هذا المقال لأنه يعبر عن وضع المجتمع السعودية أحببت نقله

لن يخيسوا يا فضيلة الشيخ .. أعدك وأؤكد لك أن لن يخيسوا

لن تخيس الشركات ولا رؤوس الأموال المتنقلة بين أسرة الربح ولا فترينات المعارض الفارهة ولا عربات نصف النقل أو ربعه أو كله ولا السماسرة والمستنفعين ولاعقي الأحذية ولا العمالة الآسيوية المتكدسة بـ بطحاء الجمعة وكندرة جدة أو ثقبة الخبر ولا مليارات تحويلات أواخر الشهر ولا منتجعات كـان أو كبائن شواطئ مدريد .. لن يخيسوا يا صديقي فضيلة الشيخ الذي أحترم .. أقسم لك أن لن يخيسوا !

لن يخيس يا فضيلتنا سوى فتاة عرعر وأهلها ساكني صنادق الشمال وجيرتهم من بعدهم ومن تبعهم بتعاسات وفقر وذل إلى يوم يبعثون ! .. سامحك الله يا فضيلة الشيخ ليس لأنك صادرت حق رد الفعل الشعبي تجاه الهوامير فحسب .. بل لأنك تجبرني أن أكتب في المال والإقتصاد الذي امتنعت عن الكتابة عنه راغبا .. ياصديقي الشيخ أنت وأنا قادران على شراء الألبان وإن تضاعفت أسعارها عشرات المرات .. غير أن البقية لن يفعلون !

أنا وأنت قادران على ارتداء أغلى الفراء السويسرية واجتلاب أرقى أنظمة التدفئة اليابانية والتمترس خلف أفخم المكاتب الأمريكية .. غير أن صندقة فتاة عرعر لايوجد بها دفاية قاز يا صديقي !

لماذا ياصديقي الشيخ أطالب وتطالب الجوعى بالتعقل

وهل يرسل جهاز عصبي جائع إشارات سلمية !

لماذا يا صديقي الشيخ نطالب أنت وأنا بردان بالتلحف بقراطيس الأسمنت وفرك جسده بجدران الشارع .. صبرا لسماع قرارات السادة أو تراجع رأس المال عن قرارات زيادات الربح ! .. ها أنا أحدثك بما أعرف وبما أسمع بنشرات الأخبار فـ أصبر معي وأظن صبر دافئ شبع مثلي ومثلك ليس بالأمر المستحيل :

نشرة أخبار

الخبر الأول : ارتفاع أسعار منتجات الألبان في السعودية

الخبر الثاني : وزير التجارة السعودي يتوقع زيادة أسعار المواد الغذائية 30% خلال هذا العام 142

الخبر الثالث : عائلة تسكن صندقة تعبث بها رياح عرعر .. تفيق صباحا لتجد ابنتهم الطفلة وقد تخشبت وماتت بردا ! .. الجدير بالذكر أن الطفلة كانت تفترش كراتين ورقية لتقيها برودة الأرض .. وهكذا تصبح كراتين الورق جديرة بالذكر إلى جانب وفاة فتاة استكثر الخبر ذكر أسمها يا فضيلة الشيخ .. طفلة ذنب موتها معلق برقاب المسئولين وبرقبتك كمفتي وبرقبتي ككاتب .. فلا أنت ولا أنا بريئين من ذنبها يافضيلة الشيخ

هل تعرف يا صديقي الفضيل لم ترفع الشركات أسعارها ؟

هل تعرف يا سيدي الشيخ كيف تدار آليات تسعير المنتجات لدى شركاتنا ؟

هل تعرف يا سيدي الكريم كم تمثل كلفة مواد التصنيع الخام من إجمالي الكلفة التشغيلية والتصنيعية لأي منتج ؟

وهل تعرف أنها في أسوأ الأحوال لا تشكل أكثر من 20% من الكلفة الإجمالية لإنتاج وحدة واحدة من معظم المنتجات ؟

يا صديقي الجليل .. إن كانت كلفة المواد الخام ارتفعت بمعدل 30% فالكلفة الإجمالية للمنتج لم ترتفع ولا حتى 5% منطقيا .. فتكاليف التشغيل والإدارة والإعلان والإهلاك والتوزيع وغيرها ثابتة لم تتبدل بل على العكس تكاليف النقل والتوزيع انخفضت بشكل درامي بعد نزول بنزين التسعين إلى الأسواق وجميعنا نعرف ذلك فلماذا الجشع ولماذا على المستهلك المسكين أن يتحمل انخفاض أرباح الهوامير إن حدث ؟

حسبتهم هذه تذكرني بنكتة عفوية تبادلتها مع زميل لي منذ أسابيع عندما صادفني بقرب المصعد وبيدي كوب قهوة ورقي عليه شعار أحد محلات القهوة المشهورة .. فسألني : هل زاد سعر القهوة عندهم فأجبت : ليس بعد .. فأخبرني أن سعر القهوة لدى المقهى الذي يتعامل معه زاد ثلاثة ريالات وعندما سألهم عن السبب أخبروه أن سعر منتجات الألبان ارتفع .. فأجبته بسخرية : قهوتي سوداء يا صديقي

يا شيخنا الكريم .. عندما انخفضت أسعار الوقود ومصاريف النقل وكلفات الإعلان لتعدد وتنافس قنواته في السنوات الثلاث الأخيرة لم نرى تاجرا واحدا يخفض من أسعار منتجاته بحجة أن التكاليف انخفضت ولم نسمع صوتا يطالبهم بذلك فلماذا يرفعون أسعارهم كثيرا الآن عندما ارتفعت التكاليف قليلا ثم نطالب أنت وأنا وغيرنا المستهلك بالصبر والتعقل والإستعانة بالله على مصابه ؟

وفي الختام .. أعتذر لك يا صديقي الشيخ لأنني لن ألتزم بفتياك هذه المرة .. وسأستمر في مقاطعة منتجات الألبان وسأقاطع أي منتج آخر استجابة للإرادة الشعبية .. لا لأنني غير قادر على الشراء بل كإلتزام أخلاقي وإنساني ووطني لكل من لايستطبع الشراء من أبناء جلدتنا وأوكد لك أيضا أن عدد من سيقاطعون يفوق تصورك لا إيمانا من الجميع بمبدأ المقاطعة كردة فعل بل لأن أغلبهم غير قادر على شراء تلك المنتجات بعد زيادة أسعارها !

أعرف وأؤكد لك مرة أخرى أن الشركات ورؤوس الأموال والهوامير لن يخيسوا ولكن اعتبرها محاولة بلهاء مني ومن آخرين لكي لايخيس الإنسان في دواخلنا !
ودمت بخير وعافية يا فضيلة الشيخ

مقال .. الشاهين
مقال ذو صلة للكاتب بجريدة الرياض يحيى باجنيد

الله حسبنا الحبل قبل الجمل
جديدة علينا مقاطعة الناس للسلع التي ترتفع أسعارها .. فقد بلغ المقاطعون 71% حسب استطلاع موقع جريدة الرياض الإلكتروني وهو وعي جدير بالاحترام والإعجاب .. وأذكر قبل ثلاثين عاماً ونحن طلبة غرباء عن المجتمع الإيطالي مشهد بائع يقف أمام بقالته معقود اليدين والحاجبين .. كاسف البال من سوء الحال ! .. وحينما قصدناه للشراء نظر إلينا نظرة شذراء .. وهزَّ رأسه يمنة ويسرة مردداً : دوماني دوماني

ودوماني هذه تعني بالطلياني كما يقول إخوتنا المصريون : فوت علينا بكرة

وتعجَّبنا من بائع لا يرغب في الزبائن لكننا علمنا حينما انقلبنا إلى جيراننا الطلاينة أنهم نفذوا عقوبة جماعية بحق المذكور أعلاه جعلته لا يعرف وجهه من قفاه .. لأنه زاد بضع ليرات تساوي عندنا هللات على واحدة من السلع !

لم يستوعب وعينا في ذلك الوقت هذا السلوك فقلنا : حرام عليهم .. يقاطعونه عشان هللات ؟!

وما كانت المقاطعة من أجل الهللات طبعاً

وإنما هو المبدأ الذي يعاقب سارق الحبل .. حتى لا يضيع الجمل وما حمل