حشرج صدره وخنق عبرته ولم يستطع أن يجهشَ بالبكاء توهجت مشاعره وتوقّدت ولم يكتبها شعرا لكنه نزف مشاعره بأسلوب نثري على ورقة بيضاء وراح يفضح لواعجه ومأساته.
امتسقَ في مجتمعه طيبته وعفويته صدق في جميع تعاملاته بيد أنه أصبح في نظرهم ساذجا وهب مشاعره لأحبائه وندمائه لكنهم نظروا إليه نظرة دونيّة وأنه كالورقة تلعب به الرياح يمنّة ويسرة رهن قلبه وسلّمه لهم فطفقوا يركلون قلبه كالكرة
زرع لهم الورد والرياحين والنسرين فمنهم من فرك الورد فركاً حتى ذوى ومالورد إلا للاشتمام وليس للفرك وبعضهم حصده وزرع مكانه الشوك والحنظل
ياه غريبة هذه الدنيا بأطوارها وأهلها وكبدها ونكدها وإحنها ومحنها وفّى بعهده لكنهم نكصوه صدق وكذبوا ضحّى لهم وضحّوا به آثر واستأثروا به أتاهم بردا وسلاما وأتوا متأبطين شرا.
طعنات القلب مؤلمة وموجعة وقد يأتي الطبيب بالبلسم الشافي ولكن طعنات الخاصرة هل لها دواء واخال أنها داء ليس لها دواء وشم يبقى مع المطعون حتى يُوارى بالثرى.
ياااااااه لن يستطيع هذا المسكين التعامل مع معطيات هذه الحياة وتناقظاتها فالمجتمع يعجّ بالغرائب وحشيّة غريبة وإفرازات ولدتها ذئاب بشرية ضارية المنفعيون ولانتهازيون استلموه لحما ورموه عظما في حضوره همزوا ولمزوا وفي غيابه شتموا وقصفوا وألبوا ضده الصغير والكبير.
ياه هل يستطيع أن يعيش في مجتمعه أم يرحل خلف البحار
هل يستطيع أن يتسربل بلباس الوحشيّة والحقد والضغينة ليدافع وينافح عن نفسه بضراوة وبطرائق ملتوية
لن يستطيع البتة لأنه زرع بين جوانحه العبير وغنّى للحبّ وداعب حمائم السلام وغنّت بثغر صبحه طفلة بريئة
آه هل له مكان عليّ في مجتمعه أم يرحل حيث الصحاري والقفار
هل المثالية والشفافية تتبوّأُ مقعدا في هذا المجتمع الصاخب
آن له أن يجهش بالبكاء بعد أن خرجت عبرته وزفرته ونثر همومه وشجونه
أحرف سطّرت من دم القلب ونياطه وشغافه وحدقه ومع آخر دمعة حرّى تصبحون على خير
المكلوم
شاطىء رأس تنورة
الخميس 19/5/11427 هــ
الساعة الثانية صباحاً
المفضلات