وهذه الفجوة التي يفتعلونها بين الساق والقدم طولها ألفا سنة!!
والمصيبة أنها ستظل تطول حتى قيام الساعة! فلنتخيل هذا التمثال الغريب الذي تطول الفجوة بين أعلاه وأسفله كل يوم!!
إنها صورة لا يصدقها العقل فضلاً عن أن يقبلها فنان أو يستحسنها ناظر.
وقد عرفنا لماذا افتعلوا هذه الفجوة، فالسؤال إذن! بماذا سدوا الفجوة؟!
لقد انتـزعوا " قطع غيار " شاذة من تمثال آخر وأرادوا إلحامها بالتمثال!!
إن هذا التـزوير لم ينجح، ولكنه بلا ريب ألقى ظلالاً من الضباب حول الرمز لابد من تجليته.
وجد هؤلاء أن لدانيال رؤيا أخرى - أو بالأصح في سفره رؤيا أخرى في الفصل السابع - هي رؤيا الحيوانات الأربعة، فسرقوا الحيوان الرابع وركبوه في التمثال، مما يذكرنا بأكذوبة "بلتداون" التي ارتكبها بعض الداروينيين حين أراد سد الحلقة المفقودة في سلسلة التطور، فركّب جمجمة من أعضاء إنسان وأعضاء قرد!!
والفرق أن الغش في الدين أعظم منه في أي شيء آخر!!
تقول الرؤيا الأخيرة: 'إن دانيال رأى أنه صعد من البحر المحيط أربعة حيوانات عظيمة مختلفة: - الأول: كالأسد، ولـه جناحا نسر...، والثاني: كالدب، وفي فمه ثلاثة أضلع، والثالث: مثل النمر، وله أربعة أجنحة وأربعة رءوس، والرابع: حيوان هائل قوي لـه أسنان من حديد، أكل وداس بقية الحيوانات برجليه، وله عشرة قرون طلع بينها قرن صغير طلعت من قدامه ثلاثة قرون، وظهر لهذا القرن الصغير عيون، وفم إنسان، فتكلم بإلحاد وكفر، ثم تكون نهاية القرن الصغير هي الهلاك على يد قديم الأيام ذي العرش الذي تخدمه الألوف المؤلفة!!
وبقيت الحيوانات الأخرى حية لكن نزع عنهم سلطانهم!!'.
وقد فسرت الرواية نفسها الحيوان الرابع بأنه 'مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك تأكل الأرض كلها وتدوسها، والقرون العشرة من المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلامٍ ضد العليّ'.
وأخيراً يبيد ملكه على يد "قديسي العليّ" الذين تؤكد هذه الرؤيا مراراً أن العاقبة لهم، وأنهم يمتلكون المملكة التي لا تزول!!
ربما لأن للحيوان الرابع أسناناً من حديد، والمملكة الرابعة تكون من حديد، قالوا: إن المملكة الرابعة هي الحيوان الرابع - لاسيما وكل منهما هو "الرابع" لما سبقه - وقالوا: إن هذه المملكة رمز لـأوروبا التي سيكون فيها عشر دول قومية يخضع لها العالم قبل نزول المسيح!!
وعليه تكون المملكة الخامسة هي الألفية السعيدة عند نـزول المسيح.
ومن السهل إبطال هذا الرأي من وجوه كثيرة :-
1- أن يقال: ما تعبير الحيوانات الثلاثة الأخرى إذن؟ مع أنهم مهما فسروها فلا يصح أي تعبير يناقض ما فسره دانيال نفسه، فكيف تظل الثلاثة الممالك في التمثال هي الممالك القديمة، والرابعة هي أوروبا الحديثة؟!
إنها مفارقة واضحة، فالمنطق السليم يفرض إما أن نحمل الرؤيا على الرؤيا كلياً، وإما نجعلهما منفصلتين كليا،ً وهو الصحيح!!
2- الحيوانات طلعت متجاورة وغلبها الرابع دفعة واحدة، أما الممالك في الرؤيا الأولى فمتتابعة متوالية كل منها غلب ما قبله.
3 - الحيوانات الأربعة طلعت من البحر المحيط، والممالك الأربع قامت في الشرق، والخامسة (الإسلامية) قامت في المنطقة نفسها، ثم امتدت شرقاً وغرباً حتى وصلت في أيام المغول والترك إلى شمال أوروبا وسيطرت على شرقها كله .
4- الحيوانات الثلاثة تسلط عليها الرابع؛ لكنها بقيت حية، أما الممالك الثلاث فقد اندثرت مطلقاً.
5- تعبيرهم الرؤيا الأخيرة باطل في نفسه؛ فإنها ذكرت حيواناً لـه عشرة قرون، وفسرتها بأنه مملكة لها عشرة ملوك، فتفسيرهم بأنها عشر ممالك متجاورة باطل.
وهكذا فالقول بأن هذه الممالك العشر هي التحالف الأوروبي أيام نابليون -كما ذكر ( بيتز ص:251) أو الاتحاد الأوروبي الحالي -كما يـزعم المعاصرون لا يصح تعبيراً ولا واقعاً، فهو يناقض كلا الرؤيتين ويخالف الواقع، فـأمريكا وحدها اليوم أقوى من الاتحاد الأوروبي كله، والاتحاد الأوروبي لم يعد عشر دول بل زاد كثيراً .
ونحن لا نريد أن نخوض في تعبير الرؤيا، لكن في إمكاننا أن نقول: إن الحيوانات الأربع التي طلعت من وراء المحيط هي الامبراطورية البريطانية الأسد، وروسيا الشيوعية الدب.
أما الثالث: شبيه النمر ذو الرءوس الأربعة والأجنحة الأربعة، فقد يكون الدول الكاثوليكية الاستعمارية الأربع فرنسا ، وإيطاليا ، وأسبانيا ، والبرتغال أو تحالف دول آسيا المسماة: النمور وهي ثمان!!
وبالطبع سيكون الحيوان الرابع الذي أكلها وداسها هو الولايات المتحدة الأمريكية (أو حلف الناتو عموماً)، أما القديسون الذين سيدوسون أمريكا فلا يحتاجون إلى تفسير؛ بل إلى الانتظار.
ونقول للأصوليين:
إن أعجبكم هذا التعبير فخذوه واستريحوا، وإن رددتموه وقلتم: ظنٌّ وتخمينٌ! قلنا: نعم؛ ولكن أي الظنين أولى؟ ولماذا ظنكم أنتم يقين وظننا نحن وهم؟!
أما اليقين بهذا الشأن فهو أمران:
1 - أن الروم ذات قرون كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فارس نطحة أو نطحتان، ثم يفتحها الله، ولكن الروم ذات القرون كلما هلك قرن قام قرن آخر }.
2 - أن المعركة بيننا وبينهم سجال إلى أن يكون الفتح الأخير لـروما وينـزل المسيح عليه السلام، وهذا ما لا يعلم زمان وقوعه إلا الله، وعليه فلا يعلم عدد قرون الروم إلا الله تعالى، وربما كانت العشرة المذكورة في الرؤيا لا مفهوم لها؛ بل مجرد رمز، وهذا مذهبٌ لهم في الأعداد المذكورة في الكتاب المقدس كله[17] هذا إن لم نقل: إن في الرؤيا تحريفاً وإضافة!!
وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه الرؤيا والخلاف فيها قد لا يثير ثائرة القوم إلا إذا تعرفنا على القرن الصغير الملحد من هو؟!
فقد ذهب طائفة منهم إلى أنه دولة الإسلام؟
وأن التجديف والإلحاد هو إنكار المسلمين لألوهية المسيح!!
وهذا عجيب! إذ كيف تكون المملكة الخامسة العظمى الأبدية قرناً صغيراً من قرون حيوان من الحيوانات الأربعة الذي له غير هذا القرن عشرة قرون كبرى؟!!
وكيف تكون الأمة الإسلامية التي شملت العرب والفرس والترك والبربر والزنج والهنود والتتار وغيرهم مجرد قرن من الروم؟! وقرن صغير أيضاً؟!
إن النـزول بالبحث العلمي إلى هذا الحد يوجب الإعراض والضرب صفحاً عن هذا اللغو؛ لاسيما وأنه لا علاقة للمسيح وألوهيته بالرؤيا من قريب ولا من بعيد، بل السفر كله توحيد.
وذهبت طائفة منهم إلى أن القرن الصغير هو الوحش المذكور في سفر الرؤيا!!
وهنا ينبغي أن نعتذر للقارئ المسلم عن الاسترسال في ذكر الغرائب الحيوانية، ولا يظن أننا سنورد فيلم الرعب الطويل المسمى: سفر الرؤيا!
ونرجو منه أن يتأمل معنا هذا الوحش في لقطة لا تتعدى الثواني من هذا الفيلم، وليعلم أن القوم في الغرب أضاعوا ويضيعون في هذا ما يعد بالملايين من ساعات العمل، بل ربما من أيام العمل، وأن الكتب المتعلقة بها أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا !!
فماذا علينا لو تحملنا دقائق وصفحات لنردهم إلى الصواب، ونريحهم من العناء ونحمد الله على اليقين؟!
يقول سفر الرؤيا : 'ثم وقفت على رمل البحر، فرأيت وحشاً طالعاً من البحر لـه سبعة رءوس وعشرة قرون، وعلى قرونه عشرة تيجان، وعلى رءوسه اسم تجديف (أي إلحاد وزندقة)، والوحش الذي رأيته كان شبه نمر، وقوائمه كقوائم دب، وفمه كفم أسد، وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً، ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي، وتعجبت كل الأرض وراء الوحش'.
لقد حاول ت.ب.بيتز - وهو أجود شارح لسفر الرؤيا - أن يصيب كبد الحقيقة، ويدل قومه على القرن الصغير الملحد، الذي يخرج من بين قرون الروم، ولكنه لم يستطع لأسباب:
الأول مشترك بين كل الباحثين، وهو: اختلاط الحق بالباطل في الأسفار، واستحالة تمييز المحرَّف من الباقي على أصله؛ بل المضاف والمحذوف.
الثاني مشترك بينه وبين أكثر باحثي أهل ملته كما أسلفنا، وهو: جعل النبوات كلها في زمن المسيح القادم، وتجاهله المطبق للإسلام رسالة وحضارة ومملكة!!
الثالث يخصه، وهو: أنه هلك قبل قيام رجسة الخراب إسرائيل، فكان من الصعب عليه أن يُفسر الأحداث بدقة.
لكن لما يتميز به شرحه سوف نجعله نموذجاً لتصحيح المنهج.
يقرر بيتز أن الوحش هو نظير القرن الصغير في نبوءة دانيال (مع التنبيه إلى أن في سفر الرؤيا وحشين اثنين!!). 'وهو في الوقت نفسه الشكل الجديد الذي ستتخذه الامبراطورية الرومانية، الذي سيفاجئ العالم قبل نزول المسيح لإقامة ملكوته الذي هو المملكة الأخيرة الأبدية في نظره.
وهو لما رأى أن الفجوة كبيرة، وقرونها الزمنية كثيرة، لا يسدها عشرة ملوك ولو حكم كل ملك قرناً، جاء بتأويل جديد هو أن القرن ليس ملكاً! بل هو شكل من أشكال الحكم، كالشكل الجمهوري أو الامبراطوري مثلاً، ولكل شكل ملوكه الكثيرون، لكنه لم يفصل لنا كل الأشكال؛ بل جعل السادس هو الامبراطوري، وافترض أن الشكل السابع عتيد أن يقوم.
أما الثامن والنهائي فهو: حكومة الوحش الذي هو القرن الصغير" 'ولأول مرة -بل من النادر- أن تجد في كلام القوم -على كثرته وإسهابه- مثل هذا الكلام الرصين الذي يشبه في أوله كلام فقهاء الإسلام، يقول: نلاحظ وجه شبه بين هذا الوحش وبين قرن دانيال الصغير، فقد حارب القرن الصغير القديسين فغلبهم.'.
كما أعطي للوحش أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم. (رؤ/ 13: 7).
وكما في دانيال يتكلم القرن بكلام ضد العلي. (7: 25).
هكذا في الرؤيا يفتح الوحش فمه بالتجديف على الله. (13: 6).
وكما أن سلطة القرن الصغير تدوم إلى زمان وأزمنة ونصف زمان(دا/7: 25).
كذلك سيبقى سلطان الوحش اثنين وأربعين شهراً. (رؤ/ 13: 5).
وهي نفس المدة المذكورة في دانيال ولو اختلف الاصطلاح.(189 -190).
وهنا لنا وقفة يسيرة؛ فالقوم كالعادة لابد أن يتناقضوا ويحيروا العقل، إذ كيف يوجد شكل سياسي يحكم فيه مجموعة من الملوك، ويكون مجموع حكمهم هذه المدة الوجيزة؟! ثم إنه لم يثبت على رأي واحد، بل جعله مرة شخصاً حاكماً، وأخرى هيئة أو جمعية تآمرية - كما سنرى -.
فلنتابع معه الأحوال والأحداث المتعلقة بالوحش لكي نعرف هذا القرن الصغير المشئوم؟!
عن هذا يقرر بيتز أمورا ً: -
1 - أن الوحش سيكون في أورشليم (193). ويقرر: 'إن أورشليم هي النقطة المركزية التي تتجمع حولها الحوادث المذكورة هنا بلغة الرموز'. (ونذكِّر القراء بأنه كتب هذا والقدس شبه منسية عندهم إلا من قليل من السّوّاح أو الزائرين).
2 - الوحش (إسرائيلي لكنه لا يبالي بيَهْوَه إلـه الأمة، ولا بالمسيَّا الموعود المنتظر رجاء الأمة، ولا حتى بالآلهة الباطلة التي طالما مالت إليـها الأمة...).
3 - يتحالف الوحش مـع (رأس الامبراطورية الرومانية ومركز القوة والسلطة العالمية) (200).
4 - يجزم (بيتز ) أن هذا الرئيس الروماني ليس أحداً من الأباطرة السابقين، بل هو الذي سيأتي عند قيام رجسة الخراب التي تحدث عنها دانيال وذكّر بها المسيح مرة أخرى، ويقول: 'من مواضع كثيرة في كلمة الله -أي الكتاب المقدس - يتبين أن العشرة الأسباط سيجتمعون في أورشليم بعد خلاصها وعتقها - أي: قبل نزول المسيح - وهناك يحتملون نار الضيقة العظيمة في أشدها، بينما إسرائيل الذين رفضوا المسيح سيجتمعون إليها قبل ذلك" أي: في يوم غضب الرب على الدولة الرجسة، الذي سنعقد لـه فصلاً قادماً بعنوان ( يوم غضب الرب ).
مرة أخرى ينبغي أن نتذكّر أنه هلك قبل قيام دولة إسرائيل بكثير:
1 - حكومة الوحش ستكون ملحدة على النظام الغربي، لا على هدي الوحي؛ بل هي من أكبر أسباب الإلحاد والظلام. يقول: 'في أوروبا الغربية الوطن المختار للمدنية والحرية والاستنارة والتقدم، كانت نتيجة تفاعل تلك المبادئ البشرية هي قيام حكومة الوحش ملتقى الطغيان والظلام والتعاسة والتجديف'.
2 - وتحت زعامة الوحش يقرر بيتز اعتماداً على مفهومه لرؤيا دانيال: 'سوف تتكون عصبة من الحكومات المتحالفة مؤقتاً'.
وصفة الحلف الذي ستعقده الامبراطورية الرومانية الجديدة هو أن: 'العشرة ملوك الذين يحكمونها يصنعون رأياً واحداً ويعطون الوحش ملكهم' (ص:253).
والعجب حقاً هو أنه 'ليس الوحش هو الذي يجبرهم على إطاعة أمره؛ بل هو عمل تطوعي يقومون به من جانبهم' 253).
كما أنه ليس من شرط الوحش أن يحكم كملك بل 'بواسطة نفوذه في مؤامرات ومشورات على أرض الامبراطورية الرومانية القديمة، أو على الأقل الجزء الغربي منها' (ص:254).
(ونُذَكِّر بأنه كتب هذا قبل قيام الأمم المتحدة، وظهور السيطرة الصهيونية على السياسة الغربية عامة والأمريكية خاصة)!!
3 - وعن عدو الوحش والمعركة بينهما يقول بيتز : - 'إن الحلف القائم بين الامبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش الشمالي، الذي -بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت- سيباغتهم كسيل جارف، ويجلب الخراب على الأرض'.
ولتفسير الجيش الشمالي نجده يقول: 'يجمع ملوك المشرق قواتهم ليغيروا على حدود أملاك الوحش، ومن الناحية الأخرى سيجمع الوحش باتفاقه مع ملوك الغرب قواته ويزحف إلى معركة هرمجدون المشئومة'.
9 - وأخيراً يحدثنا بيتز عن نتيجة المعركة: 'قل أن يحلم الوحش ومساعده الأثيم أنهما سيؤخذان أسيرين من ساحة القتال التي يعجلان إليها! وأنه سيلقى بهما حيين إلى عذابات بحيرة النار الأبدية، وقلّ أن يجرؤ القديسون المتألمون المختبئون بين الجبال والمغاير فيؤمِّلون بأنهم سيرفعون رءوسهم آخر الأمر'.
والآن وقد عرفنا الوحش نسأل: هل هذه النهاية لا تكون إلا في هرمجدون وعلى يد المسيح؟.
إن افتراض ذلك هو الخطأ المشترك بين هؤلاء وبين بعض الباحثين المسلمين أيضاً، والفرق أن هؤلاء لا يحسبون حساباً للمنطق والعقل وسنة الله في التاريخ، أما المسلمون فيبحثون غالباً عن سنن طبيعية لتفسير الأحداث... المسلمون كمن يخطئ طريقه في النهار، أما هؤلاء فكل سيرهم في الظلمات إلا بقايا من البصيص الباهت!!
لقد قلنا: إن بيتز كاد أن يصيب الحقيقة، ولكي نساعد قراءه على إصابتها نورد لهم تلخيصه للأحداث كما سطره (ص213). مع حذف العناصر المشيحانية، وإبقاء الموضوع في حدود المألوف، ونقرأ كلاماً بدونها فيكون هكذا: 'سوف تعود الامبراطورية الرومانية إلى الوجود.. وستكون الكتلة اليهودية قد رجعت إلى أورشليم غالباً في عدم الإيمان (ونحن نقول: بل قطعاً)... وبينما هم في أورشليم إذا بقوة عظيمة تهدد ذلك الشعب الراجع، ولكي تتقي الكتلة اليهودية شر تلك القوة فإنها... تعقد عهداً مع الرئيس العظيم الذي سيكون حاكماً للامبراطورية الرومانية في عهدها الجديد... إلا أن الحلف القائم بين الامبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش... الذي بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت سيباغتهم كسيل جارف'.
ولو أعدنا نحن كتابة الموضوع فسنقول ببساطة:
1 - دولة إسرائيل قرن صغير خرج من الروم من بين قرونهم الاستعمارية الكبرى وقد رجع إلى الأرض المقدسة غازياً مدنساً.
2 - الوحش أو الوحشان هما: الصهيونية ذات الوجهين أحدهما يهودي والآخر نصراني.
3 - اليهود عامة والصهيونيون خاصة، هم دعاة الإلحاد والفساد في الأرض، وأكثر أصحاب النظريات الإلحادية منهم: ماركس ، وفرويد ، ودور كايم ، وفيشتة وأرلر ، وماركوز ، وهسّرل ، وشيلر ، وبرجسون ، ومارك بوبر .
4 - قيام رجسة الخراب في القدس هو احتلال اليهود لها واتخاذها عاصمة لحكمهم، وهذا مما سنفصل الحديث عنه لاحقاً.
5 - الامبراطورية الرومانية الجديدة: هي الولايات المتحدة الأمريكية ، ويمكن أن يشتمل الاسم: الغرب كله، وهنا تتداخل مع بابل الجديدة المذكورة في النبوءات الأخرى، وهي التنين الذي أعطى الوحش القدرة والسلطان!! وسنرى نهاية هذا التنين مع نهاية رجسة الخراب في يوم غضب الرب.
6 - الجيش الآتي من الشمال أومن الشرق هم المجاهدون المسلمون ولهذا أيضاً تفصيله في فصل آتٍ من نبوءات أخرى!!
وبقية القصة من التحالف والحرب وحلول غضب الرب لا إشكال فيها حينئذٍ!!
إلا أنه لا بد من الإشارة إلى سبب آخر يوجب تعديل كلام بيتـز ، وهو أن التثليث الذي أفسد عقيدة هؤلاء قد أفسد عقولهم أيضاً، فهو في (ص:211) ينسى كل ما قال، ويؤكد أن الثلاثة الأشخاص الملقبين بالقرن الصغير، والوحش، والرئيس الامبراطوري كلهم في الحقيقة شخص واحد!!!
والمهم أن تغييراً ذا شأن لم يمس جوهر (السيناريو)، وكل ما صنعناه هو تعديل أسماء شخصيات المسرحية!!
والعنصر الأساس في المسرحية هو (عودة اليهود إلى الأرض المقدسة بلا إيمان) بل بكفرهم القديم وإلحادهم الحديث، ومن هنا أقاموا على الأرض المباركة الطاهرة دولتهم التي سماها دانيال (رجسة الخراب) وهذا هو موضوع الفصل التالي.
المفضلات