[align=center]
شاندري .. رجل ساقته قدماه إلى أرض قاحلة وفي يومٍ مشمس وشديد الحرارة , لقد كان هارباً من قومٍ أرادوا قتله . ذلك حينما أظهرت سرديفي حبها له , ثم أتته الجرأة في أن يقع بجرم مبادلتها الشعور نفسه .
سرديفي تنحدر من عائلةٍ غنية وهو ينحدر من عائلة فقيرة تعمل لدى عائلة سرديفي . لقد كان الرجل مصاباً بطلقةٍ نارية في كتفه وقد كان ينزف بشدة .. لم يكن وهو في تلك الفلاة والمكان القفر الخالي ليهتدي لطريقٍ معين , لقد كان كل ما يرجوه هو النجاة مِن من لحقوا به . الآن قد وصل به الأمر إلى أشد حالات البؤس والشقاء . لا ماء ولا طعام , غير آلام الجسد وآلام الروح .
وهو في تلك الحال من السير المنهك .. بل الآن قد وقع على ركبتيه من شدة التعب , تذكر في هذه اللحظة حبيبته سرديفي وتذكر تلك الأوقات والنظرات التي كانت تلتقي خفيةً , وخيفةً من أهلها .. ثم وقف متثاقلاً .. ثم رفع وجهه إلى السماء .. ثم يمم صوب سكناها .. ثم تفكر .. ثم بدأ بالغناء وهو أمرٌ لا بد منه .
وفي هذه اللحظة من الغناء المُفعم بالحزن والأسى , ومن صوتٍ أجش ومتقطع .. يخرج فريقٌ مؤلف من عشرة رجال وعشر نساء يتراقصون ويرددون مع شاندري غناءه في لحظة تكاتف ومشاطرة .
عجباً .. أين كانوا وهو مشرفٌ على الموت ؟
عموماً .. كانت هذه لقطة سريعة من فلم هندي مدته ثلاثة ساعات والذي صوِّر خلال ثلاثة أيام.
هذا الشاندري هو نفسه الذي مثل دور ضابط الشرطة النبيل والذي لا تأخذه العاطفة . ففي فلمٍ آخر ها هو يلاحق مجرماً قد أضر بالتجار الذين ظلموا العامة وسلبوا منهم أموالهم , إذ كان يسرق مخزونهم ليقوم بإنفاقه على العامة الفقراء .. ها هو يتتبعه الآن مِن شارعٍ لآخر .. لقد تمكن من إصابته إصابةً مميتة .. لكن المجرم يواصل الهرب .. إلى أن يقف امام معبدٍ هندوسي تكون فيه امرأة تتعبد لصنمٍ لا يغني ولا يُفقر . حيث رأت ذلك الضابط وقد أمسك بهذا المجرم المصاب , لقد كان ممسكاً به من ملابسه بقوة حتى انقطع قميصه وانكشف صدره ...
لقد كان ذلك المجرم إبناً لها .. وتذكرت يوم انها قد اضطرت لبيعه يوم أن كان طفلاً لتعالج بثمنه ابنها الآخر الذي هو اصغر منه , لقد كان يحمل علامةً على كتفه هي نفسها موجودةٌ على كتف ابنها الضابط ..
في الحقيقة لقد مثل شاندري هذه القصة وفي دور الضابط في ستة أفلام .. الضابط نفسه والمعبد نفسه والأُم نفسها والعلامة هي نفسها وفي الموقع نفسه .
شاندري وفي مقابلةٍ تلفزيونيةٍ معه . سألته المذيعة عن السر في كونه قد امتلك قلوب الجماهير مع أنه مازال مبتدأً بالتمثيل إذ لديه خمسة وتسعين فلماً فقط .
إن قضيتنا طويلة بطول الأفلام الهندية ومتكررة كالأفلام الهندية وهي أيضاً واضحة وتعبر عن نفسها من أول مشهد كما في الأفلام الهندية ..
قضيتنا هي نفسها لم تتغير وكذلك القائمين عليها لم يتغيروا .. فهي موروثٌ ورثناه , من أجيالٍ بائدة لأجيالٍ ضائعة , المسؤولون هم .. هم .. لم يتغيروا , في وطنٍ هو .. هو .. لم يتغير تغيراً تقدمياً حضارياً ؟
كم في الوطن من أُناسٍ نراهم يعانون ويكابدون والمسؤولون من حولهم يترقبون ويراقبون , بل وجعلوا من معاناتهم وآلامهم ما يكون فيه ترفيهاً وتنفيساً لهم ؟
كم هناك من رجلٍ موجوع ومصاب قد وقع على ركبتيه هماً وبؤساً ولا تجد من يأخذ بيده ولا هناك من مُعين له , مع أنه في مجتمعه وبين أفراد هذا المجتمع ؟
كم في الوطن من رجل قد أصبح مجرماً غصباً وجبراً .. وكم فيه من مسؤولٍ يُمسى مجرماً طمعاً وزيادةً في الترف .
كم في الوطن من كسيرٍ جل ما فعله أنه نظر لأعلى من مستواه وإن كان يقف على برميل زيتٍ متهالك و .. فارغ ؟
بعد إذنك شاندري .. لأُعرف بالمواطن .. فالمواطن هو ذلك الآدمي الذي يعلم كل شيء ولا يملك أي شيء , ويتحكم فيه قلة يملكون كل شيء لكنهم لا يعلمون ولا يقدرون شأناً قد يقع قريباً من حدود فناء قصورهم ؟
[/align]
المفضلات