بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله القائل : ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على النبي العربي الأمي, محمّد بن عبدالله الهاشمي, خاتم الأنبياء والمرسلين, وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المطهّرين, وعلى صحابته الأكرمين وعلى من تبعه بإحسان إلى قيام يوم الدين. أما بعد:
فإن الله جل وعلا قد أخبرنا في كتابه العظيم أن اسم النبي الخاتم محمّد بن عبدالله مذكور في الكتب المنزلة على الأنبياء قبله, ولكن مع التحريف الذي حصل في كتب أهل الكتاب, فإنه مازالت هناك إشارات ونبوءات بمجئ النبي صلى الله عليه وآله كي لا تكون لأهل الكتاب حجّة.....وفي هذا البحث نحاول إن شاء الله جمع ما تيسّر من تلك النبوءات تثبيتاً لقلوب المؤمنين, و دعوة لأهل الكتاب لإعادة النظر في ما ورد في كتبهم من ذكر لنبي الإسلام. ونبدأ وبالله التوفيق:
أولاً: نبوءات العهد القديم (التوراة وكتب اليهود):
1- إسماعيل عليه السلام في التوراة والوعد الإلهي له بأن يكون أمة عظيمة:
ورد في سفر التكوين (وهو أول أسفار موسى عليه السلام), أن الله سبحانه وتعالى وعد إسماعيل عليه السلام بأن يباركه ويبارك في نسله وأن يجعله أمة عظيمة. وهذا أحدها:
" فسمع الله صوت الغلام.ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر.لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به.لاني ساجعله امة عظيمة" الإصحاح الواحد والعشرين من سفر التكوين.
وهنا تذكر التوراة أن الله سيجعل إسماعيل أمة عظيمة, وهذه النبؤة تحققت ببعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, لأن وعد الله سبحانه وتعالى لإسحاق تحقق مباشرة فقد كان أنبياء الله كلهم من نسله إلى أن جاء نبي الله عيسى عليه السلام وهو آخر أنبياء بني إسرائيل, وأثناء هذه الفترة الطويلة لم يتحقق وعد الله لإسماعيل عليه السلام. فلزم أن يبعث نبي من بني إسماعيل ليتحقق هذا الوعد وفعلاً جاء خاتم المرسلين وإمامهم من نسل إسماعيل عليه السلام.
2: نبوءة موسى عليه السلام ببعثة نبي مثل موسى:
تنبأ موسى عليه السلام ببعثة نبي مثله....وهو بلا شك ليس عيسى عليه السلام كما يدعي النصارى لأن محمّد صلى الله عليه وآله أكثر شبهاً لموسى من عيسى عليه السلام من عدة وجوه:
1:أن محمد وموسى عليه السلام ولدا ولادة طبيعية في حين أن عيسى عليه السلام ولد بمعجزة إلهية.
2:أن محمد وموسى عليهما السلام كانا متزوجين ولهما أبناء وذرية وأما عيسى عليه السلام فلم تكن له زوجة ولا ذرية.
3:أن محمد وموسى عليهما السلام ماتا موتة طبيعية فأما عيسى فعلى رأي النصارى أنه صلب لتكفير خطايا البشر مع أن الصحيح أنه لم يصلب وإنما رفعه الله إليه ولا يزال حيّاً إلى الآن.
4: أن محمّد وموسى عليهما السلام كان كل منهما قائد لأئمته في حين أن عيسى عليه السلام كان يحارب من قبل اليهود ولم تكن له سلطة وقد قال عيسى عليه السلام أن مملكتي ليست من هذا العالم.
5:أن محمّد وموسى عليهما السلام كلاهما جاؤوا بشرائع جديدة وكتاب جديد و عيسى عليه السلام لم يبعث بشريعة جديدة وإنما كان يدعوا إلى إحياء شريعة موسى عليه السلام كبقية أنبياء بني إسرائيل, وأما الإنجيل الذي أوحاه الله إلى عيسى عليه السلام فلم تكن فيه شرائع لأن شريعة الله موجودة في التوراة وإنما كان فيه آداب.
وهذا هو النص كما ورد في سفر التثنية في التوراة:
"قال لي الرب قد احسنوا فيما تكلموا. اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به"
واحتج بعضهم بأنه ليس محمد عليه السلام لأن موسى قال "من وسط إخوتهم" فلابد أن يكون إسرائيلي من نسل يعقوب عليه السلام, وهذا احتجاج خاطئ لأن الآية هذه لاتدل على أن هذا النبي إسرائيلي لأنها لو كانت كذلك لما قال "إخوتهم" وإنما الأصح "منهم" وإخوة الإسرائليين هم الإسماعيليين وهذا ما دل عليه سياق الآية التوراتية.
ثانياً: نبوءات العهد الجديد (الأناجيل):
1: عيسى عليه السلام يتنبأ ببعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إنجيل يوحنا:
"ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي. وانا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد" الاصحاح الرابع عشر انجيل يوحنا
"ومتى جاء المعزي الذي سأرسله انا اليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون انتم ايضا لانكم معي من الابتداء" الإصحاح الخامس عشر إنجيل يوحنا
"ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن. واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. ذاك يمجدني لانه يأخذ مما لي ويخبركم" الإصحاح السادس عشر إنجيل يوحنا
وغير ذلك من الإشارات والنبوءات ولم نذكر إلا بعضها للإختصار.
هذا وصلى الله وسلم وبارك على النبي الخاتم محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين
المفضلات