في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، اعتلى كلّ من أحمد أحمد (مصري)، وهارون قادر (فلسطيني)، وماز جبراني (إيراني)، خشبة أحد مسارح واشنطن... آنذاك، كان مسلمو أميركا قد ضاقوا ذرعاً بتبعات أحداث 11 أيلول (سبتمبر) عليهم، فقرروا تقديم عمل ساخر على طريقة Stand up comedy، يهدف إلى «كسر الصورة النمطية عن العرب وإسقاط تهمة الإرهاب عن المسلمين عموماً».
جذبت الفكرة الرأي العام الأميركي، وحضر العرض الأول حوالى 1400 متفرّج، ليصبح بعدها ثلاثي «محور الشرّ» نجوماً، يجولون الولايات الأميركية، ويحققون النجاح تلو الآخر. الشعبية التي حصدها The Axis Of Evil Comedy، دفعت بالفريق إلى نقل العرض إلى الشاشة الصغيرة. وفي آذار (مارس) الماضي، تبنّته قناة Comedy Central، ليكون بذلك البرنامج الشرق أوسطي ـــــ الأميركي الأول من نوعه الذي يبث على الهواء في أميركا، قبل أن يُطلق على أقراص مدمجة، في نيسان (أبريل) 2007، ثم تبدأ محطات عالمية بتلقّفه مثل CNN، وHBO، وMTV.
وقبل أسابيع قليلة، احتلّ «محور الشرّ» الشاشة الصغيرة في العالم العربي، فتعرّف إليه الجمهور العربي عبر برنامج يعرض على «شوتايم كوميدي» مساء كلّ جمعة، بعنوان Axis of Evil Tour. وفي الحلقة، يستعرض الثلاثي تباعاً، ولفترة لا تتجاوز عشرين دقيقة لكل واحد منهم، تفاصيل معاناتهم اليومية في بلاد العم سام. هكذا، يتوقفون عند يوميات المسلمين المهاجرين في أميركا أو المواطنين الأميركيين من أصول عربية. «ينقضّون» بوابل من النكات الساخرة على السياسة الأميركية الخارجية (احتلال العراق، القضية الفلسطينية، الهيمنة الاقتصادية على دول العالم الثالث...)، وينتقدون أخطاء إدارة بوش، ويسخرون من عباراته وتصريحاته وأفكاره. كما ينقلون، بطريقة نقدية ولاذعة، صورة المعاناة التي يعيشونها، لكونهم أميركيين من أصول عربية، بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، إذ أصبحوا بنظر «الشعوب البيضاء»، فجأةً و«بين ليلة وضحاها»، إرهابيين...
«لا أصدّق أنك عربي، فأنت تبدو لطيفاً»! هكذا يروي أحد أعضاء الفريق مثلاً، ردّة فعل مواطن أميركي، عندما يعرف أن جاره عربي. كما عمد «محور الشر»، إلى ابتكار طريقة مميزة للدخول إلى المسرح: حاجز تفتيش شبيه بالذي يستخدم عادة في المطارات قبل الدخول إلى المسرح، ومباشرة وصلته أمام الجمهور. والحضور هو مزيجٌ من المهاجرين من مختلف الجنسيات، إضافة إلى عدد من الأميركيين. يتوجّه جبراني إليهم مازحاً، وقائلاً: «نبحث الآن عن عضو جديد من كوريا الشمالية، كي تكتمل لائحة دول محور الشرّ في الفريق»!
وفيما ينهال الكوميديون الثلاثة على السياسة والمجتمع الأميركي والطريقة العنصرية في التعامل مع العرب، يحرصون في الوقت ذاته على التذكير بـ«الحرية الأميركية التي تسمح لهم بقول ما يريدون من دون أن يحاسبهم أحد»، مع التأكيد أن دول الشرق الأوسط «لا تسمح للمواطنين بتوجيه النقد إلى المسؤولين».
وعندما سألت الصحافة الأميركية الفريق عن قدرته على توليف «نكات» عن منطقة الشرق الأوسط التي تعجّ بالأزمات والكوارث والحروب، أجمع الأعضاء على أنهم لا يسخرون أبداً من القتلى والجرحى وشعوب الشرق الأوسط، بل من الظروف الصعبة التي فُرضت عليهم جرّاء السياسات الخاطئة... فهل تتخيّل مثلاً ما يعانيه أحمد أحمد الذي يتشابه اسمه مع أحد الإرهابيين على اللائحة التي وضعتها الولايات المتحدة؟
وفيما تظهر على الشاشة في نهاية كل حلقة عبارة: «رجاءً، كفّوا عن لوم الشرق الأوسط على كلّ كوارث العالم، فالسبب ليس نحن دائماً»، بدأ «محور الشر» جولة شرق أوسطية، افتتحت في العاصمة الأردنية عمّان ليلة 16 من الشهر الجاري، وتختتم هذا المساء. على أن ينتقل بعدها الفريق إلى القاهرة، لتقديم العرض يومي 20 و21 الجاري في القاهرة، ثم في 27 و28 و29 تشرين الثاني (نوفمبر) في دبي، على أن يحط رحاله أخيراً في «كازينو لبنان» أيام 5 و6 و7 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
المصدر : الجمل
المفضلات