بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلا وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا
وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا. الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد
والحمد لله الذي رضى من عباده باليسير من العمل وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل
وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد: أحييكم بتحية الإسلام الخالدة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
نحن المعوقين,,,, والأخر؟؟؟؟؟
الأعمى يتمنى أن يشاهد العالم ** الأصمى يتمنى سماع الأصوات ** والمقعد يتمنى المشي خطوات
والأبكم يتمنى أن يقول كلمات** وأنت تشاهد وتسمع وتمشي وتتكلم
أما بعد يا عباد الله أوصيكم ونفسي المخطئة بتقوى الله عز وجل وأذكركم يوماً تعرضون فيه على الله الإخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِين يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِئيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ اللهم اجعل حملنا موصولا، واجعلنا يوم القيامة من أهل الفلاح والنجاح واجمعنا بحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً متقبلاً يا أرحم الراحمين. أما بعد:
أيها الإخوة إن كلمة (المعاق) لا تقتصر على من أصيب بالشلل فقط، بل تتعداه إلى الإعاقة السمعية والبصرية والعقلية والنطق، والإعاقة الجسدية، كما أن هناك إعاقات تحدث بسبب الأمراض المزمنة وغيرها من الأمراض، وهناك إعاقات بسبب الحوادث المختلفة (وقانا الله شرها آمين) ومهما يكن لن تكن هذه الإعاقات عائقا في وجوه أصحابها ، بل إن الكثير منهم انطلقوا بعقولهم وعلومهم وأفكارهم وآدابهم وثقافتهم انطلقوا يبدعون في كل المجالات فمنهم العلماء والشعراء والأدباء والفلاسفة والمفكرون والأطباء وغير ذلك الكثير
وهنا نبذة قصيرة عن بعض الأشخاص ممن أصيبوا بهذه الإعاقات المختلفة، ولكنهم وضعوا بصماتهم واضحة في العلوم بل وفاقوا غيرهم من غير لذوي الاحتياجات الخاصة، بمراحل كبيرة، وهذا دليل واضح على أن الإعاقة لا تشكل حاجزا أمام العقل والفكر
وبعد أيها الأخوة والأحبة، الحديث عن المعاق في الإسلام يقودنا إلى الحديث عن هذه الأمة المعاقة، هذه الأمة التي تسلقت عليها مكائد الدهر وسقطت في أوهام ذاتها فلا هي قادرة على أن ترد الشعور ولا هي قادرة أن تنتصر أو تنتصف ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحق أيها الأخوة والأحبة أن الحديث عن لذوي الاحتياجات الخاصة، أو كما انتهى إليه الاجتهاد الاجتماعي اليوم إنما يتصل بأولئك الذين ابتلاهم الله عز وجل بشيء من المحن فيما يواجهون من حياتهم، وقد تدبرت في حال مجتمع النبي صلى الله عليه و سلم لأدرس ظاهرة الإعاقة، ذلك أنه ما ينبغي أن يدركه الناس أن المعاق في ابتلاء شاء الله أن يبتلي به الناس، وفي امتحان والدنيا كلها دار امتحان وبلاء، قدر الله واقع، رحم الله الإمام الشافعي يخاطب لذوي الاحتياجات الخاصة، يخاطب الإنسان حين يطحنه الدهر بكلله، فلا يبقى له ظهير يستظهر به إلا الله، ولا وكيل يتوكل عليه إلا الله، ولا نصير ينصره إلا الله:
أراد ما يكون إذا لم يكن ما تريد هكذا يتوجه الإسلام لمن ابتلاه الله عز وجل في جسده أو عافيته بشيء، يدعوه أولاً إلى استعادة عافية الروح، و عافية القلب،و عافية العقل، و عافية اليقين، و عافية الضمير، و أن يتوجه إلى الله عز وجل في الرضا وقرة العين، لا أكتمكم أنني عانيت كثيراً عندما أردت أن أهيأ لهذا الموضوع، وقد بحثت في حياة الصحابة عن أصحاب الإعاقات، عن لذوي الاحتياجات الخاصة، من الصحابة لنرى كيف تعامل المجتمع الأول مع لذوي الاحتياجات
الخاصة، عانيت لأنني لم أجد ذوي إعاقات، وذلك ليس لأنه لم يكن فيهم ذو إعاقات ولكن لأن المجتمع الإسلامي بحكمة النبي صلى الله عليه و سلمتمكن من دمجهم دمجاً تاماً في المجتمع فلا تبدو إعاقاتهم،مثل عبد الله بن مسعود هذا الصحابي الجليل الذي نقرأ تاريخه في تاريخ النبوة، وقد اسـتحق وصف النبي (أعلم أمتي بالحلال والحرام عبد الله بن مسعود) هذه الرتبة العلمية الباذخة التي تتهاوى عندها كل رتبة أكاديمية لأن الرتب الأكاديمية توقع في الجامعات وهذه رتبة موقعة من رسول الله، عبد الله بن مسعود كان أقرب الناس إلى رسول الله، عبد الله بن مسعود كان يحسب في أهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم ، وعلمه وفضله في التفسير تصنف به التصانيف الكبار،عندما فتحت العراق كان عبد الله بن مسعود على رأس علماءها الذين كانوا جيشاً آخر من جيوش الفتح، وعهد إليه بأمر أمارة الكوفة وأمر القضاء في العراق سنين عددا، إننا ندرس حياته وانطلاقته ونجاحاته وما أنجزه في الحياة، ولكن علينا أن نتذكر أن ابن مسعود كان من أشد ذوي الإعاقات في المجتمع، إعاقات بدنية، يجب أن نتذكر أن ابن مسعود لم يكن يزيد طوله عن أربعة أشبار، لقد كان قزماً بالنسبة للقياس الجسدي ولكنه كان عملاقاً في مقياس العطاء والعمل، و ذلك فإنه روي أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مع أصحابه عند جبل أحد فهبت ريح شديدة وكان ابن مسعود يلبس جلباباً فحملت الريح ابن مسعود من جلبابه حتى صار يتمسك بالشجر لئلا تأخذه الريح، فضحك منه الأصحاب فقال لهم النبي صلى الله عليه و سلم: (أتضحكون من دقة ساق ابن أم عبد، والله إنه عند الله أثقل من جبل أحد)، لقد تمكن ذلك الصحابي صغير جسداً أن يصبح عملاقاً وأن يحكم العراق، وأنتم تدرون ماذا يعني حكم العراق، وتدرون طبيعة ذلك الشعب العسير، هكذا كان عبد الله بن مسعود وهو في إعاقته أن يتبوأ مواقع متقدمة في الحياة، إنهم لم يشيروا إليه عبر تاريخ حياته أنه من ذوي الإعاقات، وإنما نظر على علمه وعطاءه وفضله وكان الأصحاء يذهلون عندما يقرؤون تألق عبد الله بن مسعود وتبوأه لمنازل عالية في المجد والفخار.
نائب رسول الله صلى الله عليه و سلم، كلكم يعلم أن المصطفى عليه الصلاة والسلام كان إذا خرج إلى غزاة كان يولي مكانه من ينهض بأمر المدينة وكان نائب النبي صلى الله عليه و سلم في رحلاته التي يغزو بها، أكثر صحابي عهد إليه بنيابة الرسول صلى الله عليه و سلم إنما هو عبد الله بن أم مكتوم نائب رسول الله، النبي صلى الله عليه و سلم ، كان رجلاً ضريراً لم
يكن يبصر دربه، ولكنه كان يبصر بقلبه وائتمنه الرسول صلى الله عليه و سلم على شعيرة الصلاة، فكان هذا الرجل الضرير مؤتمناً على الأذان، الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، فهو يحشر يوم القيامة من أطول الناس أعناقاً، وعبد الله بن أم مكتوم الذي يذكر علمه وفضله وخبرته السياسية والإدارية، قل أن يُذكر أنه كان من أصحاب الإعاقات، لأن الإسلام تمكّن من إدماجه في المجتمع، بحيث استفيد من مواهبه ولم يعامل بما يجتهد به البعض من عطف وإحسان، لقد تمكن من تبوأ مقعده في العمل العام بكفاءة وإدارة وعناية ودربة، ويشاء الله عز وجل أن يعلمنا شيئاً من هدي عبد الله بن أم مكتوم فقد كان رسول الله ,في رعاية، في حوار مع زعماء قريش وأشرافها من ذوي المال والحسب والسؤدد، ويطل عليه عبد الله بن أم مكتوم الأعمى ويطلب منه أن يعلمه شعائر الإسلام، والنبي صلى الله عليه و سلم لم يشتمه ولم يضربه ولم يخرجه وإنما تغير وجهه، عبسَ إنه يرى أن الساعة غير مناسبة لدخول هذا الأعمى ونحن في حوار مع أشراف قريش وزعماء العرب، عبس وتولى، ولكن ما يدريك إن الله سبحانه وتعالى شاء أن يخلد موقفاً من مواقف العتاب لنبي الإسلام لأنه أشاح بوجهه عن واحد من لذوي الاحتياجات الخاصة، عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الأعمى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى
لقد كان موقفاً عجباً في حياة الرسول صلى الله عليه و سلم, وأعجب من ذلك أن يخلد القرآن هذا المعنى فنقرأه في كل صلاة، لنعلم أن الأمم المتحضرة التي تباهي اليوم بأنها وفّرت بعض المقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة، في الأولويات أو في الأسواق أو في المدارس فإن الإسلام وفر مكاناً محترماً لذوي الاحتياجات الخاصة، في صريح القرآن، سورة الأعمى، السورة التي نزل فيها وحي من السماء، من أجل الانتصار لذوي الاحتياجات الخاصة، ، وهنا أحب أن أستطرد قليلاً لأقرأ معكم أن النبي صلى الله عليه و سلم ,لم يركب إثماً أو جرماً أو كبيرة كما يتخيل للبعض وإنما كان عليه الصلاة والسلام في إعراضه عن الأعمى مجتهداً ولكن الله صوَّب له اجتهاده، ذلك أن الرجل إذا عبس في وجه أعمى ما عساه يصيبه، هل يرى الأعمى بسمتك أو عبوسك، إنه لا يرى ابتسامك ولا عبوسك، إن الله لم يقل شتم وتولى، أو ضرب وتولى، أو نهر وتولى، أو صاح وتولى، لقد قال عبس وتولى، وماذا يضير الأعمى إن عبست بوجهه، ولكن كما قال الأول: حسنات الأبرار سيئات المقربين، لم يكن لهذا المشهد أن يقر من السماء من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وأود أن أقول هنا أن الله عز وجل عندما عاتب نبيه عليه الصلاة والسلام لم يجابه بالعتاب، لم يقل له عبست وتوليت أن جاءك الأعمى، وإنما قال عبس وتولى أن جاءه الأعمى، ولم يصرح بأن هذا العابس هو رسول الله صلى الله عليه و سلم، حتى أن بعض المفسرين ذهب إلى أن العابس غير رسول الله ولكننا نتمسك بالظاهر ونقول هو رسول الله، ولكن الله عز وجل تلطفاً به واحتراماً له لم يذكره بصيغة المخاطب في صدر الآية عَبَسَ وَتَوَلَّى, أَن جَاءهُ الأعمى ثم قال بعد إذ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذكْرَى فخاطبه بكاف الخطاب، الخلاصة إذاً هنا واحد من لذوي الاحتياجات الخاصة، ترصد له سورة في القرآن الكريم،لم يكن هؤلاء الذين سلبوا نعمة الإبصار بالعين، لم يكونوا يفقدون بصيرة القلب، وكان الإسلام بعث فيهم روحاً دافقةً دافئة حتى إنهم يطالبون بحقوقهم،ليس على سبيل العطف والإحسان بل على سبيل الحق والانصياع للحقيقة، حتى عندما نزل قرآنٌ يتلى لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّه ِ مشى ابن أم مكتوم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ،مشى الأعمى إلى النبي صلى الله عليه و سلم, في مسألة قانونية دستورية أضربتها السماء ورتلتها الأرض، ولكن عبد الله بن أم مكتوم قال يا رسول الله ما هذا الذي أسمع؟ كيف يقول الله: لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ قال نعم يا ابن أم مكتوم، هكذا نزلت، وهكذا تلقيتها، وهكذا قراءتها على الناس، قال يا رسول الله، الله أعدل من هذا، ماذا صنع الأعمى؟ لماذا لا أستوي مع المبصرين، والله لو كنت لأجد جهاداً لجاهدت، ولا كنت على رأس المجاهدين، فيلتفت النبي صلى الله عليه و سلم,إلى هذا الأعمى فيحار فيه، إنه من لذوي الاحتياجات الخاصة، من ذوي الإعاقات، ولكن الروح التي بعثها الإسلام في فؤاده جعلته أيها الإخوة أكبر من كل وهم، وجعلته يشمخ بجبينه إلى السماء، حتى يقول إنني أمتلك الحق كاملاً في الحوار الدستوري والقانوني، وحصل على تعديل دستوري، ونزل الوحي مجدداً من السماء بإضافة ثلاث كلمات استجابة إلى اقتراح بقانون تقدم به رجل ضرير من لذوي الاحتياجات الخاصة، لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّه لقد عانيت وأنا أبحث عن لذوي الاحتياجات الخاصة، في حياة الصحابة، وعانيت لأنني لم أجدهم يذكرون كذوي إعاقات، وإنما كانوا يتألقون ويدافعون ويجاهدون ويعملون، وربما ذكر في ثنايا الحديث عنهم أن فلان أعمش أو فلان أعرج أو غير ذلك، عمرو بن الجموح واحد من لذوي الاحتياجات الخاصة،يقول المفسرون إنه تجاوز التسعين من عمره، وكان شديد العرج وهمّ أن يخرج مع النبي , يوم بدر فمنعه أبناؤه ثم همّ أن يخرج يوم أُحد فمنعه أبناؤه فمضى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوهم، قال يا رسول الله أريد الخروج للجهاد ويمنعني أبنائي، فقرأ عليه رسول الله لَيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعرج حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ قال نعم يا رسول الله ولكني أجيد ركوب الخيل والله لأطن الجنة بعرجتي هذه، ورأى رسول الله صلى الله عليه و سلم يقيناً لا ينبغي أن يحال بينه وبين الجنة، وقال لأبناءه ذروه وما اختار، وكان عمرو بن الجموح من شهداء يوم أحد، على الرغم من أنه ناهز التسعين وكان شديد العرج، إنها الروح التي بعثها الإسلام في أبناءه فتحولوا بمختلف مواقعهم إلى أبطال، تحول الأطفال رجالاً، والرجال أبطال، والأبطال عمالقة، كذلك كان يصنع مهندس الرجال محمد ، وخلال التاريخ يمكنك أن تقرأ عن النابغين الكثر، أبو العلاء المعري شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء ولد عام 363 هجري وتوفي عام 441 هجري، عاش عمره رهين المحبسين وتمكن من خلال محبسيه أن يقدم نفسه للعالم كفيلسوف حكمة وإشراق وأشواق، لم تصده إعاقته، وكذلك كانوا، وخلال تاريخنا يمكنك أن تقرأ عن أئمة كبار، الإمام الأعمش شيخ المحدثين وأمير المؤمنين في الحديث، كان أعمش العينين إذا غربت الشمس لم يميز دربه وكان على ذلك يعاني من حموشة ساقيه ووهن قدميه، لكنه على ذلك ظل غماماً يلتمس منه العلم، الإمام الأعرج أيضاً ميمون بن مهران كان أيضاً إماماً روي عنه علم الحديث وخلد ذكره في صحائف السنن، قالون بن مينا، قالون هذا إمام القراء في زمانه، اعلموا أن الأمة اليوم في العالم الإسلامي كله تقرأ لثلاثة أئمة، للإمام حفص عن عاصم، وللإمام ورش عن نافع، وللإمام قالون عن نافع، ثلاثة أئمة يقرأ كل العالم الإسلامي منهم ويتعلمون عنهم ويأخذون من أسانيدهم، بقي أن أقول أن قالون هذا كان رجلاً أصم لم يكن يسمع وهو شيخ القراء في زمانه وإلى آخر الزمان، ويقرأ شطر كبير من إفريقيا اليوم بقراءة قالون، وكان هذا الرجل حرم نعمة السمع، ولكن الله عز وجل بعث فيه طاقة أخرى، طاقة قراءة الشفاه، فكان يقرأ شفاة الأئمة والصحابة والتابعين ثم يحولها بعد ذلك إلى قراءة بإسناد تلقاها عنه الناس وينتفعون بها اليوم وكل يوم:. إنها محض قراءات أيها الإخوة ومن غير المجدي أن نقتل الوقت ونتحدث عن التاريخ، ولكن لابد أن نلتفت اليوم إلى المعاقين وأن نحقق لهم ما حققه الإسلام أولاً لذوي الاحتياجات الخاصة من إدماجهم في الحياة، من استخراج طاقاتهم الكامنة العاملة في الحياة، ليقدموا ما يستطيعون إلى بناء الحياة، الإسلام توجه أولاً إلى المعاق نفسه، توجه إلى من ابتلاه الله بحبيبتيه، بنور عينيه، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم (من ابتلاه الله بحبيبتيه فصبر حتى يلقى الله كان معي في الجنة) وروى لنا في الحديث القدسي فقال: (إذا
ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر لم أرضَ له جزاءاً دون جوار النبيين في الجنة) فهنيئاً لهم بما ينالون، إن الله لا يجمع على عبده عنائين: عناء الدنيا وعناء الآخرة
وهكذا أيها الإخوة فإن الإسلام توجه أولاً إلى المعاق، يحدثه:
إن إعاقته إعاقة دنيا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همِنا ولا مبلغ علمنا، وإن دخول المرء في الإعاقة ليس نهاية العالم، وكم من صحيح معافى شاء له القدر، فأصبح معاقاً في جانب من جوانب المجتمع، فإن أوتي اليقين والرضي تدهدهت له الجبال ولم يهزه في هذا الزمن بصائر أو مصائر وإنما كان على يقين من أمر ربه، إنها إذاً في المقام الأول مسألة يقين، وينبغي أن يؤتى أهل الإعاقة الرضا عن الله عز وجل، سعد بن أبي وقاص هذا الصحابي الجليل الذي يوصف بأنه الأسد بين براثنه، هذا الصحابي الجليل الذي لم يفد رسول الله أحداً بنفسه وروحه إلا هو، وقال أرم سعد فداك أبي وأمي، لم يجمع رسول الله أبويه لأحد إلا لسعد بن أبي وقاص، سعد بن أبي وقاص هذا الذي ارتبط تاريخه في الإسلام بفتح العراق، هو الرجل الذي قاد جيوش الفتح، كان أيضاً يعاني من إعاقة مرضية شديدة، وكان ربما اشتد عليه المرض في المساء فيقول لا أصبح، وربما اشتد عليه المرض في الصباح فيقول لا أمسي حتى إنه يأس من الحياة وقنط من الدنيا وحمل ماله كله وذهب إلى رسول الله وقال يا رسول الله هذا مال سعد امرؤٌ مصاب ما أدري أيطل عليّ الصبح أم تغرب علي الشمس، هذا مالي كله فاجعله صدقة حيث تشاء، قال يا سعد رد مال في ورثتك فإنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وعاد سعدُ بصرّته إلى داره وليس له في هذه الدنيا أرب، لقد كان المرض إذا اشتد عليه أخذ بخناقه حتى يود كل حي أن يدركه الموت، ولكن الله كتب له أن يعيش في مرض موته هذا أربعين عاماً، عاش أربعين عاماً في حالة إعاقة، ولكن ماذا صنع خلال هذه الأربعين؟ لقد أصبح قائد جيوش الفتح في العراق، ولقد أصبح واحداً من الستة الذين وضع رسول الله ثقته فيهم من العشرة، من الستة في مجلس الخبراء الذين عهد إليهم عمر بأن ينتخبوا خليفة من المسلمين، وكان اسمه مرشحاً لمنصب الخلافة بعد عمر، ولكن اسمه لمع أكثر بعد موت علي رضي الله عنه حين ازدحم الناس ببابه كلهم يرجونه أن يطلب البيعة لنفسه وتأتيه مئات الألوف مبايعةً فكان يقول عاهدت حبيبي رسول الله أن لا أقاتل إلا بسيف من خشب، هذا الرجل الذي عظمت إعاقته يوم القادسية حتى اضطر إلى قيادة المعركة وهو مبطوح على بطنه من شدة الباسور،لم يكن له أن يَهِنَ أو ييأس، ولكن حياته
كلها عجيبة ولكنَّ أعجب ما فيها يقين هذا المريض بالله ، عندما وصل إلى بصري الشام زحف إليه أهل الشام يلتمسون منه الدعاء والبركة، وكان سعد بن أبي وقاص مستجاب الدعوة، كان لا يرد له دعاء أبداً، فجعل الناس يرحلون إليه، يأتيه الكسيح فيدعو الله له فيعود على قدمين، يأتيه الضرير فيدعو الله له فيعود مبصرا، يأتيه الأبكم فيدعو الله له فيعود ناطقا، قال له ابنه عمر بن سعد: يا أبتي ألا أعجب من أمرك؟! ألا أعجب من أمرك؟! يأتيك الناس من كل أفق في الأرض فتدعو لهم فيتعافون، ألا دعوت لنفسك وأنت في إعاقتك هذه منذ أربعين عام، قال له سعد بن أبي وقاص ويحك يا بني، ويحك يا بني، والله لرضاي بقضائه أحب إلي من رضاي بقضائي، علمه بحالي يغني عن سؤالي، اقض ما أنت قاض أنا راض بالذي ترضى به، هكذا كان يقينه وهو في إعاقته يرسم للقانطين باب الأمل والخلاص والرجاء، إنه واحد من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلمصلى الله عليه و سلم الذين ربوا في مدرسة رحمته ونوره وتمكن من التألق رغم إعاقته. وبعد أيها الإخوة فإن هناك الكثير من العظماء من لذوي الاحتياجات الخاصة، "
1 - أبان بن عثمان بن عفان: هو ابن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان به صمم وحول وبرص ثم أصابه الفالج (وهو شلل يصيب أحد شقي الجسم طولا)، وكان أبان من فقهاء التابعين وعلمائهم في الحديث والفقه، عينه عبد الملك بن مروان واليا على المدينة عام 76هجري، كما كان رحمه الله يقضي بين الناس وهو حاكم عليهم، توفي عام 85 هجري
2 - الإمام الترمذي: هو الإمام الحافظ المحدث محمد بن عيسى الترمذي، صاحب سنن الترمذي المشهورة، وأحد أصحاب الكتب الستة المشهورة في الحديث. كان رحمه الله أعمى، ولكنه أوتي من المواهب والأخلاق ما جعله من أكابر العلماء، برع في علم الحديث وحفظه وأتقنه. طاف البلاد وسمع من الشيوخ والعلماء، وصنف عددا من الكتب المفيدة، من أهمها: سنن الترمذي وكتاب الشمائل المحمدية، والعلل المفرد، والزهد، وكتاب أسماء الصحابة، توفي رحمه الله عام 279 هجري
3- الأحنف بن قيس رضي الله عنه: اسمه الضحاك بن قيس من بني تميم، والأحنف لقب له، والأحنف هو أشهر من اشتهر بالحلم والسؤدد عند العرب حتى ضرب به المثل في الحلم. كان في رجليه اعوجاج ولذلك سمي بالأحنف، وكان ملتصق الفخذين فشق ما بينهما، وكان أعرجا أعورا متراكم الأسنان مائل الذقن صغير الرأس بارز الوجه منخفس العينين، ومع هذا كله جمع خصال الشرف والسيادة والمروءة والحكمة والحنكة والحلم والحزم. أسلم وحسن إسلامه ودعا له النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (اللهم اغفر للأحنف) إذا فهو صحابي من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين
وقد شارك الأحنف رضي الله عنه في عدد من الغزوات والفتوحات فقد شهد فتوح فارس وخراسان في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، وقد حضر موقعة صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قيل عنه: (إذا غضب غضب له مائة ألف سيف لا يسألونه فيما غضب) توفي رضي الله عنه سنة 67هجري في الكوفة
4 - القائد العظيم موسى بن نصير: من قبيلة بكر بن وائل، ولد عام 19 هجري، كان من كبار الفاتحين المسلمين، قاوم الروم وفتح أفريقية والأندلس، كما فتح مدنا" كثيرة في قارتي أفريقيا وأوروبا، توفي عام 96 هجري. كان هذا القائد العظيم أعرجا، ورغم ذلك بلغ منتهى القوة والشجاعة وعلو الهمة
5- الشاعر بشار بن برد: هو شاعر عباسي ومن فحول الشعر في الأدب العربي، كان أعمى منذ ولادته ثم أصيب بالجدري. كان بشار بن برد شديد الذكاء، تعلم الشعر والأدب ونبغ فيهما، وله مدرسة شعرية خاصة، كان إمام الشعراء في زمانه، له ديوان كبير. توفي عام 166 هجري
6 - الشاعر الكمية بن زيد: هو الكمية بن زيد الأسدي، شاعر أموي، ولد عام 60 هجري، وكان شاعر الهاشميين، كان أصما ولكنه برع في الشعر حتى عد من فحول الشعر الأموي، توفي عام 126 هجري
7 - الأديب مصطفى صادق الرفاعي: أديب مصري مشهور، ولد عام 1880 ميلادي في مصر، أصيب بالصمم في الثلاثين من عمره، ولكن ذلك لم يكن عائقا في سبيل تلك الشهرة الأدبية الواسعة التي حققها الرفاعي. له ديوان الرفاعي، وديوان النظرات، وله كتاب: المعركة تحت راية القرآن، وكتاب: المساكين، ومجموعة من المقالات في كتاب وحي القلم، وكتاب السحاب الأحمر، وكتاب رسائل الأحزان، وأوراق الورد، وحديث القمر، توفي عام 1937 م
ويعد الرفاعي من كبار الكتاب العرب، ومن كبار كتاب المقالات، كما يعد من الأدباء الإسلاميين الذين خدموا الإسلام بأدبهم وشعرهم
8 - الرحالة ماجلان: فرناندو ماجلان بحار برتغالي ولد عام 1480م، كان أعرجا عرجا شديدا دائما،قام بعدة رحلات بحرية مهمة، منها: تلك الرحلة التي اكتشف فيها كروية الأرض، وقد وصل إلى أقصى جنوب قارة أمريكا الجنوبية، كما عبر المحيط الهادي وسماه بهذا الاسم
9- هوميروس: هو شاعر اليونان الشهير، كان أعمى، وقد عاش في القرن التاسع قبل الميلاد، وهو صاحب أشهر ملحمتين في التاريخ هما: الإليادة والألوية
10- السياسي الفرنسي تاليران:
اسمه: شارل موريش دوتاليران، ولد عام 1754م في باريس، أصيب بحادثة سببت له عرجا شديدا. كان من أسرة غنية راقية تخرج من جامعة السربون وكان متخصصا في دراسة الدين النصراني، ثم عين كاهنا ثم رئيسا للقساوسة ثم نائبا عاما من رجال الدين، ثم سكرتيرا هاما، ثم أسقفا لمدينة اوتان. وبعد سقوط سجن الباستيل عام 1789م دخل تاليران معترك السياسة وعين عضوا في لجنة الدستور، ثم عين في عام 1792م سفيرا في لندن ثم وزيرا للخارجية عام 1796م، ثم عينه نابليون عام81 -1م كبير الأمناء ثم كبير الناخبين. كان يلقب تاليران بالشيطان الأعرج، توفي عام 1838م
11 -الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت: هو الرئيس الثاني والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية، ولد عام 1882م، تخرج في كلية هاردفارد، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة كولومبيا، رشح نفسه لمجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك ونجح في ذلك،ثم أسندت إليه مهمة وكيل وزارة البحرية
أصيب عام 1921م بالشلل، ورغم ذلك فقد واجه الأمور بشجاعة وكأن شيئا لم يحدث، وظل يحقق طموحاته حتى انتخب عام 1932م رئيسا للولايات المتحدة، فتخيلوا رئيس أكبر دولة في العالم مصاب بالشلل، إذا فالإعاقة الجسدية لا تشكل عائقا إذا كان هناك عقل وتفكير سليم، وماذا بعد ذلك؟
وقد فاز روزفلت بانتخابات الرئاسة أربع مرات متتالية حتى توفي عام 1945م، وقد مارس روزفلت علاجا طويلا منظما لساقيه جعله يسير بحمالات من الصلب.
وقد كان سياسيا بارعا في الداخل والخارج، وقد كان أول رئيس أمريكي توضع صورته على طابع بريدي وهو على قيد الحياة، وكان الرئيس الأمريكي الوحيد الذي انتخب أربع مرات متتالية
12ا- طه حسين: أديب وناقد ومفكر مصري، ولد عام 1889م وتوفي عام 1973م. أصيب بالعمى في الرابعة من عمره، لقب بعميد الأدب العربي.
حصل على الدكتوراه في الآداب من فرنسا. أسس جامعة الإسكندرية وصار مديرا لها، ثم أصبح وزيرا للمعارف، وأسس جامعة عين شمس بالقاهرة، له مؤلفات كثيرة، ومقالات ومحاضرات وقصص منها: على هامش السيرة، وتجديد ذكرى أبي العلاء، وكتاب في الأدب الجاهلي، وحديث الأدباء، وكتاب: مع المتنبي، والأيام، والمعذبون في الأرض.
أحدث طه حسين ثورة نقدية وأدبية واسعة. فانظر إلى هذا المعاق حصل على شهادة الدكتوراه، وتقلد مناصب عليا، أصبح ناقدا وكاتبا ومؤلفا، ونال شهرة واسعة فلم يستطيع أحد اللحاق به لا سليما ولا معاقا
13-أعجوبة لذوي الاحتياجات الخاصة، هيلين كيلر: هي أمريكية كانت مصابة بالصمم والعمى والبكم منذ صغرها، ورغم هذا تعلمت الكتابة والنطق، ثم تعلمت اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ودخلت الجامعة وتخرجت، ثم تفرغت للكتابة والتأليف، ولها كتب وقصص ومقالات، ومن مؤلفاتها: كتاب قصة حياتي
14- العالم البريطاني البروفيسور ستيفن هاوكنغ: هو عالم رياضيات حاز على أكبر منصب أكاديمي له، وهو كرسي الرياضيات، وهو الكرسي الذي كان يشغله العالم الشهير نيوتن في جامعة كمبردج، كان مقعدا يتحرك على كرسي متحرك، أصدر عددا من الكتب المفيدة منها: تاريخ موجز للزمن، وكتاب ثقوب سوداء، وقد تزوج وأنجب.
15- أوغست رينوار (1919-1841م): هو رسام فرنسي شهير من أنصار المدرسة الإنطباعية، له لوحات رائعة في متحف اللوفر، وعدد من الصور في إيطاليا وأسبانيا وأمريكا. أصيب بداء الروماتيزم الشديد، وأصبح يمشي على عكاز، وكان لا يستطيع أن يمسك شيئا بأصابعه، مما يجعله يربط ريشة الرسم بأصابعه
16 - ألفرد أدلر: هو طبيب وعالم النفس النمساوي، كان مصابا بالكساح والضعف الشديد للبنية، ولد عام 1870م، وهو صاحب المدرسة السيكولوجية الفردية في علم النفس، أصبح أستاذا لعلم النفس في كليات نيويورك، ثم انتخب رئيسا للتجمع النمساوي للتحليل النفسي
17- مارسيل بروست1933 وفاته- (1871م): أديب وكاتب فرنسي مشهور، درس الحقوق في جامعة باريس، وكان فيلسوفا بارعا، أحدث تأثيرا كبيرا في مسار الرواية الحديثة
أصيب بمرض الربو والحساسية، وكانت صحته ضعيفة جدا، وقد لزم غرفته وهو يكتب وهو على فراشه لا يجاوزه
18 - شومان وفاته 1856-1810 (م): هو رجل ألماني كان من عباقرة الموسيقى والفن، أصيبت يده اليمنى بالشلل في بعض الأصابع، ثم أصابه ذهان الهوس(وهو مرض خطير). حصل على لقب بروفيسور في العزف، كان مؤلفا موسيقيا، وله مؤلفات موسيقية تصنف من الإبداعات
19 -بيتهوفن1837-1770 (م): هو ألماني الجنسية، أصبح أشهر موسيقي في العالم، يلقب (أبو السمفونيات)، أصيب بالصمم في شبابه! ومع ذلك فقد أبدع في مجال التأليف الموسيقي، بل وألف أروع مقطوعاته بعد إصابته بالصمم، ثم أصيب بعد ذلك بعدة أمراض مزمنة، ولكنها لم تعفه عن مواصلة ما يطمح إليه ,
أما في عصرنا الحاضر فان هناك الكثير من لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين كان لهم شأن وكانوا حق أعجوبة العصر الحاضر وأحق" علينا أن فخربهم جمعيا"من لذوي الاحتياجات الخاصة، وغير لذوي الاحتياجات الخاصة، انه شيخ المعوق على كرسيه المتحرك الذي يضرب بالطائرات الحربية والصواريخ الأمريكية ,انه الشيخ أحمد إسماعيل ياسين" ولد أحمد إسماعيل ياسين يونيو حزيران عام 1938 تعلم في المدرسة الابتدائية-سنة 1952م- و في مدرسة الإمام الشافعي الابتدائية القريبة من بيته في معسكر الشاطئ ليكمل المرحلة الثانوية العامة سنة 1958م، وعمل بعدها مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية, وتقدّم إلى جامعة عين شمس عام 1964م قسم اللغة الإنجليزية، وفي 1965م تقدم للامتحان، ونظراً لظروف الاعتقالات التي حدثت عام 1965م في مصر بالنسبة للإخوان والشهيد سيد قطب فقد حيل
عودته إلى مصر مرة أخرى.,, وفي السادسة عشرة من عمره تعرض أحمد ياسين لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها منذ ذلك الوقت وحتى الآن، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952، وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أ
صيب به في تلك الفترة. وبالإضافة إلى إصابة
الشيخ بالشلل التام، فإنّه يعاني من أمراض عدة منها فقدان البصر في العين اليمنى بعد ضربه عليها أثناء التحقيق، وضعف شديد في قدرة الإبصار للعين ليسرى، التهاب مزمن بالأذن، حساسية في الرئتين، أمراض والتهابات باطنية ومعوية، وقد أدّى سوء ظروف اعتقال الشيخ أحمد ياسين في السجون الصهيونية وعدم توفر رعاية طبية ملائمة له إلى تدهور حالته الصحية مما استدعى نقله إلى المستشفى مرات عدة.,, اغتال الصهاينة الشيخ الياسين: فجر الاثنين 22-3-2004الشيخ المعوق على كرسيه المتحرك يضرب بالطائرات الحربية والصواريخ الأمريكية يؤكد عجز العدو اليهودي المتغطرس، وفشله عن مواجهة الرجال المجاهدين الربانين في ميادين القتال والمواجهة. فشيخنا الياسين الذي لم يمنعه شلل الأطراف الأربعة عن القيام بواجب الدعوة والتربية والجهاد، وعزاؤنا فيه أنه ربى جيلاً ربانياً مؤمناً، يعشق الجهاد والبندقية، ولا يعرف الانحناء إلا لله رب العالمين..جيل يحمل فكر ومنهج الإسلام العظيم، ويؤمن بطريق الجهاد والمقاومة، طريق وحيد لتحرير فلسطين وتخليصها من دنس اليهود..؟
يقول علامة القصيم- الشيخ الدكتور سلمان العودة:"بدايةُ حياة المجاهد الشيخ ياسين رحمه الله ونهايته، وخلاصةُ تجاربه ومجموع جهاده درسٌ عظيمٌ للكسالى وأصحاب الوهن، فالمرضُ لا يُقعد والشيخوخة لا تعوّق، والبطولة ليست وهماً فارغاً، ولا جعجعةً وادعاءً، بل هي عزمٌ وتصميم، وامتلاءُ القلب بالصدق والإخلاص، وجهادٌ وصبر حتى اليقين، والموعدُ يوم الجنائز؟" وإن استشهاد الشيخ أحمد ياسين يبعث إلى الأمة المسلمة دروساً وعبراً..منها:-
إن رجولة الرجال لا تقاس بقوة أجسامها، بل بقوة إيمانها وفضائلها. وقد قال تعالى عن المنافقين: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ...) المنافقون:4. وقال العرب في أمثالهم: ترى الفتيان كالنخل، وما يدريك ما الدخل؟ لقد علمنا أن القوة ليست بالاجسام الضخمة، ولكن بقوة العقيدة وارتفاع الروح المعنوية والثقة بنصر الله تعالى، فكان آيةً في التحدي والثبات والشجاعة، بل أصبح كرسيه المتحرك رمزاً للكبرياء والأنفة والعزة والإباء. هذا العملاق في الزمان الذي كثر فيه الأقزام، إنّه بطل اهتزت الدنيا لذكائه وثباته وجهاده وشجاعته. هذا الرجل القعيد الذي لا يملك سلطانا إلا سلطان القلوب ولا يملك سلاحا إلا الإيمان بقضيته وأمته فعل ما لم يفعله أصحاب الأجساد والأسلحة. لا بد أن يكون وراء هذا الرجل سر من الأسرار ولا بد أن نتعلم من هذا الرجل الذي هو بقية السلف الصالح ولا نزكي على الله أحد.
وقد كتبت الأكاديمية السعودية بجامعة الملك فيصل أميمه بن أحمد الجلاهمة في صحيفة الوطن السعودية 28/3/2004م تحت عنوان(رجل تعدت حكمته حدود جسده):" الاعتقال الأول للشيخ:
اعتقالته المخابرات المصرية العامة عام 1954م1965 م عام ،1967 وظل حبيس الزنزانة الانفرادية عام 1982م باعتقاله وأصدرت عليه حكما بالسجن 13عاما.في العام1985م, استشهاد الشيخ أحمد ياسين وخلف دروس وعبر:
لقد استلهم كثير من أهل العلم والفكر من استشهاد الشيخ الياسين كثيراً من الدروس والعبر، ونظراً لما فيها من الفوائد والعظات للمسلمين شبابا وشيوخا، فقد رأيت أن من المناسب ذكرها، مع إجمال وإيجاز.
كان هذا الرجل المعوق يزلزل الكيان الصهيوني، ويرعب قادته العسكريين والسياسيين، وهو جالس على كرسيه لا يستطيع أن يفارقه إلا بمعين. كان أحمد ياسين شيخاً لحماس، وقائداً للانتفاضة، وبعد أيها الإخوة أن جميع البشر يعيشون أوقات صعبة و أوقات حرجة و مواقف متعددة يومياً بين الروتين و المفاجئ منها، فما أن تـُشرق الشمس و تبدأ معها المعاناة الإنسانية اليومية، و الكل اعتاد على ما يفعله يومياً بشكل أو بآخر. باستثناء الخارجون عن القاعدة مثل رؤساء الدول ، فأيامهم مختلفة بالتأكيد ، لكثرة مشاغلهم الجسيمة التي يتحملونها و كذلك أيضاً من يمسكون بأطراف النهار من مسئولون و مبدعون و غيرهم و هناك من هم في حال مختلف تماماً و يُعتبرون من غير الأسوياء في نظر العالم ، و مع أن هذا التعبير غير إنساني إلا انه واقع نلمسه ، هذه الفئة تعيش كل يوماً بشكل مختلف .أن (ذوي الاحتياجات الخاصة،) يختلفون عن غيرهم كالمُقعدين أمثالي ، والصم و البكم ، والمجروحين في ذكائهم و هم من يحملوا عبئاً آخر غير عبء النهار
الذي يُشرق شمسه عليهم مثلهم مثل باقي البشر ، عبء الحركة و التنقل و كيفية ممارسة الحياة في ظل فقدان جزء من جسدهم . و السؤال من سيقوم بدور هذا الجزء ؟ يا الله ؟ من سيقوم بدور هذا الجزء ؟ يا الله
1- تصور أخي فالله , تركض في الحديقة فجأة فتسقط ثم تحاول النهوض فلا تستطيع و في اليوم التالي يتبين بأنك مشلول لا تستطيع الحركة وملازم للكرسي المتحرك هناك تبدأ المعاناة و ألام المرض المبرحة ليل نهار التي لا تتوقف طول العمر من جراء الإعاقة
2- تصور أخي فالله ,بأنك كنت تقود سيارتك في الطريق فا تعرضت لحادث بعد مشية الله وبعد الحادث , تحاول النهوض فلا تستطيع و في اليوم التالي يتبين بأنك مشلول لا تستطيع الحركة وملازم للكرسي المتحرك طول عمرك
3- تصور أخي يرعاك الله, في الصباح الباكر تحاول النهوض من السرير فلا تستطيع و في اليوم التالي يتبين بأنك مشلول لا تستطيع الحركة وملازم للكرسي المتحرك طول عمرك
4- تصور أخي في الله, بأنك تجلس على صينية الطعام و تحاول النهوض فلا تستطيع و في اليوم التالي يتبين بأنك مشلول لا تستطيع الحركة وملازم للكرسي المتحرك طول عمرك
5- تصور أخي في الله, انك مكفوف لا تبصر شيء سوا الظلام الدامس
6- تصور أخي في الله, لو انك من الصم و البكم لأتسمع ولا تنطق
7- تصور أخي في الله, لو أنك من المجروحين في ذكائهم
تعددت الأسباب المعاناة واحدة
و المعاناة من جراء القصور في الوظائف العضوية من اثأر الإعاقة
المعاناة النفسية من جراء التغير من حال إلى حال من سليم إلى معوق
تصور أخي المعاناة , و المعاناة في داخل الأسرة
وبعد: إن ما ذكرته لكم قطرة من بحر واسع وهناك الكثير الكثير من لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين كان لهم شأن كبير في التاريخ العالمي السياسي والأدبي والإجتماعي والعلمي، كما أن هناك الكثيرمن الشخصيات الإسلامية والأجنبية من المعاقين الذين وضعوا بصماتهم في كتاب التاريخ البشري وكما قلت ما هذه إلا قطرة من بحر من أمثلة للمعاقين الذين وضعوا بصمتهم في الحياة وأنهم ليسوا عاجزين بل مبدعين، وما الإعاقة إلا إعاقة الجهل والكسل وتنويم العقل والذهن والتكاسل والتواكل
وبعد أيها الإخوة والأحبة فإن أول ما توجه به الإسلام توجه إلى المعاق يدفع عنه إعاقته ببعث الروح والعافية في قلبه وروحه وفؤاده، ببعث اليقين في قلبه وعينيه وفؤاده وروحه، كذلك انطلق أصحاب النبي صلى الله عليه و سلمثم توجه إلى المجتمع فألزم الأمة أن ترعى لذوي الاحتياجات الخاصة، حتى نهض الإسلام أيام عمر بن عبد العزيز فكان المنادي ينادي ألا هل من ذي حاجةٍ فنقضيها له، ألا هل من أعمى فنرسم له قائدا، ألا هل من أعزب فنزوجه، ألا هل من مريضٍ فنرسم له خادما، وهكذا نهضت الأمة بمجموعها لذوي الاحتياجات الخاصة،.
وبعد أيها الإخوة , فإن عبادة من العبادات لا نتنبه إليها ولا نلتفت إليها وأنا أدعوكم إليها كما أدعوكم إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، لقد قدر لكم أن تزورا بيت الله الحرام ومسجد المصطفى صلى الله عليه و سلموهي عبادة وطاعة، أن إخوانا لكم " لكم في الدين الإسلام و إخوانا لكم في الوطن ممن شاء القدر أن يعزلهم من الحياة، أما أولئك الذين ترك الله في أجسامهم بقيةً من عافية فعلينا أن نحبوهم بالأمل وأن نكون معهم وأن نتذكر كلمة النبي صلى الله عليه و سلم: (من قاد أعمى أربعين خطوةً وجبت له الجنة) فكيف بأولئك الذين ينهضون باحتياجاتهم، ويوفرون لهم ما يحتاجون، ويوفرون لهم الوظائف التي يطلبون، إنني أعتقد أن المجتمع برمته مسؤول مسؤوليةً كفائيةً عن رعاية المعوق، وإن الذين يتصلون به عن قرب مسؤولون مسؤولية عينيةً عن رعاية المعوق حتى يسترد دوره في الحياة وفي المجتمع، وليذكر هؤلاء أن كل ذي عاهةٍ جبار وأنه لا يمكن للمرء أن يفقد أمله بالله عز وجل طالما كان فيه عرقٌ ينبض وإيمان . وبعد أيها الإخوة
تماشياً مع متطلبات ديننا الحنيف الذي يحث على المساواة والعدل وعدم التفرقة بين الضعيف والقوي أو الفقير والغني أو الصحيح والمريض وجعل معيار التمييز بين البشر هو التقوى. كما حث ديننا على رعايتهم والاهتمام بشئونهم ودعا إلى الرفق بهم وعدم إرهاقهم بالطلب منهم ما يفوق قدراتهم وحسن معاملتهم والتلطف بهم وأكبر دليل على ذلك العتاب الإلهي للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
(عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى) والذي يعتبر دستوراً للعمل الاجتماعي مع هذه الفئات , ويؤكد الله سبحانه وتعالى أهمية العناية ذوي الاحتياجات الخاصة، بقوله تعالى (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ).
ونظرة الإسلام مبنية على حفظ الكرامة والمساواة والعدل والموازنة بين الحقوق والواجبات بينهم وبين العاديين و حقهم في العمل والتعليم والتأهيل والتشغيل.
كما عنى الخلفاء الراشدون بأمورهم وبلغ من اهتمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحرصه على المقعدين أن بادر إلى سن أول شريعة اجتماعية في العالم لحماية المستضعفين والمقعدين والطفولة بإنشاء ديوان للطفولة والمستضعفين وفرضت للمفطوم والمسن والمعاق فريضة إضافية من بيت المال كذلك أكد عبد الله بن مروان رضي الله عنه حرصه على فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، بسياسة أعطت لكل مقعد خادم ولكل ضرير قائد ومنعت ذوي الاحتياجات الخاصة، من سؤال الناس,و بلغ من اهتمام الوليد بن عبد الملك رضي الله عنه انه أنشأ لذوي العاهات داراً خاصة للعناية بهم وأجرى عليهم الأرزاق.
عدم إطلاق المسميات التي قد تؤثر على نفسيته مثل كلمة معوق وأبله ومعتوه وأبكم وأخرس وشاذ وعاجز الخ....
والتي كانت من أهم آثارها السلبية هي :
الوصمة الاجتماعية لهؤلاء بالقصور والعجز أكثر من الإشارة إلى مظاهر الكفاءة والمساواة والايجابية مع إغفال قدراتهم كالعاديين .
إعطائهم الشعور بالدونية و بأنهم أقل قيمة وقدرة من غيرهم.
الشعور بالإحباط وعدم تقديرهم لذاتهم ,وإحساسهم بالألم النفسي والشعور بالخجل والعار نحو ذاتهم
شعور أسرهم نحوهم بهذه المسميات السلبية واستبدالها بمسميات بديلة قد تكون أكثر ايجابية مثل الفئات الخاصة وذوي الاحتياجات الخاصة والتي تتميز بالأتساع والشمول كما تنطوي على نظرة أكثر إيجابية من حيث أنهم فئات خاصة يمكن أن يصبح أداؤهم عادياً أو على الأقل قريباً من العادي .
هذا ويعتبر المجتمع هو المعاق أو العاجز لأنه لم يستطع توفير الخدمات الخاصة بهم وهو الذي أعاقهم . وبعد أيها الإخوة
لا يخفى على احد أن هذه الشريحة لم تحصل إلا على الجزء البسيط إي من الحقوق المنصوص عليها في ديننا الحنيف و الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بهذا الأمر بل تعدى ذلك إلى عدم حصولهم على ابسط الحقوق العامة.
وطالما كانت الحقوق الخاصة بالإنسان هي حقوق غير مشروطة بنسب تمثيل معينة فان هذه الشريحة تستدعي منا كل الاهتمام لاسيما أن الملكة العربية السعودية استكملت البنية السياسية نحو التقدم لبناء الإنسان إلا أن ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يحضوا بالاهتمام الواجب على الدولة وكما هو معروف انه لا يخلوا بلد في العالم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد اهتمت الدول بهم وبرعايتهم. ولهذا نجد أن الأمم المتحدة والهيئات الدولية أولت هذه الشريحة الكثير من الاهتمام ، فقد صدرت عن الهيئات والمنظمات الدولية العديد من الاتفاقيات والتي منها: الإعلان الخاص بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتضمن تحديد ما ذوي الاحتياجات الخاصة، من حقوق لا تختلف عن الأصحاء من ناحية الرعاية والعلاج والتعليم والتدريب والمستوى الاقتصادي وتوفير الحماية لهم من الاستغلال والتجاوز واحترام كرامتهم الإنسانية.
كما صدرعن الجمعية العامة إعلان بشأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، تم التأكيد فيه على احترام حقوق المعوق المدنية والسياسية والاستقلال الذاتي وحقه في العلاج الطبي والنفسي والوظيفي وحق الإقامة مع أسرته والمشاركة في جميع النشاطات الاجتماعية والترفيهية وحمايته من أي استغلال أو تجاوز.
كما اعتمدت الجمعية العامة عدة قرارات بهذا الخصوص تضمنت عدة محاور منها الرعاية وتكافؤ الفرص وتقديم العون وإعادة التأهيل والحق في التوظيف وغيرها.
ولان الملكة العربية السعودية من الدول التي صادقت على المواثيق والقرارات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان لذا يتطلب الالتزام بتلك الإعلانات والقرارات والقواعد التي أقرتها الجمعية العامة وتفعيلها وتحقيق ما فيها من مبادئ وحق ولو بالحد الأدنى في الظرف الراهن مع ضرورة إعطائها الأولوية والاهتمام والتنفيذ الدقيق وتهيئة المستلزمات الواردة فيها ومد يد العون والدعم والمساندة ذوي الاحتياجات الخاصة، كي تمكنهم أن يكونوا مواطنين يشعرون بقيمتهم وكرامتهم الإنسانية
وبعد أيها الإخوة يا أيها المسئولون
السؤال المطروح دائماً في بلادنا هو ما الذي يعيق تنفيذ التشريعات الإنسانية الراقية التي تخدم كل المواطنين وذوي الاحتياجات الخاصة على وجه الخصوص ؟ .. إن هذا السؤال يكتسب مشروعيته من الوضع القائم في هذا الإطار، فالمملكة العربية السعودية تملك في خزائنها تشريعاتها نظام رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، والمجلس الأعلى لشؤون الإعاقة ، ومَن يلقي نظرة ولو على عجلة ـ على هذا النظام يدرك شموليته وواقعيته وجديته في ذات الوقت ، ولكن في ذات الوقت أيضاّ فإن نظرة أخرى على حال وأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، في بلادنا الذين يفتقدون حق تفعيل هذا النظام وتشكيل مجلسه يمكن من خلالها رصد حال الشتات التي يعيشونها ، والتهميش الذي يعانون منه ، وضياع حقوقهم في سلم أولويات الجهات الحكومية المعنية برعايتهم ، لنكون الأصعب وضعاً في دول العالم من حيث التناقض بين تشريعاتنا وتطبيقاتها ... ألا يحتاج الأمر محاسبة المسؤولين عن ذلك ؟!
لقد حبا الله هذه البلاد الكريمة قادة حكماء يسارعون إلى التشريع ، كما حباها بخبراء تأهيل عالميين من أبنائها وخارطة تعج بالجهات ومنظمات المجتمع المدني التي ترعى شؤونهم ، ولكنه ابتلاها في ذات الوقت بأعداد من ذوي الاحتياجات الخاصة، بنسب واضحة المعالم ، وبين حلقات قادة التشريع وخبراء التأهيل والمنظمات لرعاية المعوقين ، أحدثت فجوة عميقة بفعل حلقة الجهات المنفذة والمنتفعين من تعطيل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، في بلادنا ... وقد يسأل سائل: هل يمكن أن ينتفع أحد من تعطيل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة،
الجواب ليس عندي لكنه حتماً موجود في وقائع تهميش قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم الرد عليها وحفظ مطالبهم على نظام "يحفظ " وكلنا يدرك أن "يُحفظ " تعني " يُفرم " أو " يُحرق " فيخرج المعوق تائهاً لا يعلم إلى أين يذهب ، ومّن يراجع ولمن يشكو ، فكل الذي يدركه أن له راب ير يسمع وأن لانا نظام يحفظ كل حقوقه ولكن ليس لهذا النظام شجاعة من المعنيين بتنفيذه .. ويبقى السؤال لما ؟
لما لم يٌفعل نظام رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، في بلادنا حتى هذه اللحظة ؟ ولما لم يتشكل مجلسه ؟... هل هناك نية للتراجع عنه ؟ أم هل نفتقر للكفاءات القادرة على أن تُكون أعضاء في هذا المجلس ؟ أم أنه حتى هذه اللحظة يفتقر للمخصصات من ميزانية الدولة ! التي سبقت وأن كانت ذريعة بعض المسؤولين لتحطيم أحد الصروح الإنسانية الحضارية في بلادنا ؟ أما أن الأولويات ترفض دخول القضايا الإنسانية وفي مقدمتها نظام رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى أجندتها الوطنية ؟
يؤلمك كثيراً أن تعرف أية إجابة على أي سؤال مما سبق ولكن المؤلم أكثر أن يعاني ذوي الاحتياجات الخاصة، في بلادنا من إقصاء وعدم استجابة لمطالبهم لدى العديد من الجهات التي تشعرك بأنها لا تملك الشجاعة حتى على الرد بالرفض لبعض هذه المطالب!!
سألني أحد المتطفلين : هل الحكومة السعودية عاجزة عن إيجاد آلية لتفعيل النظام الوطني لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وفق إمكاناتها المتاحة ؟ ... ولكي لا أزود فلن أذكر ما كان ردي عليه وجوابي له، لكني في الحقيقة فإن شأني شأن ذوي الاحتياجات الخاصة، في حاجتنا الماسة لرسائل مطمئنة عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين هم قبل كل شيء مواطنين و مواطنين من الدرجة الأولى!"
نظام لرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، في المملكة العربية السعودية" وغيره من الأنظمة الكثير والكثير؟؟
لقد جاء نظام رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي صدر بموجب المرسوم الملكي بالرقم (م/37) والتاريخ 23/9/1421هـ القاضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء بالرقم (224) والتاريخ 14/9/1421هـ الخاص بإقرار النظام تتويجاُ لكافة الجهود الرائدة في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأهيلهم". نص القرار للأمم المتحدة و المملكة من ضمن الموقعين علي هذه القرارات ,,قررت الجمعية العامة، في قرارها 56/168 المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2001، أن تنشئ لجنة مخصصة لوضع اتفاقية,, دولية شاملة ومتكاملة لحماية وتعزيز حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وكرامتهم، فأصدرت الأمم المتحدة - إعلان حقوق لذوي الاحتياجات الخاصة، - عام 1971م و إعلان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، عامة عام 1975، كما أنها أعلنت العام الدولي ذوي الاحتياجات الخاصة، عام 1981م
ويعتبر ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (1945)، وإعلان حقوق الطفل (1975)، وإعلان التقدم الاجتماعي والإنماء (1969 )
ومؤتمر مانيلا الذي عقد في سنة (1987) واعتبار عام (1981) عاماً دولياً ذوي الاحتياجات الخاصة، والمؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية الذي عقد في حزيران سنة (1955) وتبني المؤتمر قرار رقم (99) والتوصية رقم (159،168)
وفي السنة 1983 (مكتب العمل الدولي 1989، 1987، 1985، الأمم المتحدة، 1994) إعلانات الأمم المتحدة مثل اتفاقية حقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، عام 1975م.
ميثاق العمل في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي أصدرته المنظمة العالمية للتأهيل.
دستور التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي أصدرته منظمة العمل الدولية عام 1975م.
القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص لذوي الاحتياجات الخاصة،الذي أصدرته الجمعية العمومية عام 1996م.
وصدرت الموافقة السامية في عام 1406هـ بتيسير الخدمات اللازمة لهم وتخفيض أجور النقل جواً وبحراً وبراً بواقع 50% لهم ولمرافقيهم أيضاً,, اتفاقية معنية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2003.
: اتفاقية دولية شاملة ومتكاملة لتعزيز وحماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وكرامتهم. مشروع اتفاقية، الهند، بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2003
منظمة الأمم المتحدة للطفولة: مقترحات مقدمة إلى الفريق العامل بشأن اتفاقية دولية لحماية وتعزيز حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وكرامتهــــــم. تاريخ التقديم: 2 كانون الثاني/ يناير 2004
إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3447 (د-30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975 إن الجمعية العامة، إذ تذكر العهد الذي قطعته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة علي أنفسها، بموجب الميثاق، بالعمل جماعة وفرادى، وبالتعاون مع المنظمة، علي تشجيع رفع مستويات المعيشة وتحقيق المعاملة الكاملة وتهيئة ظروف تتيح التقدم والنماء في الميدان الاقتصادي والإجماعي، .. العقد العربي للمعوقين 2004- 2013 الذي أقرته قمة تونس سنة 2004، الوثيقة العالمية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في هذا العام 2007م ونذكر أوّلاً بأهم القوانين التي صدرت في بعض الدول العربية :
1ـ سوريا : القانون المتعلق بتربية وتأهيل المكفوفين مهنياً وتشغيلهم، عدد 144، الصادر سنة1958. ثم القانون عدد 40 السنة 1970 الخاص برعاية الصم.
2ـ لبنان : قانون 11/.1973
3ـ مصر : القانون الجديد رقم 39 لسنة 1975.
4ـ العراق : قانون رقم 126 لسنة 1980.
5ـ اليمن: قانون الضمان الاجتماعي رقم 2 لسنة 1980.
6ـ تونس: قانون رقم 46 لسنة 1981.
7ـ الجزائر: قانون 1979.
8ـ المغرب: قانون 1981الخاص برعاية المكفوفين، وقانون 1992الخاص بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين.
9ـ الأردن: قانون رقم 12 لسنة 1993 الخاص برعاية المعوقين.
10ـ ليبيا: قانون رقم 3 لسنة 1981، والقانون رقم 5 لسنة 1987.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج العربي، يلاحظ أن عدم وجود تشريعات متخصصة هذا لا يعني عدم وجود سياسة تضمن رعاية أو تأهيل من طرف الدولة للأشخاص المعاقين،
السؤال المطروح دائماً في بلادنا هو ما الذي يعيق تنفيذ التشريعات الإنسانية و نظام لرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة والتي تخدم كل المواطنين وذوي الاحتياجات الخاصة على وجه الخصوص ؟
الجواب ليس عندي لكنه حتماً موجود في وقائع تهميش قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة،؟
وقد يسأل سائل: هل يمكن أن ينتفع أحد من تعطيل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة،؟
أخراً وليس أخيراً فاعلموا علم اليقين أن كل إنسان يعتريه القصور في التفكير وفي الذكاء وفي الكتابة وما من إنسان على وجه المعمورة كامل ولا منزه عن الخطأ ولا معصوم من الزلات / إلا محمد صلى الله عليه وسلم ,وهوا المعصوم من الزلات , إلا إن قدر رسول اللـه صلى الله عليه وسلم عند اللـه لعظيم
وهو الذي زكاه في عقله فقال سبحانه: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [ النجم : 2].
وهو الذي زكاه في صدقه فقال سبحانه: وَمَا يَنطِقُ عَن الهوىَ } [ النجم : 3].
وهو الذي زكاه في فؤاده فقال سبحانه: مَاكَذَبَ الفُؤادُ مَارَأىَ } [ النجم : 11].
وهو الذي زكاه في علمه فقال سبحانه: عَلَّمَهُ شَديدٌ القُوىَ } [ النجم : 5 ].
وهو الذي زكاه كله فقال سبحانه: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلقٍ عَظِيمٍ } [ القلم : 4 ] .
أما نحن بشر نخطي ونصيب وهذا سمة البشر لان الموفق الذي يعترف بالخطأ
ويتراجع إذا اخطأ ,فإذا أخطأنا فهذا من أنفسنا وإن أصبنا فهذا من الله
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكتبه أفقر الخلق إلى الخالق Skao-45
المفضلات