- الفصل الأول -
-----
رساله ضائعه في الصحراء..
الزمان: أثناء حرب الخليج يوم الثامن والعشرين من يناير من عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعون.
المكان: إحدى الكتائب العسكرية السعودية في الحدود الشمالية للمملكة
الساعة: الخامسة فجرا
______________________________________
أعلن في الكتيبة أمر التعبئة السريعة لتغيير المكان وهو إجرء روتيني يتم فعله كل بضعة أيام, وأحيانا يكون إجراء تكتيكي لأسباب عسكرية بحتة.
استيقظ الرقيب خالد على صياح بعض زملائه وهم يفككون شراع الخيمة من فوقه, فعرف أنهم مغادرون..
وكان خالد طويل القامة,ويميل إلى البياض, تقاسيم وجهه متناسقة,ويدل على الطيبة..
قام ورتب أغراضه بسرعة, وجرى إلى ساحة العلم حيث كان يؤخذ التمام(إجراء العد), وبينما هو يجري سقطت منه رسالة, ولم يلاحظ سقوطها..
الساعة: السابعة مساءً
بينما كان الرقيب خالد يرتب أغراضه في الموقع الجديد, تذكر الرسالة, فأراد أن طمئن لوجودها, تحسس جيوب بدلته, وصعق حين لم يحس بوجودها, وبحركة سريعة لا ينافسها في السرعة إلا نبضات قلبه ادخل يديه في كل جيوب البدلة, ولكن محاولاته للبحث عن الرسالة بائت بالفشل!!
خرج خالد مسرعا من الخيمة ذهب إلى كل مكان وطئته رجليه في الموقع الجديد بحثا عن تلك الرسالة, ولكن أيضا لم يجد شيئا, فأيقن انه فقد الرسالة في الموقع القديم, فذهب مسرعا إلى خيمة أخرى مخصصه لنوم الجنود, وكانت تعج بالجنود والصياح, فدار بعينيه المكان, حتى وقع نظره على العريف أحمد, فذهب إليه وربت على كتفه طالبا منه اللحاق به إلى ارج الخيمة..ففعل.
كان أحمد أعز أصدقاء خالد, وعلى الرغم من أحمد ليس لديه الكثير من الأصدقاء, لخشونة طبعه, إلا أن خالد يعرف الإنسان الذي خلف هذا الجسد, ويحبه, وكان أحمد اقصر من خالد, وأصغر منه, ولكن الذقن الذي يتزين به, تزيده عمرا..
أحمد: هلا ابو خلود.
خالد: هلا احمد, ابيك بخدمه.
أحمد: آمر؟؟
خالد: ما يآمر عليك عدو, بس فيه غرض نسيته في محلنا القديم, وابيك تساعدني نروح نجيبه.
أحمد: انت انهبلت؟؟, دام ان انك نسيته, ان رأيي انك تنساه على طول.
خالد: تكفى وال يرحم والديك, انا مالظاهر يبي يجيني نوم ولا راح ارتاح الين القاه.
أحمد: والله ودي اساعدك, بس ياخوي حنا بحالة حرب, وانت عارف وشي عقوبة الخروج من المعسكر, وبعدين وعلى ايش تبينا نروح؟؟, ولا انت ولا أنا نعرف وين كنا فيه, ولا وين حنا فيه الحين؟؟.. وبعدين وشو هالشي الي ما تقدر تعيش بدونه؟؟
خالد وعلى وجهه أثار الأسى: ضيعت رسالة ميسون.
تغير وجه أحمد, فقد كان يعرف قيمة هذه الرساله عند خالد.
أحمد: طيب وشلون تبينا نروح ندور عليها؟؟
خالد: أخوك محمد.
أحمد: محمد؟؟.. أنت أثر واحد عارف اني ما كلمت محمد من يوم وفاة الوالد, وانت عارف نوعية العلاقه بيني وبينه!!!
خالد: انا عارف, بس محمد هو الوحيد الي نعرفه في الفصيل الأول, وهو الي يعرف موقعنا القديم, وموقعنا الجديد, وبعدين لو المسأله ميب خطيره, ما كان طلبت منك هالطلب, ولا حطيتك بهالموقف.
أحمد: طيب... بس... كيف تبينا نروح هناك؟؟
خالد: ابروح اكلم يوسف في التموين, وابشوف اذا كان ممكن يدبر لنا سياره. وانت رح جب محمد.
أحمد: طيب وين القاك؟
خالد: تبي تلقاني عند خيمة التموين.
وراح كل في طيقه..
وصل أحمد لم خيمة الفصيل الأول, وأول ما دخل الخيمه, وقع نظره على محمد, فأشار له بأن يخرج الى خارج الخيمه.
كان محمد أصغر من أخيه أحمد, ولكنه قريب من ملامحه كثيرا, ويهتم كثيرا بهندامه, فالذي يراه لا يعتقد أنه جندي في حالة حرب, ولكنه محبوب من الجميع.... الا أخيه..
محمد(وهو يحاول أن يخفي علامات الإستغراب عن محياه): هلا أحمد.. كيف الحال؟
أحمد: شف.. لو ان المسأله لي كان ما جيتك, ولكن خالد في مشكله, ويبي مساعدتك.
محمد: طيب رد السلام.
أحمد: هذا الي عندي.. وش قل؟؟
محمد(بعد أن ارتفعت نبرة صوته): الى متى تبي تصير حاقد علي؟؟.. ابوك الي مات هو ابوي بعد..الى متى تبي تعاملني كني أنا الي ذبحته؟؟
أحمد: ممتاز أنك تذكرت أنه أبوك, لأنك ما كنت تتصرف على هالأساس!!
محمد(خفت صوته حتى صار اشبه الى الهمس): ياخي ما يكفي العذاب الي انا فيه؟؟.. يعني تتوقع اني ما أعرف غلطتي؟؟, يعني تتوقع أني ذقت لذيذ النوم من ذاك اليوم؟.. يا شيخ صعودي على ذيك الرحله قبل وفاة الوالد كان أكبر خطأ سويته في حياتي, ومنيب محتاجك علشان تذكرني.
أحمد(بصوت رقيق): طيب الحين تبي ساعدنا ولا لا؟؟
محمد: وشي المشكله؟؟
أحمد: تعال وأنت تعرف.
وراحوا متجهين لم خيمة التموين..
وفي هذه الأثناء..وعند خيمة التموين..
خالد: تكفى.. الشي الي فقدته شي عزيز علي مره.
يوسف: والله ودي اساعدك, بس ما عندي ولا سياره جاهزه, انت عارف اننا تونا منتقلين, وتجهيز السيارات يصير باليوم الثاني.. بس..
كان يوسف مثال الشخص الذي يعلم كل شئ عن أي شي في محيطه, اما بالنسبه لشكله, فهو يعطيك الأنطباع بالقوه, فهو ضخم الجثه, ولكن بشكل متناسق, ويعرفه كل من في الكتيبه. \n
خالد: بس ايش؟؟.. تكفى..
يوسف: تعرف عبدالمحسن من مكتب رئيس الكتيبه؟؟
خالد: ايه عرفته.. الولد الصغير..اظنه توه داخل الجيش قبل شهر.
يوسف: ايه هذا هو.. هذا يا طويل العمر معه سيارة الميجور الأمريكي, علشان ينظفها ويعبيها ديزل.. وهو دايم يجي يتلزق فيني انا والشباب, بس حنا ما نعطيه وجه علشانه صغير.. أظنه ما كمل 16 سنه... وانا ممكن اكلمه يعطينا السياره الليله..
خالد: تكفى.. ما فيه الا هالحل.
وفي هذا الوقت جا أحمد ومحمد, وانضموا لخالد ويوسف.. وشرحوا القصه للجميع..بدون ا يبينوا ماهية الشي المفقود..وذهبوا جميعا الى مخيم رئيس الكتيبه, بحثا عن عبدالمحسن..
وصلوا الى المخيم, وأشار يوسف الى السياره, فذهبوا جميعا اليها.. وكانت سياره من الدفع الرباعي, ومن انتاج السنه ..
وجدوا عبدالمحسن نائما داخل السياره..
وكان عبدالمحسن ضئيل البنيه, أبيض الوجه, حتى أن شاربه لا يكاد يبان, ولكنه دائما يحاول أن يتصرف مثل باقي الجنود, ويخفي خوفه من الجميع..
فتح يوسف الباب وأستيقظ عبدالمحسن بسرعه ورفع مسدسه على يوسف..
يوسف: هدئ اعصابك.. هذا انا يوسف من التموينومعي بعض الزملاء.
عبدالمحسن بعد ان انزل المسدس: انا آسف, منيب متعود أنام في السياره.
يوسف : ميب مشكله.. نبيك بخدمه..
عبدالمحسن(بعد ان ارتسمت ابتسامه على محياه): خدمه؟؟.. آمر وش دعوى.. وش ممكن اخدمكم فيه.
يوسف: نبي الموتر.
عبدالمحسن: هااااه... الموتر.. ما اقدر اعطيك اياه.. هذا عهده علي من الميجور.. ممكن يفصلوني اذا ضيعت المفتاح.. عاد كيف الموتر بكبره؟؟..
يوسف: حنا ما راح نسرقه.. حنا نبيه بس ساعتين, ونرجعه على طول..
عبدالمحسن بعد تفكير.. والحاح من يوسف طيب بس اجي معكم.
يوسف القى نظره على خالد, فأوما خالد برأسه بالموافقه..
يوسف: ميب مشكله.
ركبوا جميعا السياره متوجهين الى الموقع القديم, دليلهم محمد, ويقودهم عبدالمحسن..
مرت ساعه, قبل أن يصلوا الى المكان المطلوب..
يوسف: طيب وش انت فاقد؟؟ علشان ندور معك؟؟
خالد(بعد تردد): رساله من شخص عزيز.
يوسف: ايش؟؟.. جايبنا هنا.. وتحط مستقبلنا في خطر علشان قطعة ورق؟؟.. انت انهبلت؟؟
محمد(عاتبا): ما هقيتها منك يا خالد!!!
خالد: أنا اسف يا شباب, هاذي رساه كتبتها لي زوجتي قبل ما اجي هنا, وانا كتبت عليها في الجهه الثانيه رساله لها في حالة صابني شي لا سمح الله, والرساله غاليه علي بالحيل, ولا ما كان حطيتكم بهالموقف.
عبدالمحسن: طيب يالله بسرعه خلونا ندورها علشان نرجع, انا قلبي بدا يعورني.
وبدأوا بالبحث على انوار السياره.. وبعد مده ليست بالقصيره, صرخ أحمد: أظني لقيت شي؟
وذهبوا جميعا الى حيث اشار أحمد, فنظر خالد, ثم سقط على ركبتيه وحمل الرساله, وشمها.. وانفرجت اساريره.. وضم الرساله الى قلبه.
وقال: هذا عبير الغاليه ميسون.
-
يتبع غداً ..
المفضلات