[align=right]أصوات الأقدام تقترب أكثر فأكثر نباح الكلاب البوليسة يزداد وضوحاً قعقعة الأسلحة و المعدات الحربية الخاصة بالجنود تكاد تصم الأذان ..
نظر إلى بندقيته ونزع مذخرها نظر إلى الطلقات الموجودة فيه بالكاد تكفي لقتل واحد منهم فذخيرته نفذت في العملية التي قام بتنفيذها .... حتى انه لم يتبقى له سوى بضع طلقات تعد على أصابع اليد الواحدة تأخر مرغماً عن رفاقه فقد كان يجب عليه أن يغطي خروجهم و هو من اختار ذلك لم يكن يتوقع أن تكون المعركة ضارية بهذا الشكل لم يتوقع أن يخرج هذا العدد من الجنود في البحث عنه .
تزداد الأصوات اقتراباً .................................
لو أن الأمر يتعلق بالجنود وحدهم لكان الأمر سهل لكن هذه الكلاب التي معهم هي المشكلة
يجب أن يجد طريق للهرب قبل أن يصلوا إليه .... تذكر كل التدريب الذي تلقاه لكن التعب يرهق ذاكرته ...
ليس له طريق سوى أن يذهب باتجاه النهر و هناك يدخل إلى الماء حيث تضيع رائحته عن أنوف الكلاب المدربة تدريباً عالياً ... لقد اقتربوا كثيراً يا الله ماذا يفعل .... الظلام شديد جداً و لولا هذه الكلاب لكان وجد طريقة للهرب
نظر حوله لم يجد سوى الأشجار لكن الكلاب حتماً ستقف تحتها لكنها الحل الوحيد حالياً .... تسلق شجرة السنديان القديمة و هناك على غصن كبير جلس ساكناً بدون حراك فقد أصبح الجنود تحته مباشرة و صوت النباح يمزق سكون الليل .. بدأ الجنود بالنظر إلى الأعلى لم يشاهدوا شيئا لكن ذلك ال*** الذي معهم يرفض أن يتحرك من مكانه و يكاد يمزق جذع الشجرة بأظافره و أنيابه الحادة ..
سمعهم يتحدثون بخوف و قد قرروا فتح النار على الشجرة و بدوا بإطلاق الرصاص على غير هدى على أغصان الشجرة و في الهواء أحس بشيء ساخن يمزق كتفه الأيسر كتم صرخته في صدره فقد كان صامدا مثل تلك الشجرة التي تتلقى عنه الرصاص بصمت و عنفوان و صمود تتحدى بجذورها كل آليات العدو و جرافاته كذلك هو بجذوره الموغلة قدماً في هذه الأرض و ذكريات أجداده و حضارتهم رفض أن تكون أرضه لغيرة فحمل بندقيته مع الشرفاء من أبناء الوطن و قرروا أن يجعلوا هذه الأرض جحيماً على المعتدي و أن يرووا أشجارها بدمائهم الطاهرة .
سمعهم يهمسون مرة أخرى و لكن هذه المرة طلب منهم قائدهم أن يسكتوا هذا ال*** الغبي كما أسماه فلو كان هناك عصفور على الشجرة لكان سقط من كثرة الرصاص الذي أطلق ....
ذهبوا إلى ثكنتهم وتركوا جندياً منهم حتى الصباح ليتأكد من عدم وجود أي شخص كان , ابتعدت أصوات الأقدام و الحركة , نظر إلى الأسفل و الألم يكاد يمزق جسده يجب أن ينزل إلى الأرض لكي يوقف نزف جرحه . شاهد الجندي الموجود تحته على ضوء الولاعة التي أشعلها من أجل أن يشعل سيجارة كانت في فمه , تأكد من أن بندقيته على الأرض لأن كلتا يديه مشغولتان إنها الفرصة المناسبة استجمع قوته و امسك بالحربه الموجودة معه و بخفة الفهد
و ليونة الأفعى نزل عن الغصن الكبير الذي كان يحتمي به و انقض على ذلك الذئب و غرس حربته في عنقه و تأكد من موته
أخذ بندقيته و الذخيرة التي كانت في حوزته و قام أيضاً بنزع لباسه عنه و ارتداه هو لكي يساعده على الحركة قليلاً بشيء من الحرية , أشعل الولاعة التي معه و قام بتحميه رأس الحربة ووضعها على جرحه لكي يوقف النزيف ثم قام بربط الجرح برباط من الشاش و بدأ بالتحرك نحو النهر ...
وصل إليه مع تباشير الصباح جلس قليلاً تحت شجرة الحور التي تسكن على ضفة النهر منذ مدة طويلة وضع يديه في الماء الرقراق و تناول قليلاً منه براحته و تناوله فقد كان عطشاً جداً غسل وجهه بالماء البارد و رفع رأسه إلى الأعلى وأغمض عينيه و ناجى الله سبحانه و تعالى و شكره على ما هو فيه و رجاه أن يمده بالقوة حتى يصل إلى رفاقه .
فتح عينيه فشاهد سماء الوطن الصافية و شعاع الشمس يتسلل من بين أغصان الأشجار بكل خجل و العصافير بدأت بمغادرة أعشاشها للبحث عن الطعام و الأمن ..
فجأة سمع صوت نباح يقترب بسرعة و قوة نظر إلى الخلف شاهد ذلك ال*** الكبير بلونه العسلي و الأسود ينقض عليه , أخرج سكينه بسرعة من جرابها و أغمدها في صدره ثم أخرجها مرة أخرى و ضربها بكل قوة في رقبته وهو يتصارع معه لم يمكنه من غرس أنيابه في جسده ثبته بقوة حتى همدت حركته , وصل الجنود بأصواتهم التي تشبه أصوات الغربان حمل البندقية التي غنمها و اتجه إلى داخل النهر بدأت النيران تنهمر عليه كالمطر و صوت أزيزها يمزق سكون الصباح طارت العصافير بفوضى عارمة و صوت أجنحتها وهو يضرب أغصان الأشجار بقوة
ركض في الماء لكنه كان يعيقه عن المتابعة بسرعة إضافة إلى التعب الذي نال منه كثيراً و كذلك الألم الذي يمزق كتفه .
توقف قليلاً نظر إلى الخلف شاهدهم يركضون نحوه و هم يطلقون النار أحس بطلقة أخرى تخترق جسده حمل بندقيته بين يديه و بدأ يطلق النار باتجاههم شاهد أحدهم يسقط و قد طارت خوذته عن رأسه و شاهد أخر يصيح من الألم بدأت الرؤيا تتلاشى و إحساسه بالألم يختفي مع تزايد الطلقات التي تخترقه , جثى على ركبتيه و قام بتبديل المذخر مرة أخرى و أطلق النار باتجاههم من جديد سيموت مثل أشجار الحور على كتف النهر الذي بدأ يتلون بلون أحمر قاني ...
سقط على وجهه في الماء كجذع شجرة ضخمة حملته المياه معها باتجاه أرض الوطن .
ها هو يعود إلى وطنه محمولاً على وجه المياه التي طالما دافع عنها وعن الأرض التي تمر بها و الأشجار التي ترويها ...................... و ها هو يعود إلى أرضه كما كان يرغب شهيداً ....[/align]
المفضلات