النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: أغمض عينيك لترى

  1. #1

    أغمض عينيك لترى




    أغمض عينيك لترى

    ليس في وسع أحدٍ أن يرتاب في أن الأشياء تنتكس ...
    .فمن المحتمل أن "إيكاروس" كان يعتقد أنه يلمس السماء
    حين سقط في البحر ....مجرد البقاء في حد ذاته انتكاس ...
    في اشد حالات الانتكاس هنالك شيء يصارع من أجل النهوض.

    خوليو كورتاثر


    [align=right]من يصدقني لو قلت أني رأيت الرياض تغرق!؟ ... ليست الرياض فقط، بل حتى القرى والبلدات التي تسكن على أطراف وادي حنيفة ... إلى الخرج، كل ذلك رأيته يغرق .... صديقي هو من سيسمعني إلى النهاية ويحتمل شطحاتي. هاتفته قبل أن أنهض من فراشي ... وخرجت على عجل بعدها.

    جلست على مقعدٍ مرتفع الظهر بانتظاره، في الركن القصي من مقهى المساء الواقع بين طريقي العليا والملك فهد، مرت دقائق ثقيلة ... لم يكن لي أصدقاء، كنت أخاف بدء أي علاقة جديدة، هكذا منذ عشرين عاماً. لم يطل شرودي، وصل وجلس بتوتر، تساءل باستعجال عن ما لذي دعاني أن أرفض الحديث بالهاتف عن التفاصيل. أعاد علي مُلحاً بسؤاله عن الأمر العاجل. لم أكن مستعداً للتحدث على الفور، شيء ما كان يجول داخلي كعاصفة مكبوتة. ارتخيت وأغمضت عينيّ، بينما كوب الماء لم ينقص، لا أعلم ما لذي منعني عن الشرب. صرف النادل مرة أخرى، وثبتّ عينيه عليّ منتظراً أن أبرر له ما لذي جري.

    بعد تردد، تجنبت النظر إلى وجهه، حنيت رأسي قليلاً، وبعينين متعبتين تحدقان في فنجان الشاي الذي فقد دفئه .. حكيت:

    "تحت جبل طويق في قرية اليمامة ترك والدي لي بناء صغيراً في أقصى المزرعة، ملتصقاً بحافة الجبل، كان ملاذي، أمضي فيه أكثر أوقات فراغي ونهايات الأسبوع، الجدار الشرقي للبناء كان صخرة عليها رسومات وكتابات لذكريات لم أعد أنظر إليها من كثرة ماعتدت على رؤيتها. بالأمس وجّهت المزارع و شاركته في العمل، قلّم غصون الرمان على السياج، أزاح الطحالب عن بركة الماء الطويلة، نزع الأعشاب من أحواض النخيل، وحصد حزم ورقيات".

    ... شرب من كأس الماء الذي أمامي .. ملامح غيضٍ تعلو وجهه،ً وأنا أسرد أموراً لا تعنيه، اعتاد على طريقتي في الوصول إلى حكايتي، البدء من منطقة بعيدة، كي أجرأ على الاقتراب من مرادي.

    "حملت بعض حزم النعناع والشبث وأوراق الريحان، وضعتها في كيس قماش مبلل، ومضيت إلى البيت. قبلت رأس والدتي ومددت لها الكيس، سألتني عن العشاء ... قلت لها أني أكلت .. مضيت إلى غرفتي وارتميت دون أن أخلع ملابسي. أغمضت عيني .. ونمت .. كأن هواء خفيفاً تسلل إلى غرفتي وناولني للنوم بهدوء غريب، شعرت أن أحداً يأخذني إلى مكان آخر، تحول ذلك الهواء إلى ضباب بعيد، كنت أصعد يحملني التيار، تنكشف لي الرياض من خلال قبة زجاجية مطلة بزاوية دائرية كاملة، أشاهد ما يجري، الضباب يقترب على شكل قوافل من الغرب والشمال ويلتف في السماء، تحول إلى زوبعة كبيرة تستدير ببطء، كنت أشاهدها من سريري، على أسطح البنايات وأعمدة النور وأعالي الشجر، ازدادت كثافة الضباب، فصار غيماً، فغيوماً، فجدار غيمٍ يطبق من كل الجهات ... لم يكن هنا برق ولا رعد .. كان صمتاً مريباً ساعة الليل الأخيرة، حيث تخبو الحركة إلى حد التوقف.

    نزلت أول قطرة على كف يدي اليمنى، لمستها بإصبعي فارتعشتْ .. نزلتْ بعدها أخرى .. صوتها المخنوق كان يخيفني ... نزلت بعدها ثلاث قطرات .. فَكَرّتْ قطرات لا عد لها .. تحولت أرضية غرفتي إلى مرآة رطبة.

    كنت بين النوم واليقظة، الرياض تترائي لي حاسرة مستسلمة ... وقطرات المطر تنهمر ... سالت أول المزاريب من فوق بيتنا .. فتبعتها مزاريب الحي، جداول الشوارع التلقائية، قنوات التصريف، آلة ماء عظيمة جبارة بدأت تعمل بتناسق كامل. المنخفضُ الذي يفصل شارعنا عن باحة المسجد .. امتلأ .. الشارع الشمالي الواسع أصبح جدولاً، مسار الدائري الشمالي أصبح وادياً هادراً .. لم يخرج أحدٌ من بيته ...

    لست متأكداً أني مستيقظ أو كنت أحلم، مر يومٌ كامل، -هكذا خمنت – دون أن أتحرك من سريري، لم أفتح الراديو أو التلفزيون كي أتأكد مما يجري، فالكهرباء والاتصالات مقطوعة – هكذا بررت- شعرت بخوف على والدتي، فهي لم تأت إلي ولم تستغث أبدأ، فكرت بالجيران، زملائي في العمل، مسئولياتي في المكتب ومجموعة ملفات أُوكل لي متابعتها... هل تلفت!؟ بعد أن غمرها الماء المتسرب إلى مكتبي في الدور الأرضي من الإدارة، هل سأستطيع أن أتحرك واذهب لإحضار طعام!؟ كيف سأعبر البحيرة التي أصبحت هي الرياض!؟

    استسلمت وبقيت على السرير، بينما الحلم يمسك بتلابيبي ويريني ما كنت أهرب من مشاهدته، الرياض تخضع لطامة الفيضان، أقنع نفسي أني في حلم ... ولكني عجزت... تداخل الليل النهار، ضوء الشمس المعتم، ضوء فوانيس منهك، بزغ نهار من جهة بعيدة، لا تزال هناك حياة ما تقاوم، بدأت بعض أجهزة الأمن، الإسعاف، الدفاع المدني والبلدية بالخوض في الشوارع مستخدمة قوارب مطاطية .. رجال الحسبة الدينية كانت قواربهم ملونة وتمارس جولاتها بنشاط .. لم اسمع أصواتاً ...

    بعد الظهيرة كانت مكبرات الصوت تنادي من بُعد عن تعليمات لم أفهم منها الكثير ولم تعنني، مر باقي اليوم بما يشبه الغيبوبة، يومٌ آخر زادت حركة القوارب والناس، مرت طائرات شحن عسكرية مموهة وأسقطت مظلات تلو مظلات تتدلى منها صناديق... تلقاها رجال الأمن، سحبوها إلى أسطح بعض المرتفعات التي لم تغرق، على الفور استخدموا بعضها ووزعوا منها على آخرين، كانت تحمل مزيداً من القوارب ومواد الإغاثة ... كان غرق الرياض غريباً، لم يكن منطقياً وضد قوانين الفيزياء أن تغرق الأحياء والشوارع بمستوى واحد، ضربٌ بعرض الحائط لقوانين الجاذبية والتدرجات الطبوغرافية. كنت أجهل ما هو حال الناس في البيوت المكونة من دور واحد، أو أولئك المحرومين الذي يسكنون في بيوت متواضعة آيلة للسقوط.

    اليوم الرابع بدأت الحياة تدب على استحياء .. خرج بعض الناس والتجار لتفقد أمورهم.

    الأسبوع الثاني ... انقشعت الغيوم تماماً، ترفض المياه مغادرة الرياض ..

    أسبوعٌ آخر... كانت الرياض مدينة برمائية ...عليّ أن أقبل أني في واقع، أستيقظ وأخرج لأفعل أي شيء.

    قمت بتثاقل، كمن خرج للتو من فترة مرض طويلة، رأسي مثقل، كأن حجراً محشوراً بين جنباته يترجرج بألم فض. كان الماء يصل إلى فوق ركبتي بقليل، ثوب النوم لم يتبلل رغم ارتخائه إلى الأرض، مشيت نصف نائم، لازلت أحلم ... لم أستطع أن أجزم بشيء، بحثت عن أمي فلم أجدها، تبدد خوفي عليها، كنت متأكداً أنها ذهبت بصحبة خالي، اتجهت إلى المطبخ وأخذت عبوة مياه كانت على الطاولة، شربت ولم تنقص ... كانت تستعيد حجم الماء الذي فيها ... لم يفاجئني الأمر ... بدا طبيعياً، لبست ملابساً رياضية، وعندما هممت بالخروج من باب البيت، رأيت بابين، أحدهما بابنا الأصلي، والآخر جديد مصنوع من خشب الأثل ومشغول بنقوش قديمة لم أرها منذ عقود .. كأن منادياً كان يدفعني أن أخرج معه بدل الباب الأول ... لم أتردد، عبرت الباب وكان جميلاً للغاية، أنساني هم ما يجري في بالخارج، منحني المرور من بين مربعه شعوراً بالتفاؤل والهمة.

    لم أحتج لقارب أو أدوات للطفو، كنت أمشي كأن شيئاً لم يتغير، مضيت على قدميّ متجهاً إلى منطقة العليا، عليّ أجد تجمعاً من الناس لأرى ما لذي يمكن عمله، انهمكتْ أجهزت الدولة في العمل بلا هوادة للتأقلم مع الماء، بعض الفوضى والتنظيم يعتركان فيما بينهما، شاهدت عسكريين ومدنيين يستخدمون قوارب أكبر تحمل ركاماً مختلفاً جرفته السيول، جذوع أشجار، براميل نفايات، سيارات محطمة، بقايا أسيجة حديدية، لوحات إرشادية، ونفايات لا حصر لها، قوارب أخرى عليها علامات الهلال الأحمر تقوم بالإسعاف ونقل بعض الجثث، وأخرى توزع مواد الإغاثة والماء والطعام. قوارب صغيرة كانت تنقل أفراد وعائلات، محاولين أن يقضوا حوائجهم، ويستعيدوا شيئاً من حياتهم الطبيعية، أدهشني أن النساء لم يعدن يغطين وجوههن بالسواد، مكتفيات بمناديل على الرأس، مرتديات ملابس ملونة مختلفة مثل ما يلبس بقية العالم، ولم ألحظ أي ابتذال أو تبرج. سيدة في أقصى المشهد كانت تحمل طفلين معها بقارب أخضر كان تقوده ببطء متجهة إلى الغرب.

    وصلت إلى أمام برج الفيصلية، لم أحس بتعب رغم بعد المسافة، لم أجد تجمعاً هناك، قررت أن أواصل إلى مكتبك في قسم اشتراكات جريدة الحياة، صعدت إلى الدور الثاني، فوجدت أحدهم منهمكاً بالكتابة، سألته عنك فقال أنك غير موجود، تحدثت معه عن ما لذي يجري !؟ .. قال أن هناك الكثير من الأحداث، فهمت انه محرراً بالإضافة لعمله في قسم الاشتراكات، حكا لي عن معلوماته التي كانت تصل إليه عن طريق اتصال فضائي بشبكة الإنترنت، أخبرني أن حالة الطوارئ قد أعلنت، وان مقر الحكومة انتقل إلى صواوين جاهزة نصبت أعلى تلة حديقة الغار بجانب المستشفى التخصصي، اجتهد الحرس الوطني بعدما انتقل إلى أعلى معسكر طارئ على جال خشم العان، وذكر أن تعزيزات وصلت من وحدات الجيش المتمركزة في قاعدة حفر الباطن والظهران، وفي الطريق وحدات أخرى من الطائف وتبوك، كما أن مساعدات دولية عبارة عن قوارب، معدات نهرية ورافعات في الطريق إلى هنا، دمعت عيناه وهو يقول أنه لم يبق إلا مائتي أو ثلاثمائة ألف من سكان الرياض، أما البقية فقد نزحوا إلى مناطق مختلفة ... لم اعد اهتم بما يقول فقد سرحت في عالمي ولم تعد تفاصيل حديثه الباقية تشدني... انتظرت لساعات ولم تحضر، بعدها عدت إلى البيت، قصدت غرفتي، اضطجعت على ظهري، ولجأت لملَكتي الجديدة، أغمض عيني، فأطل على الرياض من تلك القبة الزجاجية. هاهي أمامي تتخبط بالماء .. مكلومة .. مبعثرة ... تبحث عن ملجأ يعيدها إلى بعض طبيعتها.

    رأيت أن كبار القوم وميسوري الحال رحلوا على قوارب خاصة حاملين الكثير من أشيائهم الثمينة، سيارات، قطع أثاث، خزائن بحجم الأبواب مقوسة من أعلى – أظنها لحفظ الملابس-، خيول وحيوانات أليفة أيضاً، كانت تصدرُ أصواتاً متفاوتة من البعد. اتجهوا إلى مطار الكلية الحربية المرتفع في العيينة والذي سلم من الغرق- ، استقلوا طائرات نقلتهم إلى أماكن لم أعلمها، دولٌ غربية كثيرة أجلت رعاياها من المطار ذاته، ولم يبقى من العمالة الوافدة إلا بضعة آلاف لا وطن لها غير الرياض، تقلص جهاز الحكومة بالرياض، فقد ذهب الأغلبية بأهاليهم إلى مناطقهم وقراهم الأصلية والتي سلمت من الماء، تم نصب مخيم شاسع فوق جبل طويق بين الرياض والخرج، لإيواء نصف مليون شخص، توقفت الحياة التجارية والصناعية وغمرت المياه المزارع .. لقد انشل النشاط الإنساني تماماً.

    لم يكن للأيام دورة محسوسة، تحول الحلم والأيام والأحداث إلى لوحة واحدة مشوشة متداخلة الألوان، العطش الجوع، الغرائز الطبيعية، الحزن، الفرح .. الانفعالات الإنسانية التلقائية، ربما تحولت إلى ذرات ترسبية غمرها مسطح الماء الهائل... هو الحلم يغلق علي المنافذ يؤرجحني بين اليقظة والنوم ... لم أعد أستطيع أن أكشف تلك الأحجية .. لم أحلم بشيء مثل هذا من قبل ... كنت حالماً فاشلاً .. منذ الطفولة كنت أنسى أحلامي ثوانٍ بعد الاستيقاظ، قليل منها لا يتعدى عدده أصابع اليد الواحدة بقيت معي مثل تعويذات أو أسرار.

    يوماً آخر في سرداب الحلم ...تحركت ... أحسست أنه ينبغي أن أتحرك .. أكنت أحلم أم في واقع !؟، لم أحصل على حس يقيني، سأخرج في كل الأحوال، ارتديت ملابساً تقليدية واتجهت إلى قاعة المسرح في حي المربع على بعد ثمان كيلومترات، لوحت لأحد القوارب الخفيفة، ابتسم إلى وأخبرته بوجهتي، لم نتبادل الحديث، وصلنا، مددت له يدي بمال، ابتسم واعتذر بإيماءة من يده دون أن يتكلم. اقتربت من البوابة، كانت مقفلة .. وقبل أن أهُمّ بالمغادرة لمحت ورقة مُلصقة في أعلى عامود الباب ...(إلى الصديقات والأصدقاء، نحن في أعلى برج الرياض) .. توجهت على الفور إلى البرج الذي لم يكن يبعد كثيراً، - البرج المرتفع على شكل قمعٍ عملاق، الذي كان شعاراً للمدينة - وصلت إلى البوابة، ومنها إلى درج يؤدي إلى الدور الأول، صعدت إلى سطح البرج والذي كان عبارة عن قاعة مسقوفة تحيط بها باحة واسعة على هيئة حلقة. دخلت فإذا شاب وشابة على مقربة من الباب، استقبلاني بدفء، كراسيٌ مصفوفة في ثلاثة اتجاهات بينما طاولة عريضة في الجهة الرابعة. شاهدت ما يقارب العشرين رجلاً وامرأة، بعضهم من الشباب والبعض الآخر في منتصف العمر أو أكبر، منقسمين لعدة مجموعات يتحدثون بهدوء. أشار إليّ أحدهم - وكان متقدماً في العمر – أن أقترب .. رحب بي وعرّف البقية بأنفسهم، لم أعد أتذكر اسماً واحداً .. كانت هيئاتهم وتعابير وجوههم تبعث على الاطمئنان. عرّفت بنفسي ... قالوا أنهم يعرفوني .. لم أُدهش .. سألت أكبرهم من هم !؟ قال أنهم أعضاء (طائفة البرج)، سألتهم ماذا يفعلون هناك!؟ أخبرني أنهم يُعدّون لمهرجان أول لاستعادة الحياة في الرياض، استطردَ أنه سيكون هناك موسيقى وشعر ومسرح وأمسيات سردية ومعرضين بصري وضوئي، وشريط سينمائي، ... دعاني أن أنظم إلى الطائفة ... أومأت برأسي بابتسامة وأبديت له موافقتي.

    لم تقبض ذاكرتي على كل ما تم في ذلك الاجتماع المفرح، ليتي تذكرت كل ثانية منه، عملنا بنهم كبير، اختلطنا بمودة نادرة، ثرثرنا بلا نهاية، تقافزت بيننا مفردات سمعتها منذ صغري؛ شعراء المعلقات، خطباء العرب، الصعاليك، أبو ذر، رسومات الصخور، مملكة كندة، دار الحكمة، الشاعر الصيني وانغ ويه، المتنبي، شوقي، الرصافي، الكواكبي، الأفغاني، أدباء المهجر، لوحات جبران وكتابه النبي، روايات كثيرة، عروق خشب السمر المتموجة، وليم بليك، مذهبات كليمنت، بريشت، رجل العصابات تشارلز بورنز، معركة المليدا، غلوب باشا أبوحنيك، الناقد عبد الجبار، الشاعر المقتول في جنيف عبدالعزيز المسلم ، شحاته، مطر الوسم، أوراق الربلة في الربيع، مشري، حبيبي، عائشة القصير، محمد علوان، - عادا من غربتهما ولم يأتيا إلى هنا، كان مقعداهما شاغرين، ربما يحضران قريباً -، منتديات الإنترنت في عقد مضى قبل انقراضها، بعدما حلت القنوات التفاعلية مكانها، لازال الشباب ملثمون والفتيات منقبات قبل أن يأتي الفيضان ويسكتنا جميعاً.

    زُين المكان بالسدو الشمالي، وشيش الخشب الحجازي، ديكور حجري من الجنوب بحجارة غامقة مصفوفة فوق بعضها بلا مونة، مجسمات لسنابيك صيد، وسفينة بوم. دلال وحلي فضة نجدية. تحول المكان إلى لوحة فردوسية، لم أرى في الحياة مثلها.

    صحوت بعدها يا صديقي، ركضت إلى غرفة أمي، قبلت رأسها وهي على كرسيها تقرأ كتاباً، ... تمنيت أن الفيضان لم يتبخر من أمام قبتي الزجاجي".

    تنهد .. نظر إليّ بصمت ... ثم حدثني بشفقة: "هل أتيت بي إلى هنا كي تقول لي قصة خيالية قصيرة !؟ ... لاشيء يبرر أن تجعلني أهرع إليك بتوتر".

    افترقنا ... ذهبت إلى المزرعة في اليمامة، لجأت إلى غرفتي، تذكرت الرسوم، اقتربت من حافة الصخرة والتي كانت جدار الغرفة الشرقي، دققت في الكتابات المحفورة هناك، لم أعرف من كتبها، والدي قال لي قبل أن يرحل أنها كانت هناك قبل أن يغرس المزرعة ويشرع في البناء، كان الخط يشبه كثيراً خطوط لوحة شاركتْ بها إحدى الشابات في المعرض الذي رأيته في مهرجان الحلم، تهجيت بعضها بعد أن مسحت الغبار ..."الماء ...البرج .. الطائفة ...البقاء".


    طرقي الشمال[/align]



    التعديل الأخير تم بواسطة الجازي ; 10-11-2007 الساعة 22:52 سبب آخر: تنسيق الخط

  2. #2
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78





    نص يمتلك كاتبه خيال خصب

    ليحاكي الآخرين بواقعية ساحرة

    قلم يمكنه القفز فوق حواجز الواقع الى الخيال

    ومن الخيال الى الفنتازية برشاقة

    أخي الكريم طرقي الشمال

    قرأت حتى الاستمتاع بهذا السبك و الحبك الراقي

    أتمنى أن نقرأ لك المزيد

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #3


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شام مشاهدة المشاركة



    نص يمتلك كاتبه خيال خصب

    ليحاكي الآخرين بواقعية ساحرة

    قلم يمكنه القفز فوق حواجز الواقع الى الخيال

    ومن الخيال الى الفنتازية برشاقة

    أخي الكريم طرقي الشمال

    قرأت حتى الاستمتاع بهذا السبك و الحبك الراقي

    أتمنى أن نقرأ لك المزيد

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

    يومك فرح ..


    ممتن لقراءتك للنص، وانطباعك عنه .. شام قلم أول مرة أتقاطع معه .. ويبدو أنه قلم مغموس فيه فيروس الأدب الحقيقي.


    يشرفني أن اشارك في المزيد ..


    تمنياتي




  4. #4


    [align=center]الضباب يقترب على شكل قوافل من الغرب والشمال ويلتف في السماء، تحول إلى زوبعة كبيرة تستدير ببطء،

    أدهشني أن النساء لم يعدن يغطين وجوههن بالسواد، مكتفيات بمناديل على الرأس، مرتديات ملابس ملونة مختلفة مثل ما يلبس بقية العالم، ولم ألحظ أي ابتذال أو تبرج.


    سيدة في أقصى المشهد كانت تحمل طفلين معها بقارب أخضر كان تقوده ببطء متجهة إلى الغرب.


    **********


    قبل أن يغرقنا الفيضان أو لنقل الطوفان ,, لابد لنا أن نتنبه

    طرقي الشمال

    قرأت قصتك ثم أغمضت عيني لأرى كيف سأحلل رموزها

    كيف سأفرح بالفيضان كما تفرح أنت

    لكن أدركت حين أغمضتها وحتى بعد أن فتحتهما أن الطوفان والفيضان ليس إلا شراً


    لذا عليك أن تفرح أن الفيضان لم يكن إلا خيالاً وحلماً

    طرقي الشمال

    إبداع حد الإمتاع

    لاتحرمنا من جديدك

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية [/align]



    يانسمـــة الــــوادي ,, ياوردة بــــلادي
    حايل ربى الشادي ,, يانرجس وكادي

  5. #5


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجازي مشاهدة المشاركة
    [align=center]الضباب يقترب على شكل قوافل من الغرب والشمال ويلتف في السماء، تحول إلى زوبعة كبيرة تستدير ببطء،

    أدهشني أن النساء لم يعدن يغطين وجوههن بالسواد، مكتفيات بمناديل على الرأس، مرتديات ملابس ملونة مختلفة مثل ما يلبس بقية العالم، ولم ألحظ أي ابتذال أو تبرج.


    سيدة في أقصى المشهد كانت تحمل طفلين معها بقارب أخضر كان تقوده ببطء متجهة إلى الغرب.


    **********


    قبل أن يغرقنا الفيضان أو لنقل الطوفان ,, لابد لنا أن نتنبه

    طرقي الشمال

    قرأت قصتك ثم أغمضت عيني لأرى كيف سأحلل رموزها

    كيف سأفرح بالفيضان كما تفرح أنت

    لكن أدركت حين أغمضتها وحتى بعد أن فتحتهما أن الطوفان والفيضان ليس إلا شراً


    لذا عليك أن تفرح أن الفيضان لم يكن إلا خيالاً وحلماً

    طرقي الشمال

    إبداع حد الإمتاع

    لاتحرمنا من جديدك

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية [/align]
    أبهجني ردك لأنه يحمل غمامة مطر .. هطلت تقصياً ورأياً ... إطرائك كزهر ربيع على نفود بالقرب من عليم العطش... لكنه مرتوٍ بالماء إلى أن يطلع سهيل ...( يعني حتى وسط القيض)


    قربّ منا الخير وابعدنا عن الشر يارب .. تفسيراتنا وقناعاتنا تختلف وهذا ناموس إلهي عظيم.


    تمنياتي




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. لاب توب بدون شاشة!!! شلون وكيف ؟؟ تفضل لترى .. اختراع رهيب
    بواسطة طلال الاسلمي في المنتدى مضيف الكمبيوتر والانترنت
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 18-04-2009, 08:51
  2. ادخل لترى صور لخمسة اشخاص هم من اغنى أغنياء العالم
    بواسطة راقيه الجزائريه في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 16-03-2009, 21:43
  3. أعرني عينيك ...
    بواسطة منصور الغايب في المنتدى مضيف ذوي الاحتياجات الخاصة
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 12-12-2008, 12:26
  4. بين عينيك و صمتي
    بواسطة mars في المنتدى مضيف فيض المشاعر
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 21-08-2007, 23:06
  5. عبدالله الفيصل من اجل عينيك
    بواسطة فلاح السعد في المنتدى مضيف الالغاز
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-06-2002, 12:40

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته