الإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها. وقد مدح الله -تعالى- نبيه، فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
وقال e " أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقاً"
وقال e" إن المومن لَيُدْرِكُ بحُسن خُلُقهِ درجة الصائم القائم"
وقال e " إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحَاسنكم أخْلاقًا".ومكارم الأخلاق تجمع المروءة, والحلم , والحياء, والإحسان, والعفو, والصبر والأناة, والرحمة, والعفة والعفاف, والجود والكرم , والسماحة, الإيثار, والقناعة, والوفاء بالعهد والوعد, والتواضع, والبذل, والعزة وعلو الهمة.
ومع كل هذه الأخلاق الرائعة والجميلة, والتي كان يتغنى بها العرب ويتفاخرون, أكثر من تفاخرهم بأحسابهم وأنسابهم, ومع شركهم بالله إلا أن الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال فيهم" إنما بعثت لأتمم مكارمن الأخلاق" إي أنهم كانوا أصحاب خُلق إحتاج لصقل بالدين, وتهذيب بالشريعة. ولأن زمنهم زمن الأخلاق والمكرمات أقترن أسماء بعضهم بصفات عظيمة كالمروءة والتي هي رأس المكارم وعماد الفضائل وممن اشتهر بها الأحنف بن قيس وكان زيد بن حيلة من معلمي المروءة فقال عنه الأحنف بن قيس "طالما خرقنا النعال إلى زيد بن حيلة، فنتعلم منه المروءة، يعني في الجاهلية"،
فأين الرجال اليوم من المروءة .... ولا أقصد أن جميعهم فقد المروءة ولكنا لا نجد من الرجال اليوم من يطلبها قال ابن عمر:" ما حمل الرجال حملا أثقل من المروءة. فقال له أصحابه: أصلحك الله، صف لنا المروءة. فقال: ما لذلك عندي حد أعرفه. فألح عليه رجل منهم، فقال: ما أدري ما أقول، إلا أني ما استحييت من شيء علانية إلا استحيت منه سرا". إن هذا الحوار يدل دلالة أكيدة على حبهم الشديد إلى تعلم المروءة والتعرف على أهم مفرداتها ودقائقها. وروى عن الفضيل بن عياض رحمة الله ، أنه سئل عن الرجل الكامل التام المروءة فقال : الكامل من برّ والديه ، ووصل رحمه ، وأكرم إخوانه ، وحسن خلقه ، وأحرز دينه ، وأصلح ماله ، وأنفق من فضله ، وحسن لسانه ، ولزم بيته وسئل سفيان الثوري عن المروءة: ما هي؟ قال: "الإنصاف من نفسك والتفضُّل؛ قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) وهو الإنصاف، (وَالإِحْسَان) وهو التفضل، ولا يتمُّ الأمر إلاَّ بهما؛ ألا تراه لو أعطى جمع ما يملك ولم يُنصف من نفسه، لم تكن له مروءة؟! لأنه لا يريد أن يُعطي شيئًا إلا أن يأخذ من صاحبه مثله، وليس مع هذا مروءة".
و المروءة درجات منها المروءة مع الله تعالى بالاستحياء منه حق الحياء . والمروءة مع النفس بحملها على ما يجمّلها ويزينها وترك ما يدنّسها ويُشينها. والمروءة مع الناس بإيفائهم حقوقهم على اختلاف منازلهم والسعي في قضاء حاجاتهم وبشاشة الوجه لهم ولطافة اللسان معهم وسعة الصدر وسلامة القلب تجاههم وقبول
النصيحة منهم والصفح عن عثراتهم وستر عيوبهم واحتمال أخطاءهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه, ويتعامل معهم بأدب وحياء وخلق جميل وقد ورد عن النبي e أنه قال" من عامل الناس فلم يظلمهم, وحدثهم فلم يكذبهم, ووعدهم فلم يخلفهم, فهو ممن كَمُلت مرؤته, وظهرت عدالته, ووجبت أخوته"
روي أنه كان لرجل زوجة حمقاء بذيئة اللسان تشتمه , بل وتلعنه باستمرار وتدعو عليه من دون داع فقيل له كيف تصبر عليها وهذه سيرتها معك غفر الله لك, فقال أدرس عليها مكارم الأخلاق وبالأخص الحلم والصبر وأريد أن تبرز زلاتي فأتجنبها.
بعد ما تقدم فهل تجدون إخوتي في زماننا هذا من له مروءة؟!!......
وإن كان هناك صاحب مروءة إني لأرجو أن تكتبوا اسمه لعل شبابنا يقصده ليتعلموا منه المروءة ومكارم الأخلاق.
وأضيف نقطة مهمة وهي أن للمروءة خوارم ونواقض وموانع لحدوثها منها:
· البول قائما.قال الحُصين بن المنذر الرقاشي:
· كشف العورة.
· تكتيف اليدين على الدُّبُر.
· الرقص والتصفيق والتصفير للرجال.
· التكلم بالأعجمية وترك العربية من غير حاجة.
· نتف شعر اللحية والإبط والأنف أمام الناس.
· لبس الأحمر الخالص من الثياب للرجال.
· َمدُّ الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة.
· لباس الشهرة (الغريب من الثياب).
· إضحاك الناس بحركات وأفعال غريبة وأن يحاكي شخصا في حركاته ومشيته وكلامه من باب السخرية وإضحاك الناس.
· التجشؤ أمام الناس.
· الأكل من موضع يد صاحبك أو من غير ما يليك.
· الجشع عند أكل الطعام .
· الإكثار من المزاح.
· الشحاذة ومد اليد للناس.
· الجلوس في المقاهي والأماكن المشبوهة .
· الأكل في الطريق والأسواق والأماكن العامة .
· مضاحكة الزوجة وتقبيلها ليلة زفافها بحضرة الناس.
· تذوق الأطعمة والفواكه والخضروات عند الباعة.
وقد كثرت الخمس نقاط الأخيرة في زماننا وكأنها شاهد على ذهاب المروءة وزوالها عن أهلها.
فهل أنت أخي حريص على تعلم المروءة, إذًا فاعلم أن لها شرطان:
علو الهمة, وشرف النفس فإن النفس إذا شرفت كانت للآداب طالبة، وفي الفضائل راغبة، وعن الدنايا والرذائل نائية.
إن المروءة ليس يدركها امرؤٌ ورث المكـارم عن أبٍ فأضاعها.
أمرته نفـــسٌ بالـدناءة والخنا ونهته عن سُبُل العـلا فأطاعهـا
ولن أنسى أخي أن أضيف أن للمرأة دور كبير وعظيم في فقد مروءة الرجال, وهذه ليست حملة على النساء إلا أني إمرأة واسمع أحاديثهن وأرى ما لا يرى الرجال, فالمرأة تذكر المرأة أمام الرجل بالسوء , وتذكر أهلها وذويها, وكثيرًا ما يكون الباعث غيرة أو حسدًا, وكثيرًا ما يكون الحديث مكذوبًا أو مبالغًا فيه, ويحمل الرجل على ذويها وقد يذكرهم في مجلس آخر بسوء, كما أن المرأة صاحبة كيد عجز عنه الشيطان وأتقنته وتفننت فيه, وإلا أخي مالذي يبعث أبن عم ليخوض في عرض إبنة عمه, وما الذي يدفع أخ ليقاطع أخاه, وما الذي يدفع إبن ليلقي [امه في الشارع بل إني سمعت قصة رجل رمى بأمه في حاوية القمامه, وحين سأله رجال الأمن قال أن زوجته خيرته بينها وبين أمه, فهل أفقدته مروئته نعم وألف نعم فأين هذا من الفضل بن عياض.
إن من المروءة أن يغار المرء على دينه وعلى عرض أخاه المسلم, إن من المروءة أن نطلب مجتمعًا يتحلى بخلق القرآن أسمى آيات المروءة .
ولكن هل للنساء مروءة؟!
قيل أنه لا مروءة لإمرأة وهذا ما فطر قلبي, ليس لأنه ظلم ولكن لأنه لا مروءة لإمرأة وقد تكون أسباب قولهم مقبولة ومقنعة, فالمرأة لاتملك ما يملكه الرجل من الشجاعة, والقوة والتحمل, إلا أنها تستطيع أمور أخرى فيها الكثير من مكارم الأخلاق وحسنها.
أسأل الله لآبائنا ولكم ولي خيري الدنيا والآخرة, وأن يجعلنا بارين بهم ويرزقنا رضاهم وبر ابنائنا وصلاح بناتنا.
المفضلات