وصلني من مركز الشرق للدراسات الاستراتيجية لندن مايلي
أبو يعرب المرزوقي*
مفكر تونسي 10 - 10 - 2008
بعد الحملة الأخيرة التي تعرض إليها الشيخ القرضاوي بدأ الكثير يفهم طبيعة الحرب الخفية التي تديرها الفنيات الباطنية للحوزات والأحزاب الشيعية في كل أقطار الأمة الأسلامية. وقد حاولت في رسالة وجهتها إلى السيد حسن نصر الله تنبيهه إلى أن خطابه المتلفت إلى الماضي تذكيرا بالعداوات التاريخية بين السنة والشيعة يجعل كل كلامه على المقاومة مجرد شعار لتمرير المشروع الحقيقي الذي يرمز إليه كلامهم على مصر: ادخلوها بسلام أعني أعيدوا غزوها ومعها كل المغرب العربي كما فعل الفاطميون جمعا بين شعارات آل البيت وشعارات المقاومة. والمعلوم أن عبارة آل البيت في القرآن الكريم لم ترد إلا مرتين واحدة على آل بيت إبراهيم والثانية على نساء الرسول. وكل ما عدا ذلك من أوهام الباطنية.
ورغم أن الداء مستفحل فإن العلاج لا يزال مقصورا على الأعراض الجانبية تاركا حصان طروادة باسم الخوف على المقاومة والتصدي حصرا إياهما في ما يحقر من المقاومة الفعلية حتى صارت المقاومة التي هزمت أمريكا في العراق تتهم بالنزعة التكفيرية والطائفية والمقاومة التي تناوش إسرائيل في جنوب لبنان كلما احتاجت إيران إلى ذلك في إستراتيجيتها التفاوضية توصف بالثورية وغير الطائفية في حين أن خطاب رئيسها في كل مناسبة دينية مداره الأساسي التذكير بالعداوات الماضية ونكء الجراج بين السنة والشيعة.
ولما كنت منذ أمد بعيد أرى العكس تماما ولم انتظر ما حدث مؤخرا الشيخ القرضاوي فقد راسلت السيد نصر الله عن طريق القدس برسالة مفتوحة. ثم كتبت النص التالي بعد سماعي لخطاب المفاجأة الكبرى التي أعلن عنها حسن نصر الله ومحاولته تزييف التاريخ النضالي العربي كله لحصره في دور حزبه. وهو نص أبين فيه الخطر المحدق بالأمة الإسلامية عامة وبقلبها أعني الأمة العربية خاصة أعني بصريح العبارة الحلف الخفي بين الحرب الباطنية على قيام الأمة الروحي المستقل (إيران والطائفية) والحرب الظاهرية على قيامها المادي المستقل(إسرائيل والعنصرية).
الكأس فاضت
مهما حاول المرء الابتعاد عن السياسة ليفرغ إلى هموم الفكر في بعائد الأمور تأتي الأحداث لترغمه على الكلام فيها من منطلق آثار القرائب في البعائد وأهمها الحيلولة دون الأمة وتواصل العمل النهضوي بما تؤدي إليه عنتريات الزعماء المغررين بشعوبهم من نكبات تغرق الأمة في ما لا مخرج منه. فخطاب السيد حسن نصر الله الذي تكلم فيه على المفاجأة الكبرى التي ستقضي على إسرائيل ذكرني بعنتريات ما قبل 67 وما آل إليه أمر تلك العنتريات من توطيد الوجود الإسرائيلي باسم القضاء عليه.
ذلك أن هذا الخطاب لم يعد صاحبه مقصورا همه على أخذ لبنان رهينة لسياسات إيران بل كل الوطن العربي: فالتهديد بالمفاجأة الكبرى يعني استعمال سلاح للدمار الشامل أو على أدنى تقدير البلوغ بالمقاومة إلى حد توريط الدول العربية في حرب لن تتوقف من دون نصر ساحق للحلف الغربي الذي لن يسمح بهزيمة إسرائيل التي تعني نهايتها.
لست أشك في أن استعمال هذه الإستراتيجية التي تجعل الوطن العربي كله وليس لبنان وحده رهينة لطموحات إيران ليس هو ما يراه الشعب العادي الذي يقتصر مدى رؤيته على ما تصبه في آذانه دعاية الفضائيات الشيعية التي تفسد الأديان والعقول. لكني لم أكن أتصور زعيما يزعمون أنه لا يكذب يزعم أن نصره الأخير هو الذي أنقد المنطقة من التفتيت وليست المقاومة العراقية (التي هي تكفيرية في أدبياته=إرهابية عند حلفائه الحقيقيين أي الأمريكان) والفلسطينية (التي هي جبة عثمان في دعايته وليست قضية الأمة)!
لا غرابة عندئذ أن يلجأ مثل هؤلاء الزعماء في ديماغوجيتهم إلى الاستراتيجيات التي تؤسس سلطانهم على تعمية البصائر روحيا فتفسد الدين وتعميتها عقليا فتفسد السياسة: العداء الأسود لرموز التاريخ الإسلامي الوسيط والحالي وتمريره بالعنترية الكاذبة ضد عدو يثبتون عليه اهتمام العرب لمنعهم من إدراك أمرين اخطر على وجودهم المديد من كل الأخطار العرضية:
الحلف الخفي بين هذا العدو وأصحاب العنتريات الذين يسعون إلى غزو حماسة الشباب واللعب على وهم محاربة هذا العدو وهم يساعدونه بتهديم أسس القيام نفسه: أعني حصانة الأمة الروحية التي هي السنة.
والبدائل الممكنة لتحقيق شروط الغلبة على العدو حصرا للعمل في ما يقترحونه هم من توجهات تحقق أهداف إيران لا أهداف العرب لكأن العرب بات خيارهم الوحيد هو التبعية لإيران أو لإسرائيل وليس لهم الحق في أن يكون لهم خيارهم الخاص.
ذلك أنهم يعلمون طبعا أن الشعب لن يسألهم-بعد أن صار جل نخبه أجراء في صحفهم وفضائياتهم أو سجناء في معازلهم ومحمياتهم- لما لا يتكلم العدو على ما عنده من مفاجآت لست أشك أبدا في أن حسن نصر لا يجهلها ولا يجهل أن خردة الجيش الإيراني أمامها لا تساوي استراتيجيا نبال الهنود الحمر فضلا عن كونها في حال الحرب لن تدمر إلا الوطن العربي لا إسرائيل فضلا عن أمريكا: وكم أعجب للاستراتيجيين المزعومين في تخريفهم اليومي في الفضائيات على خوف أمريكا وإسرائيل من رد إيران وهم إذا كانوا لا يعلمون سخف مثل هذا الكلام ينبغي أن يعتبروا جاهلين بموازين القوة الفعلية !
فالحرب عندما تقع بين الدول ليست من جنس المناوشات بين الجيوش والمقاومات الشعبية. ليس لها حد تقف عنده لأن المهم فيها هو لمن تكون الكلمة الأخيرة: ولا يمكن أن تكون الكلمة الأخيرة لمن يملك بعض النبال البدائية حتى لو تركه عدوه يتعنتر لكونه جنديا في إستراتيجية همها جعل المسلمين يهدمون بعضهم البعض. لكن حسن نصر الله يتجاهل هذه الحقائق لأن الدمار الشامل لن يوجه إليه ولا إلى حليفه بل إلى آخر دولة ما تزال قادرة على البقاء عربية في القسم الآسيوي من الوطن العربي إذا جروها إلى الحرب لتكون مثل العراق ساحة تلهية للوحش الأمريكي إلى أن تحقق إيران ما تتصوره حصونها الحامية للنظام الآيل إلى الزوال حتما بمقتضى المنطق الإيراني الداخلي فضلا عن المنطق العالمي: المستهدف هو سورية حتى تصل إيران إلى الأبيض المتوسط مرورا بالعراق فسورية فلبنان.
وحتى أبين أن فهمي هذا ليس فيه من التجني على الرجل أدنى ذرة سآخذ المسألتين الرئيسيتين اللتين يبني عليهما كل خدعه. إحداهما سلبية وهي نفي تهمة الطائفية. والثانية إيجابية وهي اتهام من يعارضه بكونه عميلا لأمريكا. وسأبدأ بالثانية لكونها هي الأداة الرئيسية لإسكات كل من يتفوه بنقد أو ينبه إلى خطر الأولى التي يتبرأ منها.
المسألة الأولى: أيهما أي أكثر خدمة للمشروع الأمريكي إستراتيجية الصدام الإيرانية المزعومة أم إستراتيجية السلم التي اختارها العرب ؟
المسألة الثانية: هل الطائفية تهمة للحزب والشيعة وإيران أم هي حقيقة فعلية تفسر كل الأحداث الجارية وإن كانت أجلى صوره مقصورة على العراق ؟
المسألة الأولى
أيهما أي أكثر خدمة للمشروع الأمريكي إستراتيجية الصدام الإيرانية المزعومة أم إستراتيجية السلم التي اختارها العرب ؟
سأسلم تياسرا بأنه يحق لحزب هامشي في الإستراتيجية السياسية العربية أن يسعى لفرض بدائل في الخيارات الإستراتيجية التي أجمعت عليها الدول العربية في أغلب قممها أعني السلم خيارا استراتيجيا. وسأحاول بيان أن هذا السعي ليس مقنعا عقلا حتى لو قبلنا به خلقا. فالعرب قد اكتشفوا بعد آخر حرب كان لهم فيها النصر النفسي على العدو أن سر قوة إسرائيل ليس القوة العسكرية التي لا يجهلها أحد لأنها تتضمن كل القوة الغربية المستعدة للتدخل في حال أي خطر حقيقي قد يهدد الوجود بل هو بالذات وهم هذا الخطر الذي تلعب عليه إسرائيل لكي تبقى على هذا الالتزام الغربي ذي الوجهين:
منع العرب من الفراغ للبناء والنهضة حتى لا يتحقق ما يخافون منه أعني ما توهمه إسرائيل أنه موجود بالفعل وهم يعلمون أنه موجود بالقوة.
وتقوية إسرائيل ومدها بالضمانة الإستراتيجية بصورة تجعلها دائما أقوى من كل العرب مجتمعين لعلمهم بأن المنع مهما كان قويا لن يغير سنن التاريخ: فالوطن العربي بما له لا يمكن منعه من النهوض رغم أن تعطيله ممكن.
وإذن فخيار العرب الاستراتيجي ليس هو رفضا للحرب أو خوفا منها بحيث يتعنتر عليهم موظفي البسدران بدليل أن الذي رجح هذا الخيار وخونه أصحاب الخيار الثاني في خدمة غباء الحركات الإسلامية السنية ذات الطوية البريئة والمخطط الإيراني بعيد الغور لم يقدم عليه إلا بعد أن ألغى الحاجز النفسي الذي كان يجعل إسرائيل منتصرة قبل أن تحارب والعرب منهزمين قبل أن يحاربوا. بعد ذلك أقدم على نزع سلاح إسرائيل الأقوى: حجة الشعب المضطهد الذي يحيط به برابرة يرقصون ليلا نهارا كالهنود الحمر لسلخ جلدة رأسه. و هذه الحجة هي التي تجعل حزب الله ومن يجعلهم بدعايته المزيفة يتصورون الأمور على منواله بحسن ظن أو غباء الحليف الوحيد لمحافظة إسرائيل على أقوى أسلحتها.
كان الهدف الأساسي من إستراتيجية السلم العربية تحقيق عكس الهدفين الإسرائليين. وقد تحقق الكثير منهما رغم ما حصل من الحوائل التي كانت بدايتها بالذات مناورات الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية التي هي العلة الأولى والأخيرة للحرب العراقية الكويتية فضلا عن غباوات صدام وابن لادن:
1-الأول عكس قضية الشعب المضطهد بحيث يصبح الفلسلطينون في موقع اليهود في الضمير الغربي وهو ما بدأ يحصل قبل الحادي عشر من سبتمبر.
2-والثاني هو الفراغ للعمل النهضوي الحقيقي أعني إصلاح شروط القوة الفعلية: أي الاقتصاد والتعليم والوعي السياسي والاجتماعي للمواطن العربي.
ذلك أن مجرد إرجاع إسرائيل إلى حجهما المتقدم على 67 يعد أكبر هزيمة لإسرائيل فضلا عن كونه علامة على تخلص العرب من العنتريات التي الجوفاء أوصلت إلى نكبة 67 فضلا عن بعث الشعب الفلسطيني. هذه الإنجازات كافية لتحقيق هدف الإستراتيجية العربية فتصبح إسرائيل مجرد قاعدة استعمارية يمكن للاستعمار أن يتركها تسقط كما ترك جنوب إفريقيا والمستعمرات التي سلمتها بريطانيا للصين وكما سيكون مصير تايوان. ينبغي أن يصبح العرب بعكس ما يريد أمثال نصر الله في حال لا تكون فيها إسرائيل مشكل من حجمهم التاريخي (كما فعلت الصين في مسألة تايوان) بل المشكل هو موقعهم في عالم الأقطاب الخمسة أي أمريكا والأقطاب الأربعة المحيطة بالوطن العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة.
لكن ذلك لو تحقق لن يسمح لإيران بتحقيق حلمها. وتلك هي وظيفة الأحزاب التي من جنس حزب الله: جعل الوطن العربي كله جنوب لبنان كما فعلوا بالعراق ويسعون إلى فعله بسوريا حتى يحمي النظام الإيراني أولا ويحقق ما يتصوره معيدا إليه دور الشاه في عالم الأقطاب الخمسة المقبلة: الصين والهند شرقا وأوروبا وروسيا غربا وفي القلب الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران وتركيا بعد إلغاء الوطن العربي قلبا موحدا للعالم الإسلامي الذي يكون قد نهض بقيم الصحوة الحديثة.
التهديد الإيراني لإسرائيل والذي لا أحد له ذرة من عقل يحمله محمل الجد هدفه الرئيس هو تقوية إسرائيل لتعطيل المارد العربي الذي يعلم الجميع أنه سيكون في منتصف القرن من حجم الهند الحالية عددا وعدة فضلا عما يملك من الثروات البشرية والمادية ليس لإيران ولا لإسرائيل ولا لأي قوة إقليمية قابلية للمقارنة معها: وإذن فالمطلوب هو تعطيل هذا المارد ومن ثم أداء خدمة لم تكن إسرائيل تحلم بها. فإذا ساعدت إيران على تحطيم الخطر الأكبر فلا بأس من مهادنتها لأنها مهما فعلت لن تكون قادرة على تمثيل خطر على أحد: لا بأس من تحمل ثرثرة نجاد وعنترياته وانتصارات نصر الله المزعومة التي ألغت كل النضال العربي منذ قرن فصارت هي الوحيدة الممثلة لتاريخنا المعاصر الذي تكتبه دعاية الحزب والصحافيين المأجورين.
فما عند إيران من ثروات مادية وبشرية مهما فعلت لن يجعلها في وضعية أفضل من وضعية كوريا الشمالية حتى لو فرضناها حصلت على السلاح النووي الذي لن يمثل خطرا إلا على شعبها لأن العدو سيفجره حيث هو. فدخلها القومي الخام لا يكاد يمثل شيئا يذكر. والنظام متفكك لامحالة لعلتين: فلا هو مؤات للعصر محليا إذ لن يقبل الشعب الإيراني العيش الدائم تحت الملالي ولا هو قادر على تحقيق التحديث الشارط للقوة والإبقاء على سلطان الحوزات سلطانها الذي يخدر الشعوب ليبقيه في القرون الوسطى سعيا إلى الانتقام لمجد فارس بقلب قيم الإسلام الذي يتهم العرب بتهديمه بها قبل قلبها.
إذا كان زعماء الشيعة-ولن أتكلم عن الشعب المسكين الذي يكفي أن ترى كيف يخدروه في المآتم وفي الاستعراضات الفاشية -يؤمنون فعلا بأن أمريكا وإسرائيل عدو:
1- فليفسروا لنا مدلول حلفهم معهما ليس في غزو العراق فحسب بل في حكمه وإخراجه من التاريخ العربي وفي حلفهم معهما في أفغانستان بنفس الطريقة التي تحالفوا بها مع الصليبيين ومع المغول وحتى في حلفهم معها ضد باكستان التي مكنتهم من الأسرار النووية.
2-وليفسروا لنا أسباب التركيز المرضي على الماضي في الكلام على كل ما يعتز به المسلمون بمنطق لا تجده حتى عند غلاة المسيحية الصهيونية.
3-وأخيرا فليفسروا لنا سكوت العدو على ثرثراتهم وتهديداتهم التي لو كانت حقا جدية وليست جزءا من خطة لغزو القلوب والعقول البريئة للشعوب العربية التي يريدون إقناعها بأنهم يحاربون باسمها أعدى أعدائها في حين أنهم يفرشون لهم الورود لتهديم أركان الأمة بدءا بالعراق وتثنية بسورية وربما ختما بالخليج كله بعد الفراغ من مصر لا قدر الله.
كيف يمكن لعاقل أن يصدق محاولات قتل الذاكرة بصورة تجعل ما يزعمونه نصرا استراتيجيا وإلهيا وهزيمة لإسرائيل في المناوشات التي دارت في مساحة لا تساوي عشر ولاية من ولايات تونس فضلا عن الجزائر بأقل من واحد في المائة من عدد الجنود المشاركين في القتال وأقل من واحد في الألف من القتلى وأقل من واحد في المائة من مدة القتال انتصارا ينسي حرب التحرير التونسية والجزائرية وحرب رمضان وخاصة المقاومة العراقية الحقيقية التي جعلت جيش أمريكا يحثو على الركب والمقاومة الحقيقية الفلسطينية التي حطت جيش إسرائيل إلى مجرد فرق شرطة مدن أمام الانتفاضة الباسلة؟
الخدعة الكبرى
ما كان ذلك كله لينطلي على أي إنسان له ذرة من عقل مهما كان غفلا لو لم تكن النخب الإعلامية والمزعومة فكرية صانعة الرأي العام قد اشتراها الملالي أو حماها محميوهم في محمية الضاحية بعد أن نضبت خزائن الأحزاب القومية وتاهت بوصلة الأحزاب الدينية السنية. فهل معنى رفض العرب للخيار الإيراني أنهم اختاروا الخيار الأمريكي؟ تلك هي أكبر خدعة وإيهام يحاول أصحاب الدعاية الثوروية إقناع الناس به. والغريب أن من يقدمونهم على أنهم محللون إستراتيجيون في التلفزات يؤيدونهم في هذه الأوهام.
وينسى الناس أن أمريكا لا تحارب إيران ولا حزب الله بل هي تحارب السنة في العالم كله من جزر مورو ومندناو إلى صحارى المغرب الأقصى. فما يخيفها ليس دراويش المآتم الدائمة بل هو عودة المارد الإسلامي بزعامة عربية إذ ليس بالصدفة أن كان قادة المقاومات في العالم كله من السنة بل ومن العرب على التحديد وما يساعدها في حربها عليه هو صاعق الطائفية: إيران التي تعيث فسادا-وهي أشياء رأيتها بأم عيني في جنوب شرقي آسيا وأراها في المغرب العربي-في العالم الإسلامي من إندونيسيا إلى المغرب بسياسة تبشير لا تقل بشاعة من سياسة التبشير الكاثوليكي مع تزييف للتاريخ الإسلامي جعل ابن العلقمي يصبح في مسلسلات بعض التلفزات بطلا إسلاميا
وأمريكا هي أيضا تسهم في الإيهام لأنه جزء من خطتها وفي خدمة إستراتيجيتها ذات المدى البعيد. فهي تحارب إيران بالكلام وتتفاوض معها على اقتسام السلطة في العراق والخليج. وهي كان يمكن أن تستغني عن إيران لو لم تكن تعرف أن تخويف الخليج بها هو الضمانة الوحيدة ليكون بقاؤها مطلوبا من حكام العرب الذين جعلوا أقطار الوطن محميات أمريكية بسبب الخوف من التهديد الإيراني في الظاهر ومن الصحوة في الباطن. وإسرائيل أيضا هي المستفيدة الثانية: فالكلام العنتري لحزب الله وإيران يمكن حكام الولايات المتحدة من مغالطة الرأي العام الأمريكي لتحصل إسرائيل على 30 مليار مساعدة ضد خطر وهمي يمكن أن يستغله الطرفان لغايتهما لا غير.
لكن الجميع يعلم أن الحرب لو قامت حقا لكان بوسع إسرائيل وحدها ودون حاجة إلى معونة أحد أن تقضي على كل مدن إيران دون أن تمس منها شعرة فيما لو حاولت إيران أن تضرب مدن إسرائيل مباشرة أو بتوسط حزب الله لأن من لا يقدر على الضربة الثانية حتى لو تصورناه قادرا على ضربة أولى لا يتكلم في عصر سلاح الدمار الشامل: وهو ما يخفيه دجالو التعليق التلفزي على الشعوب العربية لتمرير دعاية حزب الله وأكاذيب العنتريات الإيرانية.
والجميع يعلم أن أمريكا ليست بحاجة إلى استعمال السلاح لهزيمة إيران: فلو رأت في ما تعمله إيران خطرا حقيقيا على مصالحها لأجبرتها بمجرد "ألتيماتوم" (تحذير صارم) على نزع سلاحها بذاتها لتجنب الهزيمة الساحقة التي تعيدها إلى ما قبل التاريخ من دون حاجة إلى أن ترسل جندي واحد إلى إيران. ولما كان ذلك لم يحصل فمعناه أن أمريكا تجد مصلحة في سياسة إيران العنترية. وهذا أيضا ما يخفيه محللونا الإستراتيجيون الذين أترك للقارئ أحد الخيارين التاليين لوصفهم: فإما أنهم ليسوا محللين استراتيجيين بل دجالون أو أنهم ممن بيعت ضمائرهم فأسهموا في تمرير المغالطات الإيرانية.
ولما كان الإيرانيون ليسوا بالغباء الذي يجعلهم يجهلون ذلك فإن تجاهلهم له يعني أنهم مدركون لسر اللعبة التي نصف هنا وهو ما يعني التفاهم الضمني بين الصفين على حدود اللعبة لبلع الوطن العربي: لأمريكا الغزو المادي المؤقت ثم المغادرة ولإيران الغزو الروحي الذي سيبقى أبد الدهر. ولولا صحة ما نقول أي إمكان ما وصفنا إذا جد الجد فاقتنع الأمريكيون أن بلدا ما يهدد المصالح الإستراتيجية تهديدا فعليا لما رأينا الصين وأوروبا وروسيا والهند كلها رغم كونها لا وجه للمقارنة بين قوتها وقوة إيران تهادن أمريكا ولا تخرج عن طوعها عندما تكشر ولو بمجرد التلميح: فهم جميعا لا ينسون ما حصل لليابان والألمان بل وحتى للاتحاد السوفياتي.
وعلى كل فقد تخدع عنتريات حسن نصر الله الشعوب العربية لكنها لا تخدع الأعداء. ولما كان ذلك كذلك وكان نصر الله لا يجهل أنه كذلك فالمقصود من الإقدام على هذا السلوك هو مخادعة الشعوب لا الأعداء حتى ولو أدى ذلك لا قدر الله إلى توريط الأمة في ما ورط فيه لبنان بدءا بسورية وختما بمصر والسعودية فلا يبقى للوطن العربي أي عمود فقري يبقيه واقفا. ذلك أن الأعداء يوم يشعرون فعلا بأنهم يمكن أن يمثل حزب الله تهديدا بالحجم الذي يريد أن يصوره للشعوب فأنهم سيمحون الجنوب كله من الوجود ويكون هو الذي أعطاهم مبرر ذلك لأنهم عندئذ لن يعنيهم المحافظة على من يصورهم نصر الله بصورة الخونة وحلفاء أمريكا وإسرائيل في الداخل اللبناني في حين أنهم هم الذين يحمونه بالشرعية الواهنة للدولة اللبنانية ومن ثم فهم الأعداء الفعليون لإسرائيل لأنهم يريدون تحرير لبنان من دور الدارقة التي تختفي وراءها مناورات إيران ومن جعله واجهة النهضة العربية التي تقضي على هدفي إسرائيل المشار إليهما في تعليل الخيار الاستراتيجي العربي.
ولذلك فإني أرى من حق العرب أن يقلبوا الآية فيتحرروا مما يراد تكبيلهم به ويلغوا من يريد إلغاءهم بالتحالف مع من يريد هو أن يحالفه على حسابهم فيحالفوه على حسابه بشرط أن يكون من منطلق خطة إيجابية وليس مجرد رد فعل: والبادئ أظلم. ثم إن العرب أولى بالحلف إذا حققوا شرطه أعني نقله من مجرد حماية الأنظمة كما هي الحال الآن إلى العقد الندي بين المقاومة العربية لتحقيق شروط النهوض والمقاومة الأمريكية لما يتهددها من العماليق القادمين: فأمريكا أيضا يتهددها خطر القوى العظمى الصاعدة ولها حاجة إلى حلفاء.
فالتحالف حتى في العلاقات الشخصية بين الأفراد يكون دائما مع العدو الأقل خطرا والأكثر حاجة إليك من العدو الأكثر خطرا. ولما كانت إيران تسعى إلى إخراج العرب من المعادلة الدولية ذات المدى القريب بالطائفية وذات المدى البعيد بالغزو الديني فإن سعي العرب إلى إخراجها منها بالمعنيين يصبح مشروعا: وهي التي بدأت وبدايتها مفيدة لأنها حركت العامل الذي يمكن أن يكون محور التوحيد الحقيقي لكل العرب أعني الإسلام السني الذي هو في الحقيقة الإصلاح المحمدي إذا فهم على حقيقته فهما يلغي حتى المعركة الزائفة بين العلمانية والأصلانية.
والمعلوم أن أمريكا لا تنافس العرب إلا على ما يقبل المساومة والتفاوض ومن ثم فالتفاهم معها ممكن: المصالح المادية. أما إيران فهي تنافسنا على ما لا يقبل المساومة أعني قيادة الإسلام العالمي اعني القوة الروحية الوحيدة المتبقية في القرن الحادي والعشرين بعد تدجين الغرب لكل القوى الروحية الأخرى وهو ما بدأ ينتبه إليه الشيخ القرضاوي حفظه الله: وتلك أمور ليست خاضعة للتفاوض إذ هي عين الوجود المستقل للأمة. ينبغي للعرب أن يعتبروا أخطر عليهم من أمريكا وحتى إسرائيل كل من يحاول تقديم بدائل تلغي دورهم في سياسة المنطقة وخاصة من يحاول أن يفتك منه سر قوتهم أعني قيادة الإسلام: لا معنى لوجود العرب التاريخي من دون الرسالة الإسلامية إذ هم بها دخلوا التاريخ الكوني وبه يعودون إليه.
ولعلم الجميع بذلك تدور الحرب العالمية الرابعة حول القرآن حتى وإن كانت النخبة العربية التي هي أكثر نخب العالم حمقا قد تخلت عن أهم أدوات القوة الرمزية لظنها أن التحديث يعني التخلي عن أصل الحصانة لكأنهم لا يحاربهم من عاد إلى ثقافة ماتت منذ آلاف السنين ليبني دولة في عقر دارهم !. لكن الحلف مع أمريكا ينبغي أن يكون حلفا بحق بين شعبين وألا يبقى حماية للأنظمة كالحال الآن: ولن يتحقق ذلك إلا إذا تقاسم المقاومة والأنظمة الأدوار في إدارة المعركة الإستراتيجية مع أمريكا. فالمقاومة ينبغي أن تواصل إذاقة أمريكا الأمرين لتأتي إلى الحلف بين الأنداد والأنظمة ينبغي أن تواصل مهادنة أمريكا لتجنب الحسم بحرب مناجزة شاملة. وذلك هو شرط حرب المطاولة كما حددها ابن خلدون: والحمد لله فذلك ما هو حاصل الآن حتى وإن لم يكن بتخطيط قصدي.
ولما كانت المنطقة عربية بالأساس وكان كل المحيطين بالعرب الساعين إلى أن يكونوا بديلا منهم حتى لو اجتمعوا دون العرب عددا وعدة وقابلية للتوافق مع منطق العصر-وخاصة مذ أن نأت تركيا بنفسها عن مثل هذا السلوك-فإن القيادة ينبغي أن تكون لهم لعلتين: الإسلام والعروبة. وعندئذ ينبغي أن تعود دولة إيران إلى حجمها الطبيعي: الخيار بين أن تكون ممثلة لأحد شعوب الأمة ممثلا لثراء الوحدة الروحية للحضارة العربية الإسلامية أو أن تعلن صراحة عن كونها مجرد غطاء إيديولوجي للصفوية. فإذا أضفنا إلى ذلك ضآلة حجمها المادي لأن الثروة الإيرانية لا تقبل المقارنة مع الثروة العربية بات حجم إيران كما يعلمه كل من لا ينطلي عليه عنتريات نجاد دويلة متوسطة الحجم لا تستطيع أداء أي دور في السياسة الدولية المحددة لأفق البشرية المقبلة.
وبذلك يعود الدور إلى أهله أعني العرب ويمكن أن يكونوا قلب المعادلة الإسلامية التي هي السهم الحاملة للرسالة: وذلك هو المعيار الحقيقي للقوة بعد الإنسان. فمصر وحدها فضلا عن بقية العرب-وخاصة ثالوث المغرب العربي أي تونس والجزائر والمغرب الذي يعدل بمجموعه مصر ويتفوق عليها بمستوى التكوين العصري وخاصة في العلوم الصحيحة وتطبيقاتها- فيها من الكفاءات ما يفوق إيران رغم عنتريات نجاد وصداها عند حسن نصر الله.
المسألة الثانية
هل الطائفية تهمة للحزب والشيعة وإيران أم هي حقيقة فعلية تفسر كل الأحداث الجارية وإن كانت أجلى صوره مقصورة على العراق ؟
ونأتي الآن إلى المسألة الثانية التي هي جوهر القضية كلها. فهل الطائفية سلاح يستعمله العدو الخارجي وتهمة توجه إلى حزب الله وإيران فحسب أم إن البنية الفكرية نفسها والممارسة الفعلية عندهما جوهرهما طائفي بصرف النظر عن التوظيف الأمريكي للطائفية والتهمة المزعومة ؟ قبل الجواب عن هذين السؤالين أريد أن أنبه إلى أمر ذي بال. فالإفراط المآتمي في التربية الشيعية والغلو في الكلام عن الدين فضلا عن الأسلوب الممجوج والركيك وثقل الظل للدعاة والمتعالمين منهم في تفاهات وتشقيقات لغوية خلال محاضراتهم في الفضائيات من أكبر الأخطار على الدين-ومثله عند السنة التي ابتليت بالتقليد السخيف للمناحات التي نجد نظيرها عند الدعاة المودرن من جنس عمر خالد لأن ذلك سرعان ما يتبين أنه في الحقيقة في خدمة المشروع الأمريكي-لأنها ستنفر منه فئات الشعب كلها وخاصة المتعلمين منها فلا يبق الدين إلا بشرطين أحلاهما مر:
إما بالانحصار في القلة الأمية عندما تتحضر الشعوب الإسلامية فيكون الإسلام من علامات التخلف وليس من علامات التحضر.
أو بالحرص على إبقاء الشعوب في الأمية للإبقاء على سلطان الدجالين بالدين فيصبح الدين تخديريا كما يريده الأعداء وليس تحريريا كما أراده القرآن الكريم.
ليس من شك في أن أي عدو يستغل قدم أخيل في عدوه. فهذا أمر مفروغ منه ولا حاجة للتبجح بالتنبيه إليه: لسنا بحاجة إلى تفاقه نصر الله لكي نعلم أن الغرب لم يستعمر العالم من دون سياسة فرق تسد. لا يمكن أن ننتظر من إسرائيل أو من الولايات المتحدة غير ذلك حتى وإن كنا كمسلمين ننأى بأنفسنا عن الوسائل القذرة أو على الأقل نشمئز منها فلا تكون عندنا إلا من جنس المحظورات التي تبيحها الضرورات. ولكن السؤال هو: هل يوجد معنى آخر للتشيع غير الطائفية فتكون الطائفية مجرد تهمة من الأعداء ويكون حزب الله ليس طائفيا بذاته بل مقاوم يتصدى لتفتيت المنطقة بل ومنتسب إلى حركة التصدي القومي العربي للمشروع الاستعماري الذي بدأ منذ ثلاثة قرون حتى وإن اقتصر نصر الله على القرن الأخير ؟ إنه ناصر ثان ! هكذا يزعم الذين ولوا الأدبار من القوميين العائشين في حماية المحميات الإيرانية !
لم أكن أتصور زعيما يزعمونه لا ينطق عن الهوى يذهب به الغرور إلى ظننا سذجا فيحاول إقناعنا بأن أعمال حزبه ليست طائفية بل تندرج ضمن تصدي العرب منذ بداية القرن الماضي للمشروع الاستعماري الساعي إلى تفتيت المنطقة العربية لكأن وجود الحزب نفسه ليس هو أهم جزء من هذا التفتيت. ذلك أن هذا الحزب ليس هو إلا أحد عناصر الجناح الشرقي من نفس المشروع الاستعماري المتمم لجناحه الغربي. فهو الثمرة الأولى ولتها الثمرة الثانية التي هي تفتيت العراق ثمرة سعي الشاهين الأب والإبن لبلع الخليج والهلال والتي يواصلها الملالي بدهاء أكبر وثمن ذلك مساعدة إسرائيل لتحقيق إسرائيل الكبرى حتى يتم تقاسم النفوذ على المنطقة العربية والعودة إلى التجربة المماثلة التي حصلت مرة قبل الميلاد: تهديم العراق وإعادة اليهود إلى فلسطين.
ولعل أكبر الأدلة على طائفية هذا الحزب دلالة اسمه. ف"حزب الله" القرآنية تقال على كل المؤمنين الذين يجاهدون في سبيل الله ولا تقال على حزب إحدى فرقهم حتى لو سلمنا جدلا بسلامة عقيدتها. لذلك فهي تسميه تصبح بحصرها دلالة هذه الصفة في بعض المؤمنين دون كلهم من صفة الفرقة الناجية: أي إن المسلمين الآخرين ليسوا من حزب الله بمعناها القرآني. وهذا بالذات معنى الطائفية لمن يدرك دلالة الأسماء فضلا عن كوننا قد سامحنا في التحليل لما قلنا إن دلالتها القرآنية تعني الجماعة المؤمنة وكأن الكلام مقصور على الجماعة المسلمة. فهي في القرآن أعم من ذلك بكثير إذ هي تعني كل جماعة مؤمنة في كل تاريخ الإنسانية الروحي على منوال ما تضمنه القصص القرآني. لذلك فالمفهوم قد انحط مرتين: انحط عندما حصر في المسلمين ثم انحط لما انحصر في بعضهم حتى لو صح أن هذا البعض سليم المنطق.
ولأقل عرضا-رغم أني لست من رأي "الإخوان المسلمون" ومن ثم في غنى عن الدفاع عنهم-إن اسم "الإخوان المسلمون" في هذه الحالة ليس هو كما قد يظن من جنس اسم حزب الله لما يبدو فيه مثله من حصر. فهو ليس اسم طائفي لأن الفرق شاسع بين التسميتين. ذلك أن الاسم هنا يعم كل المسلمين دون استثناء فضلا عن كونه ليس اسم حزب بل اسم حركة تدعو إلى الأخوة بحلاف الأحزاب التي تدعو إلى التنافس والصراع بمقتضى طبعها. والعيب الوحيد في الاسم أنه حصر الأخوة في بعدها الديني ولم يرق إلى الأخوة الإنسانية التي هي جوهر الدعوة القرآنية. لكن أصحاب الاسم لعلهم كانوا يقولون بالمرحلية: إعادة المسلمين إلى الأخوة حتى يكونوا مثالا مما يدعون إليه من أخوة بشرية هي جوهر الدعوة القرآنية.
الخاتمة
ولأختم بهذا السؤال الذي يحيرني لأنه في نفس الوقت العائق الأساسي للتحرر من الطائفية وتحقيق الصلح بين السنة والشيعة وهو في نفس الوقت عقب أخيل في المذهب الشيعي كله: كيف يمكن أن يكون لزعماء التشيع منطق صحيح- تركا لمسألة صحة العقيدة إلى الفقهاء-إذا كانوا يبنون كل مذهبهم على النفي والسلب بما في ذلك سلب أساس المذهب ذاته أعني مبدأ الوصية المعصومة للمعصومين؟ فالمعلوم أن أساس التشيع هو مبدأ الوصية المعصومة للمعصومين مبدؤها الذي يعتبره أهل السن والجمع من المسلمين بدعة تنافي كل نصوص القرآن الكريم: فهل تكون الوصية ذات معنى إذا الموصي غير معصوم وعديم العقل أم ينبغي أن يكون ذا عصمة وذا عقل مساو على الأقل لعقل الحكماء؟
لكن كل ما يقال في هذا المذهب عن الرسول الأكرم ينفي عنه التمتع بملكة العقل حتى بمفهومه العامي فضلا عن الحكمة والعصمة. فإذا كان أي إنسان عادي متوسط الذكاء والحكمة فضلا عن النبي لا يعلم أن صحابته هم على الصفات التي يصورهم عليها أصحاب هذا المذهب الصفات التي أستحي من ذكرها ولا يعلم أن زوجاته لسن فاضلات ولم يتفطن إلى أن كل رجالات الأمة الذين بنوا مجدها التاريخي باستثناء واحد يمكن أن يتصرفوا من بعده كالأوغاد في عرف دعاية هذا المذهب فكيف يكون عاقلا فضلا عن أن يكون نبيا معصوما وكيف يكون فاهما لأمور السياسة فيقرب منه مثل هذه الحثالة التي أنشأت أكبر إمبراطورية رغم حنق اللطامين؟
كيف لا يفهمون أنه لو صح ما يصفون به سلوك محمد صلى الله عليه وسلم لسقطت الوصية فيسقط معها مذهبهم ؟ هل يوجد من لا يفهم أن وصية رجل بالصفات التي يصفون بها كل أفعاله تصبح عديمة المعنى؟ أليس أصحاب المذهب فاقدين لأدنى قدر من المنطق إذ هم مثل جحا يقطعون الغصن الذي يجلسون عليه: لا يستطيع الشيعي أن يزعم التشيع ما لم ينف أساسه فيعود إلى التسنن إلا إذا قرر أن يخلط بين حب آل رسول الله وحب آل كسرى أنو شروان! لذلك فإنه لا يمكن لأصحاب المذهب أن يستمدوا سلطانهم إلا من ممارسات تعمم الغباوة على الشعوب حتى يقبلوا بمثل هذه الخرافات التي تقتل الدين وعندما يجدون ما يشبه الكلام الثوري والعنتري يحولون الشعب إلى تنظيم فاشي فيقتلون مع الدين السياسة.
ولن يخرج من هاتين الجريمتين في حق الشعوب العربية الإسلامية في الغاية إلا دكتاتورية الغوغاء بزعامة الديماغوجيا الجهلاء. وإذا واصلت النخب العربية بيع ضمائرها للملالي فإن النكبة القادمة لن تكون توطيد أركان إسرائيل في ما دون الضفة فحسب بل إسرائيل الكبرى التي تتقاسم العراق وسورية مع إيران فيسيطران على الخليج والهلال ويحققان ما يزعم حسن نصر الله أن حزبه ينضوي في حركة التصدي له. ومرة أخرى لا كلام لي في صحة العقيدة إذ إني لست فقيها.
ارجوا مناقشة الموضوع على انه سياسي وليس ديني, ووفق منظور الوحدة الاسلامية التي يحاولون تهديمها وتفتيتها باسم الحرب على الارهاب.
بك لود اسامه
المفضلات