كنت تلميذا مشاغباً في مراحل دراستي الاولى وحتى تخرجي من الثانوي ، ولكنني كنت أيضاً تلميذاً مجتهداً وشاطر في دراستي تلك ، وكان اغلب من درسني في تلك المراحل يحبني على اعتبار ان مشاغبتي هي نوع من اخراج طاقاتي الداخلية كما انها لا تسيء لتربيتي ولا لهم ، اي ان مشاغباتي كانت برجولة رغم صغري فكانت محببة لديهم .

بعد تخرجي ربطتني علاقات مع كثير من المدرسين ومرت السنون وقدر الله ان يكون احد ابنائي تلميذا في نفس المدرسة التي درست بها من قبل .

راجعت تلك المدرسة فاذا بذاكرتي تعود الى الوراء اكثر من ربع قرن لاتذكر تلك الايام الجميلة واذا باحد المدرسين يقف فوق راسي ويقول محمد يا حبيبي فخرت دمعته واحتضنني بشوق وجلسنا
مع بعضنا لنتحدث عن الماضي فقال لي تتذكر تلك الايام ، فقلت ومن ينساها يا استاذ ، فقال لي
والله لقد تغير كل شيء ، فلا الطلبة هم الطلبة ولا المدرسين هم المدرسين ، الكل قد تغيّر يا محمد ، فقلت وما الذي تغير يا استاذ ، قال لي الطلبة غالبيتهم دون تربية ودون علم ويعتدون علينا
بالضرب وبالشتائم وعند معاقبتهم يقومون بتكسير سياراتنا ، وفي حالة استدعاء اولياء امورهم تجد ولي الامر مع ابنه على الباطل في حق المدرس ، بل وحتى الادارة ان كان هناك واسطة من العيار الثقيل تغض الطرف عن الطالب وما يفعل .
وقلت ماذا عن المدرسين ؟ فقال لا زمالة ولاعلم ، وكثر بيننا النميمة والمحابة على حساب العلم بل ان اغلب المدرسين يتعمدون ترك الطلبة في حصصهم للعب حتى يطلب منهم تدريسهم خصوصي مقابل المادة ، وبلغ الامر ان يدخن المدرس امام طلبته بل البعض منهم يتسول السجاير من الطلبة المدخنين ، راحت ايام زمان يا محمد

فقلت كل هذا يحدث بمدارسنا فقال والخافي اعظم فاسرع وسالني ما سبب زيارتي ؟ فقلت انني بزيارة للسؤال عن ابني فهد واذا بذاك الشبل وقد ترجل امامنا فقبّل راسي وقلت الله يستر لا يكون الولد مشاغب مثل ابوه بس بالطريقة الحديثة التي تحدث عنها المدرس .

فاذا بالمدرس يمتدحه امامي ويقول ان فهد عاقل ومؤدب وشاطر ولكنه ملموم على شلّه خربانه ان استمر سيؤثرون عليه .
الصراحة الولد ورد المدرس واحسست انه من واجبي متابعته خاصة بعد ان سمعت ما قاله المدرس عن احوال الدراسة هالايام .

تحياتي