مراحل النمو البشري

(هوَ الذي خلقكُم مِنْ ترابٍ ثمَّ مِنْ نطفةٍ ثمَّ مِنْ علقةٍ ثمَّ يخرجكُم طفلاً ثمَّ لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون). (غافر / 67)
(ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطواراً). (نوح/13 ـ 14))
وهكذا أبدع خالق الوجود هذا الكائن المعقّد التكوين والفاعلية، فقد انطلقت حركة الحياة بقدرة خالقها من تراب الارض، لتمر عبر مراحل من التكوين والنمو والتطور العضوي والنفسي والعقلي. ان عظمة الله
تتجلى في بيان هذه الاية، تتجلى في كيفية نشأة هذا الانسان من تراب الارض.
نشأة الجسم بأجهزته وأعضائه المعقَّدة التكوين والاداء والنشاط، تتجلى بتكوينه النفسي، وبحالاته الانفعالية والعاطفية من الحب والكراهية والرضا والسخط والشهوة والغضب والخوف والحزن والفرح.
تتجلى بتكوينه العقلي، بالادراك الحسي والتجريدي وبالخيال والقدرة على التفكير بالغائب والمجهول، وموقفه النفسي منه، وقدرته على اكتشافه والاعداد والتخطيط له.
انها عظمة الله تتجلى فى خلق الانسان التي يتحدث عنها القرآن في هذه الاية، ليبرز أهم ثلاث مراحل في حياته، تمثل التحولات الجسدية والعقلية والنفسية الاساسية في حياته، وهي:
1 ـ مرحلة الطفولة.
2 ـ مرحلة بلوغ الشدة (القوة).
3 ـ مرحلة الشيخوخة.
ولقد اجرى علماء الطب والنفس دراسات علمية تجريبية على التكوين الانساني المتعلقة بمرحلة الطفولة وخصائصها، كما درسوا المرحلة الثانية باطوارها الثلاثة: المراهقة، الشباب، الكهولة.
وفي الخطاب الاسلامي للانسان تجد التمييز في التربية والتكليف والتوجيه والتعامل بين أفراد الانسان في المراحل والاطوار. وهذا المنهج يكشف عن رؤية علمية، وتشخيص موضوعي دقيق لتكوين الانسان النفسي والعقلي والجسدي، وبناء التعامل على هذا الاساس.
وفي بحثنا هذا نريد أن نتحدث عن مرحلة الشباب لاهميتها في حياة الانسان، لانها مرحلة القوة والحيوية والنشاط الغريزي وتفتّح الطاقات والمؤهلات، ولانها مرحلة محفوفة بالمخاطر والمآزق النفسية والعاطفية والغريزية.
فطاقة الشباب الجسدية والعقلية والنفسية كأية طاقة حرَّة في هذا الوجود، كالطاقة المائية والطاقة النووية، يمكن أن توجه لخدمة الانسان وخير البشرية، كما أنها قابلة لان تتحول الى طاقة هدم ومشاكل ومعاناة للفرد نفسه وللمجتمع.