على بعد خطوة واحدة من مناجم الذهب وقريبا من النهائي الكبير تأتي المواجهة ساخنة وصاخبة بكل معانيها وجوانبها فهي لاتعني مجرد بوابة عبور للقب تاريخي بل انها تذهب بعيدا نحو حسابات وثأر ورد اعتبار كل ذلك واكثر تحمله مواجهة البرازيل صاحب التاريخ والعراقةوالحضور المختلف ونظيره المنتخب التركي صانع الاحلام وعاشق التحدي فهناك في استاد (سايتاما) ستكون مواجهة نصف نهائي كأس العالم 2002م وهناك ستظهر حقيقة الطر الآخر المتجه نحو مباراة المونديال الكبرى.. وقبل دخول المنتخبين ظهر هذا اليوم الى المستطيل الاخضر. تعالوا نقرأ ما ستحمله اوراقهما وما دفعهما لبلوغ هذه الرحلة.
البرازيل
بتاريخ عملاق وصفحات مطرزة بالذهب وسجل لايصدأ جاء البرازيليون الى آسيا يحملون ارثهم التاريخي والى جانبه هموم اربع سنوات رسمت شيئا من الاحباط والتعب الكبير لعشاق السامبا فمنذ ذلك النهائي الذي شهده مونديال 98م امام فرنسا بدأت شمس البرازيل اقل حرارة واصغر استدارة فالبرازيليون تلقوا الصفعات متتالية حتى ردد الكثيرون ان الكرة هناك اتجهت نح الهاوية وستغرب شمسها دون اشراقة حتى التأهل ذاق معه البرازيليون الكثير من المرارة وتأهلوا من عنق الزجاجة لكنهم جاءوا رغم كل ذلك لاعادة الهيبة المفقودة والوجه الحقيقي فكان العبور نحو الدور الثاني من المونديال يمر عبر المجموعة الثالثة التي ضمت الى جانب البرازيل تركيا وكوستاريكا والصين ورغم ان البداية البرازيلية في هذه المجموعة جاءت متواضعة بعد الفوز بشق الانفس وبركلة جزاء دارت حولها الكثير من الشكوك امام تركيا سجل البرازيليون اول ثلاث نقاط بعد فوزهم (2/1) وليواجهوا الصين وفي تلك المواجهة ظهرت السامبا أنيقة عد الفوز (4/صفر) لتشرع ابواب دور الستة عشر التي جاء تأكيد الوصول اليها من خلال الفوز على كوستاريكا (5/2) ليتصدر البرازيليون هذه المجموعة بحصة نقطية كاملة (9 نقاط) زفت السامبا نحو دور الستة عشر وهناك كانت المواجهة مع بلجيكا وبدأت الامور قريبة من رفاق رونالدو حينما حسموا اللقاء في وقته الاصلي بهدفين دون مقابل ليكون الوصول الى دور ا لثمانية الذي شكل المنعطف الابرز والاهم والاقوى في مشوار المنتخب البرازيلي في ومونديال 2002م كونه واجه اختبارا صعبا جمعه مع المنتخب الانجليزي الذي تقدم بهدف لمهاجمه (اوين) لكن ريفلدو اعاد الروح لفرقة سكولاري بالتعادل ثم جاء روينالدينو ليصنع التفوق ويقطع تذكرة المرور نحو نصف النهائي الذي سيجمعه مع منتخب تركيا وحتما سيكون امام السامبا طريقا ميسرا اذا ما سارت الاموربنفس الاشراقة والامتاع الذي رافق البرازيل لكن الهاجس الذي يمثل خوفا كبيرا لدى سكولاري هو المنتخب التركي اذ يقول المدرب البرازيلي انه ينام قلقا من وضع مباراته امام هاكانشكور وحسن شاش ولعله محق في ذلك كون مواجهة البداية بينهما كادت ان تعصف بكل الآمال التي علقها عشاق السامبا لذا فان لقاء الغد يحمل رغبة برازيلية للعودة نحو الذب واستعادة الهيبة المفقودة وتحقيق رقم قياسي بملامسة الذهب العالمي ولعله يملك كامل المقومات المتمثلة في عناصره العملاقة (ريفالدو- رونالدو- كافو- روبرتو كارلوس).
رغم ان ثمة قلقا حقيقيا قد يثيره غياب رونالددينيو الى جانب ابتعاد الحارس (ماركوس) الذي لم يستطع اكمال آخر حصة تدريبية له امس لذا فان الآمال البرازيلية ستكون اليوم في مهب الريح اذا ما تكرر سيناريو البداية.
تركيا
نصف قرن احتاجه الاتراك للعودة الى المونديال والظهور من خلاله للمرة الثانية بعد ان شهدت سويسرا اول ظهور مونديال لهذا المنتخب عام 954م وشتان بين المشاركتين فالاولى خجولة والثانية فاقت التوقعات والتصورات وربما لم يكن اكثر الاتراك تفاؤلا يطلق امنياته لابعد من ثمن النهائي فالمنتخب التركي الذي جاء بعد رحلة مشوقة لمحبيه حينما نجحوافي الوصول الى دور الثمانية بنهائيات الامم الاوروبية 2000م واقصت السوبر وبلجيكا (المنظمان لهذه البطولة) الى جانب الخطوات الواثقة للفرق التركية على طريقة مافعله غلطة سراي حينما فاز بكأس الاتحاد الاوروبي لذا كان من المتوقع ان يظهر الاتراك شيئا من الاداء الممتع لكن التوقعات نفسها لاتذهب بعيدا عن ذلك ورغم هذا نجح التراك في صنع حضور متميز ففي المجموعة الثالثة جاءت اولى المواجهات امام البرازيل ويومها كتب الاتراك ملامح التميز وابرز عناوينه حينما قدموا اداء رائعا وخرجوا بخسارة قيل انها غير مستحقة لكن ذلك لم يحبط الآمال التركية او يسهم في تلاشيها فجاء التعادل مع كوستاريكا (1/1) وبدأ وكأن المنتخب التركي بات قريبا من الرحيل والمغادرة لكن الجولة الثالثة صنعت لحظات فرح لاتنسى حينما فاز المنتخب التركي على نظيره الصيني (3/صفر) وفي ذات ا لوقت كسبت البرازيل كوستاريكا (5/2) لتقدم تذكرة الوصول الى دور الستة عشر للمنتخب التركي الذيواجه هناك صاحب الارض والجمهور (المنتخب الياباني) وبهدف وحيد استطاع المنتخب التركي التفوق والتألق واسكات جنبات ملعب المباراة والوصول الى ربع ا لنهائي ليواجه أمل افريقيا وحامل احلامها وبعد عناء حسم الاتراك بالهدف الذهبي الذي نقل الاحلام التركيةنحو نصف النهائي وصنع وجها مشرقا لرفاق حسن شاش وفي ذات ا لوقت صنع رعبا حقيقيا للمنتخب البرازيلي الذي يتعين عليه مواجهته اليوم في لقاء لن يكون له عذرنا سوى الفوز وحتما فان التصريحات التي اطلقها لاعبو المنتخب التركي تؤكد ان ثقتهم في انفسهم بلغت مرحلة عالية وهو امر قد ينعس سلبا على اداء عناصر الفريق داخل المستطيل الاخضر لكن ثمة اسبابا تدفع المنتخب التركي للابداع والتألق واظهار تميزه الحقيقي امام السامبا لعل ابرزها:
1- الاداء الجماعي المدعم باللياقة العالية.
2- الثأر من الخسارة السابقة التي دارت حولها الكثير من الآراء.
3- قوة الدفاع ومقدرته على احتواء الهجوم المضاد.
4- المعنويات العالية التي يفرزها دافع تاريخي لصنع ملحمة كروية.
فهل يكفي كل ذلك لتقديم مباراة كبيرةوبلوغ النهائي وتفجير مفاجأة حقيقية بل وربما هي الاقوى على مستوى تاريخ العالم باخراج البرازيل
ربما يحدث ذلك لكن علينا ان نعلم اخيرا ان الهدايا ظلت متبادلة بين البرازيل وتركيا وربما تستمر في مواجهة اليوم.