أفادت دراسة أميركية جديدة أن مركبا كيميائيا موجودا في كثير من معطرات الهواء، ومنظفات المراحيض، ومبيدات العتة، وغيرها من مزيلات الروائح الكريهة، قد يكون ضارا بالرئتين.
وأجرى الدراسة فريق بحث من المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية التابع لمعاهد الصحة القومية (الأميركية) التي أصدرت خلاصة لها،
وقد وجد الباحثون أن التعرض لمركب عضوي متطاير يسمى "دايكلوروبنزين1.4" واسمه المختصر "دي.سي.بي1.4"، قد يسبب انخفاضا محدودا في وظيفة الرئتين، الأمر الذي يشير إلى ضرر يلحق بهما مهما صغر الانخفاض في تلك الوظيفة، وفقا لقائدة فريق البحث الدكتورة ستيفاني لندن.
وأشارت الدكتورة لندن إلى أن أفضل طريقة للوقاية -خصوصا لمرضى الربو وأمراض الجهاز التنفسي من الأطفال- هي التقليل من استخدام المنتجات أو المواد المحتوية على تلك المركبات.
ارتباط مركب واحد
درس الباحثون العلاقة بين مستويات تركيز 11 مركبا عضويا متطايرا في الدم وبين مقاييس أداء الرئتين لعينة ممثلة للسكان ومكونة من 953 شخصا راشدا.
والمركبات العضوية المتطايرة هي فئة متنوعة تطلقها في صورة غازات منتجات شائعة الاستخدام مثل التبغ ومبيدات الحشرات والأصباغ ومنتجات التنظيف، كما يتم إطلاقها من خلال عادم السيارات.
وقد وجد الباحثون أنه من بين فئة المركبات العضوية المتطايرة التي تضم البنزين والستايرين والتولوين والأسيتون، فإن مركب دي.سي.بي1.4 كان وحده مرتبطا بانخفاض الأداء الوظيفي الرئوي. وقد وجدوا هذا التأثير حتى بعد احتساب عامل التدخين.
كما وجدوا أن 96% من العينة السكانية لديها مستويات تركيز لدي.سي.بي1.4 في الدم قابلة للاكتشاف، وأن مستوياته هي الأعلى بين الأميركيين أفارقة الأصل والأدنى بين البيض من أصول غير إسبانية.
والمعلوم أن دي.سي.بي1.4 مركب صلب أبيض اللون وله رائحة عطرية مميزة تشبه رائحة مبيدات العتة.
ويستخدم بالأساس كمزيل للروائح الكريهة في الأماكن والمساحات ضمن منتجات معطرة ومزيلة لروائح الغرف، ومكعبات تنظيف المراحيض، ومبيدات العتة.
ويرى الدكتور ليزلي إليوت العضو بفريق البحث أنه نظرا لأن الناس يقضون أوقاتا طويلة داخل أماكن مغلقة حيث تستخدم هذه المنتجات، فمن المهم أن نفهم تأثيرات الكيمياويات -حتى المستويات المنخفضة منها- على الجهاز التنفسي.
بيد أن القليل من البحث قد تناول التأثيرات الصحية لهذا المركب بعينه في البيئة غير المهنية.
مقياس للأداء الرئوي
استخدم الباحثون بيانات ومعطيات "المسح الصحي والغذائي القومي" الثالث، وكان جزء منه قد تم تخصيصه لتقييم مستوى المبيدات الحشرية الشائعة والمركبات العضوية المتطايرة لدى السكان الأميركيين. وقد أجرى المسح مركز المناعة والسيطرة على المرض بين عامي 1988 و1994 للتعرف على الأوضاع الصحية والغذائية للأميركيين.
كما ضمت الدراسة البيانات المستقاة من أفراد العينة آنفة الذكر (953 راشدا) الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و59 عاما، وتم فحصهم بالنسبة لمستويات تركيز المركبات العضوية المتطايرة في الدم والأداء الرئوي.
وقد اشتمل اختبار الأداء الرئوي على أربعة مقاييس لوظيفة الرئتين استخدمت في التحليل. ووجد الباحثون انخفاضا محدودا في الأداء الرئوي ومرتبطا بارتفاع مستويات دي.سي.بي1.4 في الدم.
كان هناك انخفاض في الأداء الرئوي بنحو 4% في اختبار مقياس الحجم التنفسي القسري في الثانية الواحدة (أف.إي.في1) بين مستويات التعرض الأعلى والأدنى لمركب دي.سي.بي1.4. ويستخدم مقياس أف.إي.في1 كمؤشر لتقييم وظيفة وإعاقة أداء المسالك الهوائية.
عوامل متعددة
وقام الباحثون أيضا بتقييم تأثير العوامل الأخرى في بيئة كل فرد من العينة السكانية، من حيث صلتها بالأداء الرئوي والتعرض لمركب دي.سي.بي1.4.
من هذه العوامل نوع التدفئة وسخانات الماء، واستخدام مدفأة الأخشاب، وعمر المنزل، ووجود حيوانات ذات فراء، وطبيعة المهنة، والمستوى الاقتصادي الاجتماعي، ودخان التبغ في البيئة، وخبرة الشخص مع التدخين، والإصابة بالربو والأمفزيما.
وأشار الباحثون إلى أن المشاركين في العينة السكانية قد يكونون تعرضوا لعوامل أخرى لم يتم تقييم تأثيراتها في هذه الدراسة، لكنها ذات ارتباط بكل من الاعتلال التنفسي ومستويات مركب دي.سي.بي1.4.
ويرى مدير معهد علوم الصحة البيئية الدكتور ديفد شوارتز أن أهمية الدراسة تكمن في دلالتها على دور مركب دي.سي.بي1.4 في مفاقمة الأمراض التنفسية.
ويستطيع الباحثون أن يستخدموا النتائج لفهم أفضل لنشوء أمراض الجهاز التنفسي
المصدر / الجزيرة نت /
المفضلات