تعدد الأمراض النفسية كالأمراض العضوية، وتنشأ هذه الأمراض من استمرار الصراع داخل
الشخص ما يسبب فشله في التكيف مع الحياة، وهناك ارتباط وثيق بين امراض النفس
والاعصاب وامراض البدن المستعصية التي قد يتعذر شفاؤها قبل التخلص من الاضطرابات
النفسية والعصبية.
وتتنوع الأمراض النفسية وتختلف درجات تأثيرها على الفرد وتقل او تتفاقم هذه الدرجات
لتؤثر سلباً على الشخص وبعضها يعرضه لأخطار الموت عن طريق ”الأنتحار“ وعدم القدرة
على تحمل مطالب المجتمع وضغوطه واضطرابات العلاقات الاجتماعية وعدم التمكن من
اقامة علاقات انسانية واجتماعية والشعور بالرفض او الحرمان ونقص الحب او عدم الاحترام
وعدم فهم الآخرين له.
ومن الممكن والجائز ان يصاب الانسان بمرض نفسي او يعاني من حالة نفسية ويمنعه
خجله من زيارة طبيب مختص بالأمراض النفسية لذا ومن خلال هذا الملف الذي ارتأينا ان
نسلط الضوء على هذا النوع من الأمراض والاسهاب والغور في التعرف على انواع الامراض
النفسية وطرق الوقاية والعلاج
والاسباب التي تؤدي اليها.
انواع الامراض النفسية!
في عيادة الدكتور وائل عمران المتخصص بالأمراض العصبية والنفسية حدثنا عن
انواع الأمراض النفسية قائلاً:
بداية اود ان اقول واوضح ان المرض النفسي كغيره من الأمراض لا يمكن اهماله والسكوت
عليه كي لا يتفاقم ويصبح علاجه صعباً. ثانياً الخجليد مشكلة حقيقية لدى الكثير من الناس تمنعهم
من مراجعة الطبيب النفسي او مستشفى متخصص بهذه الأمراض وهي حالة غير صحيحة
ناتجة عن قلة ”الوعي والثقافة“. ويمكنني القول ان هناك درجات وانواع متفاوتة في مراحل المرض
النفسي، لذا يمكن ان نقسمه على الشكل الآتي:
1- انواع الأمراض النفسية والعصبية.
أ- الخجل وكما اسلفت هو بحد ذاته حالة مرضية ويرتبط بحالة وطبيعة نشأته والأسرة التي تعيش
معها والتي تبالغ في فرض المحاذير والممنوع والمسموح على الشخص، ومن ثم تخلق حاجز
والوقوف عند كل شيء بدافع الخجل ليتكون سلوكياً شخصياً لديه فيه الحذر الدائم من كل ما حوله
ليتحول الىحالة من الخجل تصبغ شخصيته بشكل كبير وهذا ما يعيقه من ان يقول ما يريد او يخطي
خطوة واحدة
الا وكانت مغلفة بالخجل.
والحالى الاخرى هي:
ب- اليأس والأرق والملل: من الأمراض النفسية الشائعة هذه الايام هي حالات اليأس
وعدم التفاؤل تتبعها حالة من الأرق المتقطع يتحول الى حالات من الأرق المستمر، وهذا يصحبه
الشعور الدائم بالملل وعدم الاكتراث بما يدور حوله وكأن كل شيء بات له دون فائدة او نفع.
جـ: الخوف والقلق: وهو مرض نفسي ينتج عن ”الصدمة“ العنيفة دون سابق انذار لتسيطر عليه
حالة من الخوف والقلق تلازم المريض في كل صغيرة وكبيرة وربما تكون بعض الصغائر
من الأمور بالنسبة للمريض هي ازمة حقيقية وكبيرة.
واود ان اشير هنا: ان جميع الحالات المرضية البسيطة تتبعها اشد صعوبة ومتقدمة المراحل ”
وهي التطير والخوف“ ”الانهيار العصبي“ ”الاضطرابات العصبية الشديدة“ ”الملانجوليا العصبي“ ”الهستيريا“ ”التخلف العقلي“ ”الهوس“ ”الصرع“.
البارانويا - البارافيرنيا - التخشب -
ذهان الخرف المبكر والمتأخر.
اما في زيارتنا لعيادة الدكتورة ”جمانة علي“ اختصاص امراض نفسية وجملة عصبية
كان لا بد لنا ان نتعرف عن انواع اخرى بعضها شائع والآخر غير شائع من الأمراض النفسية
فتحدثت قائلة:-
- هناك نسبة كبيرة ممن يعانون من الأمراض النفسية المختلطة ويجهلون مدى خطورتها
البدنية والنفسية عليهم وبسبب نظرة المجتمع القاصرة على ان كل من يزور عيادة طبيبا
نفسيا هو ”مجنون“ وهذا خطأ كبير.
ان زيارة الطبيب النفسي هي حالة طبيعية اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الضغوطات الكبيرة
التي يعاني منها الانسان وانحسار اسباب الترفيه والترويح عن النفس. ويمكنني ان آخذ
بعض الأمراض النفسية واوجز شرحاً عنها.
البارانويا:
كانت البارانويا في الماضي تعني ”الهذيان“ المزمن، ذلك ان مصطلح البارانويا مشتق من
كلمة اغريقية،
يبدو ان هذا المصطلح قد اتسع معناه فيما بعد ليشمل ما ينتاب المريض من اوهام تلاحقه.
ففي هذا المرض ”يسقط المريض مشكلاته على غيره من الناس“ ويرى نفسه ضحية
لتآمرهم عليه،
يقابل ذلك ان المريض يرى نفسه تارة اخرى في حالة من المرح والانشراح والأعتقاد بالتفوق والرضا
والشعور المفرط بالنشاط، ولكنه مع ذلك يدرك انه تحت كابوس من التوهمات.
البارافيرنيا:
ان الأعراض الأساسية لهذا التعقيد المرضي هي:-
حالة هوسية مصحوبة بأحاسيس من النشوة والانشراح تتبعها هلوسات كاذبة
وهناك من يذهب الى ان ”البارافيرينيا“ هي شكل من اشكال ”البارانويا“ المنبثقة
عن الفصام، ويمثل هذا المرض
ايضاً نوعاً من انواع الأوهام الخيالية ”الحشوية“.
أمـا التخشــــــب: ويأتي هذا المرض اساساً من عدة اسباب مرضية منها:
- الشـــــيزوفيرينيا ”الفصام“ الذهانات التسممية - التهاب المخ - في حالات الأرجاع المختلفة او الحالات ”الردية“ كما يعبر عنها.
التناذرات الهيغرينية: تغلب على المرض هيجانات غير متوقعة فتراه مثلاً يقفز من فراشه او من
مكانه بشكل لا تسبقه مقدمات.
زملة توهم المرض: يلاحظ على المريض انه يعتقد اعتقاداً راسخاً بأنه مصاب بمرض
”الأسينما جسمى“ وهو ان جسمه كله مسكون بالأمراض.. لذلك فهو قلق على صحته
الى حد الهوس وجميع مشاعره تتخللها الهواجس بشأن صحته وحياته ولهذا فهو يبدو ساهماً
واجماً بسبب فكره المشغول بالافكار ”الضامرة“ وهي افكار غير منتجة.
اعراض التدهور النفسي:
ومن ابرز المظاهر التي تتخذها عوامل تدهور الشخصية هي،
- فقدان السمات الأساسية التي تتميز بها كل شخصية هو هبوط دوافع الرغبة بالاندماج في
المحيط الاجتماعي، وصعوبة التوافق النفسي، وتبلغ هذه الصعوبة حد الاضطراب والتلف الذي يصيب
الجانب الفكري ويدهور الذاكرة وينهي هذا الاتلاف بالخبل العقلي.
زملة البلادة: ومن اعراضه ”البلادة“ واضطراب ينتاب الشعور بالخمول فيكون شأن عرض
البلادة هذا شأناً من الهذيان والنقص العقلي وحالات ”التيه“، لذا فأن احد مظاهر تدهور
الشعور الرئيسة في البلادة هو حالة من التغييرات التي تطرأ على تصرفات المريض.
حالات التوهان: ان وضع الشخص الذي يكون في حالة توهان هو اشبه بوضع الشخص
الذي يسير وهو نائم، فالشخص النائم يأتي اعمالاً غريبة وسخيفة اذ ينهض من منامه
فيمشي على غير هدى ويتحسس الجدران بأصابعه ويديه وقد يلقي بنفسه على مقعد
او يخرج احياناً الى الشارع وهو لا يدري بما يقوم به ولا يعي ما يفعل ولا توقضه اعلى الاصوات
وكأنه محاط في بيت زجاجي عما حوله دون انتباه لما يرى وما يراه غيره من الناس ووجودهم
لا تأثير على ما هو فيه من حالة توهان.
ذهان الخرف المبكر والمتأخر: يعد هذا المرض من حالات الخرف المبكر والمتأخر
ويشمل امراض مختلفة ومنفصلة عن الذهن فقط والفصام المتأخر والفصام الأنتكاسي والذهان الأكتئابي ”الهوس“ والاستجابات الهستيرية وتصلب الشرايين الدماغية وذهانات الخرف
المتأخر تحصل عادة في عمر متأخر كثيراً
ما بين عمر 70 الى 80 سنة، وليس بالضرورة ان يصيب هذا المرض كل شخص متقدم
في العمر، وقد يحصل في اعمار مبكرة، اسباب المرض تنشأ بفعل مؤثرات بيئية خارجية واكثر ما
تكون الأسباب
ناجمة عن عدوى او تسمم ولكن لا تبتعد العوامل النفسية في الأصابة بهذا المرض.
الوسواس القهري: وهو من الامراض النفسية العصابية ورغم قلة شيوع هذا المرض الا انه من
اكثرها معاناة وهو من الامراض التي تختلف فيها وجهة نظر العلماء والمختصين في هذا المجال،
فبعضهم ينظر اليه بأنه حالة دفاع لا شعوري ضد الأمراض العقلية وهؤلاء يتوقعون شفاء المريض
من الوسواس ومن الصفات التي تتصف بها الشخصية المهيئة للأصابة بهذا المرض هي العناد،
وعدم المرونة، وحب النظام الزائد، والروتين والتدقيق في التفاصيل والدقة في المواعيد
وقد تكون الأم المثالية جداً والمبالغة في نظافة الطفل ونظام حياته ”بالملليمترات“
هي نموذج للأنسان المصاب بهذا المرض.
الأمراض النفسية وطبيعة الغذاء:
وعن طبيعة الغذاء ودوره في بعض الأمراض وخصوصاً ”السمنة“ او ”النحافة“.
استشرنا الطبيب ”مازن الدروبي“ اختصاص الامراض النفسية وعلاقتها بطبيعة الاغذية
فتحدث قائلاً:
تعد بعض الامراض النفسية لها علاقة وثيقة بالتغذية مثل نقص الوزن وانخفاض ضغط الدم
والبشرة الصفراء اللون وانخفاض عدد دقات القلب وزيادة الوزن وعدم انتظام الدورة الشهرية
لدى الفتيات، كلها امراض نفسية يمكن لها ان تتطور وتأخذ اشكالاً مختلفة في درجات تفاوتها
من شخص لآخر، وهنا بعض الحالات التي اشرف على معالجتها وعلى سبيل المثال:
احد الاشخاص يعاني من زيادة الوزن بأستمرار وهو يلجأ لتناول وجبات اضافية. لكنه بعد
نهاية كل وجبة يدفع بنفسه الى ”القيء“ لأنقاص وزنه ما يزيد من الشعور لديه بالكآبة، وهي
حالة مرضية انتشرت هذه الايام واسبابها الضغوط النفسية والشعور بالملل والفراغ، لذا يلجأ هؤلاء الاشخاص بأشغال انفسهم بتناول الطعام دون الشعور بالجوع.
الحروب عامل في تفاقم الأمراض النفسية:
تعتبر الحروب احد اهم العوامل المؤثرة على ازدياد حالات انتشار الامراض النفسية وهذا ما
يؤكده علماء النفس والباحثون في مجالات الحروب واثرها السلبي على المجتمع بصورة عامة.
هذا ما اوضحه لنا الاستاذ في علم النفس ”قاسم العقيلي“ فقال بهذا الصدد:
ان الحروب تخلق حالة سلبية في حياة المجتمع نتيجة لما تخلفه من دمار مادي ومعنوي
ينعكس على حالة الفرد وتفاعلاته الايجابية مع مفردات الحياة اليومية، وتؤكد الدراسات
المختلفة لأماكن كانت مسرحاً للحروب كيف انها خلفت اعداداً كبيرة من الناس الذين
اصيبوا بالامراض النفسية لما عانوه وشاهدوه من ويلات ومآسى فكان هؤلاء الناس
اقل انتاجية في اعمالهم واقل شعوراً
بالتفاؤل نتيجة لحالة الاحباط الذي استوطن نفوسهم بفعل تلك الحروب، اضافة لما
ينتج عن تلك الحروب من اذى يصيب النساء بسبب الترمل لفقدان الزوج والاطفال اليتامى
وقد دلت النتائج ان اكثر الذين يتضررون هم النساء والاطفال.
وهناك دراسة اخرى تمت بين اعوام 2001و2003 في عدد من الدول مثل بلجيكا والصين
وكولومبيا والمانيا وايطاليا واليابان ولبنان والمكسيك وهولندا وفرنسا ونيجيريا واسبانيا واوكرانيا
والولايات المتحدة تؤكد ان اكثر الامراض النفسية انتشارا في كل الدول ما عدا اوكرانيا هي
نوبات القلق
التي تشمل التعرض للصدمات النفسية“ post triumatic strass disorder“ وتؤكد
الدراسة ان النسبة الاعلى هي في الولايات المتحدة، ولا نعرف ما اذا كان هذا صحيح او ان
الناس في
الولايات المتحدة اكثر استعداداً للأعتراف بما يعانون.
اما في اليابان والصين فقد انخفضت الامراض النفسية بشكل كبير لأن نسبة استهلاك
الادوية المضادة للقلق هي الاعلى في اليابان، ولان الصين بها معدل اعلى للانتحار في العالم.
اما في اسبانيا وفرنسا فقد تمت معالجة 60% ممن اصيبوا بأمراض نفسية خطيرة، بينما
لم يعالج سوى 50% من الفئة نفسها في بلجيكا والولايات المتحدة وهولندا والمانيا.
الا انه في دول مثل لبنان وكولومبيا والمكسيك واوكرانيا لم يعالج من المصابين بالامراض
النفسية الخطيرة سوى 20% ومن الجدير بالذكر ان علاج الفقراء يكون اصعب من علاج الاغنياء،
وان في الولايات المتحدة المصابين بامراض نفسية صغيرة من الاغنياء يحصلون على علاج
وليس الفقراء الذين يعانون من امراض خطيرة.
قصور دولي في علاج الامراض النفسية:
كشفت دراسة حديثة ان الامراض النفسية والعقلية بدءاً من القلق والاكتئاب الحاد شائعة
بشكل كبير، الا انه لا يتم علاجها بشكل كاف في عدد من الدولالمتطورة والنامية على حد سواء،
وان اعلى نسبة مسجلة في الولايات المتحدة التي كشفتها الدراسة التي شملت 14 دولة.
واستندت دراسة حديثة الى مقابلات وجها لوجه 60،463 الف ناضج ان الامراض العقلية
تؤثر في اكثر من 10% من الافراد الذين شملتهم الدراسة في اكثر من نصف عدد الدول المعنية
بالدراسة وتراوحت المعدلات بين 36،4% من الافراد في الولايات المتحدة و8،3 % من الافراد
في ايطاليا فيما بدى ان النيجيريين لديهم ادنى معدلات انتشار الامراض العقيلية 4،7% وبالرغم
من ان الباحثين يعتقدون ان المعدل المرجح اكثر بكثير خاصة وان سكان هذه الدولة الواقعة
في غرب افريقيا التي كانت ساحة لحروب عنيفة قد يكونون مترددين في وضع ثقتهم بالغرباء
وبوح ما يعتلج في صدورهم. وتفيد منظمة الصحة العالمية انه في بعض الدول يصعب على
الافراد التعبير عما يجول بفكرهم بحرية، واظهرت الدراسة التي اجراها فريق متخصص ونشره
في دورية الجمعية الطبية الاميريكية ان نسبة كبيرة من المرضى الذين يعانون من امراض
نفسية حادة لا يحصلون على العلاج على الاطلاق، بينما يعالج كثيرون ممن يعانون
من مشاكل صغيرة.
الامراض النفسية في العراق فاقت التوقعات:
قبل اكثر من 25 عاماً والعراق غارق في سلسلة من الكوارث المتواصلة حيث مرت
البلاد بثلاث حروب طاحنة فضلاً عن العنف في الآونة الاخيرة ولا شك ان لتلك الاهوال والحروب آثاراً سيكولوجية
تحفر عميقاً في نفوس العراقيين المنهكة، وكما يؤكد ذلك الاطباء النفسانيون الذين شرعوا في اجراء دراسات تقييمية تهدف الى معرفة مدى الاضرار النفسية التي الحقتها الحرب
ومشاهد العنف بالعراقيين.
واذا كانت الصورة رسمها الاطباء النفسانيون تعكس ”قتامة“ الوضع المرتبط بالصحة النفسية
للمواطنين العراقيين فأنها تسهم ايضاً في تعرية واقع هش يفتقد فيه نظام الرعاية
الصحية الى الأدوات
اللازمة للقيام بمهامه المفترضة ورصداً للواقع الصحي المزري اجريت مؤخراً دراسة نفسية
على عينة من العراقيين الذين شهدوا اعمال عنف والذين فقدوا اقاربهم فأن نسبة كبيرة
من الاشخاص يعانون من اضطرابات نفسية حادة تشمل حالات الاكتئاب والأرق فضلاً عن
الاضطرابات التي تعقب الحوادث المفجعة ويقول احد الاطباء الذي يعالج عدداً من الحالات
حدثت امامهم حوادث عنف بفعل التفجيرات وقد اخذ مسحاً شمل الف شخص اختيروا
عشوائياً من خمسة احياء من مدينة بغداد واشرف عليها مجموعة من الاطباء النفسانيين
ليتبين ان نحو 890 من الاشخاص تعرضوا لتجربة عنيفة بمن فيهم 27 طفلاً ما دون 12 سنة
والمثير للقلق بالنسبة للاطباء الذين حللوا البيانات الارتفاع المضطرد لحالات التعرض
الى الحوادث الأليمة والتي اصبحت اكثر شيوعاً منذ الغزو الاميركي للعراق 2003 فقدافاد الاشخاص
الذين شملهم المسح بتعرضهم الى 3504 حوادث عنيفة. وتؤكد الدراسة ان الذين
شاهدوا الاعدامات
الجماعية او استخدموا كدروع بشرية او رأوا جثثاً متعفنة هم الفئة الاكثر تضرراً بالعنف
النفسي وان بالغي سن
الرشد هم من اكثر المجموعات تعرضاً للاضطرابات النفسية. وتؤكد الدراسة ايضاً على ان
الجنود الذين شاركوا في حرب الثمان سنوات تأثروا بشكل بالغ في سلوكياتهم وتعاملاتهم الحياتية
وبسبب ما شهدوه من ويلات الحرب لم تعد حالات العنف التي رأوها تؤثر فيهم.
وبسبب الضغوطات النفسية الناتجة عن الصدمات بسبب حالات العنف اليومي فقد
تراوحت الحالات بسبب الصدمة عند التعرض لحادث مأساوي ما بين 7،5 الى 72 بالمئة
اذ ان من يتعرض للامراض النفسية بسبب الصدمات الناتجة عن القتال الاكثر ترجيحاً بالاصابة
بهذه الامراض.
تزايد الامراض النفسية بسبب الاحتلال في العراق:
حذر خبراء في مجال الصحة النفسية من الآثار الخطيرة الناجمة عن الاحتلال الاميركي للعراق
وتأثيرها على الشعب العراقي وتزايد اعراض الامراض النفسية بسبب تزايد الضغوط
التي عانى منها العراقيون طوال 23 سنة حروباً و13 سنة حصار اقتصادي. وكشفوا
عن تزايد امراض
”الشيزوفرينا“ ”انفصام الشخصية“ وارتفاع نسبة تعاطي العقاقير المخدرة والخمور
وانتشار التدخين بشكل متزايد كآثار للمعاناة العراقية.
وقال الخبراء النفسانيون والذين دعتهم منظمة الصحة العالمية للاجتماع في القاهرة
لبحث التداعيات والتأثيرات النفسية للحرب والاحتلال ومدى تأثيرها على نفسية الشعب العراقي.
ان نقص الخدمات المقدمة والادوية في علاج المرضى النفسانيين وقلة الاطباء بهذا
الاختصاص احد اهم عوامل تفاقم الحالات النفسية.
وقد اكد د. عبد المناف الجابري رئيس مجلس الصحة النفسية العراقي: ان الحروب التي
خاضها العراق منذ عام 1980 حتى الآن هي ثلاث حروب وما تبعها من انهيار للخدمات
وعقوبات دولية وحصار خانق اثر على الصحة النفسية للعراقيين بشكل كبير وساعد
على انتشار الامراض
النفسية وخصوصاً بين الاطفال والكبار في السن. واكد ان من جراء الاوضاع الاخيرة
من عنف ودمار وصراع كانت سبباً في انهيار النظام الصحي وتدهوره.
ومن الجدير بالذكر انه لم يبق في العراق حالياً سوى قلة من الاطباء النفسانيين بسبب
تعرضهم للتهديدات او القتل ومغادرة العديد منهم البلاد حفاظاً على ارواحهم. وبحسب
احصائية اخيرة تؤكد ان طبيباً نفسانياً واحدا لكل 300 الف عراقي مقارنة مع طبيب
واحد لكل 10 آلاف اميركي ولم يبق من الاطباء النفسانيين في العراق حالياً
سوى 75 طبيباً لا يكفون لتخفيف
آلام العراقيين وما تجرعوه من ويلات الحروب.
وقبل ان نغلق ملف الامراض النفسية واسبابها كان لنا وقفة اخيرة عند الدكتورة ”جمانة علي“
الاختصاصية في الامراض النفسية والعصبية فتحدثت قائلة:
هناك وسائل لتجنب المرض النفسي والوقوع في ”براثنه“ ويمكنني ان الخصها كالآتي:
على الانسان ان يتجنب الافكار والتصرفات التي تؤدي للشعور بالاثم وعدم الامعان في توقيع
العقوبات في نفسه، بسبب تخيل او حدوث اخطار واقعية ام وهمية قد يرتكبها الفرد. والابتعاد
عن الخجل وعدم التردد في مقابلة ومخاطبة الآخرين والتحدث اليهم وتوجيه ما يجول
بالخاطر من اسئلة واستفهامات، وعلى المرء ان يحاول التقليل من ضخامة ما يتصوره
الشخص والابتعاد عن الحساسية الشديدة في التعامل مع الآخرين.
واضافت الدكتورة جمانة: الاعتداد بالنفس والثقة بها والتمسك بالرأي طالما كان الشخص
على حق وعدم الاستسلام تصاغراً او خشية الآخرين حالة تعطي الاندفاع الى الامام وعدم
التراجع امام مواقف كثيرة قد يمر بها المرء.
وان الاستقلال الذاتي وعدم السماح للآخرين بمعاملة الشخص كآلة يحركها في يده كما يريد،
والحرص على التنويع والتشويق في التصرفات في الحياة اليومية وممارسة جميع النشاطات
والهوايات المحببة للنفس وعدم الظهور امام الآخرين بشكل غير طبيعي والعيش بواقعية بعيداً
عن احلام اليقظة وعالم الخيال وتجنب الافراط في التدخين وتناول القهوة لما لها من اسباب نفسية
وبدنية تنعكس على حالة الانسان بمرور الوقت واود ان اعطي تنويهاً مهماً الى كل انسان يريد
ان يعيش حالة من الاتزان النفسي والعقلي والبدني الا وهو ان ينظم حياته اليومية والنوم لوقت كاف
لا يقل عن ثماني ساعات للشخص البالغ كافية لجعل العقل في حالة من النشاط والاسترخاء،
اضافة الى مشاركة الاخرين والاصدقاء المتفهمين في حل المشاكل والمخاوف وتجنب الوحدة
والتمسك بالايمان والقيم الدينية والاجتماعية والابتعاد عن الاعمال الشاقة والعنيفة والمحافظة
على الصحة البدنية عملاً بحكمة ”العقل السليم في الجسم السليم“ واستطيع ان اقول
ان الابتعاد عن مسببات الخوف والقلق والارق والملل سبب مهم في التحوط من المرض
النفسي بشكل عام.
[align=center]
المقاله ل :
آمنة عبد العزيز[/align]
المفضلات