[align=center][grade="FFA500 FF6347 008000 4B0082"]لعشاق الكره الاوروربية نسخت هذه المقالة [/grade] [/align]
يتّفق المؤرّخون على أن ضحايا الإعدامات والإبعاد والمجاعات السوفييتية ابان عهد الديكتاتور جوزيف ستالين تقدّر بـ 8 إلى 20 مليون قتيل بل ان أحد التقديرات يقول ان عدد ضحايا ستالين قد يصل إلى 50 مليون ضحيّة.
ستالين او الرجل الفولاذي هو القائد الثاني للاتحاد السوفييتي قمع وقام بتصفية خصومه السياسيين وكل من كانت تحوم حوله الشكوك ليصل عدد ضحاياه الى رقم خيالي لكنه من ناحية اخرى ساهم بنقل الاتحاد السوفييتي من مجتمع فلاحي إلى مجتمع صناعي ما مكن الاتحاد السوفييتي من الانتصار على دول المحور في الحرب العالمية الثانية، لكن يبدو انه اتخذ مبدأ الغاية تبرر الوسيلة اسلوبا لحكمه فأراد المجد لبلاده على جبال من الجثث.
ومن يطلع على أشهر عبارات ستالين لا يجد صعوبة في مذابحه بحق شعبه، اذ قال فيها: «ان الذي يريد ان يلتزم جانب المسؤولية ويود ان يقود حركة الاصلاح في الشعوب والامم والاوطان فانه لابد ان يحارب في ميدانين، الاول ضد الذين يتراخون وراءه، والثاني ضد الذين يندفعون امامه».
في عام 2003، امتلك الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش تشلسي الانكليزي رغم ان الجميع في بريطانيا يعرفون عنه انه أحد أباطرة النفط والألومنيوم الا انه فضل لندن عن بقية العواصم في اوروبا لما تتميز به عاصمة الضباب من مساحة جيدة لرجل استثمارات يريد الابتعاد عن الضرائب المرتفعة ويتمتع بطبيعة لندن العالمية ما قاده الى شراء الفريق الازرق.
وحظي الملياردير اليهودي باحترام النقاد في بريطانيا لانه ساهم في تنشيط سوق اللاعبين بضم نجوم في موسمه الاول مع الفريق في عهد الايطالي كلاوديو رانييري ثم ارتفع مستوى الاعجاب عندما جلب البرتغالي جوزيه مورينيو الذي ذاع صيته بعد فوز بورتو بلقب دوري ابطال اوروبا عام 2004.
واعتقد المتابعون ان ابراموفيتش ومورينيو شكلا ثنائيا رائعا يعكس تفاهم الشخصية الادارية مع الفكر الفني لا سيما ان مورينيو لم يتأخر كثيرا اذ ظفر بلقب الدوري الانكليزي وجلبه الى «ستامفورد بريدج» بعد غياب استمر نصف قرن، وفي الموسم الثاني قلب الموازين تماما وانسى العالم صراع ارسنال ومان يونايتد الذي استمر طويلا حيث احرز اللقب بفارق كبير ولم يمنح الآخرين فرصة لمنافسة تشلسي.
عرف الجمهور الانكليزي مورينيو عندما اخرج بورتو في طريقه نحو احراز اللقب الاوروبي مان يونايتد اذ اندهش جمهور «اولد ترافورد» من ذلك المدرب الوسيم ذي الشعر الرمادي المتزر بجاكيت طويل من شدة فرحته بعد اعلان تأهله في نهاية المباراة، ومنذ تلك اللحظة وضع العجوز الاسكتلندي اليكس فيرغسون ذلك المدرب في الذاكرة الدائمة.
ومنذ وطئت قدما مورينيو «ستامفورد بريدج» تنفس الاعلام هواء جديدا ومنح البرتغالي شبيه الممثل جورج كلوني ما يشتهي رجال الاعلام من عناوين مثيرة لصفحات الرياضة بل انه اشعل حربا مع سليطي اللسان فيرغسون والفرنسي ارسين فينغر ثم اتسعت حربه لتشمل مدرب ليفربول رفايل بنيتيز ووسائل الاعلام والحكام حتى رجال الاسعاف لم يسلموا منه عندما اتهمهم بالتقصير اثناء نقل الحارس بيتر تشيك اثناء مباراة ريدينغ ليصبح احد ملهمي الدوري الانكليزي. ربما كان مورينيو سليط اللسان لكنه كان بارعا في اختيار الفاظه، وربما نصبت له وسائل الاعلام العداء غير انه حاز احترامها ولعله زاد من ثقته بنفسه الا انه حظي بمحبة جمهور تشلسي وتقدير جماهير الخصوم.
يقال ان مورينيو دفع ثمن محاولته اضفاء جانب من المتعة على اداء تشلسي الموسم الحالي بعد استماعه للمقربين له بضرورة الابتعاد عن اسلوبه الذي اتبعه في المواسم الثلاثة الماضية، حيث اعتمد اسلوب الانضباط وتعزيز الدفاع، وعادة يوجه النقاد في اوروبا له نقدا لاتخاذه مبدأ ميكافيللي «الغاية تبرر الوسيلة» لضبط تكتيكه والاعتماد على الدفاع الرصين المتماسك قبل الهجوم المباغت السريع وهي خطة عسكرية صينية قديمة اعتمدها نابليون واشتهرت بها الكرة الايطالية وطورها مورينيو بأسلوبه.
مورينيو هو واحد من أنجح المدربين في اوروبا وانجازاته التي حققها يصعب على أي مدرب قدير ان ينجزها بسنوات متقاربة كما حققها ذو الشعر الفضي، ولذلك فالنظرية التي يسير عليها نقاد الدوري الانكليزي تؤكدها مسيرة مورينيو فهو مثل بوب بيسلي وبريان كلوف واليكس فيرغسون، مدرب عظيم بدأ لاعبا مغمورا لا يمتلك سجلا مشرفا في الملعب.
مورينيو هو ابن لحارس مرمى مشهور في البرتغال لكن جوزيه لم يستطع ان يمثل فريقا من الدرجة الثانية لذا وجد في التدريب ضالته واصبح في هذه الحرفة العبقري الفذ والثائر الجريء والمسيطر على كل الامور بكامل جزئياتها.
المدرب البرتغالي رجل اسرة محترم يصطحب زوجته مساء بعد كل مباراة الى العشاء خارج المنزل ثم يسألها قبل احتساء الشوربة عن احوال البلد وبعد طلب الطبق الرئيسي يستفسر عن الاطفال وقبل التهام الحلوى يتحدث معها عن كرة القدم وأهم ما جرى في مباراة فريقه وبعدها يخرج قصاصة ورق وقلم ليدون امورا تذكرها اثناء حديثه.
ذلك ما تقوله تامي زوجة مورينيو لصحيفة «تايمز» البريطانية.
ويتساءل كثيرون عن السبب وراء مجيء مورينيو الى انكلترا بعد بزوغ نجمه في بورتو رغم ان عروضا اخرى مغرية تلقاها من ايطاليا واسبانيا، والاجابة تكمن في السنوات الست التي قضاها كمترجم واحيانا مدربا مساعدا للمدرب الانكليزي المخضرم بوبي روبسون في سبورتينغ لشبونة وبورتو البرتغالييين وبرشلونة الاسباني ما دعاه الى تطبيق ما تعلمه في ارض انكليزية وكان اختياره في محله، وليكمل مشوارا ثريا بالانجازات مع تشلسي لولا ان النادي اللندني يمتلكه روسي لا تغيب عن اسلوب ادارته روح التسلط.ويظن المتابعون ان قدوم الاوكراني اندري شفتشنكو والالماني ميكايل بالاك الى لندن تسبب في تعكير صفو العلاقة بينما توضح صحيفة «اندبندنت» ان الصدام بدأ مبكرا جدا حيث عرض الملياردير الروسي جلب الفرنسي زين الدين زيدان او البرازيلي رونالدينيو او الانكليزي ديفيد بيكام للفريق لكن البرتغالي العنيد رفض فكرة الروسي الثري.
وقال ابراموفيتش بعد رد مورينيو على عرضه: «ولكنك لم تفهم يا سيد مورينيو فانا أتحدث عن شراء أكبر نجوم كرة القدم في العالم».
ولم تخرج اجابة مورينيو عن المألوف حيث قال: «لا، انت الذي لا يفهم يا سيد ابراموفيتش لاني لا احتاج نجوما في تشلسي».
وسبب الرفض كان معروفا فيبدو أن ادارة تشلسي لم تعرف شخصية مورينيو جيدا، فهو لا يريد نجوما للفريق انما يريد فريقا نجما، اما لماذا اختار ابراموفيتش فك الشراكة مع مورينيو بعد مباراة روزنبورغ النرويجي في دوري ابطال اوروبا بالذات فذلك لان المدرب «الفريد» انتقد لاعبيه بعد تلك المباراة، واراد الروسي انتهاز الفرصة ليبعده عن الفريق في وقت يضمر اللاعبون لمدربهم الكراهية، اما وجود المدرب الاسرائيلي افرام غرانت في النادي منذ مدة فهو يدعم التفسير الذي يؤكد ان ابراموفيتش اتخذ قرار الانفصال مسبقا، وعندما شاهد المتابعون الهولندي ماركو فان باستن وراء رومان في لقاء مان يونايتد وتشلسي الاحد الماضي فان الجميع ذهب الى ان الهولندي سيكون خليفة مورينيو وتقلصت اثر ذلك حظوظ الالماني يورغن كلينسمان وفي جميع الاحوال فان خلافة المدرب البرتغالي ستكون اشبه بمهمة مستحيلة.
ولكن الامر الذي يجب الا يغيب عن ذهن الجميع ان ابراموفيتش يطبق عبارة ستالين الشهيرة بحذافيرها فهو استغنى عن زوجته ام اولاده في منتصف الموسم الماضي لانه لا يريد ان يتراخى احد وراءه وأقال مورينيو لانه لا يرغب باولئك الذين يندفعون امامه
منقول جريده النهار :
* عدنان يوسف
المفضلات