[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
إن عملية احترام العقول لـ عملية شديدة الضراوة و تسفر أحياناً عن استهجان
و في أحيان أخرى تسفر عن أضرار معنوية لا طائل لها ..
احترام العقول ينتج بالدرجة الأولى عن ما يسمى مصداقية .. والمصداقية
أي الصدق في الطرح الصدق في الأخذ الصدق في العطاء و الصدق في
تبني هموم أمة بأكملها.

وعملية المصداقية عملية تامة غير قابلة القسمة على أكثر من نفسها
ولا يمكن اختراع روافد لها .. فهي كينونة موحدة واحدة .. اسمها مصداقية.
المصداقية التي تؤدي نهايةً الى احترام العقول تنشأ من الصدق مع الذات
فلا يمكن احتمال النقيض هنا أي لا يمكن أن يكون المرء كاذباً على ذاته
وصادقاً في العطاء انها معادلة مستحيلة الحل .

لدى متابعة إحدى الفضائيات منذ مدة كان يعرض تفاصيل عن فيلم هوليودي
بلغت قيمة تصوير و انتاج أحد المشاهد فيه إلى مليون ونصف دولار أمريكي
و المشهد عبارة عن حريق وقع في أحد الأماكن .
كان يمكن للمخرج أن يقوم بعملية خداع بصري باستخدام الحاسوب
و بتكلفة أقل بكثير مما تم انفاقها على مشاهد الحريق لكن ..
عندما سئل المخرج عن السبب أجاب ( إنني أحترم العقول )
إجابة تدفع بأي قلم لأن يكتب عشر مقالات نظراً لافتقادنا و حرماننا
لـ احترام عقولنا التي اصبحت كالكرة المطاطية .. قابلة للشد و للتقلص

المصداقية التي أدت لخسارة مليون ونصف المليون دولار كانت ناتج عن
القناعة التامة بضرورة احترام العقول فالمشاهد أو القارئ اليوم لم يعد
ينخدع بالممثل البديل ولا بالكلمة المحرفنة .
إن مانعاني منه في عالمنا العربي للأسف الشديد و الكلي بصراحة
بسبب فقدان المصداقية التي أدت بدورها الى تفشي عدم احترام العقول
و كلاهما كانا من دواعي القهقرة وراء الأمم ..
مصداقية + احترام عقل = حضارة .. معادلة سهلة الحل ولا يوجد فيها
مجاهيل إذ طالما اسلامنا يحضنا على المصداقية فـ الغشاش ليس منا
و المنافق في الدرك الأسفل لجهنم ..
لكنها مثّلنا و قيمنا و مبادئنا استغلها الغرب فناطح السحاب وخلق لنفسه
حضارة سحقت بارتقاءها كل الحضارات من عهد ثمود الى قوم اليوم ..

المصداقية و أزمة احترام العقول ظاهرة شديدة البأس و شديدة الوطأة
كيف لنا نتخلص منها .. و البائع من أكبر سماسرة هذا الوطن ..
و التاجر من أكبر لصوص هذا الزمن .. و المستهلك بين البائع و التاجر
ضحية من ضحاياهم .

المصداقية و أزمة احترام العقول بين القلم و الكاتب و بين الرقيب
و مقصه و الضحية قارئ غلبان ..
المصداقية و أزمة احترام العقول بين زعماء يتناولون نخب مصرع غزة ويافا
والعراق و لبنان و السودان على طاولات الغمم العشرين ..
وأسفاه .. أن ننعي لكم خبر وفاة المصداقية و العزاء في ملتقى الرؤوس
الخالية من العقول .

[/align][/cell][/table1][/align]