في العصور الذهبية للحضارة العربية أصبح الحوار والأختلاف والنقاش والرأي والرأي الآخر صفة من صفات ذاك العصر ، وسمةٌ من سماته ، وشهد الفكر العربي جدلاً فكرياً راقياً ، وثقافةً فكرية قل وجودها في الامم الأخرى ، أما الآن فلقد اشتدت لغة الكلام والشعار ، لتصاحبها لغة القوة والعنف، فاستبدال الحوار بالقتل، والنقاش بالسلاح ، والإختلاف بالسجون والمعتقلات ..

وكان لهذه الثقافة ان تستمر لولا ظهور العنف والقتل والارهاب الفكري الذي تبنته بعض فئات المجتمع العربي نتيجة ضغط الحكومات العربية ودكتاتوريتها على شعوبها ..

ولعل انغراض هذه الثقافة او زوالها تسبب لنا في التخلف والانتكاسة للوراء ، بينما تبنت بقية شعوب العالم ثقافة الحوار وتبنتها كمشروع نهضوي لمعالجة غالبية مشاكلها ..

من المؤلم ان لا نفهم ما يعنيه الحوار والنقاش والاختلاف واسلافنا هم من ابتدعوه وساروا عليه فصنعوا لنا الحضارة والتاريخ ، الذي نتغنى به اليوم دون ان نحافظ على جوهره او نسير في مساره بل حتى اننا لم نعد ذكره عندما نقول كنا في مقدمة الامم ..

اصبحت لغة الكلام في اوطاننا تسير اما الى الموت او الى المعتقل ، لذا نعيش حالة من الرعب والانكفاء والابتعاد عن كل ما قد يتسبب لنا الى هذه النتيجة الدموية بفعل الكلام ..

اليوم اصبحنا كثرثرة صفيّة وكحوار زكيّة لا نقبل التنازل عن آرائنا حتى وان اقتنعنا بعدم صوابها او بعدها عن واقعنا ...

تحياتي