الملح والسكر
الملح والسكر مادتان أساسيتان للحياة ، لا يستغني عنهما أبدا ، ولا تطيب الحياة والصحة دونهما . إن المفهوم الخاطئ لاعتبارهما سموم البدن يرجع إلى ارتباطهما الوثيق بمرضين خطيرين يؤرقان البشرية ويحصدان ملايين البشر سنويا وهما مرضالسكري ومرض ارتفاع ضغط الدم ، ويعتبران من أكثر أسباب الوفيات في العالم ، وتنفق الدول أموالا تقدر بالمليارات لعلاج مثل هؤلاء المرضى ، بالإضافة إلى مايتحمله المريض .
لا يتفق المفهوم العلمي بتسميتهما بسموم البدن لأن السم عادة يكون خطيرا ومميتا في حالة أخذه بجرعة معينة ، لكن بالنسبة إلى السكر والملح فأن نقصهما في الجسم يؤدي إلى أمراض خطرة لا يقل أذاها عن المرضين السابقين ، لكن هذه الأمراض ليست شائعة الوجود مثل مرضي السكر وارتفاع ضغط الدم .
لا أود الحديث هنا عن المادتين بمفهومها الكيميائي و الفيزيائي ، بل سيكون الحديث عن المرضين المرتبطين بهاتين المادتين ، وسيكون التركيز على مرضى السكري المصابين بارتفاع ضغط الدم.
الملح كما هو معروف بعلاقته الكبيرة وكونه أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بارتفاع ضغط الدم ، وينصح دائما بالتقليل منه عند مرضى ارتفاع ضغط الدم والقلب والكلى وكبار السن وغيرهم . والملح المقصود هنا هو ملح الصوديوم ، الذي يشكل 99 % من ملح الطعام ويكون بشكل كلوريد الصوديم ، ويحتوي ملح الطعام بالإضافة إلى الصوديوم على أملاح البوتاسيوم والكالسيوم واليود لكن بتركيز قليل جدا.
أما بالنسبة للسكر فمن أسمه يظهر ارتباطه الأساسي بمرض السكري الذي يتميز بارتفاع معدل السكر بالدم .
ارتفاع ضغط الدم عند مرضى السكري :
مرض السكري من أكثر الأمراض انتشارا في العالم ، ويقدر عدد المصابين به على مستوى العالم 10% ، علما أن نسبة الإصابة به تختلف بين دولة وأخرى . ويعتبر انتشار مرض السكري في الوطن العربي من أعلى النسب في العالم ، ففي السعودية 16% ، الإمارات 24% ، مصر 10% ، البحرين 10% ، عمان 12% . وتشكل هذه النسب العالية كارثة محلية لكل مجتمع . هناك نوعان رئيسيان لمرض السكري :
النوع الأول يصيب الأطفال عادة ويقدر بـ 10% من عدد المصابين بالسكري .
النوع الثاني فيصيب البالغين ويصل عدد المصابين به إلى 90% ، وهناك أنواع أخرى منها سكر الحمل الذي يظهر أثناء فترة حمل المرأة ويظهر عادة بعد الشهر الرابع من الحمل . [ وسيكون انشاءلله الموضوع القادم ]
يحصل مرض السكري نتيجة نقص أو انعدام إفراز هرمون الأنسولين من قبل خلايا بيتا في جزر لانكرهانز الموجودة على البنكرياس ، ويعمل الانسولين على إدخال سكر العنب ( الجلوكوز ) إلى داخل الخلايا من أجل استهلاكه والحصول على الطاقة . أن هذا النقص أو الانعدام في هرمون الانسولين سيؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم مما يؤدي مع مرور الوقت إلى مضاعفات خطيرة كأمراض القلب والجهاز العصبي واعتلال شبكية العين وتلف في الكليتين ، بالإضافة إلى جعل الجسم عرضة للإصابات الجرثومية والفطرية .
هذه بعض المعلومات معروفة نوعا ما بالنسبة للكثير من المرضى المصابين بالسكري نتيجة الاهتمام الواسع بتوعية الناس بخطر هذا المرض ، حيث يزود الأطباء والعاملين بالمجال الصحي مرضى السكري بهذه المعلومات في سبيل توضيح المرض .
أما ما قد يجهله الكثير من مرضى السكري هو الارتباط الكبير بين السكري وارتفاع ضغط الدم ، حيث يصل عدد المصابين بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم معا إلى ما يقارب الـ 70% من مرضى السكري . وتشير التقارير إلى أن أكثر من 65% من مرضى السكري يموتون نتيجة أمراض القلب والسكتة الدماغية ، التي تعتبر من مضاعفات ارتفاع ضغط الدم . بالإضافة إلى أن معدل إصابة مرضى السكري بارتفاع ضغط الدم هو الضعف عند البشر غير المصابين بمرض السكري .
ارتفاع ضغط الدم الذي يطلق عليه أحيانا "المرض الصامت " بسبب عدم وجود أعراض خاصة
به ، وفي حالات كثيرة لا يشخص المرض إلا بعد أن تظهر المضاعفات أثر الإصابة به . علما أن 90% من المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يعرف سبب لأصابتهم . هناك الكثير من الأسباب التي يعزى إليها الإصابة بهذين المرضين ، السكري وارتفاع ضغط الدم ، منها عامل الوراثة أو الإجهاد والتوتر أو القلق . بالإضافة إلى الأسباب الأخرى التي تعبر وظيفية أو خاصة بكل مرض .
يعتبر ارتفاع ضغط الدم المستمر وغير المسيطر عليه عامل أساسي في تطور مضاعفات مرض السكري المتمثلة في اعتلال شبكية العين ، و خلل في وظائف الكلى ، وأمراض الشريان التاجي ، و اختلال الأوعية الطرفية ( في الساقين والذراعين ) .
من أجل تشخيص دقيق وصحيح لمرض ارتفاع ضغط الدم لابد أن تتم عملية قياس ضغط الدم عدة مرات ولأيام مختلفة . عادة يزيد ارتفاع ضغط الدم من المضاعفات التي يسببها السكري ، فقد يؤثر هذا الارتفاع على الأوعية الدموية الصغيرة ( Microvascular ) فيسبب أذى قد يصيب الكلى ( Nephropathy ) أو شبكية العين ( Retinopathy ) ، او قد يصيب الأوعية الدموية الكبيرة ( Macrovascular ) فيسبب تصلب الشرايين ( Atherosclerotic ) . وعادة يزيد من حالات الوفاة المبكرة .
يصنف ارتفاع ضغط الدم عند المرضى العاديين ، غير المصابين بمرض السكري عدة تصنيفات ، وكما هو مبين في الجدول التالي لأشخاص لا يتناولون أي دواء لخفض ضغط الدم .
....التصنيف.............الضغط الأنقباضي mm/Hg ...................الضغط الأنبساطي mm/Hg
الضغط المثالي.................... 120 أو أقل........................................ 80 أو أقل
الضغط الطبيعي................... 130 أو أقل........................................ 85 أو أقل
الضغط الطبيعي المرتفع........ 130 - 139........................................ 85 - 89
ضغط مرتفع من الدرجة الأولى 140 - 159 .......................................90 - 99
ضغط مرتفع من الدرجة الثانية 160 - 179....................................... 100 - 109
ضغط مرتفع من الدرجة الثالثة 180 أو أعلى.................................... 110 أو أعلى
______________________________________________________________
* يمكن معالجته والسيطرة عليه بالحمية وتقليل ملح الصوديوم والرياضة وتقليل التوتر والإجهاد .
إن الهدف من علاج ارتفاع ضغط الدم عند المرضى هو المحافظة على القياس أقل من 140 \ 90 ملم زئبق . أما عند مرضى السكري فيجب المحافظة على القياس أقل من 130 \ 80 ملم زئبق ، لأن ارتفاع ضغط الدم عن 130 \ 80 ملم زئبق يعني الإصابة بارتفاع ضغط الدم ، ويتوجب وصف العلاج لخفض ضغط الدم . بالإضافة إلى المتابعة المستمرة لمراقبة ضغط الدم ، وأجراء كل الاختبارات الدورية لتجنب المضاعفات .
*
المفضلات