[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




لم نَعد نصغي لها تلك الحكايا الرابية المموسقةِ من أهازيجِ الناعورة ..
شغل الأسماعَ منا صوتُ العنقاءِ و أنينِ الترابِ و بكاءَ أوراقِ الشجرِ.
شغلتنا الأزمنةُ عن كنهِ الإنسانيةِ ف صرنا أشبهَ ب المومياءات المحنطةِ.
لم تعدِ الأرضُ تسعنا ضاقت الرحابُ على وسعها و الأروقة مقعرة لا تحتوي سوى
روايات مضحكة حول انتماءاتٍ لا تترجمُ ب الفعل أو العمل أو السلوكِ.

كرهتنا الأرصفةُ الجاثيةُ فوقَ تلال الوطنِ وعافت منا الصهيل المزمجر بلا أصداء
سوى ترددات مزعجةٍ لا تسمعُ سوى على منابر الخلافات و المزاجية الحمقاء..!
و كرهتنا النواعيرُ التي سامرت فيما مضى أجيال و أجيال و هجرنا حكاياتها عندما استعمر
منا الفكر و الروح و العقل ما يسمى ب الديجيتال.

نبني في تلك الربوع فرضياتٍ غير واضحة و نرسم خطى غير متساوية و نؤدلج فكراً غير ممنطق
فاهتزت القشرة الصخرية و الترابية مزلزلةً ماتحت الأقدام.. فصاحَ البعضُ أن هذا آخر الزمان...
فتقوقعَنا على الذات و لم يعد لدينا سوى الزفرات نندب بها أن جئنا في آخر الزمان و انتهاء
الآوان.

وعندما خذلنا تراب الوطنِ و دم الشهداء و بعنا ما تبقى من كرامة في سوقٍ للنخاسةِ قررنا
الارتحال باحثين عن وطن لا يعرف معنى زلزلة التراب ، ولكن هل سنجد لنا أوطان.. وهل
ستأوي أجسادنا المدن و هل سنشعر بالانتماء إذ طالما تشدقنا بالانتماء و غفلنا عما فرض
من سابعِ سمَاء.

قد نجد هذا الوطن المفقود و قد يحتوينا إن غفل الدهرُ ولكن مالذي سنقدمه للوطنِ الجديد
لن يكون لدينا ما نقدمه سوى الاجتثاث و التدمير و ذر ترابهِ في في مهب الريح و ممارسة
شتى صورِ التنكيل.. فالخير الذي خلق في الأرواح قد شيعَ في الوطنِ الأم فلا خير يرتجى
لا في الهند ولا في الصين.

نهاجر موتى فنحن من قتلنا الأوطان و بموتها مات الضمير و مات الإنسان و خضبتِ الروح
بالشرور و توشحت بالساديةِ المفرطةِ وارتدت لبوس الظلام .
وتبقى في العرين وحدها تلك النواعير تروي تراث الأجداد و تاريخَ الأمجاد ترويهم للصدى
وللريح و لغبارِ بعثرة المحتوى و الكينونةِ الأبديةِ.

أيها الوطن ...!!
سامحنا إن نحن عصيناك و تمردنا على تربك و اغتلنا مابقي حضارات ، فنحن شعوبٌ متهالكة
أهلكتنا الدهور و الزعماء و الصراعات .
نحن أبناء زمن العهر و القهر ليس لدينا مانقدمه لك أيها المرتحل في حقائب سفرنا سوى
تعزية بعد وأد وصلب دام حقبٍ وقرونٍ لم نعرف فيها معنى الوطن و معنى الانتماء سوى
للمتاجرة في المناسبات وعبر شاشات الفضائيات وأجهزة الديجيتال .

سامحنا أيها الوطن الكبير ف نحن الأقزام و نحن من لا يستحق الحياة ومع ذلك نقتلكَ
و نمشي في جنائز التشييعِ ، و الخوف يكلل منا الأفئدة و بقايا الوجدان و ننعق فما من مجيب
سوى الصمت حتى... !!!...




[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]