بسم الله الرحمن الرحيم
شكلت أطروحة “صراع الحضارات” للأمريكي صموئيل هنتنجتون، وأطروحة “نهاية التاريخ” لمواطنه فوكاياما محور الخطاب الأيديولوجي الغربي بعد نهاية الحرب الباردة. ونطلق على هذا الخطاب وصف “الأيديولوجي” قاصدين، رغم أن دعاة هذا الخطاب أقاموه على دعامة نفي الأيديولوجيا، فيما جوهر هذا الخطاب أيديولوجي بامتياز لجهة تبشيره بانتصار الحضارة الليبرالية ليس فقط بمواجهة ما وصفوه بالشمولية السياسية التي سقطت في شرقي أوروبا، وإنما كذلك في مواجهة الحضارات الأخرى خارج النطاق الجغرافي والثقافي الغربي.
ولو تمعن المرء في جوهر الأطروحة التي يقدمها هنتنجتون حول صراع الحضارات لوجد أنها، من دون سابق تنسيق أو تخطيط، تلتقي مع رؤية محافظة في الفكر العربي ترى ان صراعنا مع الغرب صراع حضاري في الأساس، لا صراع مصالح، وقليلون هم الذين تنبهوا إلى هذا اللقاء في الموقفين، بينهم مثلاً الباحث اللبناني رضوان السيد. وكون من تبنوا أطروحة الصراع الحضاري بين الغرب وبيننا هم في عداد من تصدَّوا بعناد لأطروحة هنتنجتون أمراً لا يخلو من دلالة إيجابية، فهم يقتربون بذلك من فكرة حوار الحضارات ومن فكرة التسامح، ولبلورة مثل هذا الموقف فإن الأمر يتطلب تطويراً في مفاهيم أخرى كثيرة تدعم هذا التوجه وتعززه.
تحية شمرية طائية
القدس
المفضلات