ناهد سعيد باشطح - جريدةالرياض - السعودية 26/11/1427
17/12/2006
حينما تجتمع في الداعية صفات شخصية مميزة إلى جانب علمه وفكره المستنير يتولد لديه جمهور كبير من جميع الأطياف الفكرية قد يتفق معه أو يختلف، لكنه يحترمه ويقدر جهده.
البرنامج الذي يستضيف الشيخ سلمان العودة في تلفزيون mbc يستقبل المتصلين هاتفياً من بقاع العالم كافة يسألون الشيخ ويجيبهم بكل رحابة صدر.
وهو بذلك يؤكد أن نهجه وأسلوبه كداعية هو ما يستنير به ويحتاجه المسلم مهما كانت جنسيته.
الشيخ يتعامل مع مختلف الثقافات ومع ذلك نجده يحترمها بلا استثناء ويغني سائله بالمعلومة الصحيحة المنبثقة من القرآن والسنة.
لم اسمعه قط وأنا من المتابعين لبرنامجه يسخر من سائل جاهل، أو يقرع مقترفاً لذنب مهما تحدث عن ذنوبه أو خطاياه.
والأدعى للإعجاب به تلك النزعة الإنسانية التي تتضح في تعابير وجهه عندما يتعاطف مع مشكلات البشر خصوصاً التي فيها ظلم للنساء.
في لقائه في كلية اليمامة ضمن مهرجانها الثقافي تحدث عن تجديد الخطاب الديني فكان مؤسساً لمنهجية معتدلة في استشراف المستقبل.
ويرى الشيخ أن تجديد هذا الخطاب ضرورة من الضرورات؛ ذلك لأنه من المتغيرات التي تحدث مع مرور الزمان ويبقى الدين ثابتاً.
هذه الفكرة مهمة إذ إن لدى العوام تصور خاطئ بأننا حين نناقش بعض الأعراف الاجتماعية فإننا نمس الدين، مع أننا جميعاً نعرف أن الدين محفوظ وليس منا عاقل يهدف إلى تغيير القيم الدينية التي أنزلها الله قبل قرون وحفظها من التحريف.
حذَّر الشيخ العودة من أن يتحول النقد إلى تحدٍ بين طرفين، وليت أنه بالفعل يعمل على مشروع ثقافي نهضوي يخرج بنا كمجتمع من نفق ظلام التراشق الفكري.. ومن طريق بتنا نسلكه من دون وعي بخطورته فالمجتمع يصنف أفراده والأفراد في صراع حول التصنيف وانشغال به.
وفي الواقع أننا تحولنا في نقاشاتنا إلى ساحات معارك نتراشق فيها بمختلف أنواع الأسلحة اللغوية.. ومن هنا تصاعد لدينا سوء الظن واتهام الناس في دينهم والتعرض لحياتهم الخاصة وأصولهم وأسرهم وأولادهم.
حقيقة نحتاج جميعاً إلى وقفة طويلة مع النفس، إلى تأمل لما انجرفنا إليه من التصور المسبق السيئ للحوار مع الآخر.
من قال إننا حينما نهاجم سلوكيات الشغب فإننا نهاجم المتدنيين وكيف ولد هذا الوصف إذا كنا جميعا ندين بالإسلام دينا؟! كيف أصبح ناس منا مختلفين في الدين؟!
ومن قال إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغيض لنا؟! فكيف تكون في المجتمع السلطة الضابطة لصالحه إذا لم نؤمن بأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق آلية حضارية من التوجيه والإرشاد وكف الأخطاء في المجتمع.
إننا نحتاج إلى دعاة مستنيرين يحملون مشعل النور لتبديد ظلام نفوسنا قبل ظلمة العالم. ونحتاج أكثر إلى نوع من التسامح العميق لكل ما حولنا لنستطيع أن نحيا في سلام