الشباب يهزم الخبرة في يورو 2008
شهدت بطولة كأس أمم أوروبا الثالثة عشرة (يورو 2008) المقامة حالياً في سويسرا والنمسا ظاهرة لافتة لا بد من التوقف عندها لبعض الوقت، وهي فشل المنتخبات التي اعتمدت بشكل كبير على اللاعبين أصحاب الخبرة في التفوق على المنتخبات التي اعتمدت على مزيج متوازن من لاعبي الخبرة والشباب.
وبدا هذا جلياً من خلال المنتخبات المتأهلة إلى الدور نصف النهائي، فلم تشارك المنتخبات الأربعة المتأهلة لهذا الدور، ألمانيا وإسبانيا وتركيا وروسيا، في أي مباراة لها في البطولة بفريق يضم أكثر من 4 لاعبين اعمارهم تجاوزت الـ 30 عاماً، كما كان متوسط أعمار اللاعببن الذين بدأو مباريات هذه المنتخبات محصورأ بين 26 و28 عاماً فقط.
وبالطبع فإن هذه الأرقام قد لا تكون مقياساً لقوة الفريق أو ضعفه أوسببا مباشراً في خروجه لأن هناك عوامل عديدة أخرى تحسم هذه الأمور مثل الإصابات وإمكانيات اللاعبين الموجودين في الملعب وغيرها، ولكنها تعطينا بدون أدنى شك فكرة عن الاتجاه العام في بطولة العام الحالي، كما أنها أعطتنا مؤشرات بأن الحيوية والطاقة المبذولة من لاعبي المنتخبات المتأهلة اصحاب الأعمار الأقل تفوقت بشكل عام على تلك التي بذلها اللاعبون أصحاب الخبرة.
ففي الدور ربع النهائي كان الفوز في المباريات الأربع لصالح الفريق الذي بدأ المباراة بفريق متوسط أعمار لاعبيه أقل من الفريق الخصم، ونعني هنا اللاعبين الـ 11 الذين بدأوا المباراة، وسقطت جميع الفرق التي اعتمدت أكثر على لاعبين اعمارهم تجاوزت الـ 30 عاماً، مع عدم نسيان أن انتصارين منهم جاءا بركلات ترجيح أي أن وقتي المباراة الأصليين والإضافيين انتهيا بالتعادل.
ولم يكن الحال في الدور الأول مختلفاً كثيراً فكل الفرق التي بدأت مبارياتها بلاعبين أعامرهم تجاوزت الـ 30 عاماً فشلت في التأهل، باستثناء منتخب واحد نجح في المقاومة وحجز مقعده في ربع النهائي وهو بالطبع المنتخب الإيطالي بطل العام وصاحب أكبر منتخب من حيث معدل العمر في البطولة الحالية.
نظرة على المنتخب الإيطالي
ولكن عند إلقاء نظرة قريبة على مباريات المنتخب الإيطالي في الدور الأول سنجد أنه خسر مباراته الأولى أمام هولندا صفر-3 عندما بدأ اللقاء بفريق متوسط عمر لاعبيه 31.2 عاماً وفيه 9 لاعبين تجاوزوا سن الـ 30 وبدون أي لاعب أقل من 25 عاماً.
ثم فشل في الفوز في مباراته الثانية بتعادله مع رومانيا 1-1، بعد أن بدأ المباراة بفريق يضم 8 لاعبين تجاوزا سن الـ 30 ومتوسط عمره 30.2 عاماً.
ولم يحقق الفريق الفوز سوى في المباراة الثالثة التي واجه فيها منتخب فرنسي منهار بشكل شبه تام بعد خسارته أمام هولندا 1-4، وبدأ الإيطاليون هذه المباراة بـ 7 لاعبين تجاوزوا سن الـ 30 كما شارك للمرة الأولى بلاعبين تحت سن الـ 25، وكان معدل الفريق للمرة الأولى أقل من 30 عاما، وبالتحديد 29.4.
وفي مباراة إسبانيا في الدور ربع النهائي يوم الأحد كان متوسط عمر الفريق 29 عاماً وكان هناك تألق لافت للاعبي إيطاليا الأصغر سناً مثل ألبرتو أكويلاني لاعب الوسط والمدافع جيورجيو كيلليني. وربما يكون أكبر أخطاء المدرب الإيطالي روبرتو دونادوني هو عدم قدرته على المخاطرة والاعتماد على لاعبين شباب محل الذين حققوا لقب كأس العالم 2006، ربما كان ذلك خوفاً من الإعلام أو المشجعين أو لأسباب أخرى، ولكن في النهاية ما هي خبرة روبرتو دونادوني التدريبية وما هي انجازاته السابقة ليكون مؤهلاً لقيادة أبطال العالم في بطولة مثل البطولة الحالية؟.
وبجانب المنتخب الإيطالي هناك منتخبات أخرى عديدة ستمر بدون شك بمرحلة تغيير في المستقبل القريب من أجل محاولة التأهل لنهائيات كأس العالم، وأبرز هؤلاء هم المنتخب اليوناني حامل اللقب والسويد والتشيك وفرنسا.
منتخبات نصف النهائي
وبإلقاء نظرة سريعة على المنتخبات الأربعة المتأهلة إلى الدور نصف النهائي سنجد أن المنتخب الإسباني كان أبرز الفرق من حيث انتظام تشكيلته الأساسية حيث نجح المدرب العجوز لويس آراغونيس في خلق مزيج متوازن من الخبرة والشباب بواقع 4 لاعبين أقل من 25 عاماً و4 بين الـ 25 والـ 30، و3 فوق الـ 30.
وقد أثبت لاعبو الخبرة في هذا الفريق كارلوس بويول وخوان كابديفيا وماركوس سينا أحقيتهم بالبقاء في التشكيلة الأساسية من خلال أدائهم المتميز، كما فعل أيضاً لاعبون لم يتجاوزا سن الـ 23 مثل دافيد سيلفا وسرجيو راموس.
المنتخب الروسي أيضاً بقيادة المخضرم هيدينك لم يلعب منذ انطلاق البطولة بأكثر من 3 لاعبين تجاوزوا سن الـ 30 معظمهم في خط الوسط مثل سيرجي سيماك وقنسطنطين زريانوف وإيغور سيمشوف، في حين كان اعتماده على اللاعبين الشباب موجوداً من خلال لاعبين مثل الحارس إيغور أكنفييف.
ولم يختلف حال ألمانيا كثيراً حيث كان أقصى عدد للاعبين الذين تجاوزا سن الـ 30 في كل مباراة هو أربعة لاعبين منهم المهاجم ميروسلاف كلوزه والحارس ينس ليمان ولاعب الوسط مايكل بالاك، في حين كان الاختلاف عند المدرب خواكيم لوف هو اعتماده بشكل كبير على لاعبين أقل من 25 عاماً مثل هداف الفريق لوكاس بودولسكي والمدافعين بير ميرتساكر وفيليب لام ولاعب الوسط باستيان شفاينشتايغر.
أما تركيا فحالها مختلف بعض الشيء لأن تشكيلات المدرب فاتح تيريم لم تعتمد كثيراً على إرادته بقدر ما اعتمدت على اللاعبين المتوفرين له مع العدد الكبير من الإصابات والإيقافات التي عانى منها الفريق خلال البطولة، ولكن رغم ذلك كان المدرب القدير من أقل المدربين اعتماداً على اللاعبين الذين تجاوزا سن الـ 30 عاماً، كما أن أبرز نجوم الفريق حتى الآن لاعب الوسط آردا توران الذي يبلغ من العمر 21 عاماً فقط.
http://www.aljazeerasport.net/NR/exe...B7AF1401B2.htm
المفضلات