نعم إن قائد القوة التي انطلقت من الكويت إلى نجد كان رسميا الشيخ مبارك بن صباح الذي قاد خصوم ابن رشيد في معركة الصريف. لكن سحق ابن رشيد لخصومه في تلك المعركة كان درسا قاسيا للشيخ مبارك بحيث لم يعد يفكر في غزو نجد، وإنما في الدفاع عن الكويت.
على أن الخطر الذي أدرك ابن رشيد أبعاده كان في محل آخر غير الصريف، ومن طرف آخر لم يحضر معركتها. كان في الرياض، وكان القائم به عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، إضافة الى دخول آل مهنا بيدة وآل سليم عنيزة.
ومن هنا كان في طليعة من وضع ابن رشيد عليهم ضرائب بعد تلك المعركة أهل الرياض وبريدة وعنيزة الذين تعاونوا مع خصومه حين دخولهم بلداتهم. ومن الواضح ان النجديين كانوا حينذاك يرون ان الشيخ مبارك بن صباح لم يكن مؤهلا للاستيلاء على نجد. ومن شبه المؤكد انه لم يكن يهدف الى الاستيلاء عليها، وإنما الى مساعدة من كانوا في الكويت من زعماء نجد على استرداد أوطانهم ليساعده ذلك في الدفاع عن الكويت. ولم يكن ما ورد في قصيدة أبي جرّاح السبيعي، بعد معركة الصريف، بعيدا عن الصواب في تصويره لتلك الرواية، إذ ال مخاطبا ذلك الشيخ:
وسوس لك الشيطان وأغواك يا هنّ
وبنيت لك شرع بجال اللهابة
وطفحت للديرة ركاب يلالن
تقول أخدت أم الجماجم نهابة
وفوهت بأخذة نجد والعلم عن من
تفلج وخصمك ما حضر للطلابة
ثم قال مادحا ابن رشيد، وذاكرا نتيجة معركة الصريف:
عبدالعزيز إلى ضرب ما يثمّن
تصعد مقاديمه ويبرق عقابه
يا اللي مكذّبني بعينك تعيّن
في ما قف كل يجر الغدا به
جماجم من فوق الأعناق زلّّن
ما كنّها لويت عليها العصابة
ألفين بين القاع والحزم عدّن
من غير شي م ضبطنا حسابه
وبغض النظر عن دقة قول الشاعر في عدد القتلى فإنهم كانوا بالتأكيد كثيرين. ولقد كان إدراك الأمير عبدالعزيز بن رشيد لخطر ما حدث في الرياض على يد الملك عبدالعزيز في محله. فبعد أقل من عام على حدوث معركة الصريف تمكن سميّه من انتزاع الرياض من عامله، مبتدئا إعادة جميع أقاليم نجد الى الحكم السعودي. وإذا بأبي جرّاح، الشاعر الذي كان يرى أن مبارك بن صباح غير مؤهل للاستيلاء على نجد، يعبر عن اقتناعه بمقدرة المؤهل حقيقة على هذا الاستيلاء، فيصف موقف ابن رشيد أمام هذا المؤهل الكفء بقوله:
\r
أبو متعب يحسب الدنيا طويلة
بانيٍ له ديرة من دون حايل
جاه نوٍّ خرّب الوديان سيله
والركايب قلّدوهن الشلايل
الحصان اللِّي رهج نجد صهيله
شف بعينك لا تطاوع قول قايل
))))))))))9
المفضلات