الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى والصلاة والسلام على المصطفى صلى الله علي وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليماً كثيرا :في الحديث عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ قال رسولُ اللهِ { قال اللهُ وجل الكبرياءُ ردائي والعظمةُ إزاري فمن ينازعُني واحدةً منهما ألقيتُهُ في جهنمَ } وعنه قال قال رسولُ الله { ثلاثةٌ لا يُكلمُهُم اللهُ يومَ القيامةِ ولا يُزكيهم ولا ينظرُ إليهم ولهْم عذابٌ أليمٌ شيخٌ زانٍ وملكٌ كذابٌ وعائلٌ مُستكبرٌ } وقال أبو بّكرٍ الصديقُ رضي الله عنه [ لا يحقرنَّ أحدٌ أحداً من المسلمين فإنَّ صغيرَ المسلمينَ كبيرٌ عندَ اللهِ تعالى ]أيُها الأخوةُ في اللهِ أنَّ التكبُرَ ، يَظهرُ في شمائِلِ الإنسانِ في نظرِهِ شرزاً ، وإطراقِ رأسِهِ وجلوسِهِ وفي أقوالِهِ ، حتى في صوتِهِ ونغمتِهِ ، وصيغةِ إيرادِهِ الكلامَ ويَظهَرُ ذلك ، أيضاً في مشيتِهِ وتبختُرِهِ ، وقيامِهِ وقعودِهِ وحركاتِهِ ، وسائرِ تقلُباتِهِ ، فإذا رأيتَ في نفسِكَ شيئاً من هذا فاعلم أنك تعرضت لسخطِ الله وغضبه ، في الحديث عن بنَ عُمرَ رضي اللهُ عنُهما قال سمعتُ رسُولَ اللهِ يقولُ :{ مَنْ تعاظمَ في نفسِهِ واختالَ في مِشيَتِهِ لقيَ اللهَ تباركَ وتعالى وهو عليه غضبانٌ } وانظرْ إلى ما تتكبرُ بهِ ، فإن كان عِلماً مثلاً ، فاعلم إنك مهما أوتيتَ من العلمِ ، فأن فيك جهلاً يُساوي أضعافَ علمِكَ ، (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) ولقد كان مُوسى عليه السلامُ ، رسُولُ علمٍ عن اللهِ تعالى ، عِلمٌ لا يُقارنُهُ فيه أحدٌ من قومِهِ ، ومع ذلك أمرَهُ اللهُ ، أن يتتلمذَ على يدِ الخَضِرِ عليهما السلامُ ، حتى يُدركَ ، أنهُ ليسَ لأحدٍ أن يقُولَ أنا أعلمُ ، وإن كُنتَ تتكبرُ بجمالِكَ ، فاعلم أن التكبرَ بالجمالِ ، من دَأَبِ النّساءِ الحمقاواتِ ، فالإنسانُ العاقلُ ، ينظرُ إلى ما فيه من أسبابِ التواضُعِ ، قبل أن ينظُرَ إلى ما فيه من أسبابِ الكبرياءِ ، وإن كان التكبرُ بسببِ الغنى وكثرةِ المالِ ، فاعلمْ أن قارونَ ، من بني إسرائيلَ ، وهو ابنُ خالِ مُوسى ، فلما بغى وتكبرَ بما آتاهُ اللهُ من الكنوزِ والمالِ الكثيرِ ، خَسَفَ اللهُ بهِ وبدارِهِ الأرضَ ، قال تعالى (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) إلى قولِهِ تعالى ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ) فالإنسانُ التافِهُ ، هو الذي يتعالى على الناسِ ، بما في يدِهِ ، وتأملْ أن خلقاً من اليهودِ أغنى منكَ ، فأُفٍ لشرفٍ تسبقُ به اليهودُ ، ويستلبُهُ السارقُ ، في لحظةٍ ، فيعودُ صاحبُهُ ذليلاً ، وإن كان تكبُرُكَ ، بسببِ منصبِكَ ، والكرسي الذي يحملُكَ ، والسيارةِ التي تُوصلُكَ ، والثيابِ التي تُجَمِّلُكَ ، فاعلمْ ، إنك بتكبُرِكَ على أُمتِكَ ، تفتحُ على نفسِكَ أبوابَ الّلعناتِ من كُلِّ جانبٍ ، وتجلبُ لأبنائِكَ الازدراءَ والاحتقارَ ، من كُلِّ ناظرٍ وإن كان تكبرُكَ ، لأن تَعبُدَكَ أكثرُ من غيرِكَ ، فاعلمْ أن الخاتمةَ بيدِ اللهِ ، وأن أحداً لا يعلمُ مصيرَهُ عندَ مُوتِهِ ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ { إن اللهَ أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخرَ أحدٌ على أحدٍ ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ } ويقولُ بأبي هو وأُمي {ما نقصت صدقةٌ من مالٍ وما زادَ اللهُ عبداً بعفوٍ إلا عزاً ، وما تواضعَ أحدٌ للهِ إلا رفعَهُ اللهُ } اللهم ارزقنا الإستعدادَ لخيرِ ما وعدتنا ، وأَدِمْ لنا إحسَانَك كما عوِّدتنا ، وأتمم علينا مابه أكرمتنا ، برحمتك يا أرحم الرحمين ، اللهم يا من ستر الزلات ، وغفر السيئات ، وأبدلها حسنات ، أجرنا من مّكرك ، وزينا بذكرك ، واستعملنا في خدمتك ، ووفقنا لشكرك ، يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم اجعل لنا من كُل هم فرجاً ، ومن كُل ضيق مخرجاً ومن كُل بلاءٍ عافية ، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )
المفضلات