من يمثل "المقاومة العراقية"؟ ومن هو "الأمير"؟ للكاتب العراقي "حسين كركوش"
وعلى صعيد "المقاومة العراقية"، فأن ردود أفعالها على عملية التقارب السوري العراقي، اتسمت بالانفعال والغضب والتشاؤم، بل وبالذعر، أيضا. وحالما وطأت أقدام وزير الخارجية السوري مطار بغداد، بدأت بعض وسائل الإعلام المقربة من "المقاومة"، بشن حملات قاسية ضد سوريا. فقد وصف موقع على شبكة الإنترنيت، مقرب من "المقاومة" العراقية، وزير الخارجية السوري ب(الأرنب) و(الخروف)، وقال: ( فجأة تقرر عقد اجتماع ترفيهي على طريقة زواج المنعة "من الممانعة" طويل الأمد بين نظام الاحتلال العراقي الصفوي والنظامين الممانعين في طهران ودمشق)، وأضاف (وحدها المقاومة البطلة العراقية ستعلم المعلم ومعلميه وحلفاءه القدامى والجدد).
وإذا كانت زيارة وزير الخارجية السوري لبغداد، واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، قد ولدتا ردود أفعال غاضبة من قبل"المقاومة العراقية"، فأن هذه الزيارة ساهمت، حتى قبل أن تتم، في إحداث بلبلة (حتى لا نقول انقسامات) في صفوف التجمعات والهيئات والأحزاب العراقية السنية، سواء تلك التي شاركت في العملية السياسية، ولكنها ما تزال تنتقدها، مثل كتلة التوافق العراقية، أو تلك التي عارضت العملية السياسية جملة وتفصيلا. وهذه الصراعات ليست بعيدة عن تأثير المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وبين الفصائل العراقية المسلحة المناهضة للأوضاع الحالية في العراق، وبالتالي حول الجهة "الحقيقة" التي تدعي تمثيل "الشارع السني".
فحزب البعث العراقي يرى أنه الجهة الوحيدة التي يحق لها تمثيل "المقاومة"، وبالتالي فهو يرى أنه "المحاور" الوحيد، أو على الأقل الرئيسي" الذي يجب أن تصغي إليه أميركا، إذا أرادت تهدئة الأوضاع. وكتلة التوافق المشاركة في الحكومة والبرلمان، ترى أنها الجهة الوحيدة التي يجب أن تتحاور معها أميركا، لأنها منتخبة من قبل عموم العراقيين السنة. وبعض العشائر العراقية السنية، خصوصا تلك المنضوية تحت تجمع "صحوة الأنبار" بدأت تطارد تنظيم القاعدة، وتطلب عونا عسكريا من الحكومة العراقية لمساعدتها. وتنظيم القاعدة يحاول، بكل الوسائل، مهما كانت قاسية ودموية، أن يفشل الحل السياسي، ويستمر قدما في مسعاه لدفع الأمور إلى نقطة اللاعودة، عن طريق إشعال حرب أهلية شاملة. والملاحظ هو، دخول هيئة علماء المسلمين في العراق، كطرف سياسي منافس، على خط الصراعات السياسية المكشوفة داخل "الشارع العراقي السني"، وتخليها عن مهمة "الوعظ والإرشاد"، أو كونها "مرجعية" لعموم العراقيين السنة، كما كانت تقول سابقا.
فقد شنت الهيئة حملة "شتائم" قاسية ضد زعماء جبهة التوافق المشاركين في الحكومة، وخصوصا الحزب الإسلامي الذي يمثله في الحكومة الأستاذ طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية. ورافق ذلك هجوم إعلامي شنته "كتائب ثورة العشرين"، وهي فصيل مسلح، يرى البعض أنه مقرب من أمين هيئة علماء المسلمين، ضد حزب البعث، الذي ينشط عسكريا، هو الآخر، ضد العملية السياسية الجارية. وقال بيان "الكتائب" أن حزب البعث هو حزب علماني كافر، ليس له علاقة بالمقاومة الإسلامية، وأتهم البيان الحزب بأنه، عندما كان في السلطة، كان يلاحق ويسجن "المجاهدين" الذين ينشطون الآن ضد القوات الأميركية.
ثم، توجه أمين عام هيئة علماء المسلمين، الشيخ حارث الضاري، ضد "مجلس عشائر صحوة الانبار"، الذي شرع بمطاردة أعضاء تنظيم القاعدة. ووصف الشيخ الضاري أعضاء مجلس العشائر بأنهم "مجموعة من قطاع الطرق". وكان رئيس عشائر صحوة الانبار الشيخ عبد الستار أبو ريشة، الذي حظى باستقبال رئيس الوزراء ووزير الدفاع، قد هاجم، هو أيضا، الحزب الإسلامي المشارك في الحكومة والذي يدير المجلس البلدي في مدينة الفلوجة.
لكن الانقلاب الأكبر، أو المفاجأة الأكبر هي التي وردت على لسان الشيخ حارث الضاري، فيما يتعلق بموقفه من مسألتين هما: جدولة انسحاب القوات الأميركية، والموقف من تنظيم "القاعدة" في العراق. فقد طالب الشيخ حارث الضاري، ولأول مرة، "الإدارة الأميركية إلى عدم سحب قواتها العسكرية في العراق، قبل إنشاء قوة أمنية عراقية وطنية لا تدين بولائها إلى الأحزاب الحاكمة". /صحيفة الزمان البغدادية في 23/11/2006. والمعروف أن الضاري كان في مقدمة الداعين لخروج القوات الأميركية، اليوم قبل الغد، كما كان يؤكد. وظلت هيئة العلماء المسلمين تطالب بانسحاب القوات الأميركية كشرط لإجراء أي مصالحة وطنية.
والانقلاب الآخر هو، إطراء الضاري، علنا، على نشاط تنظيم القاعدة في العراق، ووصفه لهذا النشاط (بالتأكيد مقاومة). لكن اللافت هو، عندما تعلق الأمر بمسألة "الإمارة الإسلامية" التي أعلن تنظيم القاعدة عن قيامها في العراق، فأن الشيخ حارث الضاري أعترض على قيامها، وتساءل :"كيف تقوم الإمارة قبل معرفة من هو أمير هذه الإمارة"/مقابلة الشيخ حارث الضاري مع قناة العربية في 10/11/2006/.
والذي يبعث على الحيرة هنا هو، أن رئيس هيئة علماء المسلمين يعرف جيدا أن تنظيم القاعدة يستهدف، بشكل متواصل، المملكة العربية السعودية ومصر والأردن وسوريا، وهي الدول التي يجد عندها الضاري استقبالا له. فكيف يدافع الضاري عن تنظيم تعتبره هذه البلدان إرهابيا، وتحملت الكثير من نشاطاته ضد أمنها ؟ أكثر من هذا، أن الشيخ حارث الضاري أختار القاهرة، بالذات، ليطالب منها العرب بسحب اعترافهم بحكومة المالكي !
والسؤال، هنا: هل كان اختيار القاهرة لإطلاق هذا التصريح، مجرد صدفة، أو مجرد هفوة دبلوماسية، تفتقر إلى الاتيكيت، أم أنه حدث بتشجيع مصري، تريد القاهرة خلاله أن تعبر عن غضبها من محاولة عزلها، وعن امتعاضها من أي محاولة أميركية/سورية إيرانية، للتعامل مع الملف العراقي، تتم على حساب تهميش دور مصر الإقليمي، وأن مصر تريد أن تقول لمن يهمه أمر الملف العراقي، بأنها تملك من الأوراق "العراقية" ما يكفيها لإعاقة هذا التحرك الجديد الجديد ؟
وعلى أي حال، فنحن نرى أن دفاع الضاري عن "القاعدة"، ورفضه لحكم الإعدام بحق صدام، وتكثيف الحديث عن المقاومة، ومطالبته العرب بسحب الاعتراف عن الحكومة العراقية الحالية، تأتي كلها في إطار الصراعات بين الجماعات العراقية السنية حول من يمثل المقاومة، ومن هو "الأمير" الذي يفرض نفسه قائدا مستقبليا لعموم العراقيين السنة، ومحاورا مباشرا ورئيسيا، إن لم يكن وحيدا، مع الأميركيين والحكومة العراقية.
بناءً على طلب أختنا القديرة المهره مشرفة المضيف الاعلامي على تفعيل المضيف عن طريق جلب المقالات والاخبار من الوسائل الاعلامية الاخرى ومناقشتها من خلال وجهات نظر اعضاء المضايف ، ولان هذه الفكرة تعتبر من الافكار الرائعة لبلورة الفائدة والآراء حول ما يكتب في الوسائل الاعلامية والتعليق عليه ، ايضاً لتوفير المعلومه والآراء الأخرى وجلبها للنقاش حولها ، لذلك قمت بجلب تلك المقاله وسيكون لي تعليق عليها كما اتمنى من الجميع المشاركة .
المفضلات