملكون سوى النعال او القندرة للتعبير عن آرائهم ومعاناتهم .
مسكين هذا الشعب الذي بدل ثقافته العريقة والنبيلة بثقافة أقل ما يقال عنها انها ثقافة القنادر
مسكين هذا الشعب الذي يعتبر أن القندرة اصبحت رمزاً للشجاعة والبطولة واسترداد الكرامة المهدورة ، ومسكين هذا الشعب الذي وصل الى هذا المستوى بعد أن كان في القمة يحلق في السماء من أمجاد قد حققها بالسيف والعلم والايمان .
صعقت عندما قرأت خبراً بان أن التجار في الشقيقة السعودية يعرض عشرة ملايين ريال لشراء قندرة الزيدي ، واهل غزة محاصرين يستنجدون باخوانهم العرب فلم يخرج لنا هذا التاجر المتبجح ليقدم لهم عشرة هللات يسد بها رمق طفل هناك .
صعقت عندما سمعت وقرأت عبر الوسائل الاعلامية العربية هذا الفرح العربي العارم بقندرة الزيدي والافتخار بها شعراً ونثراً ومقالاً بينما لم تكن تلك المشاعر من أجل أطفال غزة ولا من أجل ضحايا دارفور او الشعب العراقي .
صعقت وصعقت عندما نتحرك بكل هذه القوة من أجل قندرة بينما لا نحرك ساكناً حين نشاهد طفلاً يمزق أو عجوزاً تقتل او شاباً يعذب او شيخاً ينحر .
وبعد ما صعقت تذكرتالمتنبي قبل أكثر من الف عام عندما قال :
يا امة ضحكت من اجلها الامم
المفضلات