ويسألني حبيبي:
_ لو أنكِ لم تكوني أنتِ فماذا كنتِ تتمنين أن تكوني؟..
زهرةً، بستاناً، نجمةً، هرةً، امرأة مختلفة، أو ربما رجلاً...؟
<<ويشطح>> خيالي مع السؤال فأجيبه:
_ مشكلتي كبيرة يا حبيبي... فما دمتُ أعرفك، أنا لا أتمنى سوى أن أكون معك... كما أنا... وحدي...
وأحبك..!
إنما... إنما لو لم أكن أعرفك لتمنيتُ أن أكون عشر نساء...!
لا تعجب... وتعال معي في رحلة من رحلات خيالي...
_2_
لو كنتُ عشر نساء لوزّعتُ طموحي ورغباتي وهواياتي وعملي عليهنّ... ومع ذلك... لما وجَدَتْ واحدةٌ منهنّ وقتاً لتتنفّس!!
لو كنتُ عشر نساء لكانت واحدة منهنّ موسيقية، ملحّنة أو عازفة... بل مطربة.
كنتُ بالألحان حاولتُ أن أخترق الحجب وأطير وأحلّق... وكنتُ حاولتُ بصوتي أن أملأ الفضاء وأشق الآفاق، لأصل إلى العوالم الضائعة هناك... وراءَها...
لو كنتُ عشر نساء...
لكانت الثانية منهنّ ربة أسرة كبيرة...
نعم... لزوّجتُ واحدة منهنّ وجعلتها تقف إلى جانب زوجها سنداً حنوناً، وتعلّم أطفالها الكثيرين أصول الحياة وحبّ الأسرة والوطن...
كنتُ أنشأتهم على الصدق والكرم والنظافة... لأنّ الصدق قوة كبيرة، ولأنّ كريم اليد بالضرورة كريم النفس... ولأنّ النظافة من الإيمان...
وكنتُ برهنتُ لهم كيف أنّ المرأة تستطيع بترتيبها وذوقها وابتسامتها أن تجعل من بيتها الصغير المتواضع جنّة وارفة بالدفء… وأن تخلق في وطنها مجتمعاً راقياً…
لو كنتُ عشر نساء؟؟
لكانت واحدة منهنّ، الثالثة شاعرة… ولتركتُ هذه الواحدة عزباء… تقضي عمرها تتغنى بالجمال… وتلاحق الأوهام… وتمرض بالحب…
وتحسّ بضياع اليوم الذي يمر بها <<من غير أن تهوى… وأن تعشق>>… وأن تصدح بالشعر…
أما المرأة الرابعة،
فكنتُ أرغمتها على دراسة الطب لتعيش مع المرضى والمصابين… ولتحّد عالمها بحدود أوجاعهم… ولتهبهم حبّها وعلمها فتخفف من عليهم وطأة الألم… وحدّته… ولتجعل كلّ واحد منهم ينسى الهموم والأوجاع…
أما الخامسة،
فمن الضروري أن تكون راقصة…
راقصة معبد… راقصة باليه… راقصة شرقي أو مجرد راقصة…
تهبّ زوبعة في وجه المصاعب والدنيا… وتدور وتدور وتدور وتلف حتى تنهار مغمى عليها وتنسى..!
تنسى بدورها، كالطير المذبوح، آلامها الخاصة وأوجاعها…
والمرأة السادسة يا حبيبي…
كنتُ جعلتها ممثلة… تمثل كل الأدوار التي لا تعيشها في الواقع… وتبدو بفضل موهبتها الكبيرة طبيعية في كلّ الأدوار…
ولكنها عندما تعيش دورها الحقيقي في الحياة… تبدو وكأنها تمثل… وذلك بسبب عاطفتها الجياشة اللامعقولة...!
لو كنتُ عشر نساء،
لجعلتُ السابعة منهنّ صحفية سياسية تجوب العالم وآلة التصوير على كتفها والقلم في صدرها… لتكشف للعالم بمقالاتها والصور ما هو حق وما هو باطل… ولتقف مع الصادقين من زملائها في وجه الدعايات الكاذبة… ولتسهم قدر إمكانها في تقدّم هذا الوطن وازدهاره…
والمرأة الثامنة،
كنتُ جعلتها تكرّس حياتها من أجل الجيل الجديد…
مُدَرّسة معلمة مرشدة أو أستاذة محاضرة…
ترسم لأبنائها الطريق الصحيح نحو الرقي والحضارة…
ولا تكفّ هي نفسها عن المطالعة والثقافة لتساعد أبناء المستقبل على شق طريقهم في هذه الحياة… لأنّ إيجاد الطريق هو الخطوة الأولى في مشروع نجاح الفرد وتقدّم الأمة…
وأما المرأة التاسعة،
فكنتُ تركتها في الريف… تقضي يومها في البساتين وبين الحقول… تمنح الأرض عنايتها وحبّها… فتعطيها الأرض الثمر والطمأنينة والراحة…
وفي الأماسي… كنتُ جعلتها تجلس على عتبة بيتها تتأمّل وتصلي وتفتح صدرها للمدى… حتى التوحّد… فتكبر نفسها… وتتسع حتى تحضن الأرض والكون…
وأخيراً…
لو كنتُ عشر نساء لكان من البديهي أن تكون واحدة منهنّ، العاشرة، أديبة!!!
تكتب الروايات والقصص والشعر… وبالطبع الزوايا الأدبية في الصحف… والمجلات…
_3_
أن أكون عشر نساء… هذه هي أمنيتي يا حبيبي…
لكنّها لو تحققت… لتورّطتُ في مشكلة عويصة لها أول وليس لها آخر…
فلو أنّ واحدة من هؤلاء النساء العشر التقت بك… لهرعت إلى التسع الباقيات ولقالت لكلّ واحدة منهنّ:
_ أتركي كلّ شيء وتعالي معي لتشاركيني… في حبّ حبيبي…
وعندها لتعرقلتِ الأمور… ولانهارتِ الأحلام… ولامتزجتِ النساء العشر بواحدة…
فعدتُ أنا… كما أنا… وحدي وأحبّك…!
كولييت خورى
من مجموعتها القصصية (امرأه)
الامنية الصعبة
المفضلات