[align=CENTER][table1="width:95%;background-color:black;border:2px solid gray;"][cell="filter:;"][align=center]
لم أنساها تلك العبارة التي همس بها والدي في أذني في أول يوم جامعي لي في حياتي حين قال :
( كوني كما أنتِ طاهرة نقية .. جميع أعمالكِ خالصة لوجه الله .. أبحثي دائماً عن الحقيقة .. ومفتاح الحقيقة العلم )
ولم أنسى أبداً ذلك اليوم الذي تحدثت معه على الهاتف و أنا في الجامعة لأبشره بنجاحي وتفوقي ..
وحين عودتي للمنزل وجدته ينتظرني وفور دخولي أخذني بالأحضان و أمطرني بالقبلات و كأني طفلة الأربع سنوات ..
ولا يعني طي قيدي من الجامعة منذ عام هو طي قيد لتلك الوصية ..
فما زالت ترن في أذني حتى هذه الساعة .. وستبقى معي لأخر يوم في حياتي ..
وكأن والدي حين همس لي بها – في الوقت هذا الذي كان بداية لدخولي مرحلة جديدة –
على علم بأن أبنته بانخراطها في الصفوف الجامعية سوف تخالط جميع الطبقات و المستويات
و تتطلع على ثقافات أخرى مغايره عن ما تعلمته في المدرسة ..
وترى عينها الحياة من زاوية أخرى تكون هي الجسر للعبور والخروج للحياة العملية فيما بعد ..
في هذا الزمن الذي يكثر به التباس الحق بالباطل وتكثر الشبهات ..فــ القابض على دينه كالقابض على جمر ..
هنا كان علينا التسلح بالعلم والمعرفة حتى يكون لنا حجة قويه لمن أراد الخروج عن الحق بطرق ملتوية ..
زماننا هذا كثر فيه الأحزاب و الفرق الضالة التي تلتصق بالإسلام وتنسب نفسها إليه زوراً ..
والضحية هم ضعفاء الإيمان قليلون المعرفة ..
فــ أقرب مثال لتلك الشبهات التي خرجوا لنا بها : ظهور أنواع ومسميات كثيرة لزواج كــ المتعة .. المسيار ..
المسفار .. العرفي .. و أشياء ما أنزل الله بها من سلطان .
حتى الأجناس لم يخلق الله إلا ذكر وأنثى و لم يرد في القرآن غير هذان اللفظان لبني البشر ..
فنجدهم يصنفوا لجنس أخر يسمى بــ الجنس الثالث فهم ليس إلا مرضا خارجون عن الفطرة السوية
يحتاجون إلى أعادة تأهيل ..
حتى علمائنا مع هذا الكم الهائل من الشبهات و الفتن و الهجوم اختلفت فتواهم .. ربما يكون الاجتهاد فضيلة ..
ولكن عند الاختلاف يضيع السائل و المسئول .. فأقرب مثال لذلك :
كنت أتابع أحدى برامج الإفتاء على الهواء مباشرة .. اتصلت سأله تسأل عن حكم تشقير الحاجبين فأجبها
بالتحريم بشكل قطعي و أن لا تمس شيء منه ..
وأخر أجاز هذا الأمر بالقول : لا بأس به
والثالث خالفهم جميعاً حين قال :
القص من الشعر الزائد في الحاجبين يجوز .. ولكن نتفه و إزالته هو المحرم .. ؟؟!!
أي من هؤلاء الثلاث سأؤخذ بقوله .. ؟!
هنا تذكرت قول والدي لي ذات يوم : أذا التبس عليكِ الحلال بالحرام أعملي بقوله صلى الله عليه و سلم
( إن الحلال بين و إن الحرام بين و بينهما متشبهات لا يعلمهن كثير من الناس , فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ,
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .. )
فــ والدي قبل أن ينهرني أو يجزرني بقول : هذا ممنوع و محظور في عرف مجتمعي و قبيلتي ..
أمرني بأتباع الحلال .. و اجتناب الحرام و الشبهات و العودة إلى الكتاب و السنة لأخذ العلم الصحيح .
_ وفي الطهر والنقاء و التلقائية وجدت محبة الناس الكبير منهم قبل الصغير .. ثقتهم .. إعجابهم .. تلطفهم
فالمشاعر الصادقة التي لا يخالطها كذب أو غاية مزيفه تصل بسرعة إلى القلوب بدون الحاجة إلى وسيط أو ساعي بريد ..
فــ المؤمن كالنحلة تأكل طيباً , وتصنع طيباً , و إذا وقعت على عود لم تكسره .
فلم أعرفها أبداً تلك المجاملات على حساب قناعاتي ..
_ وفي أخلاص العمل لوجه الله وحده وجدت التوفيق والسداد و الراحة و الرضا عن الذات
فالعمل من أجل الرياء و السمعة و محاولة كسب مودة الناس لأغراض دنيويه ..
عمل أن نجح لن يستمر نجاحه .. و أن عاش لأيام لن يخلد في بقيتها .
فالأقنعة ساقطة لا محالة ..
حقيقة رغم أن والدي لم يحظى بإكمال تعليمه الجامعي فظروف العمل حالت دون ذلك
إلا أنه يتفوق علينا نحن أبنائه ذوي المؤهلات الجامعية بالكثير ..
فهو من عشاق القراءة ومكتبته تضم نفائس الأدب كــ العقد الفريد للأندلسي .. الكامل للمبرّد .. البداية والنهاية لأبن كثير . وجواهر الأدب للهاشمي .. الخ )
مع هذا فهو حريص أن يقضي عطلة نهاية الأسبوع عند أبله .. وحين عودته يأتي محملاً بجالونات من لبنها
فلم ينسى حصة جيرانه في ذلك .. :xsmile:
و أغلب حديثه عن مزرعة النخيل و تمورها : السكري .. والحلوه .. والبرحي .. و الخلاص .. الخ
و يترقب مواعيد تلقيحها ,, ومتى يصبح البلح رطباً فيستمتع بمذاق ( التمرة السكرية ) مع قهوة الصباح التي دائما
ما يفضل أن تكون من صنع يداي ..
وبين أيادي والدي تخرج رجال يعمل لهم المجتمع ألف حساب .. وأمهات و مربيات أجيال يشرفن بيوتهن ..
فـــ مع الحب و الحنان و الطيبة .. هناك قوة و حزم في الأمور .. ومع الصراحة والثقة التي منحنا أيها ...
ضرب بيد من حديد لمن تخطا حدود الثقة ..
ولم أشعر في يوم من الأيام أن علاقتي بوالدي هي علاقة الأب بــ بنته بل نحن أصدقاء
يستشرني في أمور كثيرة و يثق برأيي
ولم أذكر أن طلبته حاجه وردني خائبة الرجاء بل يبادرني بالقول : ( أبشري من عيوني )
وأبادره أنا بقبله على رأسه ..
لا تستغربوا و لا تتعجبوا حديثي هذا عن والدي و كل هذا الثناء و الإطراء
وكأنه هتلر أو مختار زمانه ..
فقد قيل قديماً .. ( كل فتاة بأبيها معجبة )
[/align][/cell][/table1][/align]
المفضلات