لقد اختار الله الليل ليكون وقت الاستغراق في العبادة،
لكن هل يكون ذلك على حساب صحة الإنسان العقلية،
و نحن نعلم كم هو مفيد نوم الإنسان في الليل؟
رمضان شهر القيام، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))
و لقد خلق الله النهار للنشط فيه، و نبتغي من فضل الله، و خلق الليل لنسكن فيه، و النوم نعمة من نعم الله علينا، إذ في لنوم راحة لجهازنا العصبي، فلو حرم الإنسان من النوم لبضعة أيام، فإن عمل الدماغ لديه يضطرب.
و في النوم ترميم لما أهترأ من جسم الإنسان، كما يتم النمو خلاله أيضاً، و خاصة نوم الليل، حيث تزداد الهرمونات التي تنشط النمو و الترميم أثناء الليل، و يزداد في النهار بدلاً عنها هرمونات من أجل العمل و الحركة، و في النهار يغلب معدل الاهتراء في الجسم معدل الترميم و البناء، قال تعالى ((وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))لكن الله أثنى على المتقين، بأنهم كانوا قليلاُ من الليل ما يهجعون، قال تعالى: ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ، كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ))
و هنا يثور في الذهن السؤال: لقد اختار الله الليل ليكون وقت الاستغراق في العبادة، لكن هل يكون ذلك على حساب صحة الإنسان العقلية، و نحن نعلم كم هم مفيد نوم الإنسان في الليل؟
و الجواب أنه لن يكون ذلك أبدا، فق كشفت دراسات الأطباء النفسين- في السنين الأخيرة- أن حرمان المريض المصاب الاكتئاب النفسي من النوم ليلة كاملة، و عدم السماح له بالنوم حتى مساء اليوم التالي، هذا الحرمان من النوم له فعل عجيب في تخفيف اكتئابه النفسي، تحسين مزاجه، حتى لو كان من الحالات التي لم تنفع فيها الأدوية المضادة للاكتئاب، ثم اجريت دراسات أخرى، فوجدوا أنه لا داعي لحرمان المريض من النوم ليلة كاملة كي يتحسن مزاجه، إنما يكفي حرمانه من النوم النصف الثاني من الليل، لنحصل على القدر نفسه من تحسن حالته: ((، كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يهْجَعُونَ ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ))
إذا لقيام الليل و التهجد في الأسحار جائزة فورية، و هي اعتدال و تحسن في مزاج القائمين و المتهجدين، و في صحتهم النفسية.
من كتاب سكينة الإيمان
الدكتور محمد كمال الشريف
المفضلات