عندما اصاب مفاصلنا الكاملة و النصف مفصلية داء السياسة صرنا نبتلع علقمها طوعاً و أمراً
فـ رغم ذلك الإحساس بالغصة من تلونها و تقاطعها و ترضيخها على عتبات قصور اللؤم و الخيانة
و المرتزقة من معاشر بلاد العم سام و من كان على شاكلتهم من بلاد أخرى .
أضحت بالنسبة لنا كشعوب هي الماء و الخبز و قوتنا اليومي الذي نحيا عليه و ربما نموت عليه .
فلا شاغل عاد يشغلنا و لاهموم عادت تؤرقنا و لا مسألة تدني مستوى المعيشة هاجسنا
و لا الأمور المستقبلية في أوليات اهتمامنا و لم يعد للشعر و القصيدة موضع في شؤوننا
و انتهى عصر و زمن الحب في معمعة ذاكرة الكراهية و العنجهية وصار الهاجس المعشش
في كافة الخلايا الدماغية هو هاجس السياسة و القطب الأوحد و الاغتيالات و التفجيرات و المؤامرات
و انتهاك الحرمات و تضييع شعوب من أراضيها و تهجير أمة من مهدها .
رعب السياسة يشل أطراف الشعوب و يلزمها بالانضواء تحت رايتها عمداً و كرهاً و أمراً ..
فلم يعد لحوارات السلوك و الاخلاق مكان ولا لشؤون الطفل و المرأة عنوان .. فالحوارات
هي مجرد سياسة و بـ سياسة مطلقة .
و أعترف بأنني أبغضها و لكن سكناها في معترك شؤوني يجعلني أرضخ لسعيرها فتكاد تحرقني
ومع ذلك اصطلي نيرانها و أكتوي بهجيرها و ألتصق أكثر بها لتبتلعني في بوتقة مجهولة الابحار .
و اعاهد النفس على التوبة من إثمها و سيئاتها و لكن سرعان ما تنتقد التوبة و تصبح مجرد
اصداء في ذاكرة غرقت بالهموم السياسية و الشؤون السياسة رغماً عن طقوس اهتماماتي.
السياسة خبز وماء وقوت لأجيال رضعت شأنها في المهد فكبرت معها و استوطنت سنواتها ..
و عوضاً عن الفصول الأربعة حاق بنا فصل السياسة المرعد الغائم المتقلب حسب دفة الزعامة
و القوى الخارجية و الخضوعات الداخلية .
السياسة أضحت مداد الأقلام و نبض الحياة و الشريان الاكليلي في جسد الشعوب سواء
كانت مقهورة أو محتلة مغتصبة من قبل احتلال خارجي أو قد يكون الاحتلال داخلي ..
و كلها سياسة .. ،،
المفضلات