[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]


لم نعد نرى مظاهر لجهل عادي فلقد انتفى تقريباً بمحو الأمية و انتشار دور التعليم ..

لم يعد للجهل العادي حيثيات واسعة كما كان لها في السابق .. حينما اقتصر العلم
على أبناء الطبقات الميسورة ، لم يعد للجهل العادي حيز في مدارات أي إنسان ..
و مع انتفاء الجهل العادي أو البسيط .. ظهر لدينا نوع آخر من الجهل آلا وهو الجهل المركَّب ..
و مشكلة هذا الجهل أن صاحبه لا يعلم و لكنه يظن أنه يعلم وهذه الحالة
تسمى حالة مركبة من انعدام معرفي و عدم إدراكه بعدم معرفته ...
تحتوي المدارس و الجامعات عدد كبير من طلاب العلم و هذه ظاهرة حضارية محسوبة لصالح البشرية ..
بالمقابل نرى انتشار حالة جهل شاذة عن القوانين و الأعراف
ف طلاب المدارس وخريجي الجامعات ولو كانوا على اختصاص معين
لكن نراهم من أجهل الناس ،
وراح العلماء لتسمية هؤلاء بالمتعلمين و ليس بالمثقفين ..
تلك الشريحة تنتشر انتشاراً رهيباً في كل مكان و خاصة في الدوائر الحكومية
وأجهزة التعليم بكافة اختصاصاتها كما تنتشر في أجهزة الإعلام
بشكل رئيسي فالتخصص الإعلامي لم يساعد على التخلص
من الجهل المعرفي و إمكانيةاستنباط الحلول لكل مشكلة أو ظاهرة ..
كما نصادف تلك الشريحة على معابر الحياة بكافة منعطفاتها
ودروبها إذ يمارس صاحب الجهل المركَّب دوراً خطيراً في المجتمع
حينما يجالس ذوي المعارف والمثقفين فيحدثهم في شؤون الحياة
من سياسة واقتصاد و طلاق وزواج..
بطريقة خلط الأوراق الصفراء مع البيضاء مع تلك الرمادية ..
وخلط الحابل بالنابل ظناً منه أنه جمع المجد من كافة أطرافه وأرجاءه
وأشد مايؤلم أن نرى معلمين يورثون الجهل المركَّب لطلابهم ..
فيولد لدينا أجيال و أجيال تحمل الجهل المركّب كأنه سمة او هوية
لمعالم أمة تندثر شيئاً فشيئاً في أتون العلم و المعرفة و الثقافة .
أبسط مثال يمكن إدراجه في هذه العجالة أن الطالب اليوم لا يمكنه التمييز
بين همزة الوصل و القطع ..!!
وكثيراً ما نصادف في دفتر طالب ما وقد كتب مايلي :
ألناس – ألجهل ألمركّب – قطرات ألندى ..
لعمري أن عدم التفريق بين الهمزات لدى طالب في مرحلة ثانوية
من أشد المخاطر التي تحيط بالعلم و اللغة ..
كيف ورث الطالب ذاك الجهل المركَّب .. ؟
مؤكد من معلمه في المدرسة .. !!
مؤكد من أقرانه .. وآل بيته و مجتمعه و إعلامه الذي يراه و يتابعه ..!!
ولئن أضحى ذاك الطالب جهبذاً لغوياً و كاتباً معروفاً وشاعراً محموداً
إلا أنه لم يتخلص من جهله المركب القابع في خلايا دماغه
وهنا المرحلة أخطر بكثير من المراحل الأولى لتكوين الجهل لديه بفعل الجهلاء
من المحيطين به ...
ففي هذه المرحلة يكون طالبنا الهمام قد تخرج من جامعته
يحمل أعلى درجات التعليم ومع ذلك لا يزال يكتب لنا
[ ألحماقة أعيت من داواها ]
وهنا يصبح من المستحيل تبديل مالديه ثقوب سوداء تعتلي معرفته
فجهله هذا جهل مركّب فإن ناقشته بأن همزة القطع تقرأ ولا تكتب
لعاد وكتبها ولو اجتمعت الأمة قاطبة ...!
من هنا يمكننا القياس و السير في درب غير منعرج يؤدي بنا إلى اكتشاف
أن كل مايحيط بنا في هذه الآونة هو جهل
و جهل مركَّب من الوزن الثقيل
فكيف تقنع صاحب الجهل المركب بأخطائه وكيف يمكن تصحيح لديه
ما اعوج من معارف ..!!
لعلي لا أظلم نفسي و لا أظلم أبناء جيلي إن قلت
إن تحريك جبل قاسيون أسهل بكثير من إقناع صاحب الجهل المركب بجهله
وأن معارفه قاصرة لا تنمو و أن عقله لا يلين مهما أتيت له بالأدلة و البراهين
فهو على استعداد لمناكفة المختصين ومجادلة ذوي المعارف
فمخاطبة الجاهل لعمري أسواء من مخاطبة كافر ...



[/align][/cell][/table1][/align]