عنوان الخطبة / المستقبل للإســلام التاريخ : 11/3/1428هـ
محمد بن سليمان المهوس / جامع الحمادي بالدمام
________________________________________
الحمدُ للهِ المحمودِ بجميع المحامد تعظيماً وتشريفًا وثناءً، المتصف بصفات الكمال عزةً وقوةً وكبرياءً، به نصولُ وبه نَجُولُ، وبه نُؤَمِّلُ دفعَ الكروب شدةً وبلاءً، ودرءَ الخطوب ضنكاً ولأواءً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اختص المسجد الأقصى بالفضائل معراجا وإسراءً، وحذرنا من كيد اليهود، ووصفهم بأنهم أشدُّ الناس للمؤمنين عِداءً، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، أفضلُ هذه الأمة جهادًا وفداءً، وأعظَمُها قدوةً واصطفاءً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ضربوا أروع الأمثلة صفاءً ووفاءً، وطهراً ونقاءً، والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم اهتداءً واقتفاءً، صلاةً لا تُطاولها أرضٌ أرضاً ولا سماءٌ سماءً، وسلم تسليمًا يزيده بهجة وبهاءً ونوراً وضياءً وبركة وسناءً، أما بعد:
فأوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي بتقوى الله جل وعلا، فإنها أوثقُ العرى، وبها تَتحقّقُ السعادةُ في الدنيا والفوزُ في الأخرى، والعاقبةُ للتقوى.
عباد الله، خرّج الأمام أحمدُ في مسنده وحسنه الحافظُ في الفتح عن البراء بن عازب – رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق، وعرضت لنا صخرةٌ في الخندق لا تأخذ منها المعاول، قال: فشكونا إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فوضع ثوبَه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ الْمِعْوَلَ فقال: ((بسم الله)) فضرب ضربةً فكسر ثُلُثَ الحجرِ، فقال: ((الله أكبر، أعْطِيتَ مفاتيحَ الشام، والله إني لأبْصِرُ قُصورَها الْحُمُرَ من مكاني هذا))، ثم قال: ((بسم الله)) وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائنَ، وأبصر قَصْرَها الأبْيضَ من مكاني هذا))، ثم قال: ((بسم الله)) وضرب ضربة أخرى فقلع بقيةَ الحجر، فقال: ((الله أكبر، ُأعْطِيتُ مَفاتيحَ اليمنِ، واللهِ إني لأبصِرُ أبوابَ صَنْعاءَ من مكاني هذا)).
الله أكبر - عباد الله - يحفرون الخندقَ وطعامُهُمُ القليلَ من الشعير والتمر، وأحيانًا لا يجدون هذا ولا ذاك لمدة ثلاثةِ أيامٍ مُتتاليةٍ، حتى إن أحدَهم يَعْصُبُ على بطنه الحجرَ والحجرينَ من شدة الجوع.
وَلَكَ أن تتصورَ ـ أخي المسلم ـ هذا الموقفَ، الأحزابُ حول المدينة وقد ضيّقوا على المسلمين الخناق، والرسول– صلى الله عليه وسلم - يضرب الصخرة، ويقولُ: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام وفارس واليمن))، فَمِثْلُ هذا الكلامُ لا تُصَدِّقُهُ إلا عقولُ أهلِ الإيمان التي قَوِيَتْ صِلتُهم وثِقتُهم بالله، ولذلك وصفهم الله بقوله: (( وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا )) [الأحزاب:22].
ولك أن تتصورَ ـ أخي المسلم ـ الموقفَ الآخرَ الذي حكاه لنا أحدُ صحابةِ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم - عندما قال: شكونا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظلِّ الكعبةِ ، قُلْنا له: ألا تَسْتَنْصِرْ لنا؟! ألا تَدْعُو اللهَ لنا؟! قال – صلى الله عليه وسلم -: ((كان رجلٌ فِيِمَنْ كان قبلَكُم يُحْفَرُ له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاءُ بالمنشار، فيُوضَعُ على رأسه، فيُشَقُّ باثْنتين، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دينه، ويُمشَط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عَظم أو عَصَب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليُتِمّنَّ هذا الأمر حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حَضْرموت، لا يخاف إلا اللهَ أوَ الذئبَ على غَنَمِهش، ولكِنَّكُم تَسْتَعْجِلون)) خرجه البخاري في صحيحه من حديث خَبَّاب بن الأرت - رضي الله عنه - وصنعاءُ هي صنعاءُ الشام كما ذكر ذلك جَمْعٌ من العلماء.
عباد الله، في الموقفين السابقين يحذرُ رسول الله– صلى الله عليه وسلم - صحابتَه وأيضًا أمتَه من اليأس والقنوط وقتلِ الهممِ والعزائم، لكثرة ما يُرَى ويُسْمَعُ من مصاب الإسلام في أيِّ مكانٍ أو زمان، وأنّ على المسلم إحسانَ الظنِّ بالله، وأن الفرجَ سيأتي، وأنَّ اليُسْرَ بعد العسر، (( حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ ))[البقرة:214]، فالرسولُ – صلى الله عليه وسلم - عندما يضرب الصخرة ويُكَبِّرُ ويقولُ: ((أعْطيتُ مفاتيحَ فارسَ والشامِ واليمنِ)) كأنـّهُ– صلى الله عليه وسلم - يُهَوِّنُ من شأن الأحزاب وقوتِهم، وحثّ النفوس على حُسْنِ الظنّ بالله، مع فِعْلِ ما يُستطاعُ من الوسائلِ التي تكونُ عَوْنًا ـ بعد الله سبحانه ـ في هزيمة العدوِّ وكَسْرِ شَوْكَتِهِ.
وقولُه – صلى الله عليه وسلم - لخبابِ بنِ الأرت - رضي الله عنه - : ((واللهِ لَيُتِمَنَّ هذا الأمر حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)) فيه: إِظْهارُ التفاؤلُ والقَطْعُ بأنّ النّصْرَ للإسلام وأهلِه، كما جاءت بذلك النصوصُ الكثيرةُ التي تدلُّ دَلالةً واضحةً على ذلك، ومن ذلك قوله تعالى: (( هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ ))[الصف:9].
وقد ذكر بعضُ المفسرين عندَ هذه الآية عددًا من الأحاديث النبويةِ المْبُشّرَةِ بِظُهُورِ الإسلام وعِزته، فمن ذلك ما أخرجَه مُسْلِمٌ في صحيحه عن عائشةَ - رضي الله عنها- قالتْ: قال رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – : ((لا يَذْهَبُ اللّيلُ والنّهارُ حتى تُعْبَدَ اللاتُ والْعُزّى))، فقالت عائشة - رضي الله عنها - : يا رسولَ الله، إن كنتُ لأظنُّ حين أنـْزَلَ اللهُ: (( هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ )) أن ذلكَ تَامٌ، فقال– صلى الله عليه وسلم -: ((إنّه سَيَكُونُ مِنْ ذلكَ ما شاءَ الله ُ))، وعن ثوبانَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله– صلى الله عليه وسلم -: ((إِنّ اللهَ زَوَى لِيَ الأرضَ فرأيتُ مَشَارِقَها ومَغَارِبَها، وإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِىَ لِي مِنْها)) أخرجه مسلم، وفي الْمُسْنَدِ وغيرِه عن تَمِيمِ الدّاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: ((لَيَبْلُغنّ هذا الأمرُ ما بلغَ اللّيلُ والنّهارُ، ولا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أدْخَلَهُ اللهُ هذا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أوْ بُذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًا يُعِزُّ الله ُ بِهِ الإسْلامَ، وَذِلاً يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ))، ثم قال تميم- رضي الله عنه - بعد أن ساق هذا الحديثَ : قد عَرفتُ ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب مَنْ أسْلمَ منهم الْخَيْرُ والشَّرَفُ والْعِزُّ، ولقد أصاب من كان كافرًا منهم الذُّلُّ والصَّغَارُ والْخِزْيُ.
نعم – عباد الله - لقد حاول الكفارُ بجميع طوائفِهِم إطْفَاءَ دين الإسلام على مَرِّ العُصور، وما اسْتطاعُوا ذلك، ولو نظرنا في حاضر الإسلام، وكيف يَتقَدَّمُ ويَكْسِبُ في كُلِّ يَوْمٍ ؛ بَلْ في كُلِّ لَحْظَةٍ مَوَاقِعَ جَديدةٍ ، وناساً يدخلونَ فيه، وناساً من أهله يَعُودونَ إلى صفائه ونقائه، وإنْجَازاتٌ لرجالِه ودُعاتِه في مشاريعَ ومؤسّساتٍ وكُتُبٍ، وجَماهيرَ تَحْتَشِدُ لهم، وجُمُوعاً تَؤم المساجدَ والمناسك، وصَلاحاً هُنا وهُناك، وتَقدُّماً في المواقع، على الرّغمِ مِنْ ضَعْفِ الْمُسْلِمينَ ، لو نظرنا في ذلك كْلِّهِ لأيْقَنّا أنّ الإسلامَ هُوَ دِينُ اللهِ الذي لا يَقْبَلُ مِنْ أحدٍ دِيناً سِوَاهُ.
وَلَمّا لَمْ يَسْتَطِيعُوا إِطْفَاءَ نُورِ الإسلامِ حاربوا أهلَ الإسلام، وأبادوا منهم جَماعاتٍ ومجتمعات، وأسْقَطوا دُوَلاً وأذْهَبُوا أسْماءً وشعاراتٍ ، وَبَقِيَ الإسْلامُ شَاِمخاً، لأنـّهُ دِينُ اللهِ ، وَلَنْ يَتْرَكَ الله بَيْتَ مَدَرٍ ولا وبر إلا وسَيُدْخِلُهُ الله ُهَذا الدِّينَ، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وأهله، وذلا يذل الله به الكفر وأهله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وما خُلِقَتْ هذه الأمةُ إلا لِلإسلام، وما وُجِدَتْ إلا للإسلام، فالإسلامُ هو سِرُّ بقائها، والذي يريد أنْ يَقْضِيَ على الإسلام فَلْيَقْضِ على هذه الأمة، وهل يستطيعُ أحَدٌ أنْ يقضيَ على هذه الأمة أو على دينها، هَيْهات ثم هيهات!! فهذه الأمةُ موعودةٌ بالبقاء، وليس بالبقاء فقط بل بالنصر والتّمكينِ، ولا يزالُ اللهُ - عز وجل - يُخْرِجُ لهذه الأمةِ في كُلِّ مَرْحَلَةٍ من تَأْريخِها عُلَمَاءَ وَدُعَاةَ وقَادَةَ ومُجَاهِدينَ يَسْتَعْمِلُهُم في خدمة هذا الدين.
عباد الله / إن هذا الدّينَ هو كلمةُ اللهِ - عَزّ وَجَلّ ، ولا إله إلا الله هي كلمةُ الإسلام،
ومن ذا الذي يستطيعُ أن يُطْفِأَ نُورَ هذه الكلمة أتُطفِـأُ نـورَ الله نفخـةُ كـافِـرٍ *** تَعَالَ الّذي في الْكِبْرِياءِ تَفَـرّدَّا
إذَا جَلْجَلَت اللهُ أكْبَرُ في الْـوَغَـى *** تَخَاذَلَتِ الأصْواتُ عن ذلكَ النِّدَا
ومَنْ خاصَم الرّحْمنَ خابَتْ جُهُودُهُ *** وضَاعَتْ مَسَاعيهِ وأتْعَابُهُ سُدًى
عباد الله / رَغْمَ الظُّروفُ الصّعْبَةُ التي يَمُرُّ بها المسلمونَ في كلِّ مكانٍ، إلا أنّ الْمُسْتَقْبَلَ للإسلام، لا بدَّ أنْ يعتقدَ المسلمونَ وأبناءُ المسلمين بِأنَّ الْمُسْتَقْبَلَ للإسلامِ قَطْعاً، كيف وقد أفلس الغرب والشرقُ من القيم والمفاهيم والأخلاق؟ كيف وقد صاروا في أمْرٍ مَريجٍ ؟ وما هو الدّينُ المرشَّحُ للانتشارِ والظُّهور، واقتناعِ البشرية به وإتيانهم إليه؟ أَلَيْسَ هو الإسلام؟ أليس الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا في العالم رغم ضَعف المسلمينَ اليوم، فكيف في غيره من الأوقات؟!!
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحم حوزةَ الدين يارب العالمين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه.
___________________________________________________
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أكرم الأمةَ وأعزها بالإسلام، أحمدُه سبحانه كتب الغلبةَ والظُّهورَ لدينه ما تعاقبت الليالي والأيام.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أرشدَ الخلائقَ إلى طريق الجنة دار السلام، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الأئمة المتقين الأبرار الأعلام.
عباد الله / ما أحوج المسلم إلى تجديد تقواه لربه في كل حين، ولا سيما عند اشتداد المحن وتوالي الكروب، (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )) [الطلاق:2]. وما أشد حاجة المسلم إلى السلاح المَضّاء الذي يحميه من كيد الكفرة والفجرة والمنافقين ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا )) [آل عمران:120]. فهل ساءلنا أنْفُسَنا عن هذه الحقائق؟! وهل عرضناها على هذه الموازين؟! فالصبرُ والتقوى سلاحان لمن أراد النجاةَ والخلاص والرِّفعة في الدنيا والآخرة.
عباد الله / إنّ من قرأ كِتابَ ربِّه وتأمل في آياتِه واتعظ بعظاته واهتدى بهداه يرى أن هناك آيات كثيرة حذّرت المسلمين من أعداء كُثُر، وأن هناك صِنفًا هو الأكثر عداءً للمسلمين، فقد ورد الحديثُ عنهم في أكثر من خمسين سورةٍ من سور القرآن الكريم، وما ذاك إلا لتحذَرهم أمة ُالإسلام أشدّ الحذر، وَتـتَـنَبَّهَ ِلألاعِيِبِهم وحِيَلِهِم التي تَخَصَّصُوا فيها على مر التأريخ.
فَمَنْ هُمْ – يا عباد الله ؟ إنهم اليهود، وما أدراك ما اليهود. إنهم القومُ الْمَغْضُوبُ عليهم الملعونون على لسان الرسل والأنبياء، قوم تفنن آباؤهم وأجدادُهم في قتل الأنبياء والمصلحين، عُرِفُوا على مَرِّ التأريخ بالإفساد والتخريب ونقض العهود ؛ ولكن: (( كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَادًا وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ )) [المائدة:64]. واللهِ الذي لا إلهَ غيرُه، لَسَوْفَ يأتي على اليهودي يومٌ ـ بإذن الله تعالى ـ لا يَسْتُرُهُ عن المسلم شيءٌ، ولو اتقى خلفَ الحصى أو الحجرِ ولا يحميه سلاحٌ ولا شجر. أتدرون لماذا؟! لأن الحجرَ والشّجر جندٌ من جنود الله تعالى، ينادي الحجرُ والشجر: يا مسلم ! يا عبد الله ! هذا يهوديٌّ خلفي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد.
ولكن عباد الله، بعد حُسْن عودةٍ إلى الله سبحانه والتضرع إليه والابتعاد عن كل ما يَحْجُبُ نَصْرَ اللهِ ((وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ )) [الحج:40].
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، محمد بن عبد الله ، امتثالاً
لأمر ربكم القائل في محكم التنزيل ( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) [الأحزاب:56]...
اللهم صل وسلم على النذير البشير ، والسراج المنير ، الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه أمهاتِ المؤمنين ، وعلى الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين ، وسائرِ الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وَعَنّا معهم برحمتك وَمَنِّكَ وكَرَمِكَ يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم انا نشكو اليك اليهودَ فإنهم لا يعجزونكَ يا جبّارَ السمواتِ و الارض ، اللّهُمّ أحْصِهِم عَدَداً و اقْتُـلْهُم بَدَداً و لا تُغَاِدرْ منهم أحداً، و أنْزل عليهم عاجِلَ نِقْمَتِكَ الْيَوْمَ و غداً , اللهم أحْزِنْهُم كما احْزَنُونا ، اللهم يَتّمْ أطفالَهم و رمِّلْ نساءَهم و عَقِّمْ أرحامَهم وأَرِقْ نَوْمَهُم يا مَنْ قُلْتَ في كتابكَ ((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)) [المائدة:82 ]
اللهم و من أرادنا و الإسلامَ بخير فوفقه لكل خيرٍ و من أرادنا و الإسلام بسوء فاقْسم ظهرَه و أجْعَلْ كيدَه في نحره ، اللهم حَرِّرِ المسجدَ الاقصى من دَنَسِ اليهود المعتدين.. اللهم اكتب لنا الصلاة فيه و الشهادةَ على بابه ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، ومن العمل ما تحب وترضى ، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ، اللهم اهْدِ شبابَ المسلمين ، وَرُدَّ ضالّهُم إليك رَداً جميلاً ، اللهم جَنّبْهُمْ أهْلَ الأهواءِ والفساد والفتن ، اللهم وَفِّقْ وُلاةَ أمُورِ المسلمينَ بتوفيقك ، وأيدهم بتأييدك ، واجعل عملَهم في رضاك ، اللهم وفقهم وإخوانَهم وأعوانَهم لمِا تُحِبُّ وترضى ، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم يا رب العالمين .
عباد الله / إنّ اللهَ أمرَكُم بِثلاثٍ ونهاكُم عن ثلاث ، فقال سبحانه : (( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) [النحل:90 ] ، فاذكروا الله َالعظيمَ الجليلَ يَذْكُرْكُمْ واشْكُروهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أكبر والله يعلمُ ما تَصْنَعونَ .
المفضلات