دعا إمام «مسجد النور» في روما ورئيس الجمعية الاسلامية الايطالية هناك، وهو الشيخ عبد الهادي بالاتزي، الى أن يغتنم رئيس وزراء اسرائيل، إرييل شارون «الفرصة النادرة المتاحة له الآن، للتخلص سريعا من رأس الارهاب عرفات، بوضعه في السجن، أو تصفيته جسديا اذا أراد، وذلك لانهاء حالة الرعب التي حملها معه من تونس» وفقا لما قاله «الشيخ» عبد الهادي وهو يتحدث عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» من بيته في العاصمة الايطالية. \nوكانت «الشرق الأوسط» قد اتصلت ببالاتزي، الذي يفضل تسميته بشيخ، لا بروفسور، بعد نبأ عن رسالة بعث بها الى رئيس الوزراء الاسرائيلي قبل يومين، وسعت «الشرق الأوسط» لمعرفة فحواها منه شخصيا، فقال «الشيخ» المتزوج من ايطالية، وله منها ابن وحيد عمره 4 سنوات واسمه عمر، إنه كتب في رسالته ما يحث به رئيس الوزراء الاسرائيلي على التخلص من عرفات باحدى طريقتين: زجه وراء القضبان في سجن اسرائيلي، أو تصفيته جسديا اذا اضطر الى ذلك.
وللتعريف ببالتزي، الذي زار اسرائيل 5 مرات حتى الآن، وأدى مناسك الحج منذ 13 سنة، وزار المغر وتونس والجزائر ومصر، أنه ي ؤم الصلاة في «مسجد النور» حيث يبدل ربطة العنق وثيابه المدنية بعمة على الرأس وعباءة عربية حين الصلاة، ليعود ويرتدي من بعدها بدلة ايطالية التصميم من آخر طراز، وفق ما يبدو من صور بعث بها الى «الشرق الأوسط» ومنها ما يظهره زائرا لحائط المبكى مع زوجته في القدس المحتلة قبل سنوات.
وقد ولد «الحاج» بالاتزي مسلما كما يقول، لأن والده الراحل اعتنق الاسلام قبل 45 سنة، وسماه عبد الهادي حين ولد في روما منذ 41 عاما، ومن بعدها نشأ يطالع عن الدين الحنيف، حتى ألم بالشيء الكثير عنه، وبالقليل مناللغة العربية، فقام منذ 13 سنة بتأسيس الجمعية الاسلامية الايطالية «التي يبلغ عدد أعضائها أكثر من 4 آلاف مسلم، معظمهم ليبيون وصوماليون مهاجرون في روما، والقليل منهم ايطاليون مسلمون» كما قال.
ويستمد بالاتزي دعوته لسجن الرئيس الفلسطيني أو تصفيته جسديا، من «منطق» خاص به، فهو يقول مثلا إن عرفات «ليس فلسطينيا، بل مصري ولد في القاهرة، ولا علاقة له اطلاقا بالفلسطينيين وقضيتهم، ولا أدري من أين جاء هذا الرجل أصلا» على حد تعبيره.
وقال بالاتزي إنه والقيّمين معه على الجمعية الاسلامية، التي يتولى فيها منصب السكتير العام، ومن بينهم رئيسها و شيخها الصومالي المؤيد لدعوته أيضا، وهو الشيخ علي حسين، سيشاركون اليوم «في أضخم مظاهرة تعرفها روما لتأييد الحملة العسكرية الاسرائيلية لاجتثاث الارهاب من المناطق الفلسطينية» وفق ما ذكره الرجل، الذي قال إنه كتب لشارون يدعوه أيضا الى عدم التراجع خطوة واحدة الى الوراء في الحملة العسكرية «على عرفات، قاتل اليهود والمسلمين والمسيحيين، حتى التخلص منه» على حد تعبيره في الرسالة المثيرة للجدل.
* مهلا يا «شيخ» بالاتزي.. هل أنت مسلم حقيقة، أم تمزح؟
ـ أنا مسلم حقيقي بالطبع، وما أدعواليه هو من ايماني بالاسلام.
* هل الاسلام يدعوك لنصرة شارون على اخوتك في الدين؟
ـ شارون لا يشن حربا على المسلمين، عرفات يشنها عليهم.
* كيف؟
ـ قبل وصوله الى غزة في 1994 كان الفلسطينيون ينتفضون بالحجارة على الاسرائيليين، وبعد مجيئه أصبحوا ينتحرون نساء ورجالا لقتل أنفسهم ومعهم الأبرياء من اليهود، فأضاع كثيرا من الفرص.
* إنهم يقاومون المحتلين، ألا تقاوم أنت جيشا أجنبيا اذا ما احتل روما؟
ـ بالتأكيد أقاومه، ولكن ليس بقتل الأبرياء.
* منذ يومين أجروا استفتاء بين الاسرائيليين جاء فيه أن 5 في المائة منهم يؤيدون الحملة، وأنت معهم كما يبدو.
ـ لست معهم كما تفهم. نحن نريد فلسطينيين معتدلين، ومن بعدها يقبل الاسرائيليون بدولة فلسطينية مستقلة.
* يريدونها من دون القدس وعودة اللاجئين.
ـ القدس يجب أن تبقى بأيدى اليهود، لا الفلسطينيين.. منذ سنتين كنت هناك، وتحدثت كثيرا مع فلسطينيين يؤيدون بقاءها تحت سيطرة اليهود.
* القدس مقدسة للمسلمين، وليست للفلسطينيين وحدهم، فكيف تنادي بسيطرة اليهود عليها وأنت مسلم، وشيخ تؤم المصلين.. هذا غريب من طرفك؟
ـ فلسطين ليست ولم تكن قط موجودة في التاري، إنها حالة من العلاقات العامة بين الدول، وهذا يحتاج الى شروحات كثيرة.
* ألا تخجل من هذه المواقف والآراء وأنت مسلم؟
ـ لماذا أخجل، طالما كان موقفي مستنداً الى الدين نفسه؟
* أي دين يا «شيخ» بالاتزي؟
الاسلام نفسه.. أنظر مثلا ماذا فعل الخليفة عمر، رضي الله عنه، حين جاء الى القدس فاتحا، فقد رفض بناء مسجد مكان كنيسة، وهذا هو الموقف الاسلامي الصحيح.. فاذا كنا لا نبدل كنيسة بمسجد، فكيف سنبدل أرضا لسوانا بأخرى وهمية؟ .. لا تخلط الأمور.
ألا تخشى من أحدهم يقوم بعملية لتصفيتك أيضا، بسبب هذه المواق، خصوصا أنك على مرمى حجر من مصلي ن بامامتك كل يوم؟
ـ أنا في بلاد ديمقراطية هنا ولا أخشى الدوائر، لكني حذر، واعترف بأن ما أقوله قد يسبب حرجا لمن لا يعي الأمور على حقيقتها، لكني مضطر استنادا الى الدين أن أقول ما ذكرت، فعرفات مصري وليس فلسطينيا، وهو الذي زرع الارهاب في أراضي السلطة الفلسطينية، وطرده أو سجنه أو حتى تصفيته ستساعد على احلال السلام هناك بالتأكيد.
وقال «الحاج» بالاتزي إن جمعيته لا تتلقى مساعدات مالية من أي دولة، لا عربية ولا أجنبية، الا من تبرعات يدفعها أعضاؤها كل شهر، ومنها تدفع الجمعية يجار مكاتبها وموقع المسجد، وهو لا يزيد على 12 ألف دولار في السنة.
الشرف الأوسط
لندن: كمال قبيسي
المفضلات