السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس أقسى على الإنسان من أن يرى نفسه منكَراً ومظلوماً دون أن يكون قادراً على رفع الظلم ورد الإنكار، وبخاصة حين يعرف أنه لا يعاني وحده من هذا الظلم والانكار، وإنما يعاني معه أقرب الناس إليه وهم أولاده.. إن الشاعر هنا يستحمل عذابين لا عذاباً واحداً، وسيكون القهر الواقع عليه قهراً مضاعفاً لأن المقادير جرت عليه بغير ما يتوقع، فهو لم يكن إنساناً عادياً، وإنما كان ملكاً من ملوك الأندلس في عهد ملوك الطوائف، ولقد كان عزيز النفس إلى حد أن الملك "ألْفُنْسُو السادس" حين اشتط في إخضاع ملوك الطوائف وطالب بزيادة الجزية كان الوحيد الذي لم يقبل بل قتل سفير الملوك، وحين صمم "ألفنسو" على إذلال إشبيلية ممثلة في المعتمد، استنجد ب: "يوسف بن تاشفين" سلطان المرابطين في المغرب، وقد حضر بالفعل، وانتصر في موقعة الزلاقة، ولكنه وضع في مخططه عزل كل ملوك الطوائف، واستولى بالفعل على "إشبيلية" عام 484ه، وقد ظاهره عدد من أصدقاء المعتمد، وكان أن اقتُحم قصره "..ثم جمع هو وأهله، وحملتهم الجواري المنشآت، وضَمَّتْهم جوانحها كأنهم أموات، بعدما ضاق منهم القصر وراق منهم العصر، والناس قد حشروا بضفتي الوادي وبكوا بدموع كالغوادي، فساروا والنوح يحدوهم، والبوح باللوعة لا يعدوهم!" وكان أن حط بحزنه وقهره وأسرته
قَيْدِي! أما تَعْلَمُني مسلما
أبَيْتَ أن تشفق أو ترحما
دمي شراب لك، واللحم قد
أكلتَه، لا تَهْشِم الأعظُما
يُبْصِرُني فيكَ "أبو هاشم"
فينثني، والقلب قد هُشِّما
ارحم طفيلا طائشا لبُّه
لم يخش أن يأتيك مسترحما
وارحم أُخَيّاتٍ له مثله
جَرَّ عتهنّ السم والعلقما
منهن من يفهم شيئا فقد
خفن عليه للبكاءِ العَمَا
والغير لا يفهم شيئاً.. فما
يفتح إلا للرضاع فما!!
ارجو ان تنال اعجابكم
تحية شمرية طائية
القدس
المفضلات