السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما أجمل الألوان التي تحيط بنا لون السماء والرمال الأشجار والجبال والحدائق والمنازل والطيور والزهور ، فما هي هذه الألوان : الألوان التي نراها عبارة عن موجات وكل موجة من هذه الموجات لها طول يختلف من لون لآخر لذلك فإن أطول موجات الألوان التي نراها هي موجات اللون الأحمر ثم البرتقالي ثم الأصفر ثم الأخضر ثم الأزرق ثم النيلي أو الذي نسميه السماوي ثم البنفسجي أي أن أقصر الألوان موجة هو اللون البنفسجي والعين البشرية حدد الله سبحانه وتعالى لها مجالا للرؤية كما حدد للأذن مجالا للسمع ( سنتحدث عنه لاحقا ) وذلك لمصلحة الإنسان إذ لو كان الإنسان يرى كل الألوان لتعب تعبا شديدا ولما استطاع أن يسير أو ينام أو يعيش على نحو سوي كذلك لو كان الإنسان يسمع الأصوات كلها سواء ذات الذبذبة العالية أو ذات الذبذبة المنخفضة المسماة : (هاي فريكوانسي أو لوفريكوانسي) لتعب تعبا شديدا ولو عرفنا ضيق النطاق الذي يرى ويسمع فيه الإنسان لعلمنا سعة ملك الله سبحانه إذ أن ذلك النطاق لا يعد شيئا إذا ما قورن بما هو فوقه وتحته من الموجات المعروفة في تطبيقات الإتصالات والراديو والإكس ري وأجهزة التصوير الطبية والطيفية وأجهزة الفحص والقياس المتطورة وغيرها فضلا عن وسائل نقل المعلومات فضلا عن مالم نعلمه مما أحاط الله بعلمه سبحانه وتعالى ولذلك ورد في حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين ) رواه البخاري . فهذه الصيحة التي يصيحها والتي يسمعها من يليه إلا الثقلين قد تكون والله أعلم بذلك في نطاق ترددي لا نسمعه نحن ولا الجن وما حجب الله سبحانه ذلك عنا إلا لمصلحة وحكمة هو أعلم بها سبحانه ، نعود ثانية فنقول إن الألوان لها موجات بعض هذه الألوان ذو موجة طويلة والبعض الآخر ذو موجة قصيرة وبعضها متوسط الموجة ولذلك تجد النفس ترتاح وتطيب برؤية اللون الأخضر ( الربيع والأشجار والحشائش والحدائق ) لأن هذا اللون مزيج من لونين أحدهما الأصفر أقصر الموجات الطويلة والآخر الأزرق أطول الموجات القصيرة ( أصفر + أزرق = أخضر ) فهو معتدل ومتوسط من ناحية طول موجته لأنه يقع بين ذوات الموجات الطويلة الأحمر والبرتقالي والأصفر وبين ذوات الموجات القصيرة البنفسجي والنيلي والأزرق .
فعندما يأتي الضوء من الشمس التي تبعد عنا حوالي 150 مليون كيلومتر كما قال الفلكيون ويصل إلى الأرض خلال ثمان دقائق تقريبا يأتي وفيه الموجات المرئية وغير المرئية بمعنى فيه موجات ألوان الطيف السبعة من الأحمر إلى البنفسجي وفيه الأشعة فوق الحمراء وتحت البنفسجية والعين البشرية لا ترى أي شيء خارج هذا النطاق فتقوم الطبقة العلوية من الغلاف الجوي الذي يبلغ سمكه حوالي 150 كيلوا متر فوق سطح الأرض يقوم هذا الغلاف السميك وخصوصا طبقة الأوزون بالسماح لللأشعة النافعة وعدم السماع للأشعة الضارة بالولوج إلى الأرض وهذه من حكمة الله إذ لو نفذت بعض هذه الإشعة لأضرت بالحياة وبعد ذلك يتشبع الغلاف الجوي باللون الأزرق ولذلك نرى السماء زرقاء والحقيقة أن الفضاء أسود وظلام دامس ولذلك قال الله عز وجل ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ) فالفضاء ظلمة حالكة ، وأما ألوان الطيف السبعة التي إكتشفها قيل أنه نيوتن فهي التي تظهر في قوس السحاب ( والمسمى قوس قزح وهذا خطأ لأن قزح من أسماء الشيطان ) بل حتى باللغة الإنجليزية يسمونه ( رين بو ) أي منحنى المطر أو قوس السحاب هذا القوس عبارة عن عملية تشتيت الضوء من خلال رذاذ وقطرات الماء الصغيرة حيث يتشتت الضوء من خلالها فينكسر اللون الأحمر عند زاوية 42 درجة والبنفسجي عند زاوية 40 درجة وهذه الزاوية هي زاوية إنكسار الضوء المحصورة بين الشمس والناظر لأن موجات اللون الأحمر أسرع من موجات البنفسجي فلذلك حينما تدخل في وسط مغاير عن وسطها الهوائي وأثقل منه تنكسر بزاوية أكبر من زاوية موجات اللون البنفسجي لأنها أبطأ منها وهذه العملية تماما كما لو أنك تسير على إسفلت دائري بسيارتك وتسير بسرعة معينة ثم تدخل في مستنقع مائي ( مغاير عن الوسط الذي كنت تسير فيه وهو الإسفلت ) فتجد أن السيارة تنحرف بك إلى ناحية مركز دورانك ويكون الإنحراف متناسبا طرديا مع السرعة حتى أننا نشعر بذلك أثناء الأمطار إذا عبرنا في إسفلت وبه بقعة ماء تجد كأن السيارة فرملت ، فهذا بفعل إختلاف الأوساط التي تمر من خلالها قوى معينة ، ويمكنك تجربة ما يحدث في قوس السحاب وذلك بأن تأخذ خرطوش ماء وتضغط عليه ليرش الماء على هيئة رذاذ واجعل ظهرك ناحية الشمس واجعل الرش بزاوية 41 درجة تقريبا لترى أنه يتكون لديك قوس السحاب وفي الحقيقة فإن قوس السحاب ليس قوسا فقط إنما هو عبارة عن دائرة لكن نصفها الباقي تحت الأفق ويمكننا أن نرى هذه الألوان السبعة بالموشور الزجاجي وكلنا يعرفه الذي يستخدمه الطلاب في المدارس وهي طريقة سهلة يتم فصل الألوان وتشتيتها عن طريق مرورها بهذا الموشور فيمكن رؤية كل لون لوحده .
وأما رؤية الأجسام بألوانها المختلفة فهي نتيجة لإنعكاس الضوء عليها فيتحدد لونها حسب ما تمتصه وتعكسه من هذه الألوان ولذلك نجد أن اللون الأسود مثلا يمتص جميع الألوان ولا يعكس شيئا منها ولذلك نجده يمتص الحرارة أكثر من غيره لأن كل لون له قيمة حرارية معينة ولذلك نجد الناس يلبسون الثياب السوداء والداكنة في الشتاء لقوة إمتصاصها وفي المقابل اللون الأبيض يعكس جميع الألوان والتي تمثل وهي مجتمعة اللون الأبيض ولا يمتص أي لون وذلك تجد اللون الأبيض أقل الألوان امتصاصا للحرارة بحيث يلبس الناس الثياب البيضاء في فصل الصيف وكل لون تراه حولك السيارة الحمراء والماسورة الصفراء والجدار البرتقالي يعني أمرا فيزيائيا معينا ذلك أن السيارة الحمراء تمتص جميع الألوان إلا لونها الأحمر فإنها تعكسه والماسورة الصفراء تمتص كل الألوان إلا لونها الأصفر فإنها تعكسه وهكذا وأما الأشجار الخضراء والتي تحتوي على مادة الكلوروفيل التي تمتص الألوان وتعكس الأخضر وهلم جرا ، ولذا فإن الناس إستفادوا من هذه المعلومات في حياتهم التطبيقية فتجد أن لمبات أبراج المطارات والأبراج العالية والبنايات العالية وإشارات المرور وأضواء التوقف الفرمل في السيارة جميع الوانها حمراء لأن موجة اللون الأحمر طويلة وسريعة وبالتالي يمكن رؤيتها من مسافة بعيدة أكثر من أي لون آخر فهي تعتبر من الألوان المنبهة للأعصاب لطول موجتها ومن ذلك كانت ظاهرة الشفق الأحمر بعد الغروب وذلك لطول موجة اللون الأحمر فهو آخر ما يختفي من ألوان الطيف .
وقبل الختام أود أن أذكر فائدة للراصد إذا كان لديه شيء من المراجع أو الخرائط أو أشكال ومجموعات للنجوم ويريد أن يطبقها على الطبيعة ويقارن بين ما هو مرسوم وبين أشكال المجموعات النجمية على الطبيعة على صفحة السماء فعليه أن يستخدم كشافا مصباحه أحمر أو يغطي زجاجة الكشاف ببلاستيك شفاف أحمر وذلك لأن اللون الأحمر يمكّن الشخص من قراءة ما لديه ولا يحمل عدسة العين أن تنغلق لأن الكشاف ذو النور الأبيض يحمل عدسة العين أن تنغلق فإذا أطفأت النور وأردت النظر إلى السماء فلا بد أن تبقى فترة حوالي خمس دقائق حتى تنفتح عدسة العين ثانية لتتمكن من رؤية نجوم السماء ولكن مع اللون الأحمر ستلاحظ أن العملية تخلو من هذه المشقة وقد يكون هذا الكلام غير واضح ولكن مع التجربة ستجد الفارق واضح جدا .
وأسأل الله أن أكون قد قدمت شيئا ينتفع بها الأخوة هواة الفلك والعلوم الطبيعية وأعلم أنني حتما أكرر شيئا معلوما لدى الجميع لكن أحببت أن أشارك في هذا المضيف بإسلوب بسيط وأنقل شيئا مما شغفت به حينا من الدهر وبقي في ذاكرتي وذكرياتي .
وإلى اللقاء في حلقة أخرى من سواليف فلكية
أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم / عبدالله الواكد
خصيصا لمضايف شمر
المفضلات