في طريق القصواء
---------------------
ما تغاضى طرف شعري أوتعامى
بل رأى مالم ترَ العينُ، فهاما
أبصر الفجر الذي أزهر نوراً
ورأى في شرفة المجد غلاما
ورأى جبهته لما تجلّت
ورأى وجدانه لمّا تسامى
ورأى زهو شعاع الشمس لمّا
لوّنت في الأفق الأعلى الغماما
ورأى الغيث الذي يلثم أرضاً
فيثير الشيح فيها والخزامى
ورأى البطحاء تهتز ابتهاجاً
ورأى في شفتيها الابتساما
ورأى ألف فصيح وبليغ
من بني يعرب يُبدون اهتماما
أرهفوا أسماعهم، هذا كلام
عربي، اسمعوا هذا الكلاما
اسمعوا ياقوم، هذا سحر قول
ما عهدناه اتساقاً وانتظاما
هو من جنس كلام العُرب، لكن
جلّ معنى وحروفاً ومراما
ما تغاضى طرف شعري أو تعامى
بل رأى الشهم الذي هز الحساما
ورأى التاريخ شيخاً عربياً
كل من لاقاه أولاه احتراما
أسند الظهر إلى حائط مجدي
وغدا يسرد أخباراً عظاما
قال، والتاريخ لا يخشى انقطاعا
حينما يروي ولا يخشى انهزاما
لم أزل أذكر ليل الصحو، لمّا
زيّنت أنجمه الزُّهرُ الظلاما
وأرى البدر الذي سلسل نوراً
منح الظلماء لطفاً وترامى
وأرى في الغار طيفاً يترقى
في مدارات الهدى يعلو مقاما
لم يزل يرنو إلى الآفاق، يرجو
أن يرى البُرء الذي يشفي السّقاما
أن يرى العلم الذي يرفع جهلاً
عن عقول جهلها زاد احتداما
ما تغاضى طرف شعري أو تعامى
بل رأى أمجادنا ترفع هاما
ورأى الأيام تجري واليالي
ورأى فيهن أحداثاً جساما
ورأى، ماذا رأى؟ الأصنام تهوي
ورأى «القصواء» تجتاز الزحاما
ورأى خير البرايا في خشوعٍ
حوله الصحب قعوداً وقياما
وعيون الناس ترنو في انبهارٍ
لرجال طهروا البيت الحراما
هم يطوفون طوافاً، لم تشاهد
مثله الكعبة صدقاً والتزاما
كعبة أرهقها الشرك زماناً
لم تجد فيه سوى الفوضى نظاما
كم نساء طفن بالبيت عرايا
كم خطايا أشعلت فيه الضراما
كم وجوه أفزعت فيه المرايا
كم رجال أشعلوا فيه الخصاما\n
كم قوي يشرب الماء نقياً
وضعيف عنده يشرب جاما
كم، وكم ياكعبة الله، ولكن
أبشري قد بعث الله الإماما
أبشري ياكعبة الله، فهذا
سيّد الخلق أتى يحمي الذماما
أذكري أيامه، والكفر يلوي
عنق الريح، ويستدني الصّداما
واذكري هجرته لما تخفى
هارباً منك، يرى النصر أماما
واذكري الغار الذي زاد شموخاً
وسما قدراً، بمن فيه أقاما
ثاني اثنين إلى الرحمن سارا
وعلى منهجه السامي استقاما
ثاني اثنين وللرمل اشتياق
أن يرى هذا الذ فاق الأناما
هاجرا، والكفر قلب يتلظى
حقده يلتهم العطف التهاما
يالها من هجرة بالدين صارت
في ضمير الكون رمزاً ووساما
ياحمى الأنصار أصبحت منيعاً
وتبوأت من المجد السناما
أنبت المختار في أرضك عزاً
وارتضى طيبة داراً ومقاما
إيه ياطيبة بالإيمان طيبي
منزلاً واستقبلي الشهم الهماما
ضيّع الكفار في مكة مجداً
وتمادوا وأرادوه انتقاما
فخذي ياطيبة الإيمان كنزاً
وامنحني منه عراقاً وشآما
وامنحي منه قريباً وبعيداً
انشري منه على الأرض السلاما
عبد الرحمن العشماوي
وعلى دروب الخير نلتقي ,,,
المفضلات